يقول شوبنهاور: إن الناقد الجيد أندر من العنقاء التي تظهر كل خمسمائة سنة، وكان شوبنهاور أحد ضحايا النقد.
كما أن أعظم المفكرين وأوسعهم أفاقا، أمثال جوتة وفولتير حين أصدروا حكمهم على الانتاج الأدبي والفلسفي لمعاصريهم؛ ارتكبوا أخطاءً شنيعة - تبدو لنا غير مفهومة بحال ولا نجد لها تفسيراً أو تعليلاً -. ذلك أنهم من ناحية لم يقدروا أعظم آثار عصرهم أو انتقصوا من قدرها، ومن ناحية أخرى رفعوا من قدر آثار رديئة أو كانوا مصدراً لهذه الآثار التي خيم عليها اليوم ما تستحقه من النسيان. ( هنري بير - الكتاب ونقادهم ص 86 - )
وهذا ما يحدث من نقادنا في هذه الأيام – فهناك صكوك غفران تُمنح من السادة كهنة الأدب – ولن يسمح لك بدخول جنتهم إلا إذا منحوك هذه الصكوك الغفرانية.
وقد تعودنا على هذه الفرمانات الصادرة من النقاد في كل المجالات – ففي الموسيقى أصدر نقادها فرمانا مقدسا: بأن الموسيقيين الكبار خمسة هم: سيد درويش ومحمد القصبجي وزكريا أحمد ومحمد عبد الوهاب ورياض السنباطي – ومازال هذا الفرمان ساريا رغم ظهور موسيقيين عظام مثل بليغ حمدي ومحمد فوزي ومحمد الموجي وفريد الأطرش وكمال الطويل وأحمد صدقي ومحمود الشريف.
وأصدر نقاد السينما فرمانهم المقدس بأن مخرجي السينما الكبار خمسة، هم: صلاح أبو سيف وكمال الشيخ ويوسف شاهين وهنري بركات وتوفيق صالح – مع إن مخرج مثل عز الدين ذو الفقار قدم فيلما غاية في الجودة، هو " امرأة في الطريق " لا يقل عن أفلام الصفوة الذين حظوا برضا وعطف السادة كبار نقاد السينما – وقدم كمال عطية فيلم " قتديل أم هاشنم " وصل به إلى قمة الإجادة – وقدم عاطف سالم فيلما مميزا هو " إحنا التلامذة " – كما أن بعد صدور هذا الفرمان الملزم لباقي نقاد السينما، جاء مخرجين عظام بعضهم تجاوز قائمة الشرف التي صنعها النقاد – مثل حسين كمال الذي قدم شيء من الخوف والبوسطجي وعاطف الطيب الذي قدم مذاقا جديدا للسينما المصرية منذ فيلمه الثاني: سواق الأتوبيس ثم قلب الليل وليلة ساخنة والبرئ والزمار.
ويجب أن تنتظم عملية النقد في الشعر والقصة والمسرح، بأن تشكل وزارة الثقافة مجلساً من كبار نقاد مصر، يكون بمثابة المجلس الكهنوتي – وتعطيه الدولة إمكانيات وصلاحيات أقرب للتقديس – فلا يصح أن ينشر شاعر أو روائي أو قصاص أو مسرحي كتابا إلا بالحصول على موافقة هذا المجلس المقدس - ولا تتم عملية التقييم ومنح الجوائز إلا بموافقته – ويُعطى لهذا المجلس إمكانية حرمان الأديب من حقوقه الأدبية - ويكون حرمانا مقدسا لا يقبل الاستئناف ولا الاعتراض ولا المناقشة.
ومعاملة مجلس النقاد المقدس – تجدها في العديد من محافظات مصر – ففي الإسكندرية – مثلا – يوجد هذا المجلس الكهنوتي – الذي يصنف الأدباء لمجموعات قريبة الشبه بنظام الطبقات المعمول به في الهند، ففي الهند أربع طبقات تبدأ بالبراهمة، وقد خلقت من وجه الآله، وهم الكهنة وحملة الثقافة. ثم الكاشاتريا وقد صنعها الآله من ذراعيه وهذه الطبقة تتولى مسألة الحفاظ على الأمن في البلاد. والويشاش وقد صنعت من فخذه وعليها توفير الأمن الغذائي والرخاء والاستقرار لباقي الشعب. والشودر. وقد صنعت من قدمي الآله، وهم المنبوذين، أدنى طبقات المجتمع وعليهم الخدمة والعمل وإنجاز كل ما يوكل إليهم من الطبقات الأعلى.
فبراهمة الأدب في الإسكندرية، عادة ما يكونوا من أساتذة الكليات، أو الأدباء الذين يعملون في وظائف راقية - خارج الوسط الأدبي - ويكونوا على درجة عالية من الغنى، وليس مهما أن يكونوا جيدين في الكتابة، فهذا أمر يسهل تداركه.
ثم الكاشاتريا وهم الكتاب الأكثر شهرة، والذين حظوا برضا وعطف المجلس النقدي الكهنوتي في القاهرة. ويتبقى طبقتين الأولى الويشاش وهم أدباء يتأرجحون بين المستوى الثاني والثالث، ثم الشودر ( المنبوذين ) وهم الأقل درجة، الذين يلاقون عدم الاهتمام من الجميع.
كما أن أعظم المفكرين وأوسعهم أفاقا، أمثال جوتة وفولتير حين أصدروا حكمهم على الانتاج الأدبي والفلسفي لمعاصريهم؛ ارتكبوا أخطاءً شنيعة - تبدو لنا غير مفهومة بحال ولا نجد لها تفسيراً أو تعليلاً -. ذلك أنهم من ناحية لم يقدروا أعظم آثار عصرهم أو انتقصوا من قدرها، ومن ناحية أخرى رفعوا من قدر آثار رديئة أو كانوا مصدراً لهذه الآثار التي خيم عليها اليوم ما تستحقه من النسيان. ( هنري بير - الكتاب ونقادهم ص 86 - )
وهذا ما يحدث من نقادنا في هذه الأيام – فهناك صكوك غفران تُمنح من السادة كهنة الأدب – ولن يسمح لك بدخول جنتهم إلا إذا منحوك هذه الصكوك الغفرانية.
وقد تعودنا على هذه الفرمانات الصادرة من النقاد في كل المجالات – ففي الموسيقى أصدر نقادها فرمانا مقدسا: بأن الموسيقيين الكبار خمسة هم: سيد درويش ومحمد القصبجي وزكريا أحمد ومحمد عبد الوهاب ورياض السنباطي – ومازال هذا الفرمان ساريا رغم ظهور موسيقيين عظام مثل بليغ حمدي ومحمد فوزي ومحمد الموجي وفريد الأطرش وكمال الطويل وأحمد صدقي ومحمود الشريف.
وأصدر نقاد السينما فرمانهم المقدس بأن مخرجي السينما الكبار خمسة، هم: صلاح أبو سيف وكمال الشيخ ويوسف شاهين وهنري بركات وتوفيق صالح – مع إن مخرج مثل عز الدين ذو الفقار قدم فيلما غاية في الجودة، هو " امرأة في الطريق " لا يقل عن أفلام الصفوة الذين حظوا برضا وعطف السادة كبار نقاد السينما – وقدم كمال عطية فيلم " قتديل أم هاشنم " وصل به إلى قمة الإجادة – وقدم عاطف سالم فيلما مميزا هو " إحنا التلامذة " – كما أن بعد صدور هذا الفرمان الملزم لباقي نقاد السينما، جاء مخرجين عظام بعضهم تجاوز قائمة الشرف التي صنعها النقاد – مثل حسين كمال الذي قدم شيء من الخوف والبوسطجي وعاطف الطيب الذي قدم مذاقا جديدا للسينما المصرية منذ فيلمه الثاني: سواق الأتوبيس ثم قلب الليل وليلة ساخنة والبرئ والزمار.
ويجب أن تنتظم عملية النقد في الشعر والقصة والمسرح، بأن تشكل وزارة الثقافة مجلساً من كبار نقاد مصر، يكون بمثابة المجلس الكهنوتي – وتعطيه الدولة إمكانيات وصلاحيات أقرب للتقديس – فلا يصح أن ينشر شاعر أو روائي أو قصاص أو مسرحي كتابا إلا بالحصول على موافقة هذا المجلس المقدس - ولا تتم عملية التقييم ومنح الجوائز إلا بموافقته – ويُعطى لهذا المجلس إمكانية حرمان الأديب من حقوقه الأدبية - ويكون حرمانا مقدسا لا يقبل الاستئناف ولا الاعتراض ولا المناقشة.
ومعاملة مجلس النقاد المقدس – تجدها في العديد من محافظات مصر – ففي الإسكندرية – مثلا – يوجد هذا المجلس الكهنوتي – الذي يصنف الأدباء لمجموعات قريبة الشبه بنظام الطبقات المعمول به في الهند، ففي الهند أربع طبقات تبدأ بالبراهمة، وقد خلقت من وجه الآله، وهم الكهنة وحملة الثقافة. ثم الكاشاتريا وقد صنعها الآله من ذراعيه وهذه الطبقة تتولى مسألة الحفاظ على الأمن في البلاد. والويشاش وقد صنعت من فخذه وعليها توفير الأمن الغذائي والرخاء والاستقرار لباقي الشعب. والشودر. وقد صنعت من قدمي الآله، وهم المنبوذين، أدنى طبقات المجتمع وعليهم الخدمة والعمل وإنجاز كل ما يوكل إليهم من الطبقات الأعلى.
فبراهمة الأدب في الإسكندرية، عادة ما يكونوا من أساتذة الكليات، أو الأدباء الذين يعملون في وظائف راقية - خارج الوسط الأدبي - ويكونوا على درجة عالية من الغنى، وليس مهما أن يكونوا جيدين في الكتابة، فهذا أمر يسهل تداركه.
ثم الكاشاتريا وهم الكتاب الأكثر شهرة، والذين حظوا برضا وعطف المجلس النقدي الكهنوتي في القاهرة. ويتبقى طبقتين الأولى الويشاش وهم أدباء يتأرجحون بين المستوى الثاني والثالث، ثم الشودر ( المنبوذين ) وهم الأقل درجة، الذين يلاقون عدم الاهتمام من الجميع.