1
جارتنا العزيزة طبيبة.. ولهذا فهي على درجة كبيرة من الوعي.. وقد أتاحت لها دراستها مشاهدة آيات الخالق المصور في الإنسان عندما كانت تدرس التشريح.. ومازالت تقوم بدورها الإنساني في هذه المهنة الجليلة .
ذات يوم كنا في زيارة إليها.. وبالصدفة وجدت على الحائط بالصالون لوحة عرضية مسحوبة تصور طاووسا في إيقاع زخرفي وهذه لوحة من الإيتامين.. مشغولة بالخيوط.. العجيب أنها غطت رأس الطاووس بقطعة من المشمع الأسود.. ورغم تنافرها مع ألوان اللوحة الغنائية الصداحة إلا أنني تصورت أن هذا شكل من أشكال " الكولاج " أو القص واللصق.. وعندما أبديت دهشتي قالت: نحن نغطى رأس أي كائن حي لان التصوير حرام !!
قلت: ولماذا الرأس بالذات؟ أضافت: لان الرأس فيها الروح! " فيها تفسد الأشياء وتلح الأشياء". وهنا لم اعلق.. فقط أرسلت لها فيما بعد فتوى الشيخ الإمام محمد عبده في فوائد التصاوير والتماثيل.
***
وبالصدفة.. وقريبا من المنزل بمدينة نصر.. يقع محل كبير لعمل الإطارات " البراويز " والمرايا.. وصاحبه أسطى لجأت إليه أكثر من مرة.. وهو يتقن عمله ويتفانى فيه بشكل كبير.. ولكن في آخر مرة ذهبت إليه أسأله عن نوعية معينة من الإطارات.. وببساطة وترقب حذر قال: لماذا؟.. دهشت من هذا السؤال الذي لم اعتده منه.. قلت لعمل إطار لإحدى اللوحات.. رد: المهم ألا يكون فيها إنسان أو حيوان.. فيها روح يعنى !.. ورغم استيائي قلت: لا.. هي لعروسة المولد.. قال بتحفز: ولا حتى عروسة المولد!!.. ونحن لا نعمل إطارات إلا للوحات الزخرفية فقط !!.
وهنا تذكرت السيدة التي همت بكسر تمثال من متحف الفنان حسن حشمت بعين شمس.. وزاد حزني خاصة ونحن في الألفية الثالثة في عصر الليزر والفيمتو ثانية وقد وصل الإنسان إلى القمر منذ أكثر من أربعين عاما .
***
وإذا كان الفن هو الحضارة.. فلاشك أن الفن الإسلامي يعد من أعظم الفنون التي أنتجتها الحضارات الكبرى.. وهو يؤكد رقى الإنسان المسلم حيث يعكس بلغته التعبيرية روح المكان والزمان من خلال هذا التنوع والثراء الذي يموج بشاعرية النقوش والزخارف والحشوات وابتهالات الخط العربي وبلاغة التصوير وحكمة النحت .
ورغم هذا.. ورغم القوة التعبيرية والطاقة الروحية للفن الإسلامي إلا انه مازال البعض يتحدث حول تحريم التصوير والنحت .
ومن هنا وقبل أن نلقى الضوء على بعض ملامح التصوير والتشكيل النحتي الإسلامي لا نجد ابلغ من فتوى الشيخ الإمام محمد عبده وقد مضى عليها أكثر من مائة عام.. جاءت في فصل مستقل ضمن الأعمال الكاملة " الكتابات الاجتماعية" بعنوان " التصاوير والتماثيل.. فوائدها وحكمها". يقول شيخنا الجليل: ربما تعرض لك مسالة تقول: ما حكم هذه الصور في الشريعة الإسلامية والتي تعتمد على هيئات البشر في انفعالاتهم النفسية أو أوضاعهم .. هل هذا حرام أو جائز أو مكروه أو مندوب أو واجب؟. وأقول لك: أن الراسم قد رسم والفائدة محققة لا نزاع فيها ومعنى العبادة وتعظيم التمثال أو الصورة قد مُحي من الأذهان.. وبات جملة انه يغلب على ظني أن الشريعة الإسلامية ابعد من أن تحرم وسيلة من أفضل وسائل العلم بعد تحقيق انه لا خطر منها لا من جهة العقيدة ولا من جهة العلم .
التصوير الإسلامي
وإذا كان الإسلام الحنيف في جانب منه هو حركة بعث لبعض الأفكار والقيم والعقائد التي تعاقبت على الأرض العربية وعاشها الناس وتمثلها الإنسان في حياته.. فقد كان الفن وسيلة مكثفة للتعبير عن جوهر هذه الأفكار والعقائد بل هو فلسفة الحياة المجسدة في صيغ متعددة. ومن هنا نجد نماذج من الرسوم أو التصاوير الحائطية من العصر العباسي الأول.. بعضها كما يشير د. عفيف بهنسي ملونة بلون واحد ومحدد بخط اسود تمثل فارسا بكامل ملابسه يركض بفرسه في حالة كأنما يطارد صيدا.. كما نجد بعض الرسوم تمثل مجموعة من الرجال والنساء ملونة بالأبيض والأسود والأزرق والأحمر بدرجاتها المختلفة . كما ازدهرت الصور الجدارية في العصر الفاطمي مثلما نرى في حمام أبو السعود الذي اشتمل على صور جدارية لفتيان وفتيات يبدو فيها الاهتمام بإبراز الملابس وتحديد الوجوه وهو نفس الأسلوب الذي ساد في مدينة " سامراء " .
والحديث موصول حول التصاوير والتماثيل ..إن شاء الله .
.../...
جارتنا العزيزة طبيبة.. ولهذا فهي على درجة كبيرة من الوعي.. وقد أتاحت لها دراستها مشاهدة آيات الخالق المصور في الإنسان عندما كانت تدرس التشريح.. ومازالت تقوم بدورها الإنساني في هذه المهنة الجليلة .
ذات يوم كنا في زيارة إليها.. وبالصدفة وجدت على الحائط بالصالون لوحة عرضية مسحوبة تصور طاووسا في إيقاع زخرفي وهذه لوحة من الإيتامين.. مشغولة بالخيوط.. العجيب أنها غطت رأس الطاووس بقطعة من المشمع الأسود.. ورغم تنافرها مع ألوان اللوحة الغنائية الصداحة إلا أنني تصورت أن هذا شكل من أشكال " الكولاج " أو القص واللصق.. وعندما أبديت دهشتي قالت: نحن نغطى رأس أي كائن حي لان التصوير حرام !!
قلت: ولماذا الرأس بالذات؟ أضافت: لان الرأس فيها الروح! " فيها تفسد الأشياء وتلح الأشياء". وهنا لم اعلق.. فقط أرسلت لها فيما بعد فتوى الشيخ الإمام محمد عبده في فوائد التصاوير والتماثيل.
***
وبالصدفة.. وقريبا من المنزل بمدينة نصر.. يقع محل كبير لعمل الإطارات " البراويز " والمرايا.. وصاحبه أسطى لجأت إليه أكثر من مرة.. وهو يتقن عمله ويتفانى فيه بشكل كبير.. ولكن في آخر مرة ذهبت إليه أسأله عن نوعية معينة من الإطارات.. وببساطة وترقب حذر قال: لماذا؟.. دهشت من هذا السؤال الذي لم اعتده منه.. قلت لعمل إطار لإحدى اللوحات.. رد: المهم ألا يكون فيها إنسان أو حيوان.. فيها روح يعنى !.. ورغم استيائي قلت: لا.. هي لعروسة المولد.. قال بتحفز: ولا حتى عروسة المولد!!.. ونحن لا نعمل إطارات إلا للوحات الزخرفية فقط !!.
وهنا تذكرت السيدة التي همت بكسر تمثال من متحف الفنان حسن حشمت بعين شمس.. وزاد حزني خاصة ونحن في الألفية الثالثة في عصر الليزر والفيمتو ثانية وقد وصل الإنسان إلى القمر منذ أكثر من أربعين عاما .
***
وإذا كان الفن هو الحضارة.. فلاشك أن الفن الإسلامي يعد من أعظم الفنون التي أنتجتها الحضارات الكبرى.. وهو يؤكد رقى الإنسان المسلم حيث يعكس بلغته التعبيرية روح المكان والزمان من خلال هذا التنوع والثراء الذي يموج بشاعرية النقوش والزخارف والحشوات وابتهالات الخط العربي وبلاغة التصوير وحكمة النحت .
ورغم هذا.. ورغم القوة التعبيرية والطاقة الروحية للفن الإسلامي إلا انه مازال البعض يتحدث حول تحريم التصوير والنحت .
ومن هنا وقبل أن نلقى الضوء على بعض ملامح التصوير والتشكيل النحتي الإسلامي لا نجد ابلغ من فتوى الشيخ الإمام محمد عبده وقد مضى عليها أكثر من مائة عام.. جاءت في فصل مستقل ضمن الأعمال الكاملة " الكتابات الاجتماعية" بعنوان " التصاوير والتماثيل.. فوائدها وحكمها". يقول شيخنا الجليل: ربما تعرض لك مسالة تقول: ما حكم هذه الصور في الشريعة الإسلامية والتي تعتمد على هيئات البشر في انفعالاتهم النفسية أو أوضاعهم .. هل هذا حرام أو جائز أو مكروه أو مندوب أو واجب؟. وأقول لك: أن الراسم قد رسم والفائدة محققة لا نزاع فيها ومعنى العبادة وتعظيم التمثال أو الصورة قد مُحي من الأذهان.. وبات جملة انه يغلب على ظني أن الشريعة الإسلامية ابعد من أن تحرم وسيلة من أفضل وسائل العلم بعد تحقيق انه لا خطر منها لا من جهة العقيدة ولا من جهة العلم .
التصوير الإسلامي
وإذا كان الإسلام الحنيف في جانب منه هو حركة بعث لبعض الأفكار والقيم والعقائد التي تعاقبت على الأرض العربية وعاشها الناس وتمثلها الإنسان في حياته.. فقد كان الفن وسيلة مكثفة للتعبير عن جوهر هذه الأفكار والعقائد بل هو فلسفة الحياة المجسدة في صيغ متعددة. ومن هنا نجد نماذج من الرسوم أو التصاوير الحائطية من العصر العباسي الأول.. بعضها كما يشير د. عفيف بهنسي ملونة بلون واحد ومحدد بخط اسود تمثل فارسا بكامل ملابسه يركض بفرسه في حالة كأنما يطارد صيدا.. كما نجد بعض الرسوم تمثل مجموعة من الرجال والنساء ملونة بالأبيض والأسود والأزرق والأحمر بدرجاتها المختلفة . كما ازدهرت الصور الجدارية في العصر الفاطمي مثلما نرى في حمام أبو السعود الذي اشتمل على صور جدارية لفتيان وفتيات يبدو فيها الاهتمام بإبراز الملابس وتحديد الوجوه وهو نفس الأسلوب الذي ساد في مدينة " سامراء " .
والحديث موصول حول التصاوير والتماثيل ..إن شاء الله .
.../...