يعتبر الوشم تقليدا طقوسيا عريقا وموغلا في الثقافة الأمازيغية، وغالبا ما يرتبط بالنظام القيمي أو الثقافي لدى المجتمع الأمازيغي الذي مارسه، أو بتقاليده ومعتقداته وديانته، فالإنسان الأمازيغي كان يعيش في عالم من الرموز والعلامات والقوانين التي يقصد بها التأكيد على انتماءه إلى هويته الأمازيغية فهو إذن، أسلوب ذو مضمون ثقافي أو ديني أو إجتماعي له علاقة وثيقة بالتفكير الأسطوري أو الفلكلوري كما يمكن أن يكون ذا مضمون جنسي ـ كما سنرى ـ خاصة عند المرأة الأمازيغية التي تتزين بالوشم في غياب المساحيق الملونة قصد التمييز على الرجل (1) ، ولقد ظل الوشم عبر العصور برموزه وأشكاله وخطوطه من بين أهم وسائل الزينة وتجلياتها القارة والدائمة على أجزاء معينة من جسد المرأة خاصة الوجه واليدين والرجلين(2). ويكتسي الوشم في ظاهره وباطنه دلالات عديدة وعميقة، فهو يأخذ من جسم الانسان فضاء للتدوين والكتابة ولوحة للرسم والخط (3). تقول الشاعرة الأمازيغية في هذا الصدد:
أسيذي عزيزي إينو, راجايي أذكنفيغ
ثيريت إينو ثهرش, ذ تيكاز إيذين ؤريغ (4)
ان الشاعرة هنا، مقبلة على الزواج، ترجو وتلتمس من أسرة عمها حيث يوجد العريس، أن ينتظرو ويتريثو قليلا حتى تبرأ وتلتئم الجروح التي خلفها وخز الوشم في عنقها. يأخذ البيت الشعري هنا تيمات متعددة يبرز فيها الجسد فضاءا للابداع والكتابة، وجعله لوحة تنطق بالجمال والحسن الذي تؤثثه وتزينه الرموز الملونة المختلفة الألوان والأشكال والدلالات على جسد مقبل على الزواج.
إن المرأة الواشم مبدعة تكتب لتضع لذة النص ـ أو الرمز ـ المكتوب بيد المتلقي ذكرا أو أنثى لاكتشاف نهايات الجسد الأنثوي الاشتهائية، ينتقل عبرها الجسم من نظام الأيقونة إلى الجسم اللاهوتي (5).
ومن المعروف في منطقة الريف خاصة والمغرب عامة أن الوشم من أدوات الزينة الضرورية لأية فتاة ناضجة، وفي هذا نجد جورج كرانفال يقول: “الوشم في هذه البلاد عند النساء اعلان عن مرحلة النضج والاستعداد لاستقبال الرجل والاناطة بوظيفة الزواج” (6) ، بحيث يصبح الوشم بالنسبة للمرأة الأمازيغية…بوابة عبور لسن الرشد ومعه بوادر الزواج وهو في هذه الحالة يكتسي بعدا استطيقيا ويصبح مظهرا جماليا تود من خلاله المرأة الشابة ابراز مفاتنها، واعلان نضج انوثتها، فيصبح الوشم خطابا وعلامة سميولوجية تستهدف الآخر- المشاهد(7)، يقول الشاعر في هذا المعنى:
“مــامــا” أثان يكين، ثيكاز سادو وابر
ثاكيثنت إيوحبيب، أرياز أتيقابر (8)
يبدو أن هذه الفتاة وإسمها “مامّا” وشمت مكانا جذابا من وجهها وهو موضع تحت الأهداب، لتضفي على عينيها مسحة من الجمال لأثارة إهتمام الطرف الآخر - الرجل.
إلى جانب ما يكتسيه الوشم من دلالات جمالية تعتمد النظر والبصر، يأخذ الوشم تيمات أخرى، وقد اختلف في تحديد أبعاد ذلك، فهناك من يعطي للمسألة بعدا نفسيا أقرب إلى السادية خاصة لدى المرأة، حيث يفسر ذلك بالرغبة في إطفاء الغريزة المتوقدة فيها، فيتم تعذيب الجسد عن طريق الوخز وما يرافق ذلك من آلم روحي ونفسي قد يترتب عنه النفور والإستنكاف من نداء الغريزة خاصة لما يتم الوشم في مواضع معينة من جسد المرأة كالفخذين والصدر فهي مواضيع جسدية مستورة لكن هذا الوشم لا يحافظ على دوره الزجري بل يصبح إغراء وإثارة جنسية ونداء للطرف الأخر(9).
وربما هذا ما اثار الشاعر الأمازيغي في البيت الشعري الاتي حيث أراد أن يظهر إهتمامه بفتاة وشمت فخذيها قائلا:
أغانيم أغانيم، يكامن فوذ ذكفوذ
أقام ثنغيذاي أم ثيكاز ؤفوذ (10)
هنا الشاعر يوضح ويشي بمدى نضج محبوبته، التي شبه نموها بنمو “غانيم” عيدان القصب، والتي تنمو كما تنمو الأفخاذ في الجسم البشري، وما أيقض شهوته أكثر ذلك الوشم الذي وشمت به تلك الفتاة فخذها. إن الوشم في هذا الازري يخص الجانب التزييني الموظف للإغراء وإيقاض الشهوة وجلب الجنس الآخر وجذب إنتباهه وإستحسانه(11).
إن الوشم ينتمي إلى المقدس فهو كالكتابة عند المرأة تجعله قناعا لتمارس منظومتها الإغرائية فهو لباس داخلي تخيطه الأنثى الواشمة لتخالف به اللباس الذي غالبا ما يكون الرجل من بين مصمميه، وقد يُعتم الوشم على المتلقي رؤية ما يحيط بجسد الأنثى، إنه يلعب دور المغناطيس الذي يحجب الجسد الحمدلي عن الانتهاك، فالاستعراض الجنسي محمي بالوشم وهذا الدور تقوم به “لخميسه” التي تُعطل بلاغة النص الأنثوي وتنظم فوضى الدلالات وتنفتح غائبة أمام العين الثالثة (الرجل) لتصبح “لخميسه ” ذات دلالة وواسطة للإغراء والإثارة والاشتهاء لا يتعطل مفعولها السحري إلا إذا كانت العين الثالثة تحقق لمجمل وشم الجسد هويته وبذلك يأخذ شكله، استهلاكه من المتلقي/الزوج أو المتلقي/ العشيق(12).
إضافة الى العنصر الإغرائي نجد الدلالات الجمالية حاضرة بقوة والتي تحدث عنها الرسام الدنماركي… “هاين فرينكل” قائلا: “أحيانا كثيرة تجدهن في الحقول أو المسالك الوعرة بالجبال يرددن صيحات غنائية لايظاهيه من الحدة والجمال سوى مرآى تلك الأشكال المرسومة بعناية فائقة على خدودهن أو ذقونهن أو جباههن وأحيانا أعناقهن وأيدهن، نساء تتوحد فيهن أسطورية الرمز والرسومات المفعمة خضرة وزرقة مع أسطورية الوجوه ومكامن جمال يصر على تحدي قساوة الطبيعة وصعوبة ظروف العيش ومشاق التحملات اليومية .. جمال تتوحد فيه الحقيقة بالخيال.. الطبيعة بالإنسان.. والألوان بالملامح.. الصور بالأصوات.. الغناء بالرسم على الجسد.. “(13).
بعيدا عن العنصر التزييني، يدخل الوشم ضمن آداب السلوك الإجتماعي، فهو ظاهرة سيميوطيقية مرتبط بالجسد الموشوم بحياته، ويموت بموته (14) ، ويشكل الوشم أيضا جسرا للربط بين ما هو روحي ومادي في الجسد ذاته. فالوشم في الريف غالبا ما يوضع على الجسد بشكل أفقي مقسما الجسم إلى جزئين، شق روحي يضم القلب وآخر مادي يمثل الحياة بكل تجلياتها، فيتم الربط بينهما بواسطة رموز وأشكال إعتادت النساء الأمازيغيات توظيفه في إبراز المكونات الجمالية الإبداعية والفنية في الوسائل والأشياء المستعملة لديهن في الحياة اليومية العادية من زرابي وأواني خزفية وخشبية وطلاء الجدران والنقش على الفضة.. مستفدين من إرثهم الحضاري العريق المتمثل في حروف تيفيناغ ذات الأشكال المتعددة والملامح الجمالية الأخاذة إلى درجة جعلت غير الأمازيغيين يلجأون إليها خاصة عند الذين يعتقدون أن الخط العربي خط مقدس وأن الوشم به تدنيس له (15).
وليس غريبا ولا صدفة أن إقصاء الأمازيغية كان دائما مسبوقا أو مصحوبا بإقصاء القيم الأنثوية، كما هو الحال لظاهرة الوشم التي هي ثقافة أنثوية بإمتياز، لقد حورب الوشم بشتى الوسائل والفتاوي الشرقانية إلى أن إختفت ممارسته نهائيا.
والمستهدف من وراء تحريم الوشم ومحاربته هو المرأة الأمازيغية والثقافة الأمازيغية التي تعبر وتحافظ عنها هذه المرأة (16).
إستفادة مما ذكرناه، نجد أن المرأة الأمازيغية تتحمل أنواع مختلفة من الألم الذاتية والمعنوية والجسدية في سبيل إرضاء الطرف الآخر الا وهو الرجل، وفي وسعنا الإفتراض بأن ابتكار الوشم والرموز المستعملة فيه قد جاء بالإرتباط مع إكتساب الإنسان الوعي بعدم إكتماله ومن ثمة فإن الوشم يكون وسيلة للإقتراب من الكمال ويتعلق الأمر بتحقيق التوازن بين الوعي واللاوعي.. وفي منطقة الريف توشم الفتاة عندما تبلغ سن الرشد ـ كما أشرنا الى ذلك ـ دلالة على كمالها أو إكتمالها جمالا وقدرتها على تحمل أعباء الحياة الزوجية كما تحملت الآم الوخز (17).
ـــــــــ
هــــــوامش :
1) بلقاسم الجطاري ، كتاب سؤال الأمازيغية: البناء والنظرية منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بوجدة/ رقم 39 .
2) جريدة بيان اليوم “الوشم بين الرموز والأشكال بالمغرب”. محمد جنوبي، عدد 23 دجنبر 1998 .
3 ) جريدة تامازيغت “الوشم الأمازيغي أبعاد ودلالات”، بشتى ذكي، العدد 23 .
4 ) ترجمة البيت الشعري:
أرجوك ياعمي تريث قليلا
عنقي تؤلمني بسبب الوشم !
5 ) عبد النور إدريس، الجسد الأنثوي وفتنة الكتابة، يوجد المقال على شبكة الإنترنيت في الرابط التالي:
د.عبد النور إدريس
6 ) بيان اليوم محمد جنوبي / نفسه
7) تمازيغت العدد 23
8) ترجمة البيت الشعري:
” ماما ” يا واضعة الوشم تحت الأهداب
كم أغريت بجمالك من الرجال
9) تمازيغت العدد المذكور
10) ترجمة البيت الشعري:
يا عيدان القصب النامية كالأفخاذ
أهيم بحبك ياصاحبة الوشم في الفخذ.
11 ) بيان اليوم، مرجع سابق
12) عبد النور إدريس، الجسد الأنثوي وفتنة الكتابة، يوجد المقال على شبكة الإنترنيت في الرابط التالي:
د.عبد النور إدريس.
13) بيان اليوم، مرجع سابق.
14) بلقاسم الجطاري، مرجع سابق.
15) تمازيغت، عدد سابق.
16) جريدة تاويزا، محمد بودهان العدد 12 أبريل 1998.
17) بلقاسم الجطاري ، مرجع سابق.
أسيذي عزيزي إينو, راجايي أذكنفيغ
ثيريت إينو ثهرش, ذ تيكاز إيذين ؤريغ (4)
ان الشاعرة هنا، مقبلة على الزواج، ترجو وتلتمس من أسرة عمها حيث يوجد العريس، أن ينتظرو ويتريثو قليلا حتى تبرأ وتلتئم الجروح التي خلفها وخز الوشم في عنقها. يأخذ البيت الشعري هنا تيمات متعددة يبرز فيها الجسد فضاءا للابداع والكتابة، وجعله لوحة تنطق بالجمال والحسن الذي تؤثثه وتزينه الرموز الملونة المختلفة الألوان والأشكال والدلالات على جسد مقبل على الزواج.
إن المرأة الواشم مبدعة تكتب لتضع لذة النص ـ أو الرمز ـ المكتوب بيد المتلقي ذكرا أو أنثى لاكتشاف نهايات الجسد الأنثوي الاشتهائية، ينتقل عبرها الجسم من نظام الأيقونة إلى الجسم اللاهوتي (5).
ومن المعروف في منطقة الريف خاصة والمغرب عامة أن الوشم من أدوات الزينة الضرورية لأية فتاة ناضجة، وفي هذا نجد جورج كرانفال يقول: “الوشم في هذه البلاد عند النساء اعلان عن مرحلة النضج والاستعداد لاستقبال الرجل والاناطة بوظيفة الزواج” (6) ، بحيث يصبح الوشم بالنسبة للمرأة الأمازيغية…بوابة عبور لسن الرشد ومعه بوادر الزواج وهو في هذه الحالة يكتسي بعدا استطيقيا ويصبح مظهرا جماليا تود من خلاله المرأة الشابة ابراز مفاتنها، واعلان نضج انوثتها، فيصبح الوشم خطابا وعلامة سميولوجية تستهدف الآخر- المشاهد(7)، يقول الشاعر في هذا المعنى:
“مــامــا” أثان يكين، ثيكاز سادو وابر
ثاكيثنت إيوحبيب، أرياز أتيقابر (8)
يبدو أن هذه الفتاة وإسمها “مامّا” وشمت مكانا جذابا من وجهها وهو موضع تحت الأهداب، لتضفي على عينيها مسحة من الجمال لأثارة إهتمام الطرف الآخر - الرجل.
إلى جانب ما يكتسيه الوشم من دلالات جمالية تعتمد النظر والبصر، يأخذ الوشم تيمات أخرى، وقد اختلف في تحديد أبعاد ذلك، فهناك من يعطي للمسألة بعدا نفسيا أقرب إلى السادية خاصة لدى المرأة، حيث يفسر ذلك بالرغبة في إطفاء الغريزة المتوقدة فيها، فيتم تعذيب الجسد عن طريق الوخز وما يرافق ذلك من آلم روحي ونفسي قد يترتب عنه النفور والإستنكاف من نداء الغريزة خاصة لما يتم الوشم في مواضع معينة من جسد المرأة كالفخذين والصدر فهي مواضيع جسدية مستورة لكن هذا الوشم لا يحافظ على دوره الزجري بل يصبح إغراء وإثارة جنسية ونداء للطرف الأخر(9).
وربما هذا ما اثار الشاعر الأمازيغي في البيت الشعري الاتي حيث أراد أن يظهر إهتمامه بفتاة وشمت فخذيها قائلا:
أغانيم أغانيم، يكامن فوذ ذكفوذ
أقام ثنغيذاي أم ثيكاز ؤفوذ (10)
هنا الشاعر يوضح ويشي بمدى نضج محبوبته، التي شبه نموها بنمو “غانيم” عيدان القصب، والتي تنمو كما تنمو الأفخاذ في الجسم البشري، وما أيقض شهوته أكثر ذلك الوشم الذي وشمت به تلك الفتاة فخذها. إن الوشم في هذا الازري يخص الجانب التزييني الموظف للإغراء وإيقاض الشهوة وجلب الجنس الآخر وجذب إنتباهه وإستحسانه(11).
إن الوشم ينتمي إلى المقدس فهو كالكتابة عند المرأة تجعله قناعا لتمارس منظومتها الإغرائية فهو لباس داخلي تخيطه الأنثى الواشمة لتخالف به اللباس الذي غالبا ما يكون الرجل من بين مصمميه، وقد يُعتم الوشم على المتلقي رؤية ما يحيط بجسد الأنثى، إنه يلعب دور المغناطيس الذي يحجب الجسد الحمدلي عن الانتهاك، فالاستعراض الجنسي محمي بالوشم وهذا الدور تقوم به “لخميسه” التي تُعطل بلاغة النص الأنثوي وتنظم فوضى الدلالات وتنفتح غائبة أمام العين الثالثة (الرجل) لتصبح “لخميسه ” ذات دلالة وواسطة للإغراء والإثارة والاشتهاء لا يتعطل مفعولها السحري إلا إذا كانت العين الثالثة تحقق لمجمل وشم الجسد هويته وبذلك يأخذ شكله، استهلاكه من المتلقي/الزوج أو المتلقي/ العشيق(12).
إضافة الى العنصر الإغرائي نجد الدلالات الجمالية حاضرة بقوة والتي تحدث عنها الرسام الدنماركي… “هاين فرينكل” قائلا: “أحيانا كثيرة تجدهن في الحقول أو المسالك الوعرة بالجبال يرددن صيحات غنائية لايظاهيه من الحدة والجمال سوى مرآى تلك الأشكال المرسومة بعناية فائقة على خدودهن أو ذقونهن أو جباههن وأحيانا أعناقهن وأيدهن، نساء تتوحد فيهن أسطورية الرمز والرسومات المفعمة خضرة وزرقة مع أسطورية الوجوه ومكامن جمال يصر على تحدي قساوة الطبيعة وصعوبة ظروف العيش ومشاق التحملات اليومية .. جمال تتوحد فيه الحقيقة بالخيال.. الطبيعة بالإنسان.. والألوان بالملامح.. الصور بالأصوات.. الغناء بالرسم على الجسد.. “(13).
بعيدا عن العنصر التزييني، يدخل الوشم ضمن آداب السلوك الإجتماعي، فهو ظاهرة سيميوطيقية مرتبط بالجسد الموشوم بحياته، ويموت بموته (14) ، ويشكل الوشم أيضا جسرا للربط بين ما هو روحي ومادي في الجسد ذاته. فالوشم في الريف غالبا ما يوضع على الجسد بشكل أفقي مقسما الجسم إلى جزئين، شق روحي يضم القلب وآخر مادي يمثل الحياة بكل تجلياتها، فيتم الربط بينهما بواسطة رموز وأشكال إعتادت النساء الأمازيغيات توظيفه في إبراز المكونات الجمالية الإبداعية والفنية في الوسائل والأشياء المستعملة لديهن في الحياة اليومية العادية من زرابي وأواني خزفية وخشبية وطلاء الجدران والنقش على الفضة.. مستفدين من إرثهم الحضاري العريق المتمثل في حروف تيفيناغ ذات الأشكال المتعددة والملامح الجمالية الأخاذة إلى درجة جعلت غير الأمازيغيين يلجأون إليها خاصة عند الذين يعتقدون أن الخط العربي خط مقدس وأن الوشم به تدنيس له (15).
وليس غريبا ولا صدفة أن إقصاء الأمازيغية كان دائما مسبوقا أو مصحوبا بإقصاء القيم الأنثوية، كما هو الحال لظاهرة الوشم التي هي ثقافة أنثوية بإمتياز، لقد حورب الوشم بشتى الوسائل والفتاوي الشرقانية إلى أن إختفت ممارسته نهائيا.
والمستهدف من وراء تحريم الوشم ومحاربته هو المرأة الأمازيغية والثقافة الأمازيغية التي تعبر وتحافظ عنها هذه المرأة (16).
إستفادة مما ذكرناه، نجد أن المرأة الأمازيغية تتحمل أنواع مختلفة من الألم الذاتية والمعنوية والجسدية في سبيل إرضاء الطرف الآخر الا وهو الرجل، وفي وسعنا الإفتراض بأن ابتكار الوشم والرموز المستعملة فيه قد جاء بالإرتباط مع إكتساب الإنسان الوعي بعدم إكتماله ومن ثمة فإن الوشم يكون وسيلة للإقتراب من الكمال ويتعلق الأمر بتحقيق التوازن بين الوعي واللاوعي.. وفي منطقة الريف توشم الفتاة عندما تبلغ سن الرشد ـ كما أشرنا الى ذلك ـ دلالة على كمالها أو إكتمالها جمالا وقدرتها على تحمل أعباء الحياة الزوجية كما تحملت الآم الوخز (17).
ـــــــــ
هــــــوامش :
1) بلقاسم الجطاري ، كتاب سؤال الأمازيغية: البناء والنظرية منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بوجدة/ رقم 39 .
2) جريدة بيان اليوم “الوشم بين الرموز والأشكال بالمغرب”. محمد جنوبي، عدد 23 دجنبر 1998 .
3 ) جريدة تامازيغت “الوشم الأمازيغي أبعاد ودلالات”، بشتى ذكي، العدد 23 .
4 ) ترجمة البيت الشعري:
أرجوك ياعمي تريث قليلا
عنقي تؤلمني بسبب الوشم !
5 ) عبد النور إدريس، الجسد الأنثوي وفتنة الكتابة، يوجد المقال على شبكة الإنترنيت في الرابط التالي:
د.عبد النور إدريس
6 ) بيان اليوم محمد جنوبي / نفسه
7) تمازيغت العدد 23
8) ترجمة البيت الشعري:
” ماما ” يا واضعة الوشم تحت الأهداب
كم أغريت بجمالك من الرجال
9) تمازيغت العدد المذكور
10) ترجمة البيت الشعري:
يا عيدان القصب النامية كالأفخاذ
أهيم بحبك ياصاحبة الوشم في الفخذ.
11 ) بيان اليوم، مرجع سابق
12) عبد النور إدريس، الجسد الأنثوي وفتنة الكتابة، يوجد المقال على شبكة الإنترنيت في الرابط التالي:
د.عبد النور إدريس.
13) بيان اليوم، مرجع سابق.
14) بلقاسم الجطاري، مرجع سابق.
15) تمازيغت، عدد سابق.
16) جريدة تاويزا، محمد بودهان العدد 12 أبريل 1998.
17) بلقاسم الجطاري ، مرجع سابق.