أولاً بالتبادي،
لا يوجد حظ نحس..
وأيضاً لا يوجد حظ جيد..
لأنه لا يوجد حظ أساساً...
بل هناك نظام ما.. وهذا النظام له مفاتيح، وكل مفتاح يحتاج لقدرات معينة..إن الإنسان الناجح هو من توفرت فيه تلك القدرات، أو طور قدراته لسد النقص. والإنسان الذي تتعرقل حياته باستمرار، هو إنسان يفتقد لتلك القدرات.
هذا باختصار ملخص الحظ والنحس.
إن التنمية البشرية، تلعب في هذا الحقل، وكذلك المعتقدات.
التنمية البشرية تشجعك على تغيير نفسك، وهذا وهم أكبر من أن يدفعك معتقد ما نحو الإيمان بالمعجزات.
إن من الصعب على الإنسان أن يتغير، لأنه وبمجرد البلوغ، يكون قد تشكلت ملامح وعيه التي ستمضي معه حتى موته. مع ذلك فالتغيير ليس مستحيلاً لكنه يكون نادراً. تلقيت فيديو لأحد مدربي التنمية البشرية، يقول فيه أن الإنسان من الطبقات الكادحة ينشأ وهو خائف من البوليس، أما أبناء الطبقة البرجوازية، فهم ينشأون بفهم أن البوليس في خدمة الشعب، ولذلك هم لا يخافون منه. ولذلك ينجحون لأنهم يملكون وعياً يؤهلهم لفهم الحياة والتعامل معها.
هذا المدرب، ربما كان أكاديمياً، لكنه لا يعرف أن الكادحين هم الأكثر قدرة على التعامل مع واقع الحياة، خلافاً لأبناء الطبقة البرجوازية الذين لديهم تصور حالم مثالي عن الحياة.
إن الكادح يخاف من البوليس، لكن خوفه لأنه يفهم الواقع جيداً، ويعرف أن بإمكان البوليس إيذاءه، فليس كل شرطي طيب. يتعلم الطفل الكادح المرونة الكافية عبر تملق ذلك البوليس، والمرونة العصبية الكافية لامتصاص الضغوط الإقتصادية السياسية والمجتمعية لأنه اعتاد الحياة تحت الضغط. وبالتالي تعلم الفهلوة، في حين أن قدرات الطفل البرجوازي، تكون غير متناسبة مع الواقع المؤسس على الصراع. فالبرجوازي، ابن السلام دائماً، ولذلك هو أكثر من تؤلمه الأزمات. لذلك تعمد الحكومات إلى الإهتمام بالعاصمة الغنية اكثر من الأقاليم الفقيرة.
عندما تحدث كوارث وانفلاتات امنية، يستطيع البروليتاري خوض الصراع، أما البرجوازي فيهرب إن وجد الفرصة، أو سيبحث عن بروليتاري ليحميه.
ننتقل لشعوب مثل الصينيين والهنود وغيرهم، اي الشعوب التي ورثت الضغوط منذ القدم. وشعوب مثل السودانيين الذين لم يتعرضوا أبداً للضغوط التي تعرضت لها الشعوب الأخرى.
لقد عانى الصينيون من أسواء استعباد، واسوأ احتلال، وكذلك الهنود، لذلك هم الأقدر على القيام بأعمال شاقة. غير أن السوداني لا يتحمل الاعمال الشاقة.
إحدى الفتيات السودانيات عملت في شركة صينية، لكنها لم تتحمل اكثر من أسبوعين وهربت، لماذا؟ لأن العامل الصيني، يعمل بالفعل، يعمل باستمرار، مادام وقت دوامه لم ينتههي. السوداني يعمل ثمان ساعات، لكنه في الواقع يعمل أقل من أربع ساعات. لو حسبنا، كل حالات التسيب والتراخي التي يقوم بها أثناء فترة الدوتم. فلو كان عمله الساعة التاسعة فهو غالباً سيقض ساعة كاملة في الإفطار، وساعات أخرى في الصلاة، رغم ان الصلاة لا تستغرق عشر دقائق. ناهيك عن المناسبات التي يترك فيها الموظفون كلهم في مرفق عام واحد أعمالهم ليذهبوا لتعزية مدير المرفق في وفاة خال إبن عم شقيق صاحب المدير.. هذا لا يمكن أن يفعله صيني، فالشعوب الأخرى تعمل كالحمير..وتعمل تحت ضغط طوال تاريخها فهي شعوب عانت من التجارب القاسية.
ولذلك فحديث مدرب التنمية البشرية خاطئ بل معكوس تماما.
لذلك تنهار الممالك والإمبراطوريات المتوارثة، لأن أحفاد الملوك الأوائل يتحولون لبرجوازيين، لا يفهمون معنى الصراع الإنساني، ولذلك سقطت الإمبراطورية العثمانية والعباسية والأموية، لأن آخر ملك لم يتعود على فكرة الصراع.
ولكن تظل الطبقة الفقيرة في مساحتها لسبب آخر، وهو انها ورغم انها تمتلك المرونة العصبية والنفسية، إلا أنها لا تمتلك المعرفة، في حين يملك ابناء الطبقة البرجوازية المعرفة ولا يملكون المرونة. أما لو امتلك الفرد الفقير المعرفة، فسيتمكن من الإنطلاق بسرعة نحو النجاح.
البرجوازية نفسها، لم تهزم الارستقراطية إلا لأنها نتجت عن المغامرة من الطبقة الكادحة والعبيد. لقد كان الارستقراطيون وهم أصحاب أطيان وأيدي عاملة ينظرون للتجارة باحتقار، باعتبارها عمل الصعاليك، ومع انطلاق الفتوحات الأوروبية البحرية، واكتشاف القارات، وفتح اسواق وراء البحار، استطاع المغامرون من الصعاليق، تحقيق ثروات ضخمة، فاضطر الارستقراطيون لإرسال عبيدهم للتجارة بدلاً عنهم، وهكذا بدأت البرجوازية في توجيه ضربات للارستقراطية حتى انهارت تماماً، ثم أصيب أبناء البرجوازيين وأحفادهم بالرفاهية، فأصبحوا هم كذلك برجوازيين بوعي أرستقراطي. ولذلك ظلت البرجوازية منطقة عبور وسقوط، عبور كادحين كبرجوازيين جدد، وسقوط أحفاد البرجوازيين القدامى..في دائرة عجيبة، تماما كالإمبراطوريات، التي ينشؤها الأسلاف الأقوياء ممن عاشوا حياة الشظف والخشونة، ثم تنهار لضعف أحفاد عاشوا حياة الرفاهية والنعومة.
فلنطبق المعادلة على أي منظومة سياسية، سنجد أنها صحيحة. فلنأخذ الحركة الإسلامية التي كانت في اوج قوتها، عندما انخرط فيها الكادحون، ثم لما اصابتهم التخمة، انهاروا. لقد كانوا حفاة عراة، وانتهوا بقصور. وسيبدأ حكم كادحين جدد، وسينهار حكم هؤلاء أيضا عندما يصاب أحفادهم بالتخمة..وهكذا دواليك..
فالمسألة إذاً ليست مرتبطة بالحظ الطيب أو الحظ النحس، هي مسألة قدرات.
لقد قال لي احدهم، بأن النحس الذي يعانيه يؤكد أن هناك سيستم كوني، وأن هذا السيستم تحت قيادة تحيك له المؤامرات. ولكن هذا صحيح جزئياً، فهناك بالفعل سيستم كوني، ولكنه سيستم رغم تعقيده منطقي ويغذي نفسه داخل قوانين ثابتة. إن ما يراه مؤامرات هو في الواقع ليس سوى ضعف قدراته هو، فمن يملك قدرات التواؤم والتكيف مع السيستم سينجح، ومن لا يستطيع سيفشل، فالمسألة لا علاقة لها أبداً بالمؤامرات الترستندالية.
إن الحظ أو النحس، يمكن أن يكون فقط عندما كانت كل المؤثرات على شخصية الفرد وقدراته ليست بيد الفرد لحظة مولده. فهو لم يختار قبيلته ولا لونه ولا أمه وأبيه ولا ظروفه الاقتصادية، ولا تركيبته النفسية. هنا نقول بأن هناك حظ سيء أو طيب. أي اننا سنعتبر محل الحظ ليس ما يقدمه له محيطة الكوني أو يمتنع عن تقديمه، بل يكون المحل هو الفرد نفسه، الذي لم يكن محظوظاً عندما لم ينشأ في ظروف تمنحه القدرات اللازمة لخوض تجربته الوجودية بقوة.
لا يوجد حظ نحس..
وأيضاً لا يوجد حظ جيد..
لأنه لا يوجد حظ أساساً...
بل هناك نظام ما.. وهذا النظام له مفاتيح، وكل مفتاح يحتاج لقدرات معينة..إن الإنسان الناجح هو من توفرت فيه تلك القدرات، أو طور قدراته لسد النقص. والإنسان الذي تتعرقل حياته باستمرار، هو إنسان يفتقد لتلك القدرات.
هذا باختصار ملخص الحظ والنحس.
إن التنمية البشرية، تلعب في هذا الحقل، وكذلك المعتقدات.
التنمية البشرية تشجعك على تغيير نفسك، وهذا وهم أكبر من أن يدفعك معتقد ما نحو الإيمان بالمعجزات.
إن من الصعب على الإنسان أن يتغير، لأنه وبمجرد البلوغ، يكون قد تشكلت ملامح وعيه التي ستمضي معه حتى موته. مع ذلك فالتغيير ليس مستحيلاً لكنه يكون نادراً. تلقيت فيديو لأحد مدربي التنمية البشرية، يقول فيه أن الإنسان من الطبقات الكادحة ينشأ وهو خائف من البوليس، أما أبناء الطبقة البرجوازية، فهم ينشأون بفهم أن البوليس في خدمة الشعب، ولذلك هم لا يخافون منه. ولذلك ينجحون لأنهم يملكون وعياً يؤهلهم لفهم الحياة والتعامل معها.
هذا المدرب، ربما كان أكاديمياً، لكنه لا يعرف أن الكادحين هم الأكثر قدرة على التعامل مع واقع الحياة، خلافاً لأبناء الطبقة البرجوازية الذين لديهم تصور حالم مثالي عن الحياة.
إن الكادح يخاف من البوليس، لكن خوفه لأنه يفهم الواقع جيداً، ويعرف أن بإمكان البوليس إيذاءه، فليس كل شرطي طيب. يتعلم الطفل الكادح المرونة الكافية عبر تملق ذلك البوليس، والمرونة العصبية الكافية لامتصاص الضغوط الإقتصادية السياسية والمجتمعية لأنه اعتاد الحياة تحت الضغط. وبالتالي تعلم الفهلوة، في حين أن قدرات الطفل البرجوازي، تكون غير متناسبة مع الواقع المؤسس على الصراع. فالبرجوازي، ابن السلام دائماً، ولذلك هو أكثر من تؤلمه الأزمات. لذلك تعمد الحكومات إلى الإهتمام بالعاصمة الغنية اكثر من الأقاليم الفقيرة.
عندما تحدث كوارث وانفلاتات امنية، يستطيع البروليتاري خوض الصراع، أما البرجوازي فيهرب إن وجد الفرصة، أو سيبحث عن بروليتاري ليحميه.
ننتقل لشعوب مثل الصينيين والهنود وغيرهم، اي الشعوب التي ورثت الضغوط منذ القدم. وشعوب مثل السودانيين الذين لم يتعرضوا أبداً للضغوط التي تعرضت لها الشعوب الأخرى.
لقد عانى الصينيون من أسواء استعباد، واسوأ احتلال، وكذلك الهنود، لذلك هم الأقدر على القيام بأعمال شاقة. غير أن السوداني لا يتحمل الاعمال الشاقة.
إحدى الفتيات السودانيات عملت في شركة صينية، لكنها لم تتحمل اكثر من أسبوعين وهربت، لماذا؟ لأن العامل الصيني، يعمل بالفعل، يعمل باستمرار، مادام وقت دوامه لم ينتههي. السوداني يعمل ثمان ساعات، لكنه في الواقع يعمل أقل من أربع ساعات. لو حسبنا، كل حالات التسيب والتراخي التي يقوم بها أثناء فترة الدوتم. فلو كان عمله الساعة التاسعة فهو غالباً سيقض ساعة كاملة في الإفطار، وساعات أخرى في الصلاة، رغم ان الصلاة لا تستغرق عشر دقائق. ناهيك عن المناسبات التي يترك فيها الموظفون كلهم في مرفق عام واحد أعمالهم ليذهبوا لتعزية مدير المرفق في وفاة خال إبن عم شقيق صاحب المدير.. هذا لا يمكن أن يفعله صيني، فالشعوب الأخرى تعمل كالحمير..وتعمل تحت ضغط طوال تاريخها فهي شعوب عانت من التجارب القاسية.
ولذلك فحديث مدرب التنمية البشرية خاطئ بل معكوس تماما.
لذلك تنهار الممالك والإمبراطوريات المتوارثة، لأن أحفاد الملوك الأوائل يتحولون لبرجوازيين، لا يفهمون معنى الصراع الإنساني، ولذلك سقطت الإمبراطورية العثمانية والعباسية والأموية، لأن آخر ملك لم يتعود على فكرة الصراع.
ولكن تظل الطبقة الفقيرة في مساحتها لسبب آخر، وهو انها ورغم انها تمتلك المرونة العصبية والنفسية، إلا أنها لا تمتلك المعرفة، في حين يملك ابناء الطبقة البرجوازية المعرفة ولا يملكون المرونة. أما لو امتلك الفرد الفقير المعرفة، فسيتمكن من الإنطلاق بسرعة نحو النجاح.
البرجوازية نفسها، لم تهزم الارستقراطية إلا لأنها نتجت عن المغامرة من الطبقة الكادحة والعبيد. لقد كان الارستقراطيون وهم أصحاب أطيان وأيدي عاملة ينظرون للتجارة باحتقار، باعتبارها عمل الصعاليك، ومع انطلاق الفتوحات الأوروبية البحرية، واكتشاف القارات، وفتح اسواق وراء البحار، استطاع المغامرون من الصعاليق، تحقيق ثروات ضخمة، فاضطر الارستقراطيون لإرسال عبيدهم للتجارة بدلاً عنهم، وهكذا بدأت البرجوازية في توجيه ضربات للارستقراطية حتى انهارت تماماً، ثم أصيب أبناء البرجوازيين وأحفادهم بالرفاهية، فأصبحوا هم كذلك برجوازيين بوعي أرستقراطي. ولذلك ظلت البرجوازية منطقة عبور وسقوط، عبور كادحين كبرجوازيين جدد، وسقوط أحفاد البرجوازيين القدامى..في دائرة عجيبة، تماما كالإمبراطوريات، التي ينشؤها الأسلاف الأقوياء ممن عاشوا حياة الشظف والخشونة، ثم تنهار لضعف أحفاد عاشوا حياة الرفاهية والنعومة.
فلنطبق المعادلة على أي منظومة سياسية، سنجد أنها صحيحة. فلنأخذ الحركة الإسلامية التي كانت في اوج قوتها، عندما انخرط فيها الكادحون، ثم لما اصابتهم التخمة، انهاروا. لقد كانوا حفاة عراة، وانتهوا بقصور. وسيبدأ حكم كادحين جدد، وسينهار حكم هؤلاء أيضا عندما يصاب أحفادهم بالتخمة..وهكذا دواليك..
فالمسألة إذاً ليست مرتبطة بالحظ الطيب أو الحظ النحس، هي مسألة قدرات.
لقد قال لي احدهم، بأن النحس الذي يعانيه يؤكد أن هناك سيستم كوني، وأن هذا السيستم تحت قيادة تحيك له المؤامرات. ولكن هذا صحيح جزئياً، فهناك بالفعل سيستم كوني، ولكنه سيستم رغم تعقيده منطقي ويغذي نفسه داخل قوانين ثابتة. إن ما يراه مؤامرات هو في الواقع ليس سوى ضعف قدراته هو، فمن يملك قدرات التواؤم والتكيف مع السيستم سينجح، ومن لا يستطيع سيفشل، فالمسألة لا علاقة لها أبداً بالمؤامرات الترستندالية.
إن الحظ أو النحس، يمكن أن يكون فقط عندما كانت كل المؤثرات على شخصية الفرد وقدراته ليست بيد الفرد لحظة مولده. فهو لم يختار قبيلته ولا لونه ولا أمه وأبيه ولا ظروفه الاقتصادية، ولا تركيبته النفسية. هنا نقول بأن هناك حظ سيء أو طيب. أي اننا سنعتبر محل الحظ ليس ما يقدمه له محيطة الكوني أو يمتنع عن تقديمه، بل يكون المحل هو الفرد نفسه، الذي لم يكن محظوظاً عندما لم ينشأ في ظروف تمنحه القدرات اللازمة لخوض تجربته الوجودية بقوة.