د. أحمد رزوق على - إلغازيات السرد المخاتل بين الجميلة والعجوز في ألف ليلة وليلة ومطارحات الألم المستحيل في ليالى الهدنة رؤية جمالية

* ما الذى تعنيه اللحظة المتوثبة في عمر الزمان؟ وما ذا عن السرد الذى يمنح كاتبه رخصة لقيادته دون سفور ؟ ثم ماذا عن مخاتلة الرمز، وإلغازيات السرد التنويرى ؟ وهل يمكن انتاجية الألم المستحيل عبر السرد الزاعق المجروح؟ وهل ثمة منهاجية تمذهب النص السردى لتخرج لنا الشخوص، والزمكان، لتندغم الذات في السرد الذى يجسد الحدث والموضوع وكل شىء؟ وماذا عن الكاتبة في السرد؟ أين موقعها؟ وهل نجحت في تعمية المسرود / القارىء / أو جعله يقف كتمثال يسمع بأذنيه ويتلهف معها لجماليات الإحداث ،دون أن تشاركه الحكى، مع إنه – عبرالقراءة – كان مشتركاً حتى الثمالة؟ أم أنها أنانية الراوى العليم في قطف شعلة الضوء ، ورمانة الحقيقة لتلك المتلهفة العاشقة،عبر راوٍ ؛سارد ،واعٍ،وضمائر تتناوب الخطاب الروائى الذى يتناغم في منطوقيات الحكى ليقدم رواية جديدة، قد تفتح الأفق لمسيرة السرد العربى الحداثى ، عبر رواية ليالى الهدنة للكاتبة الباذخة / منى العساسى ،ورائعتها التى استنطقت منا كل هذه الأسئلة – بداية – لنسأل عن السر وراء تغييب الشخصيات، والإكتفاء بصوت الراوى، دون التصريح باسم الأبطال، وكأنها أرادت أن تعمى النص لتخفى جراحها المكلومة عبر أحداث الرواية الرائعة ؟!! .
إن الراوى هنا يتمثل دور أنثى، البطلة ،التى تسرد برهقها حكايات عمر كان، وجراحاً عبر زواج – غير متكافىء – لفتاة في عمر الزهور، وشاب أربعينى ، أو خمسينىنى ؛لتتجسد مساحات الفوارق العاطفية، إلا أنها تنجذب إليه؛ وتطلب حق اللجوء العاطفى ؛ فيتزوجا، لتستمر حياة حالمة، جميلة لديها، تحيلها إلى فراشة تشعر بطعم الحياة، لكن غيوماً تنداح في الأفق لتنته هذه القصة بخروج غريب، بطلاق غير رجعى؛عبر تناقضات نفسية وروحية، ومطارحات للألم عبر السرد السيميائى الحالم المثير، والواقعى، والرومانسى ، والزاعق في الروح كذلك .
إن مطارحات الألم تنطلق منسيميائيات فيزيائية عبر تجسيدها لكيمياء ذلك الحب الأنثوى، وهى -عبر الساردة - تحاول أن تطرح ليال ذات جمالية باهرة، تستنطق فيها لغة القاموس الجمالى الذهبى، ذا المعانى الفضية ، الشيفونية التى تنداح لتكشف عن كاتبة تقبض قاموس اللغة، وجمالياتها، بل وتموسقها لتتراقص الحروف كعصافير مغردة، او يمامات تحط على شواطىء الروح فتتلألأ مروج الضوء على شرفات القلب المحب، قلب الأنثى التى انجذبت لكلمات ذلك الوقور – كما رأته – وربما الشبيه بالظل، الفارس، القدوة، الأب ، لكنه بهرها وخاتلها ليجعلها تدور في فلكه كنحلة تحاول أن تتبختر بين الزهور فإذ به يخطفها، ويشعل جذوتها بخبراتهن وهى قد استمدت منه وجودها، فأصبح للوجود معنى بوجوده،فهى تبحث في العجوز عن الأب الذى اتخذته منه القدوة فمات وغاب، فوجدته ( شبيه البطل الذى تغيأته وطلبته في خيالها ) ، ولقد أغواها بحديثه الشائق، فرأت فيه الوالد الوقور الذى سيحميها من الأيام، ولنتأمل ذلك المقطع لنتحقق من مصداقية رؤيتنا، تقول في الليلة التاسعة والعشرون : (لِنمُتْ غرباء.. لنركب في زورق الحياة الذي يسير بالاتجاه المعاكس منذ فقدت الحياة بوصلتها، سأعبرك، سأمشي على جثتك "جثتي" بخطى ثابتة، أعجنك بأصبع قدمي الأكبر أسفل ذلك الجمر الأحمر الذي يتفجر في بطنك فوق جلدك الأخرس، لتلد"آهًا" جديدة "آهًا" ممزوجة بموت وندم.. ألم عقيم لن تحمل بطنه نشوة أبدًا.. تجمّد، تبلّد، تمزّق، تهرّأ.. سأقتلك في وجعي، في أرق الثانية صباحًا، سأطعمك خيبتي فيك، كلّ ليلة صفعة، لن يحبل سريرك بي مجددًا.
لنقلب الصفحة، أو لنمزقها، أو نلقي بالدفتر كاملًا في سلة القمامة.. لا يهم، فالمدينة الحمراء لم تعد تسعنا معًا، لم تعد تحتمل وجودنا فوق سواد أرصفتها، هذه المرة صفعتك كسرتْ أنفي وأدمت قلبي)..
( من بعيد.. بدأت تحاور عجوز المنام كأنها تراه، وتهمس له بصوت مسموع:
هل تعلم أيها الشيخ أن أسوأ ما بالحب الفقد، أسوأ ما بعد الفقد الحنين؟
قد نملك عقولًا تنسى، لكننا لا نملك قلوبًا تكف عن الشوق، ولا أرواحًا يمكنها الانشطار بعد التوحد.
نظر لها الشيخ الصامت بعينين دامعتين وربَّت على كتفها برفق ولَمْلَمَ ثوبه ورحل، بادرها شعور غامض من وقْع أصابعه على كتفها.. إنها تعرفه جيدًا، تعرف تلك الأنامل وتلك اللمسة الحنون. راحت تتابع خطاه وهو يبتعد، فجأة شعرت بأنه يشبه أباها، نادته مرارًا وتكرارًا حتى بُحَّ صوتها، وما من مجيب سوى صوت طفلها يحاول إيقاظها من هذا الكابوس المرعب).
إنها إذن تماهينا بيالخلط بين الوهم والحقيقة، بين الواقع والمتخيل ، الصورة والظلال عبر الحلم ، فهناك تسرد كلمات،ذات معانٍ ، وتستنطق عالماً ، أسطورة، أو هى تهويمات للذات، واستكمال لمسيرة استنطاق الذات وخوافيها لتقوم بعملية التطهير، عبر الأدب الذاتى الرومانتيكى الجميل الذى يستدعى رؤى وخيالات ليصنع عالماً أسطورياً، ولقد نجحت الكاتبة في تجسيد عالم جميل، لبطلة منكسرة، تصنع أسطورة الواقع ، لا أسطورة الحلم، وتتجلى الأسطورة من كثرة الإنكسارات، وفداحة الصدمة، لكن الراوية تخرج من كل ذلك لتهرب / عبر طلاق بطلة الرواية التى تفر عبر القطار إلى آفاق أكثر جمالاً ،- كما ظنت - لكنها تكتشف أنها تفر من مجهول إلى لا نهائيات الألم ومطارحاته ، فقد فرت وحسبت إن الطلاق النهاية لبداية سعادتها، فإذا هو البداية لتحرشات الآخرين بها، وهى في القطار رأينا ذلك التحرش بها لتبدأ أولى خطوات العذاب، لا السعادة، كما يجىء هنا : (فتحت عينيها بشكل مباغت، إثر شعور مفاجئ لشيء ما يحتك بساقها المجاورة للرجل السمين بالكرسي المجاور، فوجدت صاحب الكرسي يتعمد أن تلمس ساقه ساقها، مما دفعها إلى سحب ساقها سريعًا بعيدًا عنه، موجهة له نظرة حادة مستنكرة تصرفه الغريب، مما دفع الرجل للرد على نظرتها بنبرة حادة وصوت مرتفع، محاولًا تبرير فعله: "أنا آسف يا افندم، مخدتش بالي"، أجابته بصمت واستنكار، وهي لازالت تسدد نظرتها إليه، مما جعله يزيد من احتقانه وغضبه لينفجر بصوت لفت انتباه الجميع: "أنا دكتور يا افندم، مش متحرش!". وضعت سماعات الهدفون في أذنها وحملت حقيبتها، وتركت كرسيها مستبدلة التذكرة مع شاب بالكرسي الأمامي... أخذت نفَسًا عميقًا، وصرخت في نفسها: إنها البداية) !! .
إذن هنا ( مطارحات الألم ) وهو العنوان الضمنى – فيما أحسب – والذى يدلل إلى جزء ،أو كل ،في ليالى الهدنة؛ لكنه عنوان اكتسب جمالياته كذلك من تلك الإقترانية بليالى الهدنة عبر مطارحات الألم ، لتحكى لنا واقعاً يمثل ( ليالٍ معدودة ) أو (عبر ليالٍ تصل إلى : الليلة الرابعة والثلاثون بعد الهدنة ) وهى ليالٍ جسدتها بتكثيفية شديدة ، عبر اقتصاديات لغة تراكمية، وواصفات لسرد ومخيال جميل ، ووائع رومانتيكى تراجيديى مأساوى، ذا شجن لذيذ عبر لغة دافقة / دالة/ مثيرة ، وشهية ، وجميلة ، ودامعة، تشهق أحياناً ، وتزعق في أحايين أخرى ، وتتلون وتكتس بالألم والوجع لتدلل إلى حالة البطلة، والعجوز، أو حالة العزلة التى تستنطق فيها الراوى فيتحدث عن ( الألم الفيزيقى) و ( الألم الوجودى ) و ( الألم الذاتى والنفسى ) عبر مطارحات السرد الغاية في الجمال والرقة، والذى يستنطق الذات لتتواشج معه إلى فيوضات ومخيال يتماهى لينتج سلرداً جميلاً .
ولنا أن نقدم بعض ملحوظات " تنير مسيرة السرد " ، فقد بدأت بالعنوان المثير " ليالى الهدنة .. مطارحات الألم " ، وهو عنوان مأساوى عبر دواله التى يمكن أن تستنطقها ،فالمطارحة تعنى صراعاً وعراكاً قوياً ، وما يستتبعه من ألم وتهشيم للذات / الجسد ، أو الأشياء ، فإذا ما علمنا أن المطارحات هذا للذات التى أعطتها هدنة ، لتحدث أثر الخروج، او الهروب بالذات من عالم القبح والكذب لدى ذلك العجوز/ العاشق الذى أحبته، لتهرب إلى فضاءات أخرى، لكنها تصطدم فوراً بالدوار في ( ليلة فقدت ترتيبها ) فالفقد والوجع والخروج كلها معان لذات منكسرة عبر بوابات الألم، ولذات تحاول الخروج – وقد خرجت بقوة – لتنتصر الذات المأزومة في النهاية على واقعها الآنى، لتقع في حفرة آلام أخرى لمجتمع لا يرحم فها هو الطبيب الذى جلس بجوارها في القطار، يحاول التحرش بها، وكان قبله " النادل " الذى نظر إلى عينيها ليطلب لها قهوة بينما نراه قد تاه في سحرها ، ومشاكستها كذلك .
كما أننا نشير إلى ملحوظة أخرى : إن هذه الرواية بدأت ( بالليلة الثانية بعد الهدنة) فأين الليلة الأولى وماذا حدث بها؟ ثم لماذا اختارت الرقم (34) لعدد الليالى ؟، هل هو عمرها / عمر البطلة / الساردة / الراوية ؟، أم ماذا يمثل الرقم 34 كرمز احالى لفك شيفرات النص؟، أم هو جاء عرضاً لتكتف بسرد واجترار هذه المشاهد لتدلل إلى ملامح حياتها من خلال أربعة وثلاثين ليلة؟ ، وكأنها تذكرنا بحكايات ( ألف ليلة وليلة )، فتحكى لنا حكايات شهرزاد مع شهريار ، وما كان من أمر قصص الحب التى كانت تقصها له لينام فلا يقطع رقبتها كالأخريات فتكتسب حياة ولو لليلة واحدة، لكنها كانت عبر – قوة الإرادة – تريد إرضاخ الملك المبهور بصور الدم ، فتحوله إلى رجل رومانتيكى عاشق بفعل الحب، وهنا عبر انتقالات السرد البديعة، وضمير المخاطب والمتكلم والسارد ، والغائب، بل والحاضر عبر حضور الكاتب ( وليس موت المؤلف ) – على حد قول رولان بارت – أو موت الرواية ، أو موت الناقد فيما بعد – لتندغم الرؤى معاً ، فنقرر بأننا أمام رواية حداثية ، سيميائية، لكاتبة تصنع ( الفتاة الأسطورة) أو ( الجميلة والعجوز ) وما كان بينها – هى – وبينه – من ليال عاشقة، وكأنها – وحدها – كانت تشعر بطعم الحب والسعادة وحدها ، دونه ، بدليل رؤيتها في وجود معان جديدة للأشياء ، فالكل جميل في نظرها، وفى داخلها، ومن حولها ، وهو يغط في شيخوخته وبلادته عنها، يتركها، وينام، أو يماهيها في الحلم واليقظة ، لتغضب في النهاية وتخرج من حياته إلى الأبد .
أن هذه الليالى لو أسقطناها على الواقع فهل نقول انها تمثل الهدنة والنكسة للذات الوطنية أثناء هزيمة 1967م أو فيما سمى بالنكسة؟ وهل هى هزيمة الذات أمام مطارحات الألم؟ أم أنها هزيمة العرب ضد أنفسهم وعجزهم أمام الآخر الكريه الصهيونى ؟ وهى أسئلة نتأولها وقد تكون بعيدة جداً عن التصور، وعن تصور الكاتبة كذلك، لكننا نحاول مخاتلة السرد وايهاماته لنحدث تشاركية للقارىء ليفكر من جديد ، وهذه التشاركية هى التى نشدتها الكاتبة ليخرج الرجل العجوز من بلادة الواقع إلى المستقبل، ولينتصر الحب رغم القسوة، حتى لو كان الإنتصار بالفرار والخروج، كسفر الخروج الأخير ، للهروب إلى المستقبل عبر الفرار من واقع معيش ؟.
أسئلة كثيرة يمكن أن نتأولها أمام جماليات السرد الرائع والذى نتخير منه صورة واحدة لندلل إلى براعة الكاتبة في اللغة والوصف ورسم الجمال السوريالى والرومانتيكى بقلوبنا قبل أن ترسمها على الورق الأبيض الشفاف تقول ، ولنلحظ جمالية الوصف : ( لِنمُتْ غرباء.. لنركب في زورق الحياة الذي يسير بالاتجاه المعاكس منذ فقدت الحياة بوصلتها، سأعبرك، سأمشي على جثتك "جثتي" بخطى ثابتة، أعجنك بأصبع قدمي الأكبر أسفل ذلك الجمر الأحمر الذي يتفجر في بطنك فوق جلدك الأخرس، لتلد"آهًا" جديدة "آهًا" ممزوجة بموت وندم.. ألم عقيم لن تحمل بطنه نشوة أبدًا.. تجمّد، تبلّد، تمزّق، تهرّأ.. سأقتلك في وجعي، في أرق الثانية صباحًا، سأطعمك خيبتي فيك، كلّ ليلة صفعة، لن يحبل سريرك بي مجددًا.
لنقلب الصفحة، أو لنمزقها، أو نلقي بالدفتر كاملًا في سلة القمامة.. لا يهم، فالمدينة الحمراء لم تعد تسعنا معًا، لم تعد تحتمل وجودنا فوق سواد أرصفتها، هذه المرة صفعتك كسرتْ أنفي وأدمت قلبي)..
كما سنترك للقارىء أن يتامل جماليات الوصف، ليكتشف بنفسه مدى عمق وصدق الكاتبة الشاهقة في القبض على تلابيب الحروف، وتطويعها للغة السرد وواصفاته الجمنيلة ، تقول : (بطيئة وثقيلة ليالي الوحدة، لا يقطع الوقتَ فيها موسيقى هادئة، ولا رواياتٌ شائقة، ولا أشخاصٌ جُددٌ، ولا أحداثٌ قوية.. لا تجدي مع أرقها حبوبُ النوم ولا المهدئات، ولا يعدل المزاج فيها حلوى شهية، ولا شكولا، ولا أقراصُنشوة.. أيضًا لا تفلح المدافئ وأنفاس الدخان وفناجيل القهوة وأكواب الشاي ذات النكهة، والشوربة الدافئة، والطعام الدسم في تبديد البرد من أطرافي الزرقاء.
ما بالي أشعر أنك استعمرت خلاياي، توحَّدت مع أشيائي السِّرية!
أصبحت أجدك في زفرة أثر تنهيدة لمست ياقة قميصي أو طرف شالي، في علبة تبغ فارغة تشاركنا نكهتها، في قصاصة ورق كتبت لي عليها جملة ترحيب أو بيت شعر أو عنوان قصيدة، في مرة أمسكت فيها ذراعي وضممته إلى صدرك ذات طريق، في حديث جانبي عن رواية أو كتاب، أو تحليل فيلم سينمائي لـ "ألباتشينو"، في الدفء المنساب من صوت فيروز.
قل لي إذن: كيف أفر منك، كيف أنجو، وطعمك اللاذع طاغٍ جدًّا بأحمر شفاهي؟ كيف أنجو ورائحتك المختلطة بعبق القهوة الممزوج بحبات القرنفل والهال، ورائحة التبغ القوية تخرج من أنفاس زجاجة العطر فأجدك تفوح من أثوابي وكأنها كانت غافية فوق سريرك لأسابيع تشاركك ليالي الأرق؟!
رغم كل هذا التوحُّد فيك، أشعر أن غيابك قاتل، أشعر أن شيئًا ما انتزع مني عنوة بلا مخدر، كاستئصال كلية أو كبد.
ليس هكذا تكون الهدنة، تعلن الهدنة لإيقاف الحرب، وأنت تعلن عليَّ الحرب في كل التفاتة، في كل نظرة في المدى، في كل إيماءة، في كل حوار مع غريب، في كل نظرة لوجه عابر.. أي هدنة تلك وأنا فيك سجينة!
أهمس بنفس متقطع من خلف صقيع الجدران، من مسافة مئات الأميال:
"اشتقتك".. لتموت الحروف على مسافة خطوتين من فمي، تصطك بالجدار، وتستبد بي فأكتب لافتة لأحظى باتصال خاطف:
دقيقة أو دقيقتان مسروقتان من رتابة الأيام. )
وبعد :
لقد تخيرت أضمومة الليلة ال29 وهى من الليالى القمرية الجميلة، والسرد الجمالى الساحر ؛ والتى أفصحت فيها الراوية للبطلة لتطل علينا بسرد عاشق، لفتاة مكلومة تشتاق الى حب لنتطلع إلى لا معقوليات الجمال عبر السرد المدهش، المذهل، المثير ، والضَّاج بكل عطر للجمال اللغوى والتصويرى، والإمتاعى البديع.
إننى أثمن هذه الرواية، وأعدها في مصاف الروايات الرومانتيكية الكبرى، بل هى من أ جمل الروايات التى تستنطق لغة الحب والعشق كسرد يُسَيّر مسيرة السرد، فالحب يصنع الحدث، وينى معمارية الرواية عبر بطلة غائبةن مختفية حتى من الاسم، وغائبة حتى من الحب، تهرب لتجد الهروب الذاتى، وتتنفس لتجد هواء اللامتنفس، فتنهدغم في دوائر السرد والحياة لتغيب في دوامات الحياة الصعبة، الحياة القاسية التى لا ترحم شهقات أنثى تعبر الجمال الكونى لتخاطب المثيولوجيا، وتصنع أسطورة الحبيبة والعجوز، والهروب من مصير الأقدار، ولامهرب من يد الأقدار ، وعصف الرياح العاتية .
تظل رواية ( ليالى الهدنة) للكاتبة المصرية الجميلة/ منى العساسى مثار أسئلة ، وتفتح مساحات للسرد عبر المخيال التثاقفى لتعيدنا إلى رومانتيكية غابت عنا، وإلى واقعية تجذبنا إليها فنهرب منها إلى الحلم لنصطدم بصخرة الواقع على جمالية لغة فتاة ساردة / بطلة / كاتبة تمنح المعنى وجوداً جديداً ، مغايراً ولطيفاً ، ومتجدداً وحداثياً كذلك .

د. / أحمد رزوق على / الجزائر



1607266963946.png

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى