د. عادل الأسطة - الست كورونا : يا فرج!!! (122)

الست كورونا بدأت تفجعنا حقا ، وهذه المرة لم أقرأ عن قتلها تلك القاتلة شخصا لا أعرفه . إنها تفتك بواحد من أفضل طلابي الذين أشرفت عليهم في برنامج الماجستير حلال تدريسي في جامعة النجاح الوطنية . إنه الكاتب والأديب الأستاذ فرج عبد الحسيب المالكي الذي كتب دراسة ممتازة عن عتبة الرواية في الأدب الفلسطيني ، مستفيدا من مادة النقد الأدبي الحديث وما درسه فيها ، في تسعينيات القرن العشرين ، من مواد نظرية عن النص الموازي.
كان فرج متميزا يسنده وعي فكري اكتسبه من انتمائه لفصيل يساري ، وكان ذا روح مرحة وذا دعابة تذكر بروح اميل حبيبي ، ولقد اكتشفت هذا من خلال علاقتي به أولا ومن خلال تحكيمي مسابقة مؤسسة فلسطين للثقافة ، فقد عهد إلي الدكتور أسامة الأشقر أن أحكم الروايات ، ولما قرأتها راقت لي رواية عنوانها " المرياع يرفع العلم الأبيض " ولم أكن أعرف أن فرج هو كاتبها إلا بعد الانتهاء من كتابة التقرير ، وللأسف فإن الرواية التي تذكر بـ "متشائل" اميل حبيبي لم تطبع.
حين عرفت بالخبر شعرت بحزن كبير لم يلم بي مثله منذ انتشار الوباء ، وتساءلت عن سبب إنكار قسم من الناس وجود الفايروس اللعين.
منذ أيام صرت أكثر تسامحا ، وصرت أكرر عبارة " إن نجونا " ويبدو أن العبارة ، مع تمكن الكورونا من فرج ، ستلازمني باستمرار .
كان فرج نشيطا وملتزما ومتمكنا أسلوبا من الكتابة ولكنه لم يتقن النحو إتقانا تاما ، وكان يصارحني بذلك طالبا مني عدم الانزعاج ، وكنت أرد عليه قائلا:
- أنت أكثر طالب ارتاح لكتابته بسبب قوة العبارة ومتانة الأسلوب ، وأما الأخطاء النحوية فأجري قلمي فيها بسهولة ، ولكن عليك أن تحل المشكلة كونك تعلم العربية للطلاب.
كان فرج يبتسم ويعد بتجاوز المشكلة.
"المرياع يرفع العلم الأبيض" وأظن أنه لم ينشرها ليتمكن من السفر إلى الأردن ، فهي رواية تدين حكم النظام الأردني للضفة ، وبطريقة ما تحمله مسؤولية ضياعها.
يا فرج!!!
ها هي الكورونا تتمكن من الروح المرحة وتنتصر على الإرادة ومواجهة الحياة بالضحك.
يا فرج!!
وداعا ، ولا بد من انتفاضة فلسطينية ضد هذا الاحتلال العالمي الجديد.
صباح الخير
٩ كانون الأول ٢٠٢٠



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى