نادوا بحقوق المرأة؛ علا صوت الوأد.
أولا: العنوان
قبل أن نبدأ بمصافحة النص، وجب علينا مصافحة العنوان أولا، لما يمثله العنوان لأي صنف من صنوف الأدب أهمية كبرى ومفتاحًا لفك شيفرة النص واقتحام عوالمه، بل هو نصف النص إن لم يكن كله خاصة في القصة الومضة التي تحتاج إلى عنوان مغرٍ لمتعة القراءة حتى لو كانت الومضة بضع كلمات.
اختارت الكاتبة عنوانًا لومضتها اسم جاهلية والجاهلية اسم نكرة، فهي معممَّة بدلالتها، متعددة في معانيها.
وقد وردت لفظة الجاهلية في المعاجم اللغوية بمعان متعددة، ومن تلك المعاجم معجم المعاني الجامع:
الجاهلية : ما كان عليه العرب قبل الإسلام من الجهالة والضلالة. (فقهية)
الجاهلية: (الفترة ما بين ذهاب عيسى عليه السلام ومبعث محمد صلى الله عليه وسلم. (فقهية)
الجهل: (اسم
صوت غليان القدر
جَهِلَ: (فعل
جهِلَ / جهِلَ بـ يَجهَل ، جَهْلاً وجَهالةً ، فهو جاهِل ، والمفعول مجهول - للمتعدِّي
جهِلَ عليه: تصرَّف معه بحمق
جَهِلْتُ هَذَا الأَمْرَ : مَا عَلِمْتُهُ، كُنْتُ جَاهِلاً بِهِ
جَهِل الحقَّ: أَضاعه
جَهْل: (اسم
جَهْل : مصدر جَهِلَ
جَهَّلَ: (فعل
جهَّلَ يجهِّل ، تجهيلاً ، فهو مجهِّل ، والمفعول مجهَّل
جَهَّلَهُ عَلَى الرَّغْمِ مِنْ عِلْمِهِ : أَوْقَعَهُ فِي الجَهْلِ وفي الحديث: حديث شريف إِنكم لَتُجَهِّلُونَ وتُبَخِّلُونَ وتُجبِّنُونَ /
لَمْ يَكُنْ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يُجَهِّلَهُ : أَنْ يَنْعَتَهُ بِالجَهْلِ
تلك بعض المعاني في مصطلح الجاهلية واشتقاقاته، ومما لا شك فيه أنَّ هذه اللفظة سيئة الذكر بكل ما تحمله الكلمة من معنى؛ لِما تُحْدثه من شرٍّ ونتائج مدمرة على المجتمع بشكل عام وعلى الشخص نفسه بشكلٍ خاص، وكم من جاهل دمَّر نفسه بنفسه، ودمَّر عائلته قبل أن يدمِّر مجتمعه.
جاهلية - بهذا العنوان اختزلت الكاتبة النص ومضمونه ونتائجه.
ثانيًا: المتن
تتكون الومضة من جملتين فعليتين " نادوا – علا " حيث يُعد الشطر الثاني نتيجة للشطر الأول الذي بدأ بالفعل الماضي " نادوا " ونادوا هنا تتكون من فعل لازم وفاعل وهو واو الجماعة، ومدلول الفعل هنا يوحي بالكثرة والصوت الهادئ ... فهم ينادون بحقوق المرأة التي كفلها الإسلام، فكان الجواب في الشطر الثاني دليلا على سخرية هذه المناداة وكذبها، فبدلا من إحقاق الحقوق للمرأة قاموا بوأدها ... والفعل "علا" هنا يوحي لنا بعلو الصوت الذي ارتفع على المناداة الطبيعية المطمئنة الهادئة؛ وهكذا تكون النهاية صادمة.
ثالثًا: المفارقة والدهشة
الترادف حصل بين "نادوا وعلا" ففي الفعلين مفارقة مستوى ارتفاع الصوت ... فنادوا أخفض من العلو ... وهذه مفارقة عجيبة ببراعة الكاتبة في إيجاد هذه المفارقة والدهشة ... ولو حللنا معنى الفعلين المترادفين لوجدنا أنَّ المناداة محببة لطيفة، لكن "علا" تعني الصراخ وما يتبعها من إزعاج بقصد ترهيب الطرف المقصود، وقوة صوتية قمة في النشاز...
إذًا نحن أمام ومضة حيكت بدقة وبراعة، فكانت جديرة بالقراءة وتحليل مضامينها خاصة أنها تمس شريحة تشكل نصف المجتمع هي: الأم والأخت والزوجة والابنة والخالة والعمة والجدة ...
رابعًا: الخاتمة
بلا شك كانت الخاتمة صادمة وفيها نوع من السخرية، مما يجعل الومضة تنطبق على واقعنا المرير الذي نعيشة، وقد استعانت الكاتبة بالعادة الجاهلية في دفن المرأة حية على سبيل الاستعارة، فوأد المرأة لا يقتصر فقط على الدفن في الماضي ... فقد دفنت في الحاضر أيضًا، فالإخوة أكلوا ميراث أخواتهم، وقتل المرأة بقضايا الشرف ما زالت حاضرة وبقوة ... وكثيرًا ما أثبت الطب الشرعي عذرية المرأة وبراءتها بعد مقتلها.
وحتى لو ارتكبت الفاحشة فهناك القانون الذي ضرب به الرجال عرض الحائط، ونفذوا جرائمهم البشعة بحق أقرب الناس إليهم، وخرجوا سالمين بل وأبطالًا أيضّا، هذه هي الجاهلية بعينها والتاريخ يعيد نفسه، لكن بصورة أكثر وحشية، وأكثر رعبا، ومما ساعد على ذلك هشاشة القوانين الجاهلية المتخلفة.
فالقانون هنا ضد المرأة، ويمنح الرجل وسامًا اسمه الدفاع عن الشرف، وكأننا في غابة يأكل فيها القوي الضعيف.
خامسًا: الأسلوب
الومضة رسمت الموقف بكل حنكة وإيجاز، وتغلب المعنى الغزير على الألفاظ المعدودة القليلة التي قيلت بمشاعر غاضبة مستنكرة مما أعطى النص القصير هذا قوة وتأثيرًا كبيرًا وصادمًا لدى المتلقي، كما احتوت جميع عناصر القصة الومضة وتوظيفها بحنكة الحاذق، مما جعلها قصة ومضة ناجحة بامتياز.
أولا: العنوان
قبل أن نبدأ بمصافحة النص، وجب علينا مصافحة العنوان أولا، لما يمثله العنوان لأي صنف من صنوف الأدب أهمية كبرى ومفتاحًا لفك شيفرة النص واقتحام عوالمه، بل هو نصف النص إن لم يكن كله خاصة في القصة الومضة التي تحتاج إلى عنوان مغرٍ لمتعة القراءة حتى لو كانت الومضة بضع كلمات.
اختارت الكاتبة عنوانًا لومضتها اسم جاهلية والجاهلية اسم نكرة، فهي معممَّة بدلالتها، متعددة في معانيها.
وقد وردت لفظة الجاهلية في المعاجم اللغوية بمعان متعددة، ومن تلك المعاجم معجم المعاني الجامع:
الجاهلية : ما كان عليه العرب قبل الإسلام من الجهالة والضلالة. (فقهية)
الجاهلية: (الفترة ما بين ذهاب عيسى عليه السلام ومبعث محمد صلى الله عليه وسلم. (فقهية)
الجهل: (اسم
صوت غليان القدر
جَهِلَ: (فعل
جهِلَ / جهِلَ بـ يَجهَل ، جَهْلاً وجَهالةً ، فهو جاهِل ، والمفعول مجهول - للمتعدِّي
جهِلَ عليه: تصرَّف معه بحمق
جَهِلْتُ هَذَا الأَمْرَ : مَا عَلِمْتُهُ، كُنْتُ جَاهِلاً بِهِ
جَهِل الحقَّ: أَضاعه
جَهْل: (اسم
جَهْل : مصدر جَهِلَ
جَهَّلَ: (فعل
جهَّلَ يجهِّل ، تجهيلاً ، فهو مجهِّل ، والمفعول مجهَّل
جَهَّلَهُ عَلَى الرَّغْمِ مِنْ عِلْمِهِ : أَوْقَعَهُ فِي الجَهْلِ وفي الحديث: حديث شريف إِنكم لَتُجَهِّلُونَ وتُبَخِّلُونَ وتُجبِّنُونَ /
لَمْ يَكُنْ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يُجَهِّلَهُ : أَنْ يَنْعَتَهُ بِالجَهْلِ
تلك بعض المعاني في مصطلح الجاهلية واشتقاقاته، ومما لا شك فيه أنَّ هذه اللفظة سيئة الذكر بكل ما تحمله الكلمة من معنى؛ لِما تُحْدثه من شرٍّ ونتائج مدمرة على المجتمع بشكل عام وعلى الشخص نفسه بشكلٍ خاص، وكم من جاهل دمَّر نفسه بنفسه، ودمَّر عائلته قبل أن يدمِّر مجتمعه.
جاهلية - بهذا العنوان اختزلت الكاتبة النص ومضمونه ونتائجه.
ثانيًا: المتن
تتكون الومضة من جملتين فعليتين " نادوا – علا " حيث يُعد الشطر الثاني نتيجة للشطر الأول الذي بدأ بالفعل الماضي " نادوا " ونادوا هنا تتكون من فعل لازم وفاعل وهو واو الجماعة، ومدلول الفعل هنا يوحي بالكثرة والصوت الهادئ ... فهم ينادون بحقوق المرأة التي كفلها الإسلام، فكان الجواب في الشطر الثاني دليلا على سخرية هذه المناداة وكذبها، فبدلا من إحقاق الحقوق للمرأة قاموا بوأدها ... والفعل "علا" هنا يوحي لنا بعلو الصوت الذي ارتفع على المناداة الطبيعية المطمئنة الهادئة؛ وهكذا تكون النهاية صادمة.
ثالثًا: المفارقة والدهشة
الترادف حصل بين "نادوا وعلا" ففي الفعلين مفارقة مستوى ارتفاع الصوت ... فنادوا أخفض من العلو ... وهذه مفارقة عجيبة ببراعة الكاتبة في إيجاد هذه المفارقة والدهشة ... ولو حللنا معنى الفعلين المترادفين لوجدنا أنَّ المناداة محببة لطيفة، لكن "علا" تعني الصراخ وما يتبعها من إزعاج بقصد ترهيب الطرف المقصود، وقوة صوتية قمة في النشاز...
إذًا نحن أمام ومضة حيكت بدقة وبراعة، فكانت جديرة بالقراءة وتحليل مضامينها خاصة أنها تمس شريحة تشكل نصف المجتمع هي: الأم والأخت والزوجة والابنة والخالة والعمة والجدة ...
رابعًا: الخاتمة
بلا شك كانت الخاتمة صادمة وفيها نوع من السخرية، مما يجعل الومضة تنطبق على واقعنا المرير الذي نعيشة، وقد استعانت الكاتبة بالعادة الجاهلية في دفن المرأة حية على سبيل الاستعارة، فوأد المرأة لا يقتصر فقط على الدفن في الماضي ... فقد دفنت في الحاضر أيضًا، فالإخوة أكلوا ميراث أخواتهم، وقتل المرأة بقضايا الشرف ما زالت حاضرة وبقوة ... وكثيرًا ما أثبت الطب الشرعي عذرية المرأة وبراءتها بعد مقتلها.
وحتى لو ارتكبت الفاحشة فهناك القانون الذي ضرب به الرجال عرض الحائط، ونفذوا جرائمهم البشعة بحق أقرب الناس إليهم، وخرجوا سالمين بل وأبطالًا أيضّا، هذه هي الجاهلية بعينها والتاريخ يعيد نفسه، لكن بصورة أكثر وحشية، وأكثر رعبا، ومما ساعد على ذلك هشاشة القوانين الجاهلية المتخلفة.
فالقانون هنا ضد المرأة، ويمنح الرجل وسامًا اسمه الدفاع عن الشرف، وكأننا في غابة يأكل فيها القوي الضعيف.
خامسًا: الأسلوب
الومضة رسمت الموقف بكل حنكة وإيجاز، وتغلب المعنى الغزير على الألفاظ المعدودة القليلة التي قيلت بمشاعر غاضبة مستنكرة مما أعطى النص القصير هذا قوة وتأثيرًا كبيرًا وصادمًا لدى المتلقي، كما احتوت جميع عناصر القصة الومضة وتوظيفها بحنكة الحاذق، مما جعلها قصة ومضة ناجحة بامتياز.