(15)
*راحيل تسرق آلهة أبيها!!
وافق يعقوب على تغيير مكان اللقاء إلى ما هو أقرب منه . اخترت الهضبة التي شهدت الكثير من أيام طفولتي ونسميها " بطين البيدر" كان الطقس مقبولا ولا ينذر بأمطار ، بعد أن هطلت أمطار غزيرة لما يقرب من ثلاثة أيام . وكانت أعشاب كثيرة قد بدأت تنمو على السفوح لتكسوها باللون الأخضر . لم تحضر سارة هذا اللقاء مما جعله دون حيوية كان يبعثها وجودها !
شرعت في إكمال قراءة وتحليل الفصل الحادي والثلاثين من سفر التكوين ليعقوب.
19 وأما لابان فكان قد مضى ليجز غنمه، فسرقت راحيل أصنام أبيها !
واضح أن راحيل ما تزال متعلقة بعبادة الأصنام ولم تتبع عبادة يهوه ، وإلا ما حاجتها إلى الأصنام .. وواضح أيضا أن لابان لم يكن يتبع عبادة يهوه .
20 وخدع يعقوب قلب لابان الأرامي إذ لم يخبره بأنه هارب
21 فهرب هو وكل ما كان له، وقام وعبر النهر وجعل وجهه نحو جبل جلعاد
22 فأخبر لابان في اليوم الثالث بأن يعقوب قد هرب
23 فأخذ إخوته معه وسعى وراءه مسيرة سبعة أيام، فأدركه في جبل جلعاد
يظهر يهوه للابان في الليل ويحذره من الإساءة ليعقوب . وحين يجتمعان لا يتطرق لابان إلا إلى عدم تمكنه من توديع ابنتيه وأحفاده وسرقة آلهته . يتعذر يعقوب بتخوفه من أن يقوم لابان بالإبقاء على ابنتيه ويعلن له أنه لن يدع من يجد الأصنام لديه يعيش، فهو لم يكن يعرف أن راحيل قامت بسرقة الآلهة ! وحين أدركت راحيل أن أباها سيقوم بالبحث عن الأصنام وضعتها في خرج جمل وجلست عليها متذرعة بالدورة الشهرية وعدم قدرتها على النهوض. فتش أبوها الخباء ولم يعثر على الآلهة :
24 وأتى الله إلى لابان الأرامي في حلم الليل وقال له: احترز من أن تكلم يعقوب بخير أو شر
لم تعد مخاطبة لابان كخال ليعقوب بعد كل ما فعله معه ، بل كآرامي غريب بعد أن كان من العائلة المقدسة !
25 فلحق لابان يعقوب، ويعقوب قد ضرب خيمته في الجبل. فضرب لابان مع إخوته في جبل جلعاد
26 وقال لابان ليعقوب: ماذا فعلت، وقد خدعت قلبي، وسقت بناتي كسبايا السيف
27 لماذا هربت خفية وخدعتني ولم تخبرني حتى أشيعك بالفرح والأغاني، بالدف والعود
28 ولم تدعني أقبل بني وبناتي ؟ الآن بغباوة فعلت
29 في قدرة يدي أن أصنع بكم شرا، ولكن إله أبيكم كلمني البارحة قائلا: احترز من أن تكلم يعقوب بخير أو شر
غريب أن يظهر يهوه أيضا لرجل لا يعبده بل يعبد آلهة أخرى ، ويبدو أن يهوه عرّف نفسه ، وإلا كيف عرف لابان أنه إله اسحق !
30 والآن أنت ذهبت لأنك قد اشتقت إلى بيت أبيك، ولكن لماذا سرقت آلهتي
31 فأجاب يعقوب وقال للابان: إني خفت لأني قلت لعلك تغتصب ابنتيك مني
32 الذي تجد آلهتك معه لا يعيش. قدام إخوتنا انظر ماذا معي وخذه لنفسك. ولم يكن يعقوب يعلم أن راحيل سرقتها
33 فدخل لابان خباء يعقوب وخباء ليئة وخباء الجاريتين ولم يجد. وخرج من خباء ليئة ودخل خباء راحيل
34 وكانت راحيل قد أخذت الأصنام ووضعتها في حداجة الجمل وجلست عليها. فجس لابان كل الخباء ولم يجد
35 وقالت لأبيها: لا يغتظ سيدي أني لا أستطيع أن أقوم أمامك لأن علي عادة النساء. ففتش ولم يجد الأصنام
36 فاغتاظ يعقوب وخاصم لابان. وأجاب يعقوب وقال للابان: ما جرمي ؟ ما خطيتي حتى حميت ورائي
37 إنك جسست جميع أثاثي . ماذا وجدت من جميع أثاث بيتك ؟ ضعه ههنا قدام إخوتي وإخوتك، فلينصفوا بيننا الاثنين
38 الآن عشرين سنة أنا معك. نعاجك وعنازك لم تسقط، وكباش غنمك لم آكل
39 فريسة لم أحضر إليك . أنا كنت أخسرها. من يدي كنت تطلبها. مسروقة النهار أو مسروقة الليل
يقصد أن لابان كان يطالبه بتعويض أية أغنام تسرق!
40 كنت في النهار يأكلني الحر وفي الليل الجليد، وطار نومي من عيني
41 الآن لي عشرون سنة في بيتك. خدمتك أربع عشرة سنة بابنتيك، وست سنين بغنمك. وقد غيرت أجرتي عشر مرات
كم هو ظالم هذا الخال !
42 لولا أن إله أبي إله إبراهيم وهيبة إسحاق كان معي، لكنت الآن قد صرفتني فارغا. مشقتي وتعب يدي قد نظر الله، فوبخك البارحة
43 فأجاب لابان وقال ليعقوب: البنات بناتي، والبنون بني، والغنم غنمي، وكل ما أنت ترى فهو لي. فبناتي ماذا أصنع بهن اليوم أو بأولادهن الذين ولدن
يطمح لابان في الإستيلاء على كل شيء !
44 فالآن هلم نقطع عهدا أنا وأنت، فيكون شاهدا بيني وبينك
45 فأخذ يعقوب حجرا وأوقفه عمودا
46 وقال يعقوب لإخوته: التقطوا حجارة. فأخذوا حجارة وعملوا رجمة وأكلوا هناك على الرجمة
أي أخوة ومن أين جاءوا؟
وأشهدا الآلهة على عهدهما :
53 إله إبراهيم وآلهة ناحور، آلهة أبيهما، يقضون بيننا. وحلف يعقوب بهيبة أبيه إسحاق
الإشارة لاختلاف الآلهة لم ترد من قبل . وهذا يعني أن ناحور وهاران لم يهاجرا مع ابراهيم لأنهما لم يتركا عبادة آلهتهما ..
54 وذبح يعقوب ذبيحة في الجبل ودعا إخوته ليأكلوا طعاما، فأكلوا طعاما وباتوا في الجبل
55 ثم بكر لابان صباحا وقبل بنيه وبناته وباركهم ومضى. ورجع لابان إلى مكانه
*******
يبدو من النص أن ثمة أخذ بمواقف الآلهة . فلابان يأخذ بتحذير يهوه له من التعرض ليعقوب بسوء ، فلو لم يكن له مكانة لديه لما أخذ بتحذيره ،وربما استنجد بآلهته ،ولربما نشب صراع بين آلهة ناحور ويهوه وليس بين الأخوين فحسب .
أما الطريف في الأمر أن الآلهة لا تستطيع أن تخبر عن مكان وجودها، وراحيل تجلس عليها في خرج الجمل . وهكذا يعود لابان دون آلهة ودون أصنام . ولا نعرف ما إذا كان عبدة الأصنام في حينه ينظرون إلى الأصنام كرموز للآلهة ، أم أنها الآلهة نفسها ! أوأنه لا يوجد تفريق بين الإله ورمزه !
******
في الفصل الثاني والثلاثين يا يعقوب ، يتابع يعقوب رحلته ، لتظهر له الملائكة في الطريق دون أن نعرف لماذا ظهرت ، ونكتشف أنه عبر نهر الأردن بعصا ! وأرسل رسلا لاستطلاع الطريق أمامه وإخبار أخيه عيسو عن قدومه. عاد الرسل ليخبروه أن أخاه عيسو قادم للقائه مع أربعمائة رجل . تخوف يعقوب من الأمر وقام بقسم كل ما معه إلى قسمين، حتى إذا أراد عيسو أن يسطو يستولي على أحدهما فقط ، وراح يتضرع إلى يهوه ليقف معه ويحميه من أخيه :
1 وأما يعقوب فمضى في طريقه ولاقاه ملائكة الله
2 وقال يعقوب إذ رآهم : هذا جيش الله. فدعا اسم ذلك المكان محنايم
3 وأرسل يعقوب رسلا قدامه إلى عيسو أخيه إلى أرض سعير بلاد أدوم
4 وأمرهم قائلا: هكذا تقولون لسيدي عيسو: هكذا قال عبدك يعقوب: تغربت عند لابان ولبثت إلى الآن
لماذا كل هذا الخوف من عيسو إلى حد التعامل كإله !
5 وقد صار لي بقر وحمير وغنم وعبيد وإماء. وأرسلت لأخبر سيدي لكي أجد نعمة في عينيك
6 فرجع الرسل إلى يعقوب قائلين: أتينا إلى أخيك، إلى عيسو، وهو أيضا قادم للقائك ، وأربع مئة رجل معه
7 فخاف يعقوب جدا وضاق به الأمر، فقسم القوم الذين معه والغنم والبقر والجمال إلى جيشين
8 وقال: إن جاء عيسو إلى الجيش الواحد وضربه، يكون الجيش الباقي ناجيا
9 وقال يعقوب: يا إله أبي إبراهيم وإله أبي إسحاق، الرب الذي قال لي: ارجع إلى أرضك وإلى عشيرتك فأحسن إليك
10 صغير أنا عن جميع ألطافك وجميع الأمانة التي صنعت إلى عبدك. فإني بعصاي عبرت هذا الأردن، والآن قد صرت جيشين
11 نجني من يد أخي، من يد عيسو، لأني خائف منه أن يأتي ويضربني الأم مع البنين
وقام يعقوب بانتقاء كم هائل من المواشي والأغنام وأرسله مع العبيد إلى أخيه عيسو:
13 وبات هناك تلك الليلة وأخذ مما أتى بيده هدية لعيسو أخيه
14 مئتي عنز وعشرين تيسا، مئتي نعجة وعشرين كبشا
15 ثلاثين ناقة مرضعة وأولادها، أربعين بقرة وعشرة ثيران، عشرين أتانا وعشرة حمير
16 ودفعها إلى يد عبيده قطيعا قطيعا على حدة. وقال لعبيده: اجتازوا قدامي واجعلوا فسحة بين قطيع وقطيع
17 وأمر الأول قائلا: إذا صادفك عيسو أخي وسألك قائلا: لمن أنت ؟ وإلى أين تذهب ؟ ولمن هذا الذي قدامك
18 تقول: لعبدك يعقوب . هو هدية مرسلة لسيدي عيسو، وها هو أيضا وراءنا
19 وأمر أيضا الثانى والثالث وجميع السائرين وراء القطعان قائلا: بمثل هذا الكلام تكلمون عيسو حينما تجدونه
20 وتقولون: هوذا عبدك يعقوب أيضا وراءنا. لأنه قال: أستعطف وجهه بالهدية السائرة أمامي ، وبعد ذلك أنظر وجهه، عسى أن يرفع وجهي
جيد ان يعقوب كان يملك كل هذا الثمن لإرضاء أخيه !
21 فاجتازت الهدية قدامه، وأما هو فبات تلك الليلة في المحلة
هذا المبيت ليعقوب بعد أن أرسل اسرته إلى مكان آمن :
22 ثم قام في تلك الليلة وأخذ امرأتيه وجاريتيه وأولاده الأحد عشر وعبر مخاضة يبوق
23 أخذهم وأجازهم الوادي، وأجاز ما كان له
* يهوة يصارع يعقوب!
يبدو أن يعقوب عاد ليبيت في المحلة ، حيث حدث ما لا يتوقعه أحد . فقد شاء يهوه أن ينزل من علياء سمائه ليصارع يعقوب تلك الليلة . فيهوه كما يبدو يهوى المصارعة ، فكيف ليعقوب الإنسان أن يصارع إلها ؟ ثم هل الوقت وقت مصارعة ؟ هذا المؤلف يوظف يهوه كما يشاء!
24 فبقي يعقوب وحده، وصارعه إنسان حتى طلوع الفجر
واضح أن يهوه نزل مجسدا في جسد انساني إن لم يكن هو انسان كما مرمعنا في مشاهد أخرى ، لكن يبدو انه كإنسان إله قادر على التجسد في أشياء أخرى غير انسانية :
25 ولما رأى أنه لا يقدر عليه، ضرب حق فخذه، فانخلع حق فخذ يعقوب في مصارعته معه
لا نعرف ما هي الغاية من هذه المصارعة التي أرادها المؤلف، ولا نعرف كيف لا يستطيع يهوه الإنتصار على يعقوب ، وأنه في حاجة إلى كسر حق فخذه لينتصر عليه ؟ّ! هل يعقل هذا ؟ إله الكون القادرعلى كل شيء يعجز أمام يعقوب ! سبق وأن قلنا في نص سابق أن للأسطورة منطقها أيضا ، أما اسطورة مصارعة يهوه ليعقوب فلا تخضع لأي منطق ، ولذلك يتجاهل النص القرآني معظم هذه التفاصيل في النصوص التوراتية . لأنه ليس في مقدور العقل أن يتقبلها . عدا أن النصوص القرآنية لم تظهر الله في أي منها على الإطلاق ، وأبقت عليه في مكانة سامية عن البشر والوجود، ونزهته إلى أبعد حدود المطلق . وجعلت من ملاك ( جبريل ) وسيطا .. وهذا الأمر يشير إلى تطورالعقل العربي وتطور مفهوم الألوهة ليبلغ أقصى مدى له . وليس من اليسير على أي عقل بعد ذلك أن يأتي بمفهوم أرقى للوجود الإلهي . لذلك توقف ظهور الآلهة والأديان ولو في منطقتنا. ولم يجد ابن عربي كأكبر مفكر اسلامي إلا أن يعتبرالله حقيقة سارية في الكون من أعلاه إلى أدناه حين أراد تعريفه . ولم نجد نحن بدورنا، إلا أن نعرف الحقيقة التي أشار إليها ابن عربي، بأنها الطاقة . الطاقة ولا شيء غير ذلك .
26 وقال: أطلقني، لأنه قد طلع الفجر. فقال: لا أطلقك إن لم تباركني .
وماذا يعني طلوع الفجر ؟ هل يخاف يهوة طلوع الفجر أم أن لديه موعدا ما ؟! ثم إنه كإله ، كان في مقدوره أن يؤخر طلوع الفجر . هذه المعجزات لا يقدرعليها إلا الإله الإسلامي . فالعقل الإسلامي عرف كيف يوظف الأسطورة في معظم الأحيان أو بعضها على الأقل .
وكيف يطلب يعقوب من انسان أن يباركه ،طالما لا يوجد ما يشير إلى أنه عرف أن من يصارعه هو يهوه شخصيا ؟!
27 فقال له: ما اسمك ؟ فقال: يعقوب
عجيب ! ويهوه لا يعرف أن من يصارعه هو يعقوب فيسأله عن اسمه !
28 فقال: لا يدعى اسمك في ما بعد يعقوب بل إسرائيل، لأنك جاهدت مع الله والناس وقدرت
( اسر- إيل ) أي أسير إيل . أو عبد الإله ايل . أو عبد الله . وثمة من يفسرونها جندي الله أو الذي أسر الله . لكن الأصح هو عبد الله حسب رأينا .
29 وسأل يعقوب وقال: أخبرني باسمك. فقال: لماذا تسأل عن اسمي ؟ وباركه هناك
لا يريد يهوه أن يعرفه عبده يعقوب مع أنه طلب مباركته فباركه !
30 فدعا يعقوب اسم المكان فنيئيل ( وجه الله ) قائلا: لأني نظرت الله وجها لوجه، ونجيت نفسي
من أين جاءت هذه المعرفة أنه كان يصارع الله ؟!
31 وأشرقت له الشمس إذ عبر فنوئيل وهو يخمع على فخذه
32 لذلك لا يأكل بنو إسرائيل عرق النسا الذي على حق الفخذ إلى هذا اليوم، لأنه ضرب حق فخذ يعقوب على عرق النسا
وهل هذا الكلام صحيح . أنا شخصيا لا أعرف ، وإن كان يفترض أن العرق في اللحم لا يؤكل أينما كان !
***
* بنو اسرائيل يقتلون رجال شكيم ويسبون نساءها وينهبون مواشيها!
* رأوبين يضاجع بلهة أم أخويه دان ونفتالي !
في الفصل ( 33) يا يعقوب، يلتقي الأخوان عيسو ويعقوب ويتصالحان ، لكن بعد أن سجد يعقوب لعيسو سبع مرات ، وسجد له جميع أبنائه ونسائه وجواريه وبالتأكيد عبيده . وهذا أمر مخالف لنبوءة اسحق ،ولو إلى حين !
لم يقم يعقوب في الأرض التي يقيم فيها عيسو .. فقد ذهب ليقيم في أرض اشتراها في شكيم . يفترض أنها نابلس .
* يعقوب وكل من معه يسجدون لعيسو وكأنه إله !
1 ورفع يعقوب عينيه ونظر وإذا عيسو مقبل ومعه أربع مئة رجل، فقسم الأولاد على ليئة وعلى راحيل وعلى الجاريتين
2 ووضع الجاريتين وأولادهما أولا، وليئة وأولادها وراءهم، وراحيل ويوسف أخيرا
3 وأما هو فاجتاز قدامهم وسجد إلى الأرض سبع مرات حتى اقترب إلى أخي
6 فاقتربت الجاريتان هما وأولادهما وسجدتا له
7 ثم اقتربت ليئة أيضا وأولادها وسجدوا. وبعد ذلك اقترب يوسف وراحيل وسجدا
4 فركض عيسو للقائه وعانقه ووقع على عنقه وقبله، وبكيا
5 ثم رفع عينيه وأبصر النساء والأولاد وقال: ما هؤلاء منك ؟ فقال: الأولاد الذين أنعم الله بهم على عبدك
6 فاقتربت الجاريتان هما وأولادهما وسجدتا
7 ثم اقتربت ليئة أيضا وأولادها وسجدوا. وبعد ذلك اقترب يوسف وراحيل وسجدا
وكأنه مثول أمام الله نفسه ! ولا نعرف لماذا لم يغضب يهوة على هذا السلوك المهين له ، إذ يبدو أن عيسو سينافسه على الألوهة .
8 فقال: ماذا منك كل هذا الجيش الذي صادفته ؟ فقال: لأجد نعمة في عيني سيدي
9 فقال عيسو: لي كثير ، يا أخي. ليكن لك الذي لك
10 فقال يعقوب: لا. إن وجدت نعمة في عينيك تأخذ هديتي من يدي، لأني رأيت وجهك كما يرى وجه الله، فرضيت علي
صار وجه عيسو يماثل وجه الله !
11 خذ بركتي التي أتي بها إليك، لأن الله قد أنعم علي ولي كل شيء. وألح عليه فأخذ
12 ثم قال: لنرحل ونذهب، وأذهب أنا قدامك
13 فقال له: سيدي عالم أن الأولاد رخصة، والغنم والبقر التي عندي مرضعة، فإن استكدوها يوما واحدا ماتت كل الغنم
14 ليجتز سيدي قدام عبده، وأنا أستاق على مهلي في إثر الأملاك التي قدامي، وفي إثر الأولاد، حتى أجيء إلى سيدي إلى سعير
15 فقال عيسو: أترك عندك من القوم الذين معي. فقال: لماذا ؟ دعني أجد نعمة في عيني سيدي
16 فرجع عيسو ذلك اليوم في طريقه إلى سعير
17 وأما يعقوب فارتحل إلى سكوت، وبنى لنفسه بيتا، وصنع لمواشيه مظلات. لذلك دعا اسم المكان سكوت
18 ثم أتى يعقوب سالما إلى مدينة شكيم التي في أرض كنعان، حين جاء من فدان أرام. ونزل أمام المدينة
19 وابتاع قطعة الحقل التي نصب فيها خيمته من يد بني حمور أبي شكيم بمئة قسيطة
20 وأقام هناك مذبحا ودعاه إيل إله إسرائيل
******
*بنو اسرائيل يفتكون برجال شكيم ( نابلس) ويسبون نساءهم ومواشيهم !
* المكر في الزمن القديم لا يختلف عن المكر في زمن اوسلو الحديث!
في الفصل الرابع والثلاثين يا يعقوب يرتكب بنو اسرائيل أول مجزرة كبيرة بحق الفلسطينيين . إذ لم تجر الأمور على ما يرام حين تعرض شكيم لدينة ابنة يعقوب وضاجعها :
1 وخرجت دينة ابنة ليئة التي ولدتها ليعقوب لتنظر بنات الأرض
2 فرآها شكيم ابن حمورالحوي رئيس الأرض، وأخذها واضطجع معها وأذلها
غير أن كتبة التوراة يقولون عكس ذلك في السطر اللاحق مما يشيرإلى أنه ضاجع الفتاة برضاها ولم يذلها أو يغتصبها كما أنه كلم أباه ليتخذها زوجة له :
3 وتعلقت نفسه بدينة ابنة يعقوب، وأحب الفتاة ولاطف الفتاة
4 فكلم شكيم حمور أباه قائلا: خذ لي هذه الصبية زوجة
6 فخرج حمور أبو شكيم إلى يعقوب ليتكلم معه
7 وأتى بنو يعقوب من الحقل حين سمعوا. وغضب الرجال واغتاظوا جدا لأنه صنع قباحة في إسرائيل بمضاجعة ابنة يعقوب، وهكذا لا يصنع
8 وتكلم حمور معهم قائلا: شكيم ابني قد تعلقت نفسه بابنتكم. أعطوه إياها زوجة
9 وصاهرونا. تعطوننا بناتكم، وتأخذون لكم بناتنا
يلاحظ أن الكنعانيين وشعوب المنطقة كلها . لم تكن تمانع من زواج بناتها من العبرانيين أو من بني اسرائيل تحديدا . ونادرا ما يذكر أن كنعانيا تزوج من عبرانية . فنحن هنا أمام حالة شبه استثنائية .
10 وتسكنون معنا، وتكون الأرض قدامكم. اسكنوا واتجروا فيها وتملكوا بها
11 ثم قال شكيم لأبيها ولإخوتها: دعوني أجد نعمة في أعينكم. فالذي تقولون لي أعطي
12 كثروا علي جدا مهرا وعطية، فأعطي كما تقولون لي. وأعطوني الفتاة زوجة
لم يذكر أي مهر لكنعانية تزوجت من عبراني . هنا نجد العكس أن الكنعاني سيدفع أي مهر يطلبون . ويا ليت الأمر نفع . لقد كان الثمن فظيعا !
لم يختلف نبل وكرم حمور عن نبل وكرم أبيمالك من قبل . فلم يترك شيئا إلا وقدمه .السكن والإقامة والمتاجرة والتملك والمصاهرة . أي أن يتحولوا إلى أسرة واحدة .
13 فأجاب بنو يعقوب شكيم وحمور أباه بمكر وتكلموا. لأنه كان قد نجس دينة أختهم
المكر ضرورة عند هؤلاء القوم ! كما هو المكر الحديث في اتفاقية أو سلو !!
14 فقالوا لهما: لا نستطيع أن نفعل هذا الأمر أن نعطي أختنا لرجل أغلف، لأنه عار لنا
يا لطيف شو هالعار الفظيع. أغلف ! ( غير مختون )؟!
15 غير أننا بهذا نواتيكم: إن صرتم مثلنا بختنكم كل ذكر
جيد أن اوسلوا لم تشترط شرطا من هذا النوع كأن يختتن الفلسطينيون غير المختونين ، كالمسيحيين مثلا !
16 نعطيكم بناتنا ونأخذ لنا بناتكم، ونسكن معكم ونصير شعبا واحدا
17 وإن لم تسمعوا لنا، أن تختتنوا، نأخذ ابنتنا ونمضي
18 فحسن كلامهم في عيني حمور وفي عيني شكيم بن حمور
أيها الحمقى !
19 ولم يتأخر الغلام أن يفعل الأمر، لأنه كان مسرورا بابنة يعقوب. وكان أكرم جميع بيت أبيه
20 فأتى حمور وشكيم ابنه إلى باب مدينتهما، وكلما أهل مدينتهما قائلين
21 هؤلاء القوم مسالمون لنا. فليسكنوا في الأرض ويتجروا فيها. وهوذا الأرض واسعة الطرفين أمامهم. نأخذ لنا بناتهم زوجات ونعطيهم بناتنا
مسالمون ؟ طيبة فوق العادة ، وكان الثمن غاليا وفظيعا !
22 غير أنه بهذا فقط يواتينا القوم على السكن معنا لنصير شعبا واحدا: بختننا كل ذكر كما هم مختونون
24 فسمع لحمور وشكيم ابنه جميع الخارجين من باب المدينة، واختتن كل ذكر. كل الخارجين من باب المدينة
وهكذا اختتن جميع ذكور شكيم من الطفل إلى الشيخ اذعانا للمشيئة الإسرائلية فماذا جرى بعد ذلك ؟
25 فحدث في اليوم الثالث إذ كانوا متوجعين أن ابني يعقوب، شمعون ولاوي أخوي دينة، أخذا كل واحد سيفه وأتيا على المدينة بأمن وقتلا كل ذكر
26 وقتلا حمور وشكيم ابنه بحد السيف، وأخذا دينة من بيت شكيم وخرجا
27 ثم أتى بنو يعقوب على القتلى ونهبوا المدينة، لأنهم نجسوا أختهم
( أتى بنو يعقوب على القتلى ) أي أجهزوا عليهم وهم قتلى ، فقد يكون رمق حياة في أحدهم . ونهبوا المدينة وسبوا النساء والأطفال .أي ثمن باهظ دفعه أهل شكيم مقابل حسن نواياهم ، أو حماقتهم ! ونأمل أن لا ننتهي في عصر اوسلو إلى هذا الوضع الفظيع !
28 غنمهم وبقرهم وحميرهم وكل ما في المدينة وما في الحقل أخذوه
29 وسبوا ونهبوا كل ثروتهم وكل أطفالهم، ونساءهم وكل ما في البيوت
30 فقال يعقوب لشمعون ولاوي: كدرتماني بتكريهكما إياي عند سكان الأرض الكنعانيين والفرزيين، وأنا نفر قليل. فيجتمعون علي ويضربونني، فأبيد أنا وبيتي
تخوف يعقوب في محله مع أنه لم يمنع أبناءه عن فظاعة انتقامهم .
31 فقالا: أنظير زانية يفعل بأختنا
يقصدان ابن عاهرة !
يقول القمص تادرس يعقوب في تفسيره لما جرى :
"إنها بلا شك جريمة وحشية أزعجت نفس يعقوب وكدرته، إذ خاف لئلا تجتمع الأمم المجاورة معًا وتنتقم لأهل شكيم، خاصة وأنه غريب ويمثل نفرًا قليلًا.
إن كان يعقوب قد ألقى اللوم على ابنيه لمكرهما، ففي الواقع إنما يشرب من ذات الكأس التي مزجها، لقد سبق فاستخدم مكره في اغتصاب البركة من أبيه، فصارت حياته سلسلة لا تنقطع من المرارة بسبب مكر الآخرين وغدرهم به، حتى وإن كان هؤلاء الآخرون هم أبناءه. تصرف يعقوب بمكر فغدر به لابان عشر مرات، والآن يتكدر بسبب مكر ابنيه، ويبقى يعقوب حتى الشيخوخة يحصد ما زرعه.
القمص يضع اللوم على يعقوب ويبدو شامتا فيه أيضا !
******
*راحيل تسرق آلهة أبيها!!
وافق يعقوب على تغيير مكان اللقاء إلى ما هو أقرب منه . اخترت الهضبة التي شهدت الكثير من أيام طفولتي ونسميها " بطين البيدر" كان الطقس مقبولا ولا ينذر بأمطار ، بعد أن هطلت أمطار غزيرة لما يقرب من ثلاثة أيام . وكانت أعشاب كثيرة قد بدأت تنمو على السفوح لتكسوها باللون الأخضر . لم تحضر سارة هذا اللقاء مما جعله دون حيوية كان يبعثها وجودها !
شرعت في إكمال قراءة وتحليل الفصل الحادي والثلاثين من سفر التكوين ليعقوب.
19 وأما لابان فكان قد مضى ليجز غنمه، فسرقت راحيل أصنام أبيها !
واضح أن راحيل ما تزال متعلقة بعبادة الأصنام ولم تتبع عبادة يهوه ، وإلا ما حاجتها إلى الأصنام .. وواضح أيضا أن لابان لم يكن يتبع عبادة يهوه .
20 وخدع يعقوب قلب لابان الأرامي إذ لم يخبره بأنه هارب
21 فهرب هو وكل ما كان له، وقام وعبر النهر وجعل وجهه نحو جبل جلعاد
22 فأخبر لابان في اليوم الثالث بأن يعقوب قد هرب
23 فأخذ إخوته معه وسعى وراءه مسيرة سبعة أيام، فأدركه في جبل جلعاد
يظهر يهوه للابان في الليل ويحذره من الإساءة ليعقوب . وحين يجتمعان لا يتطرق لابان إلا إلى عدم تمكنه من توديع ابنتيه وأحفاده وسرقة آلهته . يتعذر يعقوب بتخوفه من أن يقوم لابان بالإبقاء على ابنتيه ويعلن له أنه لن يدع من يجد الأصنام لديه يعيش، فهو لم يكن يعرف أن راحيل قامت بسرقة الآلهة ! وحين أدركت راحيل أن أباها سيقوم بالبحث عن الأصنام وضعتها في خرج جمل وجلست عليها متذرعة بالدورة الشهرية وعدم قدرتها على النهوض. فتش أبوها الخباء ولم يعثر على الآلهة :
24 وأتى الله إلى لابان الأرامي في حلم الليل وقال له: احترز من أن تكلم يعقوب بخير أو شر
لم تعد مخاطبة لابان كخال ليعقوب بعد كل ما فعله معه ، بل كآرامي غريب بعد أن كان من العائلة المقدسة !
25 فلحق لابان يعقوب، ويعقوب قد ضرب خيمته في الجبل. فضرب لابان مع إخوته في جبل جلعاد
26 وقال لابان ليعقوب: ماذا فعلت، وقد خدعت قلبي، وسقت بناتي كسبايا السيف
27 لماذا هربت خفية وخدعتني ولم تخبرني حتى أشيعك بالفرح والأغاني، بالدف والعود
28 ولم تدعني أقبل بني وبناتي ؟ الآن بغباوة فعلت
29 في قدرة يدي أن أصنع بكم شرا، ولكن إله أبيكم كلمني البارحة قائلا: احترز من أن تكلم يعقوب بخير أو شر
غريب أن يظهر يهوه أيضا لرجل لا يعبده بل يعبد آلهة أخرى ، ويبدو أن يهوه عرّف نفسه ، وإلا كيف عرف لابان أنه إله اسحق !
30 والآن أنت ذهبت لأنك قد اشتقت إلى بيت أبيك، ولكن لماذا سرقت آلهتي
31 فأجاب يعقوب وقال للابان: إني خفت لأني قلت لعلك تغتصب ابنتيك مني
32 الذي تجد آلهتك معه لا يعيش. قدام إخوتنا انظر ماذا معي وخذه لنفسك. ولم يكن يعقوب يعلم أن راحيل سرقتها
33 فدخل لابان خباء يعقوب وخباء ليئة وخباء الجاريتين ولم يجد. وخرج من خباء ليئة ودخل خباء راحيل
34 وكانت راحيل قد أخذت الأصنام ووضعتها في حداجة الجمل وجلست عليها. فجس لابان كل الخباء ولم يجد
35 وقالت لأبيها: لا يغتظ سيدي أني لا أستطيع أن أقوم أمامك لأن علي عادة النساء. ففتش ولم يجد الأصنام
36 فاغتاظ يعقوب وخاصم لابان. وأجاب يعقوب وقال للابان: ما جرمي ؟ ما خطيتي حتى حميت ورائي
37 إنك جسست جميع أثاثي . ماذا وجدت من جميع أثاث بيتك ؟ ضعه ههنا قدام إخوتي وإخوتك، فلينصفوا بيننا الاثنين
38 الآن عشرين سنة أنا معك. نعاجك وعنازك لم تسقط، وكباش غنمك لم آكل
39 فريسة لم أحضر إليك . أنا كنت أخسرها. من يدي كنت تطلبها. مسروقة النهار أو مسروقة الليل
يقصد أن لابان كان يطالبه بتعويض أية أغنام تسرق!
40 كنت في النهار يأكلني الحر وفي الليل الجليد، وطار نومي من عيني
41 الآن لي عشرون سنة في بيتك. خدمتك أربع عشرة سنة بابنتيك، وست سنين بغنمك. وقد غيرت أجرتي عشر مرات
كم هو ظالم هذا الخال !
42 لولا أن إله أبي إله إبراهيم وهيبة إسحاق كان معي، لكنت الآن قد صرفتني فارغا. مشقتي وتعب يدي قد نظر الله، فوبخك البارحة
43 فأجاب لابان وقال ليعقوب: البنات بناتي، والبنون بني، والغنم غنمي، وكل ما أنت ترى فهو لي. فبناتي ماذا أصنع بهن اليوم أو بأولادهن الذين ولدن
يطمح لابان في الإستيلاء على كل شيء !
44 فالآن هلم نقطع عهدا أنا وأنت، فيكون شاهدا بيني وبينك
45 فأخذ يعقوب حجرا وأوقفه عمودا
46 وقال يعقوب لإخوته: التقطوا حجارة. فأخذوا حجارة وعملوا رجمة وأكلوا هناك على الرجمة
أي أخوة ومن أين جاءوا؟
وأشهدا الآلهة على عهدهما :
53 إله إبراهيم وآلهة ناحور، آلهة أبيهما، يقضون بيننا. وحلف يعقوب بهيبة أبيه إسحاق
الإشارة لاختلاف الآلهة لم ترد من قبل . وهذا يعني أن ناحور وهاران لم يهاجرا مع ابراهيم لأنهما لم يتركا عبادة آلهتهما ..
54 وذبح يعقوب ذبيحة في الجبل ودعا إخوته ليأكلوا طعاما، فأكلوا طعاما وباتوا في الجبل
55 ثم بكر لابان صباحا وقبل بنيه وبناته وباركهم ومضى. ورجع لابان إلى مكانه
*******
يبدو من النص أن ثمة أخذ بمواقف الآلهة . فلابان يأخذ بتحذير يهوه له من التعرض ليعقوب بسوء ، فلو لم يكن له مكانة لديه لما أخذ بتحذيره ،وربما استنجد بآلهته ،ولربما نشب صراع بين آلهة ناحور ويهوه وليس بين الأخوين فحسب .
أما الطريف في الأمر أن الآلهة لا تستطيع أن تخبر عن مكان وجودها، وراحيل تجلس عليها في خرج الجمل . وهكذا يعود لابان دون آلهة ودون أصنام . ولا نعرف ما إذا كان عبدة الأصنام في حينه ينظرون إلى الأصنام كرموز للآلهة ، أم أنها الآلهة نفسها ! أوأنه لا يوجد تفريق بين الإله ورمزه !
******
في الفصل الثاني والثلاثين يا يعقوب ، يتابع يعقوب رحلته ، لتظهر له الملائكة في الطريق دون أن نعرف لماذا ظهرت ، ونكتشف أنه عبر نهر الأردن بعصا ! وأرسل رسلا لاستطلاع الطريق أمامه وإخبار أخيه عيسو عن قدومه. عاد الرسل ليخبروه أن أخاه عيسو قادم للقائه مع أربعمائة رجل . تخوف يعقوب من الأمر وقام بقسم كل ما معه إلى قسمين، حتى إذا أراد عيسو أن يسطو يستولي على أحدهما فقط ، وراح يتضرع إلى يهوه ليقف معه ويحميه من أخيه :
1 وأما يعقوب فمضى في طريقه ولاقاه ملائكة الله
2 وقال يعقوب إذ رآهم : هذا جيش الله. فدعا اسم ذلك المكان محنايم
3 وأرسل يعقوب رسلا قدامه إلى عيسو أخيه إلى أرض سعير بلاد أدوم
4 وأمرهم قائلا: هكذا تقولون لسيدي عيسو: هكذا قال عبدك يعقوب: تغربت عند لابان ولبثت إلى الآن
لماذا كل هذا الخوف من عيسو إلى حد التعامل كإله !
5 وقد صار لي بقر وحمير وغنم وعبيد وإماء. وأرسلت لأخبر سيدي لكي أجد نعمة في عينيك
6 فرجع الرسل إلى يعقوب قائلين: أتينا إلى أخيك، إلى عيسو، وهو أيضا قادم للقائك ، وأربع مئة رجل معه
7 فخاف يعقوب جدا وضاق به الأمر، فقسم القوم الذين معه والغنم والبقر والجمال إلى جيشين
8 وقال: إن جاء عيسو إلى الجيش الواحد وضربه، يكون الجيش الباقي ناجيا
9 وقال يعقوب: يا إله أبي إبراهيم وإله أبي إسحاق، الرب الذي قال لي: ارجع إلى أرضك وإلى عشيرتك فأحسن إليك
10 صغير أنا عن جميع ألطافك وجميع الأمانة التي صنعت إلى عبدك. فإني بعصاي عبرت هذا الأردن، والآن قد صرت جيشين
11 نجني من يد أخي، من يد عيسو، لأني خائف منه أن يأتي ويضربني الأم مع البنين
وقام يعقوب بانتقاء كم هائل من المواشي والأغنام وأرسله مع العبيد إلى أخيه عيسو:
13 وبات هناك تلك الليلة وأخذ مما أتى بيده هدية لعيسو أخيه
14 مئتي عنز وعشرين تيسا، مئتي نعجة وعشرين كبشا
15 ثلاثين ناقة مرضعة وأولادها، أربعين بقرة وعشرة ثيران، عشرين أتانا وعشرة حمير
16 ودفعها إلى يد عبيده قطيعا قطيعا على حدة. وقال لعبيده: اجتازوا قدامي واجعلوا فسحة بين قطيع وقطيع
17 وأمر الأول قائلا: إذا صادفك عيسو أخي وسألك قائلا: لمن أنت ؟ وإلى أين تذهب ؟ ولمن هذا الذي قدامك
18 تقول: لعبدك يعقوب . هو هدية مرسلة لسيدي عيسو، وها هو أيضا وراءنا
19 وأمر أيضا الثانى والثالث وجميع السائرين وراء القطعان قائلا: بمثل هذا الكلام تكلمون عيسو حينما تجدونه
20 وتقولون: هوذا عبدك يعقوب أيضا وراءنا. لأنه قال: أستعطف وجهه بالهدية السائرة أمامي ، وبعد ذلك أنظر وجهه، عسى أن يرفع وجهي
جيد ان يعقوب كان يملك كل هذا الثمن لإرضاء أخيه !
21 فاجتازت الهدية قدامه، وأما هو فبات تلك الليلة في المحلة
هذا المبيت ليعقوب بعد أن أرسل اسرته إلى مكان آمن :
22 ثم قام في تلك الليلة وأخذ امرأتيه وجاريتيه وأولاده الأحد عشر وعبر مخاضة يبوق
23 أخذهم وأجازهم الوادي، وأجاز ما كان له
* يهوة يصارع يعقوب!
يبدو أن يعقوب عاد ليبيت في المحلة ، حيث حدث ما لا يتوقعه أحد . فقد شاء يهوه أن ينزل من علياء سمائه ليصارع يعقوب تلك الليلة . فيهوه كما يبدو يهوى المصارعة ، فكيف ليعقوب الإنسان أن يصارع إلها ؟ ثم هل الوقت وقت مصارعة ؟ هذا المؤلف يوظف يهوه كما يشاء!
24 فبقي يعقوب وحده، وصارعه إنسان حتى طلوع الفجر
واضح أن يهوه نزل مجسدا في جسد انساني إن لم يكن هو انسان كما مرمعنا في مشاهد أخرى ، لكن يبدو انه كإنسان إله قادر على التجسد في أشياء أخرى غير انسانية :
25 ولما رأى أنه لا يقدر عليه، ضرب حق فخذه، فانخلع حق فخذ يعقوب في مصارعته معه
لا نعرف ما هي الغاية من هذه المصارعة التي أرادها المؤلف، ولا نعرف كيف لا يستطيع يهوه الإنتصار على يعقوب ، وأنه في حاجة إلى كسر حق فخذه لينتصر عليه ؟ّ! هل يعقل هذا ؟ إله الكون القادرعلى كل شيء يعجز أمام يعقوب ! سبق وأن قلنا في نص سابق أن للأسطورة منطقها أيضا ، أما اسطورة مصارعة يهوه ليعقوب فلا تخضع لأي منطق ، ولذلك يتجاهل النص القرآني معظم هذه التفاصيل في النصوص التوراتية . لأنه ليس في مقدور العقل أن يتقبلها . عدا أن النصوص القرآنية لم تظهر الله في أي منها على الإطلاق ، وأبقت عليه في مكانة سامية عن البشر والوجود، ونزهته إلى أبعد حدود المطلق . وجعلت من ملاك ( جبريل ) وسيطا .. وهذا الأمر يشير إلى تطورالعقل العربي وتطور مفهوم الألوهة ليبلغ أقصى مدى له . وليس من اليسير على أي عقل بعد ذلك أن يأتي بمفهوم أرقى للوجود الإلهي . لذلك توقف ظهور الآلهة والأديان ولو في منطقتنا. ولم يجد ابن عربي كأكبر مفكر اسلامي إلا أن يعتبرالله حقيقة سارية في الكون من أعلاه إلى أدناه حين أراد تعريفه . ولم نجد نحن بدورنا، إلا أن نعرف الحقيقة التي أشار إليها ابن عربي، بأنها الطاقة . الطاقة ولا شيء غير ذلك .
26 وقال: أطلقني، لأنه قد طلع الفجر. فقال: لا أطلقك إن لم تباركني .
وماذا يعني طلوع الفجر ؟ هل يخاف يهوة طلوع الفجر أم أن لديه موعدا ما ؟! ثم إنه كإله ، كان في مقدوره أن يؤخر طلوع الفجر . هذه المعجزات لا يقدرعليها إلا الإله الإسلامي . فالعقل الإسلامي عرف كيف يوظف الأسطورة في معظم الأحيان أو بعضها على الأقل .
وكيف يطلب يعقوب من انسان أن يباركه ،طالما لا يوجد ما يشير إلى أنه عرف أن من يصارعه هو يهوه شخصيا ؟!
27 فقال له: ما اسمك ؟ فقال: يعقوب
عجيب ! ويهوه لا يعرف أن من يصارعه هو يعقوب فيسأله عن اسمه !
28 فقال: لا يدعى اسمك في ما بعد يعقوب بل إسرائيل، لأنك جاهدت مع الله والناس وقدرت
( اسر- إيل ) أي أسير إيل . أو عبد الإله ايل . أو عبد الله . وثمة من يفسرونها جندي الله أو الذي أسر الله . لكن الأصح هو عبد الله حسب رأينا .
29 وسأل يعقوب وقال: أخبرني باسمك. فقال: لماذا تسأل عن اسمي ؟ وباركه هناك
لا يريد يهوه أن يعرفه عبده يعقوب مع أنه طلب مباركته فباركه !
30 فدعا يعقوب اسم المكان فنيئيل ( وجه الله ) قائلا: لأني نظرت الله وجها لوجه، ونجيت نفسي
من أين جاءت هذه المعرفة أنه كان يصارع الله ؟!
31 وأشرقت له الشمس إذ عبر فنوئيل وهو يخمع على فخذه
32 لذلك لا يأكل بنو إسرائيل عرق النسا الذي على حق الفخذ إلى هذا اليوم، لأنه ضرب حق فخذ يعقوب على عرق النسا
وهل هذا الكلام صحيح . أنا شخصيا لا أعرف ، وإن كان يفترض أن العرق في اللحم لا يؤكل أينما كان !
***
* بنو اسرائيل يقتلون رجال شكيم ويسبون نساءها وينهبون مواشيها!
* رأوبين يضاجع بلهة أم أخويه دان ونفتالي !
في الفصل ( 33) يا يعقوب، يلتقي الأخوان عيسو ويعقوب ويتصالحان ، لكن بعد أن سجد يعقوب لعيسو سبع مرات ، وسجد له جميع أبنائه ونسائه وجواريه وبالتأكيد عبيده . وهذا أمر مخالف لنبوءة اسحق ،ولو إلى حين !
لم يقم يعقوب في الأرض التي يقيم فيها عيسو .. فقد ذهب ليقيم في أرض اشتراها في شكيم . يفترض أنها نابلس .
* يعقوب وكل من معه يسجدون لعيسو وكأنه إله !
1 ورفع يعقوب عينيه ونظر وإذا عيسو مقبل ومعه أربع مئة رجل، فقسم الأولاد على ليئة وعلى راحيل وعلى الجاريتين
2 ووضع الجاريتين وأولادهما أولا، وليئة وأولادها وراءهم، وراحيل ويوسف أخيرا
3 وأما هو فاجتاز قدامهم وسجد إلى الأرض سبع مرات حتى اقترب إلى أخي
6 فاقتربت الجاريتان هما وأولادهما وسجدتا له
7 ثم اقتربت ليئة أيضا وأولادها وسجدوا. وبعد ذلك اقترب يوسف وراحيل وسجدا
4 فركض عيسو للقائه وعانقه ووقع على عنقه وقبله، وبكيا
5 ثم رفع عينيه وأبصر النساء والأولاد وقال: ما هؤلاء منك ؟ فقال: الأولاد الذين أنعم الله بهم على عبدك
6 فاقتربت الجاريتان هما وأولادهما وسجدتا
7 ثم اقتربت ليئة أيضا وأولادها وسجدوا. وبعد ذلك اقترب يوسف وراحيل وسجدا
وكأنه مثول أمام الله نفسه ! ولا نعرف لماذا لم يغضب يهوة على هذا السلوك المهين له ، إذ يبدو أن عيسو سينافسه على الألوهة .
8 فقال: ماذا منك كل هذا الجيش الذي صادفته ؟ فقال: لأجد نعمة في عيني سيدي
9 فقال عيسو: لي كثير ، يا أخي. ليكن لك الذي لك
10 فقال يعقوب: لا. إن وجدت نعمة في عينيك تأخذ هديتي من يدي، لأني رأيت وجهك كما يرى وجه الله، فرضيت علي
صار وجه عيسو يماثل وجه الله !
11 خذ بركتي التي أتي بها إليك، لأن الله قد أنعم علي ولي كل شيء. وألح عليه فأخذ
12 ثم قال: لنرحل ونذهب، وأذهب أنا قدامك
13 فقال له: سيدي عالم أن الأولاد رخصة، والغنم والبقر التي عندي مرضعة، فإن استكدوها يوما واحدا ماتت كل الغنم
14 ليجتز سيدي قدام عبده، وأنا أستاق على مهلي في إثر الأملاك التي قدامي، وفي إثر الأولاد، حتى أجيء إلى سيدي إلى سعير
15 فقال عيسو: أترك عندك من القوم الذين معي. فقال: لماذا ؟ دعني أجد نعمة في عيني سيدي
16 فرجع عيسو ذلك اليوم في طريقه إلى سعير
17 وأما يعقوب فارتحل إلى سكوت، وبنى لنفسه بيتا، وصنع لمواشيه مظلات. لذلك دعا اسم المكان سكوت
18 ثم أتى يعقوب سالما إلى مدينة شكيم التي في أرض كنعان، حين جاء من فدان أرام. ونزل أمام المدينة
19 وابتاع قطعة الحقل التي نصب فيها خيمته من يد بني حمور أبي شكيم بمئة قسيطة
20 وأقام هناك مذبحا ودعاه إيل إله إسرائيل
******
*بنو اسرائيل يفتكون برجال شكيم ( نابلس) ويسبون نساءهم ومواشيهم !
* المكر في الزمن القديم لا يختلف عن المكر في زمن اوسلو الحديث!
في الفصل الرابع والثلاثين يا يعقوب يرتكب بنو اسرائيل أول مجزرة كبيرة بحق الفلسطينيين . إذ لم تجر الأمور على ما يرام حين تعرض شكيم لدينة ابنة يعقوب وضاجعها :
1 وخرجت دينة ابنة ليئة التي ولدتها ليعقوب لتنظر بنات الأرض
2 فرآها شكيم ابن حمورالحوي رئيس الأرض، وأخذها واضطجع معها وأذلها
غير أن كتبة التوراة يقولون عكس ذلك في السطر اللاحق مما يشيرإلى أنه ضاجع الفتاة برضاها ولم يذلها أو يغتصبها كما أنه كلم أباه ليتخذها زوجة له :
3 وتعلقت نفسه بدينة ابنة يعقوب، وأحب الفتاة ولاطف الفتاة
4 فكلم شكيم حمور أباه قائلا: خذ لي هذه الصبية زوجة
6 فخرج حمور أبو شكيم إلى يعقوب ليتكلم معه
7 وأتى بنو يعقوب من الحقل حين سمعوا. وغضب الرجال واغتاظوا جدا لأنه صنع قباحة في إسرائيل بمضاجعة ابنة يعقوب، وهكذا لا يصنع
8 وتكلم حمور معهم قائلا: شكيم ابني قد تعلقت نفسه بابنتكم. أعطوه إياها زوجة
9 وصاهرونا. تعطوننا بناتكم، وتأخذون لكم بناتنا
يلاحظ أن الكنعانيين وشعوب المنطقة كلها . لم تكن تمانع من زواج بناتها من العبرانيين أو من بني اسرائيل تحديدا . ونادرا ما يذكر أن كنعانيا تزوج من عبرانية . فنحن هنا أمام حالة شبه استثنائية .
10 وتسكنون معنا، وتكون الأرض قدامكم. اسكنوا واتجروا فيها وتملكوا بها
11 ثم قال شكيم لأبيها ولإخوتها: دعوني أجد نعمة في أعينكم. فالذي تقولون لي أعطي
12 كثروا علي جدا مهرا وعطية، فأعطي كما تقولون لي. وأعطوني الفتاة زوجة
لم يذكر أي مهر لكنعانية تزوجت من عبراني . هنا نجد العكس أن الكنعاني سيدفع أي مهر يطلبون . ويا ليت الأمر نفع . لقد كان الثمن فظيعا !
لم يختلف نبل وكرم حمور عن نبل وكرم أبيمالك من قبل . فلم يترك شيئا إلا وقدمه .السكن والإقامة والمتاجرة والتملك والمصاهرة . أي أن يتحولوا إلى أسرة واحدة .
13 فأجاب بنو يعقوب شكيم وحمور أباه بمكر وتكلموا. لأنه كان قد نجس دينة أختهم
المكر ضرورة عند هؤلاء القوم ! كما هو المكر الحديث في اتفاقية أو سلو !!
14 فقالوا لهما: لا نستطيع أن نفعل هذا الأمر أن نعطي أختنا لرجل أغلف، لأنه عار لنا
يا لطيف شو هالعار الفظيع. أغلف ! ( غير مختون )؟!
15 غير أننا بهذا نواتيكم: إن صرتم مثلنا بختنكم كل ذكر
جيد أن اوسلوا لم تشترط شرطا من هذا النوع كأن يختتن الفلسطينيون غير المختونين ، كالمسيحيين مثلا !
16 نعطيكم بناتنا ونأخذ لنا بناتكم، ونسكن معكم ونصير شعبا واحدا
17 وإن لم تسمعوا لنا، أن تختتنوا، نأخذ ابنتنا ونمضي
18 فحسن كلامهم في عيني حمور وفي عيني شكيم بن حمور
أيها الحمقى !
19 ولم يتأخر الغلام أن يفعل الأمر، لأنه كان مسرورا بابنة يعقوب. وكان أكرم جميع بيت أبيه
20 فأتى حمور وشكيم ابنه إلى باب مدينتهما، وكلما أهل مدينتهما قائلين
21 هؤلاء القوم مسالمون لنا. فليسكنوا في الأرض ويتجروا فيها. وهوذا الأرض واسعة الطرفين أمامهم. نأخذ لنا بناتهم زوجات ونعطيهم بناتنا
مسالمون ؟ طيبة فوق العادة ، وكان الثمن غاليا وفظيعا !
22 غير أنه بهذا فقط يواتينا القوم على السكن معنا لنصير شعبا واحدا: بختننا كل ذكر كما هم مختونون
24 فسمع لحمور وشكيم ابنه جميع الخارجين من باب المدينة، واختتن كل ذكر. كل الخارجين من باب المدينة
وهكذا اختتن جميع ذكور شكيم من الطفل إلى الشيخ اذعانا للمشيئة الإسرائلية فماذا جرى بعد ذلك ؟
25 فحدث في اليوم الثالث إذ كانوا متوجعين أن ابني يعقوب، شمعون ولاوي أخوي دينة، أخذا كل واحد سيفه وأتيا على المدينة بأمن وقتلا كل ذكر
26 وقتلا حمور وشكيم ابنه بحد السيف، وأخذا دينة من بيت شكيم وخرجا
27 ثم أتى بنو يعقوب على القتلى ونهبوا المدينة، لأنهم نجسوا أختهم
( أتى بنو يعقوب على القتلى ) أي أجهزوا عليهم وهم قتلى ، فقد يكون رمق حياة في أحدهم . ونهبوا المدينة وسبوا النساء والأطفال .أي ثمن باهظ دفعه أهل شكيم مقابل حسن نواياهم ، أو حماقتهم ! ونأمل أن لا ننتهي في عصر اوسلو إلى هذا الوضع الفظيع !
28 غنمهم وبقرهم وحميرهم وكل ما في المدينة وما في الحقل أخذوه
29 وسبوا ونهبوا كل ثروتهم وكل أطفالهم، ونساءهم وكل ما في البيوت
30 فقال يعقوب لشمعون ولاوي: كدرتماني بتكريهكما إياي عند سكان الأرض الكنعانيين والفرزيين، وأنا نفر قليل. فيجتمعون علي ويضربونني، فأبيد أنا وبيتي
تخوف يعقوب في محله مع أنه لم يمنع أبناءه عن فظاعة انتقامهم .
31 فقالا: أنظير زانية يفعل بأختنا
يقصدان ابن عاهرة !
يقول القمص تادرس يعقوب في تفسيره لما جرى :
"إنها بلا شك جريمة وحشية أزعجت نفس يعقوب وكدرته، إذ خاف لئلا تجتمع الأمم المجاورة معًا وتنتقم لأهل شكيم، خاصة وأنه غريب ويمثل نفرًا قليلًا.
إن كان يعقوب قد ألقى اللوم على ابنيه لمكرهما، ففي الواقع إنما يشرب من ذات الكأس التي مزجها، لقد سبق فاستخدم مكره في اغتصاب البركة من أبيه، فصارت حياته سلسلة لا تنقطع من المرارة بسبب مكر الآخرين وغدرهم به، حتى وإن كان هؤلاء الآخرون هم أبناءه. تصرف يعقوب بمكر فغدر به لابان عشر مرات، والآن يتكدر بسبب مكر ابنيه، ويبقى يعقوب حتى الشيخوخة يحصد ما زرعه.
القمص يضع اللوم على يعقوب ويبدو شامتا فيه أيضا !
******