عمر سيدي محمد - كُورُونَا (اِلسِّعْلَة) أهل لفريگ والأمراض الوبائية في صحراء الملثمين

كان الناس في باديتنا في الزمن الأول يحملون ثقافة راسخة في الحمية الغذائية وفي الحماية الصحية من الأمراض المُعْدِية وبالأخص التي تنتقل بالمخالطة العادية، ويرفعون شعارًا جميلًا يعبّر بصدق عن عمق فهم القوم للحَجْر الصحي، يقولون: "اِلْمَرَضْ كَامِلْ يِعْدِي يَكُونْ اِلْكصِرْ" أي كلُّ مرض يُعْدِي وينتقل من شخص لآخر باستثناء الكَسر أي أن كل مريض يمكن أن تنتقل العدوى منه إلى غيره باستثناء مكسور العظم فإن الكسر لا يُعْدِي، وبالتالي كانوا يتخذون إجراءات وقائية صارمة.
ماذا عن مرض كُورُونَا وأمثاله من الأمراض التي تنتشر بسرعة ومن أعراضها الكُحّة الشديدة بسبب إصابة الرئتين؟ يقولون فلان "مَكْحُوح" أو "مَگْطُوع" أو "امْسَعْلِي"
ومن أصابه مرضٌ مُعْدٍ و شُفِيَ منه واكتسب مناعة يقولون "فُلان زَاگِرْ" وهو الذي يتولّى مخالطة المريض المُصاب بمرضه الذي اكتسب منه مناعة إن وُجد. والمرض الذي يصيب الإنسان مرّة واحدة فهو مرض "يِنزْگِرْ مِنُّو"
وعند انتشار الأوبئة فإن المرضى الرجال يُعْزَلُون في مكان واحد كأن تُخَصص لهم خيمة صغيرة مُعدّة لمثل هذه الظروف وكذلك النساء ولايخالط المريض عن قرب إلّا من قد اكتسب مناعة من قبل.
و يُسمّون المرض سريع الانتشار بالجائحة "اِلجَّايْحَة".
ومن آخر ما حملته الذاكرة في باديتنا هو انتشار مرض الجدري منتصف القرن العشرين في تلك البوادي وكيف كان التعامل معه حيث كان المريض يُعزل حتى إذا وصل المرض مرحلة النّضج "اِلطّْيَابْ" تبدأ مرحلة قطع فقاعات الجدري من طرف شخص قد أصابه المرض من قبل وشُفي منه أي "زَاگِرْ" وهي عملية مؤلمة جدا للمريض ولكن لابدّ منها.
فعل "يِزْگِرْ" والمصدر "ازْگَارْ"
أي يكتسب مَنَاعَة وهو مستخدم في الحسانيّة عدّة استخدامات تصبّ كلها في معنى الصّلابة والمناعة إذا كان لازما وقد يحمل معنى آخر في لغة صغار التجار حيث يُسمّون السيولة النقدية "الزّاگْرَه"
الكلمة أصلها صنهاجي أوردتها المعاجم الأمازيغية عند كلمة المناعة فقالت: تيزّوگرا المَنَاعَةُ.
نسأل الله سبحانه وتعالى السلامة للعالم كله من هذا الوباء وأن يكون سببًا في إيقاظ الضمير الإنساني لرفع الظلم ومحاربة الجهل والفقر ولترسيخ القيم الفاضلة بين الناس جميعا وأن تنصبّ جهود البشرية إلى البناء ونبذ الاقتتال وإلى محاربة الجهل والفقر والتطرف بكل أشكاله وأنواعه وأصنافه.
وأوصيكم جميعا بالتوصيات الصحية التي هي إن التزمنا بها كان من السهل حصر الوباء والقضاء عليه في أسرع وقت ممكن بإذن الله...

تعليقات

لا توجد تعليقات.

هذا النص

ملف
حضور الجائحات والأوبئة والأمراض في الاداب والفنون
المشاهدات
619
آخر تحديث
أعلى