د. بن يحيى الطاهر ناعوس - البلاغة وتحليل الخطاب.. دراسة في تغير النسق المعرفي

ظلَّت البلاغة تَشْغل حيِّزًا عظيمًا في حقول المعرفة الفلسفيَّة والنقديَّة والأدبية منذ أرسطو، ومرورًا بالدِّراسات العربيَّة في عصورها الذهبيَّة، وصولاً إلى التيَّارات الأدبية الحديثة.

وللبلاغةِ علاقةٌ وطيدة بالنَّص الأدبي في شتَّى مَظاهرِه وتشكُّلاته الفنيَّة والأدبية والتحليليَّة، وفي هذا تَنْصبُ البلاغة لنفسها مقامًا محمودًا في الحقول المعرفيَّة المختلفة.

ومن هنا؛ وجَدْنا "حازم القرطاجنِّيَّ" يقول في تبيان مدى اتِّساع أو: رحَابة مجال البلاغة: "كيف يظنُّ إنسانٌ أنَّ صناعة البلاغة يتأتَّى تحصيلُها في الزَّمن القريب، وهي البحر الذي لم يَصِل أحدٌ إلى نهايته مع استنفاد الأعمار؟!"[1].

فعمليَّة الحَفْر في مجال بنيات النصِّ الأدبي للوقوف على المعنى المخبوء تحت النَّسيج اللِّساني والصَّوتي، ستظَلُّ في صيرورةٍ ودَيْمومة، ما دام أنَّ هناك نصوصًا تُرْصَف، وخِطاباتٍ تُقال.

وقد عَمِلَت المدارسُ الأدبية والنقدية المختلفة على تكميل الرُّؤية، وفتح طرُق التوسُّع في فَهْم النصِّ وتحليله؛ بإضافة نظريَّات وآليات نقديَّة وتِقنيَّة؛ لخدمة المَغْزى العامِّ من وراء التَّعامل مع النصِّ الأدبي.

وصادفَ القارئُ عبر العصور سيلاً عرمرمًا من المصطلحات النقديَّة، نتجَتْ عن هذا الصِّراع بين التيَّارات المتضارِبة والمتناطحة، ومن هنا؛ وقعَ هذا الخلطُ والاضطرابُ في بناء النَّسق البلاغيِّ للخطاب الأدبي.

وهذا عائدٌ إلى تغيُّر هَرم النَّسق المعرفي، الذي يُغَلِّب منهجًا على سائر المناهج المسيِّرة للحرَكة العامَّة للحياة المعرفيَّة والثقافية.

وهذا البحثُ يَطْرح جملةً من الأسئلة المنهجيَّة والمعرفية، تتمَحْور حول الدَّرس البلاغيِّ وتحليل الخِطَاب، وسرِّ تغيُّر آليات تحليل الخطاب في الدراسات المختلفة.

وهل يمكن أن تَظْهر بلاغةٌ عامَّة تجمع بين مُعْطيات البلاغة القديمة والبلاغة الجديدة في تحليل الخطاب؟ ولإثراء هذا الموضوع سنَبْحث - أيضًا - هل مِن علاقةٍ بين البلاغة والأسلوبيَّة من جهة، والبلاغة وعِلْم النصِّ "لِسَانيَّات النص" - أو كما يسمِّيه البعضُ: البلاغة الجديدة - من جهة أخرى؟

وتَعُود دوافعي في اختيار هذا الموضوع إلى عدَّة أسباب؛ أهَمُّها:

1- ظهورُ كتبٍ كثيرة تحمل العنوانَ القديم متضمِّنة الجديد؛ من ذلك: "البلاغة العامَّة"، و"بلاغة الشِّعر"، لجماعة مي، و"إمبراطورية البلاغة" (قبل ذلك) لـ بيرلمان، و"بلاغة النص"... إلى غير ذلك من العناوين.

2- لَم يَعُد رجوعُ البلاغة موضِعَ جدالٍ بين الدَّارسين؛ سواء أولئك الذين نادَوْا بعودتها، أو الذين لَم يفعلوا ذلك؛ فالكلُّ منخرِطٌ في البحث في أسباب هذا الغَزْو الجديد.

3- قلَّة الدراسات العربيَّة في هذا المجال، مع وجود مجهودٍ معتبَر في مجال التَّرجمة؛ مثل: "البلاغة والبلاغة الجديدة" لـ"فاسيلي" تر. الشرقاوي.

وعلى هذا؛ وجبَ التطَرُّق لهذا الموضوع لمعرفة كيفيَّة عودة البلاغة، هل بِشَكلها القديم، أم بشكلٍ جديد، أم بهما معًا؟

وهذا العمل يهمُّ كلَّ دارسٍ للأدب في أنساقه المتعدِّدة والمتنوعة، فهو يَفْرض نفسه كطَرْحٍ يُحاول الجمعَ بين القديم والجديد، في بناءٍ مُتكامِل متَّحِد؛ لخِدْمة الغاية المعرفيَّة الَّتي نَتوخَّاها من تحليل الخِطاب الأدبي؛ قديمِه وجديده، تِلْكُم هي الأسئلة التي سوف نُحاول رصْدَها من خلال العناصر التَّالية:

• الدَّرس البلاغيُّ والعودة من جديد.
• البلاغة والأسلوبيَّة.
• البلاغة ولسانيَّات النَّص.
• علم البلاغة نموذجٌ جديد لتحليل الخطاب.


الدَّرس البلاغيُّ والعودة من جديد:

البلاغةُ فنُّ الخطاب الجيِّد، "البلاغة نظامٌ مِن القواعد، تقوم مهمَّتُه على التوجُّه في إنتاج النَّص الأدبي، وهي نظامٌ يتَحقَّق في النص، تؤثِّر على القارئ بإقناعه، أو تؤثِّر على المتلقِّي في عمليَّة الاتِّصال الأدبي"[2]، ولقد كان لعلمِ البلاغة فضلٌ كبير في بيان أساليب العرب، وتَراكيب لُغتِهم، وما تَمتاز به من قوَّةٍ وجمال؛ في اللَّفظ والمعنى، والعاطفة والخَيال؛ مِمَّا أعان كثيرًا على فَهْم تُراثنا، وتقدير لُغتنا، وبَيان إعجاز كِتابِنا الكريم، بل إنَّ دراسة الإعجاز البياني وإدراكه كان الهدفَ الرَّئيس الذي مِن أجْله وُضِعَ علم البلاغة؛ وفي هذا يقول ابن خَلْدون: "واعلَمْ أنَّ ثَمرة هذا الفن، إنَّما هي فَهْم الإعجاز مِن القرآن"[3].

فالبلاغة العربيَّة على هذا دينيَّةُ المَنْبت، قرآنيَّة المَصْدر، درَجَتْ ونَمتْ في رحاب كتاب الله تعالى، تَسْتهدي آياته، وتتشرَّب معانِيَه، قبل أنْ تتناولَ الأدبَ العربي بوجْهٍ عام.

ومن خلال تتبُّعِنا الدقيقِ لِمسارات البحث البلاغيِّ عند العرب، خَلُصنا إلى أنَّ المُلاحظاتِ الأسلوبيَّة هي المصدر الأوَّل للبلاغة العربية؛ حيث جُمِعَت تحت اسم البديع ومَحاسِن الكلام (ابن المعتز)، وأنَّ الطموح إلى صياغة نظريَّةٍ عامَّة للفهم والإفهام، أو للبيان والتبيين (الجاحظ) هو المَصْدر الثاني الكبير للبلاغة العربية، ومن هنا فإنَّ للبلاغة العربية مَهْدَين كبيرَيْن أنتجا مَسارين كبيرين: مسار البديع يغذِّيه الشِّعر، ومسار البيان تُغذِّيه الخطابة، ونظَرًا إلى التَّداخُل الكبير بين الشِّعر والخطابة في التُّراث العربي؛ فقد ظلَّ المَساران مُتداخِلَين ومُلتبسَيْن؛ رغم الجهود الكبيرة النيِّرة التي أسهَم بها الفلاسفةُ وهم يَقْرؤون بلاغةَ أرسطو وشعريَّتَه[4].

وفي هذا يقول "حازم القرطاجني": "ولو وجدَ الحكيمُ أرسطو في شِعر اليونانيِّين ما يوجد في شِعر العرب من كثرة الحِكَم والأمثال، والاستدلالات واختلاف ضروب الإبداع في فنون الكلام... لَزاد على ما وضع من القوانين الشعريَّة"[5]؛ ولهذا كلِّه وغيره، وجَدْنا أغلب التيارات النقديَّة الحديثة[6] تتَّجِه إلى إمكانيَّة إعادة قراءة البلاغة على ضوء المكتسَبات المنهجيَّة الجديدة، ولا سيَّما مكتسبات اللِّسانيات.

ولقد بَنيْتُ هذا البحثَ على إمكان هذه القراءةِ وجَدْواها، فكان لها مكانُها ودورها، ولا شكَّ أن هذا التوجُّه يَجِد سندًا له في الدِّراسات الغربيَّة التي انطلقَتْ منذ السِّتينيَّات تؤرِّخ للبلاغة الغربيَّة، أو تُعيد قراءتها، وتُفسِّر فعاليَّتَها مع بارت (تاريخ البلاغة)، وجان كوهن، وكبدي فاركا، وجان مولينو، وطامين.

ونظرًا - أيضًا - إلى عودةِ البلاغة إلى الواجهة؛ إذْ ها هو ذا "رولان بارث" زعيم المُجدِّدين نفسه، يبحث للبلاغة القديمة عن (فستانٍ) حديث، وعن شغل في شركات الإشهار (بلاغة الصورة)، لقد كتب سنةَ 1963 قائلاً: "ينبغي إعادة التفكير في البلاغة الكلاسيكيَّة بمفاهيم بنيويَّة، وسيكون - حينئذٍ - من الممكن وضْعُ بلاغةٍ عامَّة، أو لسانيَّة لدوالِّ التضمين، صالحة للصَّوت المنطوق، والصورة والإيماء.."[7]، وها هي ذي الصيحات تدعو إلى عودة البلاغة بصِفَتها "الإمبراطوريَّة"، التي هيمنَتْ على حقول المعرفة النقديَّة والأدبية في الحقب السَّوالف.

ونحن مُطالَبون اليوم - بصورةٍ مُلحِّة - بإعادة الشرعيَّة للدرس البلاغي؛ انطِلاقًا من المفهوم النَّسقي لها، الذي يَسْعى إلى جعل البلاغة عِلمًا أعلى، يشمل التَّخْييل والحجاج، ويستوعب المفهومَيْن معًا؛ من خلال المنطقة التي يتَقاطعان فيها، ويوسِّع منطقةَ التقاطع إلى أقصى حدٍّ مُمكن، فقد حدث خلال التَّاريخ أنْ تَقلَّصَ البُعدُ الفلسفيُّ التداولي للبلاغة، وتوسَّع البعد الأسلوبي حتَّى صار الموضوعَ الوحيد لها، فكانت نهضة البلاغة حديثًا مُنصبَّةً على استرجاع البُعد المفقود في التَّجاذُبِ بين المجال الأدبي (حيث يُهَيمن التخييل) والمجال الفلسفي المنطقي من جهة، واللِّساني التداولي من جهة ثانية[8].

وقد دعا باحثون سابقون في مقولاتهم إلى (تجديد البلاغة العربيَّة)؛ قصْدَ إحياءِ قواعدها، ورَبْطها بما استُحْدِث من بحوثٍ في شتَّى المناهج النقديَّة التَّحليلية، "أمثال الشيخ أمين الخولي، وأحمد الشايب، وأحمد الزيات، ومصطفى صادق الرافعي"، وكانت مُحاوَلاتُهم الأولى بدايةَ الرَّبط الحقيقيِّ بين الدَّرس البلاغيِّ القديم، والدرس الأسلوبي الحديث"[9]؛ لأنَّ البلاغة منذ قال القائلُ قولتَه - بل ومِن قَبْلها، ومن بَعدها - إلى اليوم، والدَّرس البلاغي يَمُوج بالحركة والتجديد، فلا مسائله مستقرَّة، ولا مناهجه تتوقَّف عن التجديد.


البلاغة والأسلوبية:

لقد لقيَتْ دراسةُ الأسلوب في مباحث الإعجاز القرآنيِّ احتِفاءً عظيمًا في الدَّرس العربي، منذ القَرْن الثاني الهجري، التي استدعَتْ - بالضَّرورة - ممن تعرَّضوا للتفسير أن يتفهَّموا مدلول لفظة "أسلوب" عند البحث المقارِن بين أسلوب القرآن الكريم وغيره من أساليب الكلام العربي، مُتَّخِذين ذلك وسيلةً لإثبات ظاهرةِ الإعجاز للقرآن الكريم.‏

فقد كان لِعُلماء متقدِّمين؛ كأبي عُبَيدة (210هـ) والأخفَش سعيد بن مسعدة (207هـ) والفَرَّاءِ (208هـ) الجهدُ الكبير في إثراء مفهوم الأسلوبِ في الشِّعر، وجلاء أشكاله، رغم تَبايُنِ الأهداف التي سعَوْا إليها، بين بلاغة الخطاب القرآنيِّ وإعجازه، أو دفع طعون المُلْحِدين في القرآن وعرَبِيَّتِه.‏

وبِالعودة إلى المعاجم العربيَّة، نجد الزَّبيديَّ - مثلاً - يُعرِّف الأسلوب بأنه هو: "السَّطر من النخيل، و(الطَّريقُ) يَأخذ فيه، وكلُّ طريق ممتدٍّ فهو أسلوب، والأسلوبُ: الوَجْه والمَذْهب؛ يُقال: هم في أسلوبِ سوء، ويُجمَع على أساليب، وقد سلكَ أسلوبَه: طريقتَه، وكلامُه على أساليبَ حسَنة، والأُسلوب بالضَّمِّ (الفَنُّ)، يُقال: أخذَ فلانٌ في أساليبَ مِن القول؛ أي: أفانينَ منه"[10].

ويذهب الفيروزآبادي نفس المذهب إلى أنَّ "الأسلوب الطريق"[11]، وينعَتُه الرازيُّ بـ"الفن"[12].


أمَّا عند البلاغيِّين فإنَّ الأسلوب في اعتقاد ابن طباطبا - كشأن "النسَّاج الحاذِق الذي يوفق وشْيَه بأحسن التَّوفيق، ويسديه وينيره"[13]، حتَّى يجلي نَظْمه في أحسن حلَّة، ولا يتأتَّى له ذلك إلاَّ بالحذق في صناعة الأسلوب، والتحكُّم في آليَّاته.‏

ولقد ألفَيْنا النظرة إلى الأسلوب تتعمَّق في التُّراث البلاغيِّ مع أطروحات عبدالقاهر الجُرجانيِّ (471 هـ)؛ إذْ نجِدُه يُساوي بين الأسلوب والنَّظْم، بل يَجْمع بينهما جمعًا عبقريًّا؛ لأنَّ الأسلوب عنده لا يَنْفصل عن النَّظْم بل نَجِدُه يُماثل بينهما من حيثُ إنَّهما يُشكِّلان تنوُّعًا لُغَويًّا خاصًّا بكل مُبْدِع يَصْدر عن وَعْيٍ واختيار وفَهْم، ومِن ثَمَّ يَذهب عبدالقاهر إلى أنَّ الأسلوب ضربٌ من النَّظم، وطريقةٌ فيه.‏

وإذا كان الأسلوبُ - كذلك - يجب أن يتوخَّى فيه المبدعُ اللَّفظ لِمُقتضى التفرُّد الذاتيِّ في انتقاء اللُّغة عن وعْيٍ، وذلك بِمُراعاة حال المخاطب؛ فإنَّ الجرجانيَّ قد أضاف أصلاً أصيلاً إلى نظرية الأسلوب في البلاغة العربية القديمة؛ إذْ جعل الأسلوبَ يقوم على الأصول العربيَّة وقواعدِها، فالنَّظْم يَمتنع معنًى إذا لم يَنْضبط بالنَّحو، وذلك ما أسَّس له الجرجانيُّ في دلائل الإعجاز بقوله: "واعْلَم أنْ ليسَ النَّظْمُ إلاَّ أن تَضع كلامك الذي يقتضيه علمُ النَّحو، وتَعْمل على قوانينه وأصولِه، وتَعرف مناهِجَه التي نهجت، فلا تزيغ منها، وتَحْفظ الرُّسوم التي رسمت لك، فلا تُخِلَّ بشيءٍ منها"[14]، وبذلك جعلَ عبدُالقاهر الجرجاني من النَّحو قاعدةً لكلِّ نَظْم؛ لا باعتبارِه أداةَ أسلوبٍ ينتظم بها التَّركيب في نسقِه الإعرابيِّ العام، وإنَّما جعل منه - كذلك - مستفتحًا لما استغلق من المعنى؛ إذِ الألفاظ مُغْلقةٌ على معانيها حتَّى يكون الإعرابُ مِفتاحًا لها، و"أنَّ الأغراض كامنةٌ فيها حتَّى يكون هو المستخرِجَ لها، وأنه المِعْيار الذي لا يتبيَّن نُقْصانُ كلامٍ ورجحانُه، حتَّى يعرض عليه؛ والمقياس الذي لا يَعرف صحيحًا من سقيم حتَّى يرجع إليه، ولا ينكر ذلك إلاَّ من يُنكر حِسَّه"[15]، فإذا أدركَ المبدِعُ ذلك، استقام له الأسلوب، وأتاه أنَّى شاء.‏

وإذا انتقَلْنا بعد ذلك إلى ابن خلدون، نجده يصرِّح بأنَّ الأسلوب عند أهل الصناعة: "عبارةٌ عن المِنْوال الذي تنسج فيه التَّراكيب، أو القوالب التي يفرغ فيها، ولا يَرجع على الكلام باعتبار إفادته كمالَ المعنى الذي هو وظيفةُ البلاغة والبيان؛ لا باعتباره الوَزْنَ كما استعملَه العربُ فيه الذي هو وظيفة العروض، فهذه العلوم الثلاثة خارجةٌ عن هذه الصناعة الشعرية"[16].

ويُؤكِّد ابنُ خَلْدون في "مقدِّمته" أيضًا أنَّ الوظيفة الشِّعريَّة، أو الصِّناعة الشعريَّة "تَرجع إلى صورةٍ ذهنيَّة للتراكيب المنتظِمة؛ باعتبار انطِباقها على تركيبٍ خاص، وتلك الصُّورة يَنتزعها الذِّهنُ من أعيانِ التَّراكيب وأشخاصِها، ويُصيِّرها في الخيال كالقالب أو المنوال، ثم يَنتقي التراكيب الصحيحةَ عند العرب باعتبار الإعراب والبِناء، فيرصُّها فيه رصًّا كما يفعله البنَّاءُ في القالب، أو النسَّاج في المنوال حتَّى يتَّسِع القالبُ بحصول التَّراكيب الوافية بمقصود الكلام"[17]؛ إذْ يُعدُّ مفهوم الأسلوبيَّة - كما هو معروفٌ - وليدَ القرنِ العشرين، وقد التصقَ بالدِّراسات اللغويَّة، وهو بذلك قد انتقلَ عن مفهوم "الأسلوب" السابق في النَّشأة منذ قُرون، والذي كان لصيقًا بالدِّراسات البلاغيَّة، ومن الممكن القولُ: إنَّ الأسلوب مِهادٌ طبيعيٌّ للأسلوبيَّة؛ فالأسلوبيَّة تُحاول الإجابةَ عن السؤال: كيف يَكْتب الكاتب نَصًّا من خلال اللُّغة؟ إذْ بها ومِنْها يتأتَّى للقارئ استحسانُ النصِّ أو استهجانه، كما يتأتَّى له أيضًا الوقوفُ على ما في النصِّ من جاذبيَّة فنِّية تسمو بالنصِّ إلى مصافِّ الأعمال الفنيَّة الخالدة، والأسلوبيَّةُ من المناهج التي تبنَّت الطَّرح النَّسقي؛ انطلاقًا من مؤسِّسها شارل بالي، "فمنذ سنة 1902 كِدْنا نَجْزم مع شارل بالي أنَّ علم الأسلوب قد تأسَّسَت قواعِدُه النِّهائيَّة، مثلما أرسى أستاذُه ف.دي.سوسير أصولَ اللِّسانيات الحديثة"[18]، ووضَع قواعدها المبدئيَّة، حينها غيَّرَت الدِّراساتُ النَّقدية نمطَ تعامُلِها مع الآثار الأدبيَّة، باعتمادها النَّسق المغلقَ، المتمثِّل في النَّص، واستقرائه من خلال لغته الحاملةِ له، وإبعادها كلَّ ما له صلةٌ بالسِّياقات، وإصدار الأحكام المعياريَّة.‏

يُمكننا أن نَخْلُص إلى أن الأسلوبيَّة - كمنهجٍ نقديٍّ - غايتُه مقاربةُ النُّصوص في سياقها اللُّغوي المتمثِّل في النَّص، ومدى تأثيره في القُرَّاء، فيجعل من الأسلوب مادَّة لدراسته، حينها نجد أنَّ هذا الأخيرَ يكون حقلاً خصبًا تجد فيه الأسلوبيَّةُ ضالَّتَها درسًا وتطبيقًا،‏ ومن هنا؛ فإنَّ الجانب اللُّغوي هو مجال الباحث الأسلوبي؛ لأنَّ الأسلوبيَّة تَعُود بالضَّرورة - حسب طبيعتِها - إلى "خواصِّ النَّسيج اللُّغوي، وتنبثق منه؛ فإنَّ البحث عن بعض هذه الخواص ينبغي أن يتركَّز في الوحدات المكوِّنة للنَّص، وكيفيَّة بروزها وعلائقها"[19]، أمَّا فيما يتَّصِل "بالأثر الجماليِّ، أو تحليل عمَلِ الشاعر، أو الرِّوائي، أو المسرحي وجدانيًّا، وجماليًّا وموقفيًّا أو سواه؛ فكلُّ ذلك يكون مهمَّة الناقد الأدبي بعد ذلك"[20].


بين البلاغة ولسانيَّات النص:

في الحديث عن البلاغة ولسانيات النص، لا بدَّ من الإشارة إلى التَّقارُبِ المنهجيِّ بينهما في النَّظرة إلى النصوص بصفةٍ عامة؛ فبينهما نقاطُ تَلاقٍ كثيرةٌ، وفي هذا يقول أ.د/ سعيد حسن بحيرى: "لا يَخفى أنَّ لِمُناقشتِنا لحدودِ البلاغة وعلاقتها بعلم لغةِ النصِّ دلالةً واضحة على الصِّلة بينهما إلى الحدِّ الذي جعلَ بعض الباحثين يعدُّها السابقةَ التاريخيَّة لعلم النص"[21]، وهذا يوضح بجلاء العلاقةَ بينَهما في التعامل مع النصِّ الأدبي في شتَّى تمظهراته، وهذا ما يَدْفعنا - على حسب قول فانديك - إلى القول بأنَّ "البلاغة هي السابقة التاريخيَّة لعلم النص، إذا نحن أخَذْنا في الاعتبار توجُّهَها العامَّ، المتمثِّلَ في وصف النُّصوص وتحديد وظائفها المتعدِّدة"[22].

ويَنبغي أن يُشار هنا إلى أنَّ كثيرًا من الأفكار التي تبَنَّتْها لسانيَّاتُ النَّص، والنظراتُ النصِّية بزغَتْ "من بُحوثٍ في البلاغة القديمة؛ إذْ إنَّ البحث في مُمارسة الخطاب (الكلام) في البلاغة القديمة يضمُّ عددًا من النَّظرات والقواعد الخاصَّة بتنظيم نصوصٍ محدَّدة - إذْ إنَّه قد استُخْدِمت في المباحث المتعلِّقة بترتيب الكلام وزخرفته قواعِدُ بناءٍ محدّدة للنُّصوص؛ لأهدافٍ بلاغيَّة محدَّدة"[23].

ويُضاف إلى ما سبق أنَّ البلاغة تتوجَّه "إلى المستمِع أو القارئ لتؤثِّر فيه، وتلك العلاقة ذات خصوصيَّة في البحث اللُّغوي النصِّي"[24]، وما تزال قواعِدُ بناء النصِّ البلاغيَّةُ ضروريَّةً، ولا يمكن الاستغناءُ عنها في دراسة النَّص، وبخاصَّة دراسة النصِّ الشِّعري بِمَفهومه الواسع.

وعلى ما سبق؛ فإنَّ العلاقة بين البلاغة وعلم النصِّ هي علاقةٌ تفاعليَّة مستمرَّة؛ لأنَّ "علم النصِّ يُمكن أن يقدِّم إطارًا عامًّا للدِّراسة المجدِّدة لبعض الجوانب البلاغيَّة في الاتِّصال"؛ وذلك لأنَّ البلاغة التي كانت فقدَتْ أهميتها "في فترات سابقة تعدُّ الآن السابقَ التاريخيَّ لعلم النصِّ"[25].


علم البَلاغة نموذجٌ جديد لتحليل الخِطاب:

في البداية، أرَدْنا أن نقرِّر بأنَّ "معرفة طرق التَّناسب بين المسموعات والمفهومات لا يُوصَلُ إليها بشيءٍ من علوم اللِّسان إلاَّ بالعلم الكلِّي في ذلك، وهو علم البلاغة"[26]، فلا عجبَ أنَّه منذ النِّصف الثَّاني من القرن العشرين ظهرَتْ في الغرب أصواتٌ تنبِّه إلى خطورةِ اختزال إمبراطوريَّة البَلاغة في المستوى الأسلوبي أو المُحسِّنات، ونَجِد جيرار جنيت G. Genette" ألَّف مقالاً أَسْماه البلاغةَ المختزَلة (La Rhétorique restreinte)، حَظِي بمكانةٍ خاصَّة في التَّنظير البلاغي الحديث، مُحاوِلاً فيه إبرازَ الانزياح الذي حدثَ في تاريخ البلاغة عندما تمَّ النظر إليها من خلال جزءٍ من أجزائها هو الأسلوب"[27]، كما دعا بيرلمان Ch. Perelman إلى ضرورة العودة إلى المعنى الشَّامل للبلاغة، الذي يضمُّ أبعادًا حجاجيَّة جدَليَّة، وفلسفية منطقيَّة؛ وذلك في محاولةٍ منه "لإحياء البلاغة الميتة التي فقدَتْ على مدى قرونٍ أجزاء هامَّةً من إمبراطوريَّتِها الواسعة"[28].

وعندما ننتقل إلى التَّنظير العربيِّ البلاغي الحديث، نُفاجأ بقلَّة الدِّراسات التي اهتمَّتْ بتدقيق المُصطلَح البلاغيِّ، بل إنَّ إلقاء نظرةٍ على المقرَّرات الجامعيَّة والمَدْرسية تُثْبِت مدى استمراريَّة السَّطو على الميراث البلاغيِّ من خلال علومٍ تتَّخِذ مسمَّياتٍ متعدِّدة؛ فهي سيميولوجيا، وأسلوبيَّة، ولسانيَّات، وهي مَنْطق وجدل... إلخ، وكان الدكتور محمد العمري - فيما أعلم - من أوائلِ مَن نبَّه إلى خطأ المفهوم الشَّائع للبلاغة في السَّاحة الأدبيَّة والتعليمية العربية، وهو خطأ ناجمٌ عن اعتِماد شروح التَّلخيص التي انصبَّتْ على عمل السكَّاكي "مفتاح العلوم".

فقد شاع - في الأوساط التعليميَّة العربية - أنَّ البلاغة تنحصر في ثلاثة علوم؛ هي: البيان، والمعاني، والبديع، وهو المَعْنى التي تُقدِّمه الكتبُ التعليميَّة المشهورة؛ مثل: "علوم البلاغة" لمصطفى المراغي، وغيره من الكتب التي حذَتْ حذْوَه؛ النَّعلَ بالنَّعل[29]، وقد استطاع الدكتور محمد العمري - في مجملِ ما كتب حول البلاغة - تصحيحَ المسار البلاغيِّ العربي من خلال وَضْع الأنساق العربيَّة الكبرى التي لا يشكِّل الأسلوبُ رافِدَها الوحيد، بل هناك روافِدُ أخرى تداوليَّة، وحجاجيَّة إقناعيَّة؛ مِمَّا يعني أنَّ البلاغة العربيَّة تختزن مفهومًا مُغايِرًا للَّذي كرَّستْه عصورُ الانحطاط عنها، كما شكَّلَت كتاباتُ الدكتور محمد الولي نقطةً هامَّة؛ لتدقيق المصطلح البلاغيِّ الذي ينصرف تارةً إلى بلاغة المحسِّنات، وتارةً إلى بلاغة الحِجَاج (بلاغة الإمتاع، وبلاغة الإقناع)؛ حيث وقف عند مختلِف العناصر التي تشكِّل قوامَ البلاغة عند أرسطو، والتي لا تعتبر المحسِّنات إلا جزءًا من أجزائه[30].

ولعلَّ هذا ما دفع – حسب رأي الدكتور محمد الولي - الشعريَّات الحديثةَ إلى العودة إلى البلاغة القديمة، بعدما لاحظَتْ عدم كفاية المستويات الشكليَّة والأسلوبيَّة في الإحاطة بمكوِّنات النصِّ الأدبي؛ "ولِكَي تُنجز الشِّعريةُ هذا المشروعَ؛ عليها أن تَطْرح إشكالاتها الخاصَّة المختلفة عن إشكالات البلاغة الإقناعيَّة، وليست[31] الثوراتُ المعاصرة المتمثِّلةُ في نظريَّات "جمالية التلقِّي" و"تاريخ الأدب" و"تداولية النص الأدبي" إلخ، إلاَّ بداياتٍ لإعادة النَّظر إلى أسس الأدب التي اختُزِلت لعهودٍ في نظريَّة المحسنات"[32].

إنَّ هذه المجهوداتِ المبذولةَ اليوم في التنظير البلاغيِّ العربي[33] يمكن أن تفتح بابًا جديدًا لإعادة قراءة البلاغة العربيَّة القديمة، والكشف عن مكوِّناتها الحجاجيَّة والإقناعية والتداولية، خاصةً إذا نظَرْنا إلى الفكر العربيِّ في شموليَّتِه؛ حيث يمكن أن نَجِد تَقاطُعاتٍ عديدةً بين الدَّرس البلاغيِّ وبين علومٍ أخرى؛ كالنَّحو، وعلم والكلام، والتفسير، والمنطق.

وعلى هذا، تأسيسًا على "أنَّ البلاغة تهتمُّ بالشَّفرة العامة، لا بالأساليب الفرديَّة، فإنَّ البلاغة بقوانينها - غير المعياريَّة - هي التي تتولَّى إذًا حصْرَ الأشكال المَحْدودة، وربْطَها بالمتغيِّرات الماثلة في الواقع الإبداعي، ووصف القيمة النِّسبية لكلِّ شكلٍ منها؛ إذْ بِمُجرد أنْ تُولَد الكلمة حيَّة في سياقها المتحرِّك من رَحِم الإبداع الشخصيِّ، ويُتاح لها أن تدخل في نطاق التَّقاليد المستقرَّة، فإنَّ وظيفة الشكل البلاغيِّ حينئذٍ تتمثَّل في إضافة صيغة الشِّعرية على الخطاب الذي يَحْتويها, فبلاغة الخِطاب تَطْمح إلى إقامة قوانين الدَّلالة الأدبيَّة بكلِّ ثرائها وإيحاءاتها، أو تهدف إلى احتواء ما أَطلَق عليه "بارت" علاماتِ الأدب"[34].

وزيادةً على ما سبق، فإنَّ البلاغة الجديدة ترى "أنَّ عمليَّة التشكيل تمتدُّ بجناحيها لِتَشمل القول، أو النصَّ بأكمله، وتجعل هذه المقولة من الفصل بينها وبين علم لغة النصِّ أمرًا مستحيلاً"[35].

ولَمَّا كانت البلاغة نظامًا من التعليمات "تُستخدم في إنتاج النصِّ، فإنَّ مَعارفها مهمَّة في إنتاج كثيرٍ من الحالات، وإن كان يتمُّ عرض إمكانات الانتفاع بالأجناس البلاغيَّة كلِّها في تحليل النَّص"[36]، وعلى هذا؛ فإنَّ النصَّ يبقى مفتوحًا، و"تظَلُّ قراءتنا ومشروعُنا منفتِحًا على السُّؤال والبحث والاستفادة من الإنجازات الهامَّة في مجال علوم الأدب والعلوم اللِّسانية والاجتماعيَّة، بما يُسْهِم في إنجاز قراءةٍ أكثر إنتاجيَّة، وأكثر انفتاحًا وقَبُولاً للتَّطوير والإغناء: إغناء المَنْهج الذي به نحلِّل، والنصِّ الذي نقرأ، ولا يمكن أن يتأتَّى هذا إلاَّ عبر التَّفاعل الإيجابيِّ القائم على الحوار الهادف والبناء"[37] بين القديم والجديد مِمَّا يجعلهما يَنْصهِران في بوتقةٍ واحدة مشعَّة بالأفكار الأصيلة والمتجدِّدة؛ لأنَّه رغم تطوُّر المناهج الحديثة - انطلاقًا من دي سوسير، إلى فانديك ور.بارت، وغيرهما - فإنه لا ينبغي لنا أن نُنكِر الزَّخم الكبير من المعارف والقوانين التي قدَّمتْها لنا البلاغة القديمة؛ فلهذا ينبغي أن نوضِّح أنَّ "البلاغة القديمة قد قدَّمَت نموذجًا معيَّنًا، كان مَعِينًا للآراء والاقتراحات التي طُرِحَت فيما بعد، وبخاصَّة من خلال النظريَّات الحديثة"[38].

ومن المنظور السَّابق، نصل إلى أنَّ البلاغة القديمة "تضمُّ الأفكارَ الجوهريَّة التي عُنِيَت الدِّراسات النصيَّة بالتوسُّع فيها، ومن ثَمَّ توجد جوانبُ اتِّفاق عدَّة بينها إلى حدٍّ يَصعُب معه إغفالُ الأثر، حتَّى حين تكون درجة خَفائه مرتفعة"[39]، ومن هنا فإنَّ البلاغة العامَّة، الجامعةَ بين البلاغة القديمة والجديدة، تطرح نفسها كبديلٍ في تحليل الخطاب، وَفْق المعطيات التي رسمَها المُنظِّرون القُدَماء والمُحْدَثون، وأنا في هذا أطرح نوعًا "من المُثاقَفة يقوم على الاستعانة بالتُّراث في فَهْم المسائل اللُّغوية الحديثة، خاصَّة تلك العلوم التي لها جذورٌ تُراثيَّة؛ مثل: علم النَّص الذي قلنا: إنَّ البلاغة تمثِّل السابق التاريخي له"[40].

وزبدة القول: إنَّنا مهما حاولنا أن "نَخرج بمعلوماتٍ وافرة من علم تحليل الخطاب المعاصر، فلن يَكون هذا المطلب يسيرًا إلاَّ إذا عُدْنا إلى البلاغة العربيَّة"[41] الأصيلة؛ لأنَّه انطِلاقًامن هذه المعطيات؛ فقد "أثبتَت اللُّغة العربية قدرتَها على استيعاب الرُّموز والدلالات الدينيَّة والاجتماعية، والرُّوحية والإنسانية، بوصفها لغةً حيَّة، لها تقنياتها الخاصة بها، ومقوماتها وقوانينها الذَّاتية التي بها تحفظ سلامتها، ودَيْمومة فاعليَّتِها.

أسَّستْ هذه المقوِّمات والخصائصُ مبادِئَ أوليَّة لعِلْم النَّقد العربيِّ البلاغي، فأرسى البلاغيُّون القدامى قواعدَ النَّقد البلاغي، وكانت أبحاثُهم مُنطلَقًا لدراسات نقديَّة لاحقة"[42]، هذه التي أرَدْنا أن نطرحها في هذه الورقة، وإن تسنَّى لنا المجال - في بحثٍ لاحقٍ - سنقوم بجملة من التطبيقات على نصوصٍ قرآنيَّة كريمة؛ لنقفَ على أهمِّ معالم هذه البلاغة العامَّة الجامعة بين القديم والجديد.


تركيب واستنتاج:

1- مما سبق؛ صار لزامًا توسيعُ المفاهيم البلاغيَّة القديمة، ودَفْعها - تصنيفًا، وتفسيرًا - إلى مستوى الأصول التي يتولَّد عنها غيرُها؛ ضمن نسقٍ جديد، كما فُعِل مع الاستِعارة والمجاز المُرسَل، وصور التَّكرار والتوازي ضمن ما أسْمَوه: نَحْو الشِّعر.

2- ضرورة زَرْع التَّقارب المفهوماتي في حقول تحليل الخطاب بين النَّقد القديم والجديد.

3- نستطيع تفسيرَ طبيعة الصُّوَر البلاغيَّة، وكيفيَّة اشتغالها بإدخالها في نسقٍ عامٍّ واستِخْراج البِنْيَة المشترَكة بينها.

4- يمكن الرَّبطُ بين البلاغة وعلم النَّص (البلاغة الجديدة) في نسقٍ معرفي واحد وشامل؛ لتسهيل عمليَّة التواصل بين العلمَيْن؛ علَّنا نبلغ إلى اكتشاف معانٍ أُخَر داخل النصِّ الأدبي في شتَّى مظاهرِه الإبداعيَّة والتحليليَّة، وحتَّى نظلَّ في دائرة الاتصال الوثيق بلغتنا العربية وقيمها التعبيريَّة والبيانيَّة.
5- واستنادًا على ما سبق؛ فإنَّ الضرورة المعرفيَّة تلِحُّ على وجود علمٍ للنَّص؛ لدراسة النُّصوص بصفة عامَّة، وإثبات أنَّ كل نصٍّ هو بشكلٍ ما "بلاغةٌ"؛ أي: إنَّه يمثِّل وظيفةً تأثيريَّة، وبهذا فالبلاغة تمثِّل منتهًى للفهم النصِّي، مرجِعُه التأثير.

مكتبة البحث

• ابن خلدون، "المقدمة"، دار الكتاب اللبناني، بيروت، ط/ 3، 1983م.
• ابن طباطبا، "عيار الشِّعر".
• حازم القرطاجني، "منهاج البُلغاء".
• حامد أبو حامد، "الخطاب والقارئ"، مركز الحضارة العربيَّة، ط2، القاهرة 2002.
• الرازي، محمد بن أبي بكر بن عبدالقادر، "مختار الصحاح"، دار الكتب، بيروت لبنان، ط1، 1994.
• رجاء عيد، "البحث الأسلوبي معاصَرة وتراث"، دار المعارف، مصر، ط1/ 1993.
• رونالد بارت، "بلاغة الصورة"، نقله الشرقاوي في "البلاغة القديمة".
• الزبيدي، "تاج العروس من جواهر القاموس"، تح. عبدالستار أحمد فراج، مطبعة حكومة الكويت، 1965م.
• سعيد حسن بحيرى، "علم لغة النص المفاهيم والاتجاهات"، مؤسسة المختار للنشر والتوزيع، 2004م.
• سعيد يقطين، "انفتاح النص الروائي (النص - السياق)"، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، المغرب، الطبعة الأولى سنة 1989م، ص: 111.
• "شفرات النص: دراسة سيميولوجية في شعريَّة القَصْد والقصيد"، دار الآداب، بيروت، ط1/1999.
• عبدالقاهر الجرجاني، "دلائل الإعجاز"، شرح وتعليق/ محمد التنجي، دار الكتاب العربي، بيروت - لبنان، ط1، 2005.
• عبدالسلام المسدي، "الأسلوب والأسلوبية"، الدار العربية للكتاب، ليبيا، ط2، 1982.
• الفيروزآبادي، محمد بن يعقوب، "القاموس المحيط"، دار الفكر، بيروت لبنان، 1983.
• محمد عبدالمطلب، "البلاغة العربية قراءة أخرى"، الشركة العالمية للنشر، ط1 /1997م.
• محمد العمري:
1- "البلاغة الجديدة بين التخييل والتداول"، سنة 2005م بدار إفريقيا الشرق.
2- "البلاغة العربية الأصول وَالامتدادات"، الطبعة الأولى 1998.
3- "البلاغة العامة والبلاغات المعمَّمة"، ضمن مجلة فكر ونقد، العدد 20.يناير 2000.
• محمد الولي، "المدخل إلى بلاغة المحسنات"، مجلة فكر ونقد، العدد 17.
• مها خيربك ناصر، "النقد العربي البنيوي"، مجلة الخطاب، العدد الثاني: ماي 2007.


المراجع الأجنبية:

• Rhétorique restreinte. G. Genette. Figure3. Edition du seuil. Paris 1972
• L‘empire Rhétorique. Ch. Perelman. Librairie Philosophique. 1977

[1] حازم القرطاجني، "منهاج البلغاء"، ص88.
[2] أ.د/ سعيد حسن بحيرى، "علم لغة النص، المفاهيم والاتجاهات"، ص 22.
[3] "مقدمة ابن خلدون"، باب البيان، ص521.
[4] يُنظر: الدكتور محمد العمري، "البلاغة الجديدة بين التخييل والتداول"، دار إفريقيا الشرق سنة 2005م، ص 28 - 29.
[5] حازم القرطاجني، "منهاج البلغاء وسراج الأدباء"، ص 68.
[6] يُنظر: كتاب "البلاغة العربية الأصول وَالامتدادات"، محمد العُمَري، الطبعة الأولى 1998.
[7] ر. بارت، "بلاغة الصورة"، نقله الشرقاوي في "البلاغة القديمة"، ص5.
[8] يُنظَر كتاب "البلاغة الجديدة بين التَّخييل والتداول"، الدكتور محمد العمري سنة 2005م بدار إفريقيا الشرق.
[9] د. محمد عبدالمطلب، "البلاغة العربية قراءة أخرى"، الشركة العالمية للنشر، ط1 / 1997م، ص 6.
[10] الزبيدي، "تاج العروس"، 1/ 302.‏
[11] الفيروزآبادي، "القاموس المحيط"، 1/ 86.‏
[12] الرازي، "مختار الصحاح"، ص130.‏
[13] ابن طباطبا، "عيار الشِّعر"، ص 11.‏
[14] عبدالقاهر الجرجاني، "دلائل الإعجاز"، ص64.‏
[15] المرجع السابق، ص74.
[16] "مقدمة ابن خلدون"، ص 352.‏
[17] المرجع السابق، ص 353، 354.‏
[18] عبدالسلام المسدي، "الأسلوبية والأسلوب"، ص20.‏
[19] "شفرات النص: دراسة سيميولوجية في شعرية القصد والقصيد"، صلاح فضل، دار الآداب، بيروت، ط1/ 1999، ص 80.‏
[20] رجاء عيد، "البحث الأسلوبي معاصرة وتراث"، دار المعارف، مصر، ط1/ 1993، ص33.‏
[21] أ.د/ سعيد حسن بحيرى، "علم لغة النص، المفاهيم والاتجاهات"، ص 20.
[22] أ.د/ سعيد حسن بحيرى، "علم لغة النص، المفاهيم والاتجاهات"، ص 20.
[23] أ.د/ سعيد حسن بحيرى، "علم لغة النص، المفاهيم والاتجاهات"، ص 29.
[24] أ.د/ سعيد حسن بحيرى، "علم لغة النص، المفاهيم والاتجاهات"، ص 21.
[25] د.حامد أبو حامد، "الخطاب والقارئ"، مركز الحضارة العربية، ط2 القاهرة 2002، ص141.
[26] حازم القرطاجني، "منهاج البلغاء"، ص 226.
[27] Rhétorique restreinte. G. Genette. Figure3. Edition du seuil. Paris 1972. P 21 - 40.
[28] L‘empire Rhétorique. Ch. Perelman. Librairie Philosophique. 1977. P13.
[29] ينظر كتاب "البلاغة العامة والبلاغات المعممة"، محمد العمري، ضمن مجلة فكر ونقد، العدد 20، يناير 2000، ص 69 - 70.
[30] محمد الولي، "المدخل إلى بلاغة المحسنات"، مجلة فكر ونقد، العدد 17.
[31] محمد الولي، "من بلاغة الحجاج إلى بلاغة المحسنات"، مجلة "فكر ونقد" عدد 20 - 1998، 138.
[32] المرجع نفسه، ص138.
[33] "أهم نظريات الحجاج في التقاليد الغربية من أرسطو إلى اليوم"، كتاب جماعي، نشر كلية الآداب منوبة، تونس، 1998، ص 17.
[34] أ.د/ سعيد حسن بحيرى، "علم لغة النص، المفاهيم والاتجاهات"، ص 27.
[35] أ.د/ سعيد حسن بحيرى، "علم لغة النص، المفاهيم والاتجاهات"، ص 28.
[36] أ.د/ سعيد حسن بحيرى، "علم لغة النص، المفاهيم والاتجاهات"، ص 24.
[37] سعيد يقطين، "انفتاح النص الروائي"، ص154، 155.
[38] أ.د/ سعيد حسن بحيرى، "علم لغة النص، المفاهيم والاتجاهات"، ص143.
[39] أ.د/ سعيد حسن بحيرى، "علم لغة النص، المفاهيم والاتجاهات"، ص 143، 144.
[40] د.حامد أبو حامد، "الخطاب والقارئ"، مركز الحضارة العربية، ط2 القاهرة 2002، ص149.
[41] د.حامد أبو حامد، "الخطاب والقارئ"، مركز الحضارة العربيَّة، ط2 القاهرة 2002، ص141.
[42] د.مها خيربك ناصر، "النقد العربي البنيوي"، مجلة الخطاب، العدد الثاني: مايو 2007، ص200.



د. بن يحيى الطاهر ناعوس
البلاغة وتحليل الخطاب - دراسة في تغير النسق المعرفي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى