كثير من المشككين يرون أن العلوم قادرةٌ على حلّ المشكلات جميعها، فالحياة _من وجهة نظرهم_ ليست إلا مجموعة من القوانين الكيمياوية، ويفسرون الظواهر كلها على أساس السبب والنتيجة، ويرون أن الوجود برمته ليس له غاية، وبالنهاية سوف ينتهي عالمنا ويزول عندما تنتهي طاقة الشمس، فوجودنا من دون هدف، كما ويعتقدون أن العالم وُجِدد صدفةً!
ولكن، هل العالم حقًّا وُجد صدفة من دون إله؟
يقول العالم (جون ويليام كلوتس) العالم في الوراثة والحاصل على الدكتوراه من جامعة بيستبرج، المتخصص بالوراثة وعلم البيئة: إن هذا العالم قد بلغ من الاتقان والتعقيد درجةً تجعل من المحال أن يكون قد نشأ بمحض الصدفة، فهناك توازن بالطبيعة لا يمكن أن يكون مصادفة)،
وخير دليل يظهر لهذا الكلام عندما يحاول الإنسان التدخل بتوازن الطبيعة أو يحاول تعديلها، وربّ سائل يسأل: كيف ذلك؟
يضرب لنا العالم جون مثلًا على ذلك بقوله: عندما نزل المهاجرون الأولون إلى إستراليا لم يجدوا هناك من الثديات المشيمية إلا (الدنجو)، وهو كلب بريّ، فتذكروا صيد الأرانب وما كانوا يمارسونه من رياضة الصيد عليها... فحاولوا تحسين الطبيعة بتغيير موازينها، فجلب أحدهم _واسمه (توماس اوستن) _ نحو اثني عشر زوجًا من الأرانب وأطلقها هناك في استراليا سنة ١٨٥٩م، وبما أنّ الأرانب لم تجد أعداء طبيعيين من الحيوانات المفترسة، فقد تكاثرت بصورة مذهلة، وكانت النتيجة سيئة للغاية، إذ قضت الأرانب على الحشائش والمراعي التي ترعى بها لأغنام، فبذلوا جهدًا كبيرًا بمحاولات عديدة للسيطرة على الأرانب، ولكنها فشلت، منها أنّهم بنوا سورًا امتداده (سبعة آلاف ميل)، ولم تنفع أيضًا، فاستخدموا السم لقتلها، لكنه لم يؤدِ الغرض.
وأخيرا، استخدموا فايروس قاضيًا يسبب مرضًا قتّالًا للأرانب، واسمه (الحرض المخاطي)، ولم يكن هذا هو الحل الأخير، فقد ظهرت أرانب محصنة من هذا المرض وقاوم قسم كبير منها وعاش، ومع ذلك، فقد أدى الفايروس إلى انخفاض أعداد الأرانب، وبالتالي أتى بمنافع عجيبة، وتحولت مناطق البراري القاحلة والجبال إلى مروج خضراء، وترتب على ذلك زيادة في إيراد صناعة الأغنام وحده قُدِّرت عام ١٩٥٢ _ ١٩٥٣ بما يبلغ ٨٤ مليون جنيه إسترليني.
ومن هذه الحادثة الحقيقية أرانا العالم (جون) التوازن الطبيعي في استراليا، وغيرها الكثير إذا بحثنا سنجده، إذ بتغيّر طفيف في موازين الطبيعة تسبب بكارثة ودمّر جزيرة كاملة، فهل يمكن أن يكون هذا التوازن الدقيق في الكون ظهر للوجود بمحض الصدفة؟ ومن دون وجود إله مدبر وقدير؟
أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها؟
أفلا يعقلون؟
أمير ناظم، ٢٠٢٠
_______
اعتمدت في هذا المقال على كتاب (الله يتجلى في عصر العلم) الذي صدر عام ٢٠١٩ بمناسبة السنة الأولى الدولية لطبيعيات الأرض.
ولكن، هل العالم حقًّا وُجد صدفة من دون إله؟
يقول العالم (جون ويليام كلوتس) العالم في الوراثة والحاصل على الدكتوراه من جامعة بيستبرج، المتخصص بالوراثة وعلم البيئة: إن هذا العالم قد بلغ من الاتقان والتعقيد درجةً تجعل من المحال أن يكون قد نشأ بمحض الصدفة، فهناك توازن بالطبيعة لا يمكن أن يكون مصادفة)،
وخير دليل يظهر لهذا الكلام عندما يحاول الإنسان التدخل بتوازن الطبيعة أو يحاول تعديلها، وربّ سائل يسأل: كيف ذلك؟
يضرب لنا العالم جون مثلًا على ذلك بقوله: عندما نزل المهاجرون الأولون إلى إستراليا لم يجدوا هناك من الثديات المشيمية إلا (الدنجو)، وهو كلب بريّ، فتذكروا صيد الأرانب وما كانوا يمارسونه من رياضة الصيد عليها... فحاولوا تحسين الطبيعة بتغيير موازينها، فجلب أحدهم _واسمه (توماس اوستن) _ نحو اثني عشر زوجًا من الأرانب وأطلقها هناك في استراليا سنة ١٨٥٩م، وبما أنّ الأرانب لم تجد أعداء طبيعيين من الحيوانات المفترسة، فقد تكاثرت بصورة مذهلة، وكانت النتيجة سيئة للغاية، إذ قضت الأرانب على الحشائش والمراعي التي ترعى بها لأغنام، فبذلوا جهدًا كبيرًا بمحاولات عديدة للسيطرة على الأرانب، ولكنها فشلت، منها أنّهم بنوا سورًا امتداده (سبعة آلاف ميل)، ولم تنفع أيضًا، فاستخدموا السم لقتلها، لكنه لم يؤدِ الغرض.
وأخيرا، استخدموا فايروس قاضيًا يسبب مرضًا قتّالًا للأرانب، واسمه (الحرض المخاطي)، ولم يكن هذا هو الحل الأخير، فقد ظهرت أرانب محصنة من هذا المرض وقاوم قسم كبير منها وعاش، ومع ذلك، فقد أدى الفايروس إلى انخفاض أعداد الأرانب، وبالتالي أتى بمنافع عجيبة، وتحولت مناطق البراري القاحلة والجبال إلى مروج خضراء، وترتب على ذلك زيادة في إيراد صناعة الأغنام وحده قُدِّرت عام ١٩٥٢ _ ١٩٥٣ بما يبلغ ٨٤ مليون جنيه إسترليني.
ومن هذه الحادثة الحقيقية أرانا العالم (جون) التوازن الطبيعي في استراليا، وغيرها الكثير إذا بحثنا سنجده، إذ بتغيّر طفيف في موازين الطبيعة تسبب بكارثة ودمّر جزيرة كاملة، فهل يمكن أن يكون هذا التوازن الدقيق في الكون ظهر للوجود بمحض الصدفة؟ ومن دون وجود إله مدبر وقدير؟
أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها؟
أفلا يعقلون؟
أمير ناظم، ٢٠٢٠
_______
اعتمدت في هذا المقال على كتاب (الله يتجلى في عصر العلم) الذي صدر عام ٢٠١٩ بمناسبة السنة الأولى الدولية لطبيعيات الأرض.