حدثنا أبو ووهان عن رجل من تونستان قال: كنَا في امان نصافح الإنسان أينما حلَ و كان. و إذا البلية توقع شرَا بين أهل البرية.فلم يعد للسلام مجال و صارت المصافحة أمرا من المحال. فكلما حلَ بيننا صديق أصبحنا في قلق و ضيق و لم نعد نطيق حديثا معه بما يليق. و قال أبو كوفيد يمجَد الأمس المجيد:كنَا في ماض ليس بالبعيد نسلَم نصافح و نمسك الأيدي كما نريد نشدَ فوق الأيدي أيادي بقبضة من حديد. فأصبح السلام بعد اليسر عسرا و صار كل ما نريد لا نريد. بل في السلام صرنا في حذر لا نبقي على مصافحة و لا عناق و لا نذر. كنَا بعد غيبة نسبح في جحيم من قبل. فلا فراق إلاَ بالتلاقي و لا غياب إلاَ بالأمل. و اليوم نحن نخشى كلَ شيء لا سلام لا عناق لا تلاق لا قبل. وثنَى أبو ووهان مخاطبا أبا كوفيد : أليس بعد كلَ هذا نعقد الأمل لعلَ صفحة جديدة في حياتنا تزيل عنَا كلَ همَ كلَ غم. وفي انتظار كلَ هذا أبدعنا أشكالا من المصافحة جديدة فأصبح كلَ واحد منَا سعيدا و كل واحدة سعيدة. و استبدلنا مدَ الأيدي بالسلام من بعيد و مسح الكفَين بسائل جديد يقال إنَه أنتي-كوفيد. و مرَة بالمرفقين نستعين لإتمام التحية بعد حين. و مرة نناطح القبضتين دون بسط للكفَين أو نرفع العينين تحت الحاجبين على الأقل مرتين. و بعد ذلك اضطررنا لقطع الزيارات و تقصير المناسبات و إلغاء الحفلات. و عن الأهل ابتعدنا و بارتداء اللثام أمرنا فاغتاض البعض منَا و استعان بالهروب عنَا. و في ختام القول إنَا قوم نستحي من هكذا سلام و يعترينا خجل دون كلام. وليعلم الجميع أنَا لسنا في محلَ لوم بل واجب علينا توخَيناه حفاظا على سلامة القوم. لكم منَي أجمل تحية في الصبح و العشية دون مصافحة و لا مجاملة و لا مكابرة إلى أن ترفع عنَا البلية.
الليلة الأولى من السنة الوبائية الثانية
عبدالرحمان أفضال
الليلة الأولى من السنة الوبائية الثانية
عبدالرحمان أفضال