د. صبري حافظ - ظِـــــلّ اللــــــه!

كيف يمكن أن نكتب عن الكرسي البابوي، دون تذكر تاريخ طويل من التناقضات. قرون من
السلطة المطلقة والدسائس والمؤامرات؟. فهذا الكرسي الرمز هو مقعد أعلى سلطة في أكبر
كنيسة في المسيحية، الكنيسة الكاثوليكية، التي يتبعها أكثر من مليار مسيحي.
لا يعلو على كرسي البابا إلا كرسي العرش الإلهي في السموات العلى، بل إنه في أحد التصورات هو كرسي العرش على الأرض، لأن الجالس عليه هو ظل الله على الأرض، وهو ممثل المسيح Vicarius Christi، كما يقول النقش عليه. مقعد رأس الكنيسة التي بنيت على تعاليم بطرس الرسول، ورفيقه بولس، وكلاهما من أشهر حواريي المسيح ومن كتّاب أناجيله. بطرس الذي قال له المسيح: «أنت الصخرة التي ستبنى عليها كنيستي .» واسم بطرس Pierre يعني الصخرة في اللغة اللاتينية، والصخرة هي المرادف اللاهوتي لقوة العقيدة التي تتحطم على صخرتها كل الهرطقات. إذن فنحن نتحدث هنا عن كرسي فوق صخرة، أساسه ثابت، وأصله في السماء، كي يكون جديراً بأن يحتله ظل الله على الأرض.
لكن المفارقة المتعلقة برمزية هذا الكرسي ورسوخ السلطة التي يمثلها وسطوتها، تنهض على أنه يمثل المسيحية، أكثر الديانات السماوية الثلاث رقة وشاعرية، وأشدها بعداً عن أمور الدنيا، أو انشغالاً بالمعاملات أو حتى العبادات. إنها ديانة التسامح والمحبة والتسامي «من ضربك على خدك الأيمن، فأدر له خدك الأيسر» و«أحبوا أعداءكم» و «ليس بالخبز وحده
يحيا الإنسان». لكن السلطة التي تمثلها بلغت في العصور الوسطى درجة غير مسبوقة من الحكم المطلق والتسلط، وصلت إلى الحد الذي ارتكبت فيه باسمها بعض أبشع الجرائم في تاريخ البشرية في زمن محاكم التفتيش. ودفعت الفرنسيين إلى القيام بثورتهم العظيمة عام 1789 للتخلص من سلطة الكنيسة على أمور دنياهم، ودفعت أحد أعظم روائيي العالم، فيودور
ديستويفسكي، وأكثرهم مسيحية إلى كتابة هذا النص الرائع، «المفتش الأكبر»Grand Inquisitor في روايته العظيمة ( الإخوة كرامازوف) عام 1888 .
لكن قبل أن نتوقف عند ما كتبه ديستويفسكي، دعنا نتعرف على هذا الكرسي وعلى السلطة التي مثّلها، ولايزال يمثّل شيئاً منها. ظهر لقب البابا لأول مرة، وهي في الأصل كلمة يونانية πάππας لها بالطبع مقابلها اللاتيني papa عندما استخدمه هيراقليس الذي كان الأسقف الثالث عشر للإسكندرية (232 – 249). ثم استخدمه بعده أسقف روما جون الأول الذي دامت ولايته أقل من أربع سنوات (523 – 526)، وهما الاثنان اللذان يحملان هذا اللقب: بابا الإسكندرية وسائر إفريقيا، وهو بابا الكنيسة الأرثوذكسية على مقعد القديس مرقص، وبابا روما، وهو بابا الكنيسة الكاثوليكية الرومانية، والحاكم الشرعي لدولة الفاتيكان على مقعد القديس بطرس. فكل كرسي من الكرسيين مرتبط مباشرة بالرب، وبأحد الحواريين الذين كتبوا أناجيله. لذلك كان طبيعياً أن يعتبر الأرثوذوكس بابا الإسكندرية ممثلاً دنيوياً للقديس مرقص، بينما يعتبر الكاثوليك بابا الفاتيكان ممثلاً دنيوياً للقديس بولس، الذي عينه المسيح «راعياً » لتابعيه وصخرة يبني عليها كنيسته. وكلاهما يحظيان بمرتبة الرسول في الدين المسيحي، فقد تلقى كل منهما الرسالة مباشرة من ابن الرب.
لكن الطريف في الأمر أن كلاً من الكنيستين، تعتقد بأنها الكنيسة الوحيدة القويمة، التي تنهض على تعاليم المسيح ووصاياه، وأن أساقفتها أو كرادلتها هم ممثلو حواريي المسيح على الأرض، وأن رئيسهم، أي البابا، هو ممثل المسيح نفسه وظل الله على الأرض. وفي كلتا الحالتين فإن البابا يحتل مكانة الرئيس المنتخب لمجمع الأساقفة أو الكرادلة، كما احتل
بطرس أو مرقص المكانة القيادية بين الحواريين حسب كل كنسية، أي أن البنية اللاهوتية التي يستمد منها البابا سلطته هي النظير الأرضي للبنية الأقنومية الأصلية عن المسيح
والحواريين. وتنهض كل دعوى على أن رسولها المعتمد وصل إلى الإسكندرية أو روما وأسس الكنيسة فيها، بالرغم من وجود الكثير من الدلائل على أنهما، بطرس ومرقص، ماتا في فلسطين بعد سنوات من صلب المسيح.
لكن دعنا من بابا الإسكندرية جانباً. فأي حديث عن البابا هو في الواقع حديث عن بابا الفاتيكان الآن، وريث الكرسي البابوي العتيق ورئيس أكبر كنيسة في العالم يتبعها أكثر من مليار مسيحي. لأن هذا البابا هو الذي بلغ على مد التاريخ المسيحي من السطوة والجبروت شأناً غير مسبوق. فمنذ فرمان ميلان Edict of Milan 313 والذي اعتنق بمقتضاه قنسطنطين الأول، الذي حكم الإمبراطورية الرومانية (306 – 337) المسيحية وجعلها لأول مرة الديانة الشرعية للإمبراطورية، بدأت عرى العلاقة بين الدين والدولة في التكوّن. وأصبح أسقف روما رئيس الكنيسة، الحليف الدنيوي للإمبراطور. كانت له في البدء السلطة الروحية على كل اتباع الكنيسة. لكن هذه السلطة سرعان ما امتدت لتشمل العالم الدنيوي بناء على ما سمي الإقطاع القنسطنطيني Donation of Constantine وهو صك إمبراطوري أصدره قنسطنطين وتبرع فيه للكنيسة بكل القسم الغربي من الإمبراطورية الرومانية، امتناناً لمعجزة شفائه من الصرع على يد البابا سيلفيستر الأول. فمنح الكنيسة كل السلطات الدنيوية إلى جانب سلطاتها الدينية. وبناء على هذه الوثيقة أصبحت الكنيسة هي السلطة الشرعية على كل أوروبا الغربية، والتي تنبثق عنها كل السلطات الأخرى.
لذلك كان البابا هو الذي يتوّج رؤساء الدول الأوروبية وملوكها، وكان الإمبراطور شارلمان ) 768 – 814 ( أول إمبراطور يتوّجه البابا ليو الثالث عام 800 مستمداً سلطته الدنيوية من الكنيسة، بعد أن توسعت سلطتها لتشمل كذلك القسم الشرقي من الإمبراطورية الرومانية. وكان الملك في حاجة إلى تلك اللمسة التي تمنحه شرعية إلهية يحكم بمقتضاها بسلطة مطلقة، ليس بوسع أي من رعاياه تحديها، بسبب مصدرها الديني ذاك. بعدها تأسس مبدأ التكريس اللاهوتي anointment والذي لايمكن بمقتضاه لأي حاكم في أوروبا أن يكتسب شرعيته بدون المباركة الباباوية. وفي عملية تكريس تلك السلطة الباباوية المطلقة تم بين 840 – 850 تجميع مجموعة من الوثائق والتعاليم الكنسية تجذر أصول هذه السلطة، ومنها وثيقة الإقطاع القسطنطيني.
وبناء على هذه الوثائق، التي قيل وقتها إنها اكتشفت، وسنعرف فيما بعد أن بعضها اخترع، تم إحكام سلطة الكنيسة المطلقة على كل مناحي الحياة الدينية منها والدنيوية. وأصبح البابا، وهو ظل الله على الأرض، إنساناً فوق البشر، أي أنه معصوم من الخطأ Dogma of Papal Infallibility خاصة إذا ما كان يتحدث وهو جالس على الكرسي البابوي Ex Cathedra أي من كرسي القديس بطرس! وبسلطة المسيح نفسه. وكانت هذه السلطة لا تسري فقط على البشر العاديين، فتلك عادة يمارسها القساوسة في الكنائس وهم يتلقون اعترافات الرعية، ويغفرون منها ما يستحق الغفران المجاني، أما الكبائر فكان من الضروري الدفاع عنها لاستصدار صكوك الغفران. وإنما تسري السلطة البابوية على ملوك أوروبا قاطبة. فمن يتوج الملوك يستطيع أن يخلعهم.
وبذلك أصبح الكرسي البابوي أعلى سلطة في أوروبا، ولا تضارعه سطوة في العصور الوسطى في العالم كله إلا كرسي الخليفة العباسي أو طنافسه. وكان مكان الممثل الرمزي لهذا الكرسي هو أعلى مكان في أي مدينة. وبرج الكاتدرائية لا يعلو عليه أي بناء فيها. ولأن السلطة تولد الثروة، فقد أصبحت الكنيسة أغنى مؤسسة في أوروبا. وكان البابا في العصور الوسطى يعيش حياة لاتقل ثراءً وفخفخة عن حياة الملوك. فقد كانت سلطته أعلى من سلطاتهم كلها مجتمعة. فهو خادم المسيح الذي يستمد سلطته منه مباشرة، وAnnuario Pontificio أو Pontiff القس الأعلى أو أسمى القساوسة وأعلاهم. وقد حتمت أملاك الكنيسة الواسعة عملية الإدارة الدنيوية لاقتصاد واسع وضخم، وما يتبع تلك الإدارة بالطبع من سياسات وتحالفات، بل حتى ومؤامرات. فهي جزء من أية قوة سياسية مطلقة. ولو دخلنا في مجال هذه السياسات والانشقاقات، التي كان أبرزها انتقال البابوية إلى آفينيون لقرن من الزمان، لاحتجنا إلى دراسة مستقلة.
المهم أن كل هذه الانشقاقات، وهي جزء من طبيعة أي تأبيد للسلطة المطلقة، لم تنل من سلطة الكرسي البابوي، بل عززتها. وهي سلطة لعبت فيها مجموعة وثائق القرن التاسع التي أشرت إليها أعلاه، دوراً كبيراً في تكريسها مع أحد المفاهيم الكنسية الأساسية التي تبدأ بكرسي الاعتراف وطلب المغفرة، وتنتهي بالحرمان الكنسي Excommunication. وهو حرمان يتطلب توبة المحروم وطلبه للغفران، وإلا أخرج من جنة المسيحية وخلاصها. وكان الحرمان يرافقه إعلان بالتجريس، حيث تدق أجراس الكاتدرائية، ويمارس طقس إغلاق الكتاب المقدس، وإطفاء شمعة. ويعني هذا التجريس إخراج الشخص من قطيع المؤمنين، ومن هنا على جميع أفراد القطيع مقاطعته. وصكت الكنيسة لهذا الأمر مفهوماً لاهوتياً قوياً هو Vitandus التحاشي، وهو شكل من المقاطعة العلنية الكاملة. ولا يقل الطقس المعاكس، طقس الرجوع للقطيع علانية عن طقس الحرمان، فقد كانت السلطة الدينية تسامح المحروم، مقابل دفعه مبلغاً من المال للكنيسة، أو إقطاعها مساحة من الأرض، وفق عظم الجرم أو ضآلته، وهو ما عرف باسم صكوك الغفران. ويبلغ الأمر ذروته في حالة إذا ما كان المحروم كنسياً شخصية عامة، كأن يكون ملكاً مثلاً.
كان إصدار البابا لمرسوم الحرمان الكنسي بحق ملك من ملوك أوروبا أكثر من مجرد إعلان حرب، لأنه ما إن يخرج البابا الملك من الكنيسة، حتى يقضي بذلك على شرعيته. وقد أعلن
الكرسي البابوي حرمان أكثر من ملك أو إمبراطور على مر العصور: من الإمبراطور ثيودوسيوس الروماني، والإمبراطور هنري الرابع الألماني، إلى الملك هنري الرابع، والملك جون الإنجليزيين، وغيرهم. ولا يكتفي البابا في مثل هذه الحالات بإلغاء شرعية الملك، فور إصدار قرار الحرمان الكنسي، بل كان يؤلب عليه رعيته، لأن مرسوم الحرمان الكنسي لأي ملك
أو إمبراطور كان يرافقه عادة ما يعرف باسم Interdiction أي الحرمان الكنسي لكل رعيته، بحيث يصبح من المستحيل عليه تجاهل هذا الحرمان، أو تحدّيه. ولا يجد الملك المحروم مفراً من الإذعان وطلب العفو والمغفرة Tolerates.
وكانت طقوس إعلان الطاعة والدخول لحظيرة الرب، لا تقل قسوة عن طقوس الحرمان. ففي حالة شهيرة، وحينما أعلن البابا جريجوري السابع حرمان الملك هنري الرابع عام 1076 بعد خلاف معه، كان على الملك أن يعلن الإذعان. وإمعاناً في إذلال الملك، طلب منه البابا بدلاً من أن يأتي إلى المقر البابوي في روما، ويزحف على ركبتيه مرتدياً خرقة صوفية كالعادة طوال الطريق المؤدي لكاتدرائية القديس بطرس، أن يأتي إلى قصره الشتوي في كانوسا في جبال الألب. وتركه راكعاً في البرد وتحت الثلوج في خرقته الصوفية لمدة ثلاثة أيام قبل أن يستقبله ويعفو عنه، ويدخل رعيته من جديد إلى حظيرة الرب.
هكذا كانت سلطة البابا جبارة ومطلقة. ومن المفارقات الدالة أنها، كأي سلطة مطلقة، تنهض على قدر من الحقيقة، ومقدار من التزوير. فقد تم الكشف بعد عشرة قرون على الإقطاع
القنسطنطيني، أن الوثيقة المسماة بهذا الاسم، والتي تنبثق منها تلك السلطة المطلقة، وثيقة مزورة. حينما أثبت لورنزو فالا ( 1407 – 1457 ) في القرن الخامس عشر أنه لا يمكن أن تكون قد ألفت قبل القرن الثامن، وهو القرن الذي نمت فيه سطوة الكنيسة. فقد تبين أنه تم في القرن التاسع، حوالي عام 850 جمع أو بالأحرى اختراع الكثير من الوثائق التي تدعم شرعية الكنيسة وسلطتها، حيث حاولت أن تؤسس لشرعيتها تلك بأثر رجعي، فزورت تلك
الوثيقة مع وثائق أخرى. وثمة أسباب كثيرة لحاجة روما لتزوير وثيقة من هذا النوع، لأن القرن الثامن شهد بداية تعكير صفو التحالف التقليدي بين الكنيسة والإمبراطور، في زمن البابا
ستيفن الثاني ( 752 – 757 ) الذي بدأ معه التمايز بين الكنيستين الغربية والبيزنطية، بعدما بدأت ضغوط الدولة العباسية على مناطق كثيرة كانت تابعة للكنيسة البزينطية.
ولا تنهض تلك السلطة المطلقة على التزوير والتدليس وحدهما، وإنما أيضاً على التنكر لكثير من المبادئ التي قامت عليها، ألا وهي المسيحية نفسها. وليس ثمة نص أجمل من نص ديستويفسكي «المفتش الأكبر » مدخلاً للكشف عما جرى لكرسي البابوية في زمن سطوة هذا الكرسي وجبروته. ففي هذا القسم بالكتاب الخامس من رواية )الإخوة كرامازوف(، يدير دويستويفسكي بين الشقيقين: إيفان وأليوشا، أحد أعمق الحوارات فلسفية في تاريخ السرد الروائي. حيث يدور في هذا القسم حوار دال حول الله والإيمان وحرية الخيارات المتاحة للبشر، حينما يخبر «إيفان» المترع بالقلق العقلي والشكوك أخاه، الذي انتظم في سلك الرهبنة، بالقصيدة التي يكتبها عن «المفتش الأكبر». وهي قصيدة تنهض على أمثولة دالة على ما بلغته الكنيسة من غربة عن تعاليم المسيح نفسه. إذ تحكي عن عودة المسيح إلى الأرض في زمن محاكم التفتيش في إسبانيا، وقيامه بعدد من المعجزات التي ترجع أصداء المعجزات الإنجيلية، فيؤمن به الناس ويلتفون حوله، ولكن جلاوزة محاكم التفتيش يقبضون عليه، ويحكمون بتقديمه، باسم المسيحية ذاتها، للمحرقة في اليوم التالي. وفي المساء يزوره المفتش الأكبر، وهو في الوقت نفسه الأسقف الأكبر وممثل البابا في إسبانيا، في زنزانته. ويخبره أنه موقن أنه هو المسيح بحق، ولكن ظهوره الآن ليس في مصلحة الكنيسة بأي حال من الأحوال، لأنه يعرقل مهام الكنيسة التي تحكم باسمه، وأن الكنيسة لا تحتاجه الآن، بل من الضروري من أجل الكنيسة نفسها التخلص منه.
إننا هنا بإزاء أحد أهم النصوص العلامات. لأننا بإزاء نص يرجّع فيه المفتش أصداء غوايات الشيطان الثلاث في مفازة المسيح بالصحراء في الإنجيل. إذ يرى أن المسيح قد أخطأ
في رفضه لغوايات الشيطان الثلاث: فتحويل الحجارة إلى خبز كان ضرورياً في نظر المفتش لإطعام البشر، لأن القول «ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان » يتجاهل أن الغالبية العظمى
من البشر لن يكون بمقدورها اتّباع الفضيلة ببطون جائعة. وهكذا وبنفس المنهج الذرائعي المناقض لجوهر التعاليم المسيحية يمضي المفتش في تبرير سلطة الكنيسة، وفي نقد
المسيح لأنه منح تابعيه عبء الاختيار ومسؤولية الحرية، وهما ترف لا يقدر عليه إلا القلة، فأغلب البشر يحتاجون أن تختار الكنيسة لهم. ويسأله المفتش ملتاعاً في نهاية الحوار:
«لماذا عدت الآن لتعرقل عملنا؟ لقد جئت لتعرقل أعمالنا، فأنت تعرف أننا لا نعمل الآن معك، وإنما معه )أي الشيطان( فقد أخذنا منه ما رفضته أنت باحتقاركل الهدايا التي منحك إياها، وفتح لك بها الطريق إلى مملكة الأرض.
لقد أخذنا منه روما وسيف قيصر، وأعلنا أنفسنا حكام الأرض الوحيدين، وسوف ننتصر ونصبح قياصرة عندها سوف نؤسس سعادة الإنسان الكونية على الأرض!
وإزاء تهافت منطق المفتش، كمنطق كل سلطة مطلقة، لا ينبس المسيح إزاء تلك الهرطقة التي ترتكب باسمه بكلمة واحدة. ولكنه ينهض، ويقبل المفتش الأكبر على شفتيه، ويمضى، وقد فتح له الباب. تاركاً المفتش الأكبر وكنيسته وقد عراها، رغم كل جبروتها، من أية شرعية، وكشف عن أن مقعدها لا يقف على صخرة، بل على كذب وخواء.
*جامعة قطر

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى