عبدالرزاق دحنون - أحمد فاخوري: في مديح طبيب لندن العراقي

أحمد فاخوري إعلامي سوري مجتهد، وهو ابن مدينة النواعير، حماة، في وسط سورية. يُقيم اليوم في العاصمة البريطانية لندن، ويُقدم برنامج "تريندينغ" بالعربي من قناة "بي بي سي" الفضائية مع زميلته العراقية رانيا العطار. والبرنامج في الحقيقة من أنجح البرامج القصيرة التي تُقدم في دقائق معدودة على الشاشة ومن أشهرها. قبل فترة قصيرة أُصيب أحمد فاخوري بوعكة صحية نقل على أثرها إلى أحد مشافي لندن، وهناك كانت المفاجأة.

يقول: بعد يوم من وجودي في المشفى وعندما جاء أحد الأطباء في الجولة الصباحية، بدأتُ التحدث بالإنكليزية، فقال لي الطبيب: تحدث العربية، أنا فلسطيني، لا تخف، وأشار إلى الطبيبة المرافقة: وهذه هي الدكتورة جورجينا، هي من السودان، وتفهم العربية جيداً. كان طاقم الأطباء الاستشاريين الكامل من الأطباء العرب، ومن أمهر الأطباء.


نُقل أحمد فاخوري بين أقسام التصوير وقسم العناية المشددة وأشرف عليه أحد أفضل الأطباء في أحد مشافي لندن. وبعد الفحوصات ومتابعة حالته الصحية من قبل طاقم طبي على درجة عالية من التخصص والمهارة، يُتابع أحمد فاخوري: الطبيب الإنكليزي الذي كان مشرفاً عليَّ في قسم التصوير الطبقي المحوري قال لي: أنت محظوظ يا أحمد، سأله لماذا؟ فأجاب: لأن الطبيب الذي سيشرف عليك، الاستشاري الكبير في القسم، هو من أفضل الأطباء في لندن.
وهنا كانت المفاجأة الحقيقية، فإذا بي أسمع: "شنو أبو شهاب أشوفك عدنا". إنه طبيب عراقي، كبير الأطباء في المشفى من العراق، اسمه الدكتور مضر عبد الصاحب. كان لطيفاً جداً، وخبيراً جداً، ومريحاً، شعرت حينها أنني في منزلي، لأنه كان يشرح لي وضعي الصحي باللغة العربية ويتحدث بلهجة عراقية جميلة محببة.

يحكي أحمد فاخوري بفرح يلفه الحزن والحسرة والخيبة عن تجربته الصحية في مشفى لندن عبر قناته الخاصة في "يوتيوب": في هذه التجربة تعرفت على الكثير من الأطباء العرب العاملين في بريطانيا، حيث يوجد في يومنا هذا ما لا يقل عن خمسة آلاف من الأطباء العراقيين في بريطانيا من الخريجين من الجامعات والمعاهد الطبية العراقية والمتخصصين في بريطانيا، والكثير منهم بدرجة علمية عالية ومتميزة، ويلعبون دوراً مهماً ومفصلياً في النهضة الصحية في بريطانيا.

كان الأطباء العرب خلال أزمة كورونا على خط المواجهة الأول في بريطانيا ومجمل الدول الغربية. ومنهم من فقد حياته خلال أداء واجبه. هؤلاء الأطباء الشجعان الذين يعملون بجسارة ويتقدمون الصفوف هُجروا قسراً من بلادهم، ولكنهم لم يفقدوا العزيمة والتصميم يوماً. وليس غريباً أن تسمع عند دخولك أحد المشافي في مدينة أوروبية اللغة العربية في أروقة أحد أقسام المشفى، وبل أكثر من ذلك، تسمع اللهجة العراقية من طبيب عراقي. ويؤكد أحمد فاخوري قائلاً: دار في خلدي تساؤل مقلق ومحزن: كم لدينا من الخبرات. كم لدينا من القامات، ومن العلم، الذي يستفيد منه كل بلاد الغرب. ولكن للأسف بلادنا لا ترعى هذه الخامات، لا ترعى هذه العقول، فيضطر أحدهم للهجرة والعمل في بريطانيا. كم بلادنا بحاجة لمثل هؤلاء المبدعين.

تقول التقارير إن السنوات الأخيرة شهدت هجرة أكثر من عشرين ألف طبيب من العراق وحده، على الرغم من عدم وجود إحصائية دقيقة، فإن دول الجوار والعالم تستقطب الأطباء العراقيين، كونهم مشهوداً لهم بالكفاءة والخبرة. عامل مؤثر آخر في ملف هجرة الأطباء، فقد أصبح الفساد والمحسوبية وفي بعض الحالات الخطف والقتل من العوامل الأشد قوة لدفع الأطباء إلى الهجرة حفاظاً على سلامتهم من خطر كان يحدق بهم ولا يزال في عراق يحاول بكل ما يملك من إمكانيات وفيرة النهوض من هذه المحنة العظيمة التي ألمت به.

أحمد فاخوري مع أطباء العراق:

تعليقات

لا توجد تعليقات.

هذا النص

أعلى