-2
آخذ مجلسي , أرنو لمن حولي , وصمت حائر مجدول بروح القلق , الجميع تعلقت عيونهم على شاشة التلفاز , في يدي جهاز صغير أدير من خلاله القنوات , كل قناة يظهر عليها صور الكمامات , عربات على مسطحها ميكروفونات تحذر الناس من التواجد في الشوارع , تحثهم على العودة إلى بيوتهم , تناشدهم لأجل سلامتهم , أدرت على قناة أخرى رأيت سيارات الشرطة في شوارع " أسبانيا " يصلني صوت صفارات الإنذار , الشوارع خاوية , لا أحد , تقف العربات في نهر الطريق الضيق , يترجل منها رجال الشرطة وفي يد أحدهم آلة تعزف الموسيقى , يعزفون , يترنمون , يخرج إليهم الجميع حيث نوافذ بيوتهم وشرفاتهم , يرددوا معهم الأناشيد , هم ورجال الشرطة في ترنيمة واحدة , هي مؤازرة وشحذ الهمم لأن يصيروا إلى الأحسن في فترة العزل وتوقف الحركة وغد سيكون الأجمل , ما رأيته عبر شاشة التلفاز أثار في نفسي حزن دفين , ترنيمة الجيتار وترديد الأناشيد التي لم أفهم منها شيء أعادتني لعقود بعيدة , حيث السادس من حزيران 67 , كنا هناك حيث " غزة " كانت طائراتهم تلاحق مدينتنا بالقصف والموت , أبي يحوط نوافذ بيتنا بالبطاطين الثقيلة كي لا تكشف طائراتهم ذؤابة نور تزيح عتمة صرنا إليها , منع التجوال من طقوس يومنا , يجلسنا أبي بين الحجرات في ممر معتم كي لا تطالنا قذائف طائراتهم , تصرخ شقيقتي , يضمها أبي , يهدهد خوفها , لم يتبق لنا إلا صمت نلوذ اليه , صمت دون كمامات الكورونا , حبس الأنفاس دون مطهرات , ودقات قلوب واجفة دون أجهزة التنفس الصناعي , لم يأت إلينا أحدا مؤازرا , لم يصلنا صوت أنشودة من فرح ولا ترنيمة جيتار , كان صوت الرصاص هو العابر بين الجدران , مكبرات الصوت لا تناشدنا , بل ترهبنا لأن نبقى ننتظر الجديد القادم إلينا , أصوات ذلك الزمن لم تغادر أذني , ترهيب قد يعقبه الفتك والتنكيل , صرنا جميعنا نعيش ترنيمة خوف عصية , هناك لم نعرف زمن الكورونا , هناك صرنا في زمن المجهول , وريح صرر لعاصفة مدوية تلقينا حيث الجحيم , آه يازمن الكورونا !!!!... بيوت , نوافذ , أنوار , برج إيفل يضج بنوره مؤازرا , والوقت هو الوقت والتلفاز لا زال على مساحته , والخوف لا زال ساكنا عقارب ساعة لن تغادر وقتها .....
بشرى أبو شرار
آخذ مجلسي , أرنو لمن حولي , وصمت حائر مجدول بروح القلق , الجميع تعلقت عيونهم على شاشة التلفاز , في يدي جهاز صغير أدير من خلاله القنوات , كل قناة يظهر عليها صور الكمامات , عربات على مسطحها ميكروفونات تحذر الناس من التواجد في الشوارع , تحثهم على العودة إلى بيوتهم , تناشدهم لأجل سلامتهم , أدرت على قناة أخرى رأيت سيارات الشرطة في شوارع " أسبانيا " يصلني صوت صفارات الإنذار , الشوارع خاوية , لا أحد , تقف العربات في نهر الطريق الضيق , يترجل منها رجال الشرطة وفي يد أحدهم آلة تعزف الموسيقى , يعزفون , يترنمون , يخرج إليهم الجميع حيث نوافذ بيوتهم وشرفاتهم , يرددوا معهم الأناشيد , هم ورجال الشرطة في ترنيمة واحدة , هي مؤازرة وشحذ الهمم لأن يصيروا إلى الأحسن في فترة العزل وتوقف الحركة وغد سيكون الأجمل , ما رأيته عبر شاشة التلفاز أثار في نفسي حزن دفين , ترنيمة الجيتار وترديد الأناشيد التي لم أفهم منها شيء أعادتني لعقود بعيدة , حيث السادس من حزيران 67 , كنا هناك حيث " غزة " كانت طائراتهم تلاحق مدينتنا بالقصف والموت , أبي يحوط نوافذ بيتنا بالبطاطين الثقيلة كي لا تكشف طائراتهم ذؤابة نور تزيح عتمة صرنا إليها , منع التجوال من طقوس يومنا , يجلسنا أبي بين الحجرات في ممر معتم كي لا تطالنا قذائف طائراتهم , تصرخ شقيقتي , يضمها أبي , يهدهد خوفها , لم يتبق لنا إلا صمت نلوذ اليه , صمت دون كمامات الكورونا , حبس الأنفاس دون مطهرات , ودقات قلوب واجفة دون أجهزة التنفس الصناعي , لم يأت إلينا أحدا مؤازرا , لم يصلنا صوت أنشودة من فرح ولا ترنيمة جيتار , كان صوت الرصاص هو العابر بين الجدران , مكبرات الصوت لا تناشدنا , بل ترهبنا لأن نبقى ننتظر الجديد القادم إلينا , أصوات ذلك الزمن لم تغادر أذني , ترهيب قد يعقبه الفتك والتنكيل , صرنا جميعنا نعيش ترنيمة خوف عصية , هناك لم نعرف زمن الكورونا , هناك صرنا في زمن المجهول , وريح صرر لعاصفة مدوية تلقينا حيث الجحيم , آه يازمن الكورونا !!!!... بيوت , نوافذ , أنوار , برج إيفل يضج بنوره مؤازرا , والوقت هو الوقت والتلفاز لا زال على مساحته , والخوف لا زال ساكنا عقارب ساعة لن تغادر وقتها .....
بشرى أبو شرار
Bushra Abou Sharar
Bushra Abou Sharar ist bei Facebook. Tritt Facebook bei, um dich mit Bushra Abou Sharar und anderen Nutzern, die du kennst, zu vernetzen. Facebook gibt Menschen die Möglichkeit, Inhalte zu teilen und...
www.facebook.com