فتحى عبد الله · طائرٌ على السرير

يعزف الذي فقد أبناءه دون أن تطرف له عين
وأنا أضع يدي على رأس حبيبتي
ولا أعرف من أين جاء الألم
رغم أنني أتبع الزعفران كالحمار الوحشيّ
لا الموسيقى الزرقاءُ تأخذني إلى الأبراج العالية
ولا أضع فمي على ركبتها
وأهربُ من عاصفةٍ على بابها كلَّ يوم
وقد أعطي لها قميصي
أو الجيتارَ الذي ورثتُه من صديقتي الأولى
بعد أن منعوها من زيارة المقابر
وقالوا خيالُها أبعد من القطارات وأقرب من الموز
ولكي أسمع صفيرَها المليء بالصقور وذبذباتِ الملاكم
وأغوي ورودَها الحمراء في الليل
لا بدّ من وترٍ مقطوع أو زيارةٍ من النافذة
دون أن ألمس النقوش
أو أقتل الطائر الذي على سريرها
فقد وهبتني نمنماتٍ أذكرُها في الفيضان الكبير
وأنا نائمٌ دون ألم.
(٢)
بقفازاتٍ زرقاء
تقبض حبيبتي على صاحب التاج
الذي انصرف إلى أعماله في الأراضي البور
أو نام على قطيفةٍ حمراء
عليها طائرٌ يذهب وحده ويعود
وإلى أن تدركَ توتَه الأبيض
عليها أن تلقيَ حزام الصوف على المائدة
وتقصَّ الحشائش التي تعلو الملاك
بعد أن أهملَه رجل الصحراء
الذي ورث عن أبيه الخرائطَ والبوصلات
ولم يعرف أثر المحارب في ضحكاته على المقهى
إلى أن ياخذ النادلُ قبّعته
ويدعوه إلى الحجرة العالية
فيرى خوذةً مقلوبة يخرج منها النور
الذي مدحه (جينسبيرج) في بكائه المقطوع
على ثقبٍ زاره الله
أصبح بين يومٍ وليلة
مأهولًا بالعطور والمطرودين من الجبال
ولا ينقص حبيبتي إلا تابوتٌ من الكتّان
يأخذها إلى خميرتها الأولى
وينفخُ في حبلها الممدود
إلى أن يظهرَ حامل الراية
ليسقيَ الورودَ والأزهار.
(٣)
في الصحراءِ لم يجدوا لها قماطًا ولا ثلوجًا
وضحكوا من لُهاثها المقطوع
وقالوا: تنام على خشخشةٍ من الصوف
وترى قمرًا له وجوه كثيرة
أحيانًا يأخذها إلى أشجار تحتها وعول
ويتركُها وحيدة
وأحيانًا يحملها إلى عاصفةٍ دون صندوق
فلا تستطيع الإشارة
ولا تعرف من يقبض على رأسها في الليل
فقط عواءات بعيدة
وإنذاراتٌ من هنا أو هناك
ويأتي الملاكُ على رأس من ذهبوا إلى حقول الموز
ويخلع خفّه أمام شدّاداتِ الصدر التي عثروا عليها
دون أن يعرف نهدَ حبيبته
أو ظهرها المتروكَ للأصابع الطويلة
فقد أغمي عليه وصاح بين أصدقائه
لقد وضعوها في مصحّةٍ للعجائز
واتفقوا مع اللصوص على أقراطها
وأن يكون الخادمُ أولَّ من يزور الضحيّة
ولا يدخلُ من بابها إلا تحت أقواس الجريد
والدفوفُ تزفّه في الليلة الأولى.




أعلى