كتبتُ منشورًا منذ يومين تكلمتُ فيه عن فكرة التقليبات وأثرها في بناء معجم العين وبناء النظام العروضي الخليلي، وأن هذه الفكرة طبقها العبقري العظيم الخليل بن أحمد، وفَهِمَ بعض الفضلاء من كلامي أن هذا التشبيه يعني تماثل فكرة التقليبات بين معجم العين والنظام العروضي، لذا لزم هذا التنبيه.
أولًا: من نافلة القول أن أصرّح بأن التشابه القائم بين فكرة التقليبات في معجم العين والنظام العروضي الخليلي لا يعني التماثُل التامّ بينهما من الجهة الإجرائية في هذه الفكرة، فلكل مجالٍ حقله العلمي الذي يخصه، وطبيعته التي تميزه، وعلى وجه العموم فليس كل تشابُه تماثُلًا؛ فالله عز وجل كريم، والعبد كريم، التشابه بينهما في صفة الكرم لا يعني تماثلهما فيها.
ثانيًا: التقليب المقصود في النظام العروضي ليس المراد به تقليب حروف التفعيلات (كما كان الأمر في معجم العين حيث قُلّبتْ حروف الكلمة)، بل التقليب المقصود هنا هو تقليب الأسباب والأوتاد.
وعلى سبيل المثال فإن تفعيلة (مفاعيلن //0/0/0) تتكون من وتد مجموع (مفا //0) وسببين خفيفين (عي /0) و(لن/0)، وبتقليب هذين السببين مع الوتد المجموع تنتج هذه الاحتمالات كما يلي:
وتد مجموع + سبب خفيف + سبب خفيف = مفا عي لن أو مفا لن عي //0/0/0= مفاعيلن
سبب خفيف+ وتد مجموع+ سبب خفيف= لن مفا عي أو عي مفا لن /0//0/0= فاعلاتن
سبب خفيف+ سبب خفيف+ وتد مجموع= عي لن مفا أو لن عي مفا /0/0//0 = مستفعلن
ويتبين لنا من التقليبات السابقة أننا من تفعيلة (مفاعيلن) حصلنا على تفعيلتين هما (فاعلاتن ومستفعلن).
ومثال ذلك أيضًا تفعيلة (فعولن) تتكون من وتد مجموع (فعو //0) وسبب خفيف (لن /0)، وبتقليبها ينتج احتمالان:
وتد مجموع + سبب خفيف (فعولن).
سبب خفيف + وتد مجموع (لن فعو) = فاعلن.
فإذا جمعنا الاحتمالات السابقة الناشئة عن (فعولن) مع الاحتمالات الناشئة عن (مفاعيلن) فسوف ينتج عدة احتمالات أذكر منها على جهة الاختصار:
فعو لن + مفا عي لن: بنية الطويل (مستعمل)
مفا عي لن + فعو لن: بنية المستطيل (مهمل)
لن فعو + عيلن مفا = فاعلاتن فاعلن : بنية المديد (مستعمل)
لن فعو + عي مفا لن= فاعلن فاعلاتن: بنية الممتد (مهمل)
عيلن مفا + لن فعو= مستفعلن فاعلن: بنية البسيط (مستعمل)
..... إلخ
وقد اكتفيتُ بالاحتمالات السابقة للتدليل على أن فكرة التقليبات لا يمكن إنكارها في البناء العروضي، كما أنه لا يلزم واضعَ العلم أن يُحققها بدرجة مائة في المائة ليثبت أنه استخدمها، بل يكفي وجود أصل الفكرة وتطبيقها من الجهة العملية ولو في عدة صور (وهذا فارق إجرائي آخر بين تطبيق هذه الفكرة في المعجم وتطبيقها في العروض)، وقد رأينا أنه من خلال تقليب أسباب وأوتاد تفعيلتين هما (فعولن ومفاعيلن) استطعنا الحصول على البنى الأساسية لخمسة أبحر، منها ثلاثة مستعملة وبحران مهملان.
ويمكن تطبيق فكرة التقليبات بسهولة على دائرة (المختلف) بتدوير الأسباب والأوتاد عليها، لنصل إلى هذه البحور الخمسة التي ذكرتُها.
ثالثًا: القول بأن فكرة التقليبات في النظام العروضي الخليلي تعني تقليب حروف التفعيلات كما فهم بعض الفضلاء يترتب عليه إنتاج:
تفعيلات تبدأ بساكن أو أكثر.
وتفعيلات يلتقي فيها ساكنان أو أكثر في وسطها.
وتفعيلات تحتوي على خمسة متحركات متتالية.
................... إلخ.
ولنأخذ مثلًا تفعيلة (مُتَفَاْعِلُنْ ///0//0) فإنها تتكون من خمس متحركات وساكنين، وإذا طبقنا عليها فكرة تقليبات الحروف المزعومة فسينتج تفعيلات تبدأ بساكنين (00/////)، وأخرى يلتقي فيها ساكنان في الوسط (///00///) و(//00///)، وأخرى يجتمع فيها خمس متحركات (00/////) و(/////00) ..... إلخ، وهذا الصنيع ضدّ منطق العربية.
خلاصة القول أن التشابه بين معجم العين والعروض الخليلي في فكرة التقليبات لا يعني التماثُل التامّ بينهما فيها من الناحية الإجرائية، بل يعني أن أصل الفكرة موجود في الحقلين غير أن تطبيقها يختلف من حقل لآخر، وقد ذكرتُ بعض هذه الموائز، وأغفلتُ بعضها؛ إذ لا تخفي على دارسي العِلْمين، وليس المقام مقام تفصيل.
والله الموفِّق لكل خير
وكتبه: محمد بن مصطفى الكنـز
عفا الله عنه
أولًا: من نافلة القول أن أصرّح بأن التشابه القائم بين فكرة التقليبات في معجم العين والنظام العروضي الخليلي لا يعني التماثُل التامّ بينهما من الجهة الإجرائية في هذه الفكرة، فلكل مجالٍ حقله العلمي الذي يخصه، وطبيعته التي تميزه، وعلى وجه العموم فليس كل تشابُه تماثُلًا؛ فالله عز وجل كريم، والعبد كريم، التشابه بينهما في صفة الكرم لا يعني تماثلهما فيها.
ثانيًا: التقليب المقصود في النظام العروضي ليس المراد به تقليب حروف التفعيلات (كما كان الأمر في معجم العين حيث قُلّبتْ حروف الكلمة)، بل التقليب المقصود هنا هو تقليب الأسباب والأوتاد.
وعلى سبيل المثال فإن تفعيلة (مفاعيلن //0/0/0) تتكون من وتد مجموع (مفا //0) وسببين خفيفين (عي /0) و(لن/0)، وبتقليب هذين السببين مع الوتد المجموع تنتج هذه الاحتمالات كما يلي:
وتد مجموع + سبب خفيف + سبب خفيف = مفا عي لن أو مفا لن عي //0/0/0= مفاعيلن
سبب خفيف+ وتد مجموع+ سبب خفيف= لن مفا عي أو عي مفا لن /0//0/0= فاعلاتن
سبب خفيف+ سبب خفيف+ وتد مجموع= عي لن مفا أو لن عي مفا /0/0//0 = مستفعلن
ويتبين لنا من التقليبات السابقة أننا من تفعيلة (مفاعيلن) حصلنا على تفعيلتين هما (فاعلاتن ومستفعلن).
ومثال ذلك أيضًا تفعيلة (فعولن) تتكون من وتد مجموع (فعو //0) وسبب خفيف (لن /0)، وبتقليبها ينتج احتمالان:
وتد مجموع + سبب خفيف (فعولن).
سبب خفيف + وتد مجموع (لن فعو) = فاعلن.
فإذا جمعنا الاحتمالات السابقة الناشئة عن (فعولن) مع الاحتمالات الناشئة عن (مفاعيلن) فسوف ينتج عدة احتمالات أذكر منها على جهة الاختصار:
فعو لن + مفا عي لن: بنية الطويل (مستعمل)
مفا عي لن + فعو لن: بنية المستطيل (مهمل)
لن فعو + عيلن مفا = فاعلاتن فاعلن : بنية المديد (مستعمل)
لن فعو + عي مفا لن= فاعلن فاعلاتن: بنية الممتد (مهمل)
عيلن مفا + لن فعو= مستفعلن فاعلن: بنية البسيط (مستعمل)
..... إلخ
وقد اكتفيتُ بالاحتمالات السابقة للتدليل على أن فكرة التقليبات لا يمكن إنكارها في البناء العروضي، كما أنه لا يلزم واضعَ العلم أن يُحققها بدرجة مائة في المائة ليثبت أنه استخدمها، بل يكفي وجود أصل الفكرة وتطبيقها من الجهة العملية ولو في عدة صور (وهذا فارق إجرائي آخر بين تطبيق هذه الفكرة في المعجم وتطبيقها في العروض)، وقد رأينا أنه من خلال تقليب أسباب وأوتاد تفعيلتين هما (فعولن ومفاعيلن) استطعنا الحصول على البنى الأساسية لخمسة أبحر، منها ثلاثة مستعملة وبحران مهملان.
ويمكن تطبيق فكرة التقليبات بسهولة على دائرة (المختلف) بتدوير الأسباب والأوتاد عليها، لنصل إلى هذه البحور الخمسة التي ذكرتُها.
ثالثًا: القول بأن فكرة التقليبات في النظام العروضي الخليلي تعني تقليب حروف التفعيلات كما فهم بعض الفضلاء يترتب عليه إنتاج:
تفعيلات تبدأ بساكن أو أكثر.
وتفعيلات يلتقي فيها ساكنان أو أكثر في وسطها.
وتفعيلات تحتوي على خمسة متحركات متتالية.
................... إلخ.
ولنأخذ مثلًا تفعيلة (مُتَفَاْعِلُنْ ///0//0) فإنها تتكون من خمس متحركات وساكنين، وإذا طبقنا عليها فكرة تقليبات الحروف المزعومة فسينتج تفعيلات تبدأ بساكنين (00/////)، وأخرى يلتقي فيها ساكنان في الوسط (///00///) و(//00///)، وأخرى يجتمع فيها خمس متحركات (00/////) و(/////00) ..... إلخ، وهذا الصنيع ضدّ منطق العربية.
خلاصة القول أن التشابه بين معجم العين والعروض الخليلي في فكرة التقليبات لا يعني التماثُل التامّ بينهما فيها من الناحية الإجرائية، بل يعني أن أصل الفكرة موجود في الحقلين غير أن تطبيقها يختلف من حقل لآخر، وقد ذكرتُ بعض هذه الموائز، وأغفلتُ بعضها؛ إذ لا تخفي على دارسي العِلْمين، وليس المقام مقام تفصيل.
والله الموفِّق لكل خير
وكتبه: محمد بن مصطفى الكنـز
عفا الله عنه
د. محمد مصطفى الكنز
د. محمد مصطفى الكنز ist bei Facebook. Tritt Facebook bei, um dich mit د. محمد مصطفى الكنز und anderen Nutzern, die du kennst, zu vernetzen. Facebook gibt Menschen die Möglichkeit, Inhalte zu...
www.facebook.com