قبل سنوات كتبت عن إشكالية مصطلح المثقف، (النطاق الموضوعي) من ناحية، والجانب النفعي في مواجهة التخصص من ناحية ثانية، وذلك عبر عدة مقالات متفرقة. ولا زالت المشكلة قائمة. ولكنها اليوم تختلف قليلاً عما مضى.
تفاقم مشكلة المثقف أو الثقافة اليوم، ترتبط بتعريفنا للمثقف، أياً كان انتقاؤنا لأحد تعريفاتها كما أوردها إدوارد سعيد فهي في كل الأحوال إما ان تكون مفاهيم كمية او وظيفية. معرفية اي تتعلق بالكم المعرفي، ووظيفية اي تقترب من مصطلح المفكر أو الفيلسوف. إن هذه المصطلحات كلها غامضة، لكننا نستطيع أن نؤمِّن اليوم على أن المفاهيم الكمية تتقلص..ولذلك ينتقل الصراع من الصراع بين المثقف والمتخصص إلى المفكر والمتخصص. إن المفكر ليبرالي دائماً أما المتخصص فمحافظ دائماً، وإذا اجتمع الإثنان -رغم صعوبة ذلك-كان هناك إنتاجاً هائل الخصوبة؛ مع ذلك يقل الميل للجمع بينهما رغم ما يسمى بالأبحاث متعددة التخصصات؛ وذلك لأنها -أي تلك الأبحاث- في الغالب ستعاني من عدم الفهم ومن ثم عدم القبول. لقد أصبح الجانب الكمي من مخلفات التاريخ. فأعظم مثقف كمي في العالم هو قوقل.
لم يعد بالضرورة أن يعرف آينشتاين سرعة الضوء فهذه معلومة تاتيك بلمسة على شاشة الهاتف، أو مجرد أن تتلفظ بالسؤال عبر مايكرفون الهاتف لتأتك الإجابة. إن كل المعلومات تتحول لرموز، فسرعة الضوء هي (f).. والمطلوب من المفكر هو إدخالها في معادلة تتضمن متغيرات (x). للخروج بفروض جديدة تتحول بدورها لمقدمات. إن الأداتية تنتصر هنا. وهكذا يصبح المثقف الكمي مثقفاً استعراضياً كالحاوي الذي يستخدم خفة اليد حيث يدرك الجميع أنه ماهر وكذاب في نفس الوقت.
لذلك فالمثقف على ذلك النحو لم يعد مهماً بقدر ما أضحى من الواجب عليه ان ينتقل إلى مرتبة أرفع قليلاً وهو المثقف الوظيفي (المفكر). غير أن مشكلة المثقف الوظيفي الجوهرية هو ان سيظل دوماً أدنى بكثير من المتخصص. ولذلك يضيق مجاله باستمرار لينحصر في حقل الأدب. فالأدب حقل مفتوح وقابل للتحمل، لأنه يعتمد على ترك مساحات شاسعة للتأويل، هذه المساحات يمكن أن يلعب عليها المثقف الوظيفي، كما يمكن أيضا أن يلعب داخلها المثقف الكمي دوراً مثرياً للعمل الأدبي. لذلك قد يكون هذا أحد مبررات انتشار التوجه العام نحو الرواية التاريخية.
تفاقم مشكلة المثقف أو الثقافة اليوم، ترتبط بتعريفنا للمثقف، أياً كان انتقاؤنا لأحد تعريفاتها كما أوردها إدوارد سعيد فهي في كل الأحوال إما ان تكون مفاهيم كمية او وظيفية. معرفية اي تتعلق بالكم المعرفي، ووظيفية اي تقترب من مصطلح المفكر أو الفيلسوف. إن هذه المصطلحات كلها غامضة، لكننا نستطيع أن نؤمِّن اليوم على أن المفاهيم الكمية تتقلص..ولذلك ينتقل الصراع من الصراع بين المثقف والمتخصص إلى المفكر والمتخصص. إن المفكر ليبرالي دائماً أما المتخصص فمحافظ دائماً، وإذا اجتمع الإثنان -رغم صعوبة ذلك-كان هناك إنتاجاً هائل الخصوبة؛ مع ذلك يقل الميل للجمع بينهما رغم ما يسمى بالأبحاث متعددة التخصصات؛ وذلك لأنها -أي تلك الأبحاث- في الغالب ستعاني من عدم الفهم ومن ثم عدم القبول. لقد أصبح الجانب الكمي من مخلفات التاريخ. فأعظم مثقف كمي في العالم هو قوقل.
لم يعد بالضرورة أن يعرف آينشتاين سرعة الضوء فهذه معلومة تاتيك بلمسة على شاشة الهاتف، أو مجرد أن تتلفظ بالسؤال عبر مايكرفون الهاتف لتأتك الإجابة. إن كل المعلومات تتحول لرموز، فسرعة الضوء هي (f).. والمطلوب من المفكر هو إدخالها في معادلة تتضمن متغيرات (x). للخروج بفروض جديدة تتحول بدورها لمقدمات. إن الأداتية تنتصر هنا. وهكذا يصبح المثقف الكمي مثقفاً استعراضياً كالحاوي الذي يستخدم خفة اليد حيث يدرك الجميع أنه ماهر وكذاب في نفس الوقت.
لذلك فالمثقف على ذلك النحو لم يعد مهماً بقدر ما أضحى من الواجب عليه ان ينتقل إلى مرتبة أرفع قليلاً وهو المثقف الوظيفي (المفكر). غير أن مشكلة المثقف الوظيفي الجوهرية هو ان سيظل دوماً أدنى بكثير من المتخصص. ولذلك يضيق مجاله باستمرار لينحصر في حقل الأدب. فالأدب حقل مفتوح وقابل للتحمل، لأنه يعتمد على ترك مساحات شاسعة للتأويل، هذه المساحات يمكن أن يلعب عليها المثقف الوظيفي، كما يمكن أيضا أن يلعب داخلها المثقف الكمي دوراً مثرياً للعمل الأدبي. لذلك قد يكون هذا أحد مبررات انتشار التوجه العام نحو الرواية التاريخية.