محمود عبدالله - واصل بن عطاء مؤسس المعتزلة أكثر المذاهب الفكرية جدلا

كم لك في قلبي من الحب يا واصل!!
اعتزل شيخه الحسن البصري إثر نقاش دار حول مرتكب الكبيرة، ليؤمن واصل بأنه فى منزلة بين المنزلتين، ويضع عدة أسس لمذهبه التوحيدي، الذى اعتمد على تنزيه الله عن الصفات التى قد يتطرق من خلال إثباتها تعدد فى الذات وهو ما يستحيل نسبه لله عز وجل.
تعرض واصل لانتقادات كثيرة وتشنيع من كثير من الخصوم، هذا النقد طال شخصه وصفاته الخلقية، فالمعروف أن واصل كانت به لثغة فى حرف الراء، مما يجلب له السخرية أثناء عقد المناظرات مع الخصوم، لكنه عندما تفوق على خصومه من المرجئة والخوارج والمانوية نال إعجاب المحيطين به.
تميز واصل بقلة الكلام، وعمل بمهنة الغزل، حتى لقب بالغزال، ورغم لثغته عُد من أبرز خطباء عصره، حيث جزالة المعانى والألفاظ، وكان أحد أسباب تفوقه هو إدراكه المبكر لكونه زعيم فرقة كلامية مهمة جدا، فلابد سيدخل فى مناظرات وخطب ومجادلات لا تنتهي، وأن اللثغة عيب ويجب تجاوزه.
سارع الرجل بإسقاط حرف الراء من بين كلامه والاهتمام بمخارج الحروف، واستبدال كل كلمة بها حرف الراء بمرادف لها لا يحتوى على نفس الحرف، فكان ذلك مصدرا لإعجاب الناس ومدهشا للغاية، وقد امتدحه الشاعر بشار بن برد قائلا: «وجانب الراء لم يشعر به أحد / قبل التفصح والأعراف فى الطلب». وقيل فيه أيضا: «ويجعل البر قمحا فى تصرفه / وخالف الراء حتى احتال للشعر / ولم يطق مطرا والقول يعجله/ فعاد بالغيث إشفاقا من المطر».
وكان من أبرز ما فعله أنه استبدل «يشرب منه الصادر والوارد» بـ «يسقى الصادى والغادي» واستبدل «ركب فرسه وجر رمحه» بـ «استوى على جواده وسحب عامله».
ومن خطبه: «الحمد لله العدل فى قضائه، الجواد فى عطائه، المتعالى عن كل مذموم، العالم بكل مكتوم، نهى عن القبيح ولم يقضه، وحث على الجميل، ولم يَحُل بينه وبين خلقه».
وينسب الكل ظهور المعتزلة على يد واصل ومعه عمرو بن عبيد، لكن أبا بكر بن دريد مؤلف كتاب الاشتقاق ينسب الاعتزال لشخص يسمى عامر بن عبدالقيس، وصفه قائلا: كان من خيار المسلمين، وله كلام فى التوحيد كثير، وهو الذى اعتزل حلقه
لكن الواضح، وفق بحث الدكتور رشيد الخيون في كتابه "معتزلة البصرة وبغداد"، أن كثير من طروحات المعتزلة كانت موجودة ومنثورة لكن واصل هو من نظمها وجعلها في نسق ومذهب فكري واحد يمكن تدريسه وتوجيهه للناس.

محمود عبدالله



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى