قصة جميلة جداً.. فلعلها نبذة من التاريخ الصائر عساه.. وإن لم تكن ونحسب أن القاص ابتدعها نعم.. فهو فن الحز والتحديد المقطعي.. فرج ياسين حزَّ مقطعاً من حياة إذا ما كانت متخيلة فهي قائمة فعلا وكان قد سحبها سحباً...
وهذا نؤكد عليه أن القصة أيما قصة عبقرية أو ناجحة الاعتبار.. هي كانت بالأعم الأغلب واقعاً مرصوداً ومخطوطاً بقلم الوجود قبلَ كل شي ... تحركت عناصره ورموزه، وفق ارتباطات وتقاربات افترضتها الضرورات الكونية في أن تتصيّر وتكون...
فمنها يعبر عن عشق ومنها عن ملهاة أو مأساة.. أو عن أثر قيمي حكمي.. تعليمي.. المهم عن غاية ..
اعتمد القاص هنا الجذر الأسطوري كشيفرة ، فأسس عليه بُناه ، وهو سرٌ سحريٌّ بديع.. من خزانات ألف ليلة وليلة... ورغم أن القصة قصيرة القياس.. لكنها وسيعة المسافات في بطاناتها... تريك عوالم وعوالم.. وتأخذك بعيداً... حيث رياش شهريار. وجبروته. وهو جبروت قائد الجند بالمعادل الواقعي في راهن اللحظة القصصية.. وسحريات ومكورات شهرزاد التي حلت حلولاً صوفياً بهذي البيضاء التي وقفت واختلت مع القائد فانهار أمامها حتما كانت رمزاً غيبياً أي تلبسها وجود خاص...
نعم حكت عشقاً وسراً روحياً مربوطاً بالقدري أكثر من هذا... فلعل الذي يزحزح الواقع كمثل العسكر عن إرادتهم. في لحظتهم الفزعة المتوترة ماهو إلا معجزة سماوية...
انهار القائد الرأس أمامها كما ينهار رأس جبل ثلجي أمام شمس تموز الحادة كلمة صدق مدعومة بغيبي قدري..لابد..
وهكذا تجلت قدرات الماوراء الميتافيزيقي...والقصص الباهرة تملك من هذا الدفع التحريضي...
أطاع بالحب أكيد دخل يقينه فالحاكم الحق والذي ملكَ أدوات السلطة.. كان حتما قريبا لله...
القاص ضرب ضربة الشد والتشويق إذ أغرى متلقيه وجعل منه يتيه في براري المستتر وهذا فن هندسي بديع... قصة بدأت تدريجية رغم أنها لم تطل روايتها ولا لسان الحكواتي الشاهد ، إنما هي جملٌ بليغة تحبك الزمان والمكان.. نسميها الجمل المحشودة بالنشاط والوجودية المستبطنة غوامضها.
القاص كان عرض الغائص من قالب الثلج وترك الظاهر.. الظاهر بحساباته كدس مسطور في بطن مجهول حيوي، أعني بالغائص..هي فنية باهرة اعتمدت شفرات الأسطوري والظاهراتية التاريخية.. وسحر النسج والصياغة والحبكات أدبياً في روح المعنى.. ما كان اعتمد اللغة ابداً اعتمد في قصه رؤى خفيه قدّرَ أنها في يوم ما كانت أغرت انسانها وأشبعته...
حصر القاص نقاطه، كالجفر كمفاصل تدخل في مفاصل أي ميكانيكية سحرية كلما أخرجت مفصلاً يتراءى أمامك إخراج الثاني وهو الحاصل طوراً حتى اتمام الصورة
.............................................
امرأة (قصة قصيرة) لـ د. فرج ياسين
-----
على تخوم مدينة كبريا، استكمل الغزاة حصارهم. وجعل قائدهم يشاور أعوانه حول ساعة الصفر الوشيكة، لكنّ أحد المستطلعين أحضر امراة في الأربعين من العمر، قال انه وجدها تملأ جرتها من نبع صغير ، غير هيابة ولا وجلة.
وجدها تخوّض في ماء النبع من دون أن ترفع اذيال ثوبها السابغ المرقّش بالفرا شات والأزهار الملونة ، وضوؤها يتصادى مع ضوء الشمس المنعكس على صفحة الماء .
مأ أن أدخلوها على القائد حتى أمر بأن تقوّض الخيام وتخلع الأوتاد ويعلن النفير وتلوي الخيول أعنتها ويتهيأ الجند . ثم قرعت الطبول إيذانا ببدء الرحيل.
حتى اليوم لم يعرف الأعوان وفقهاء الدولة و المؤرخون ماالذي حصل في تلك الدقائق الحاسمة !
حرفية نقد اعتباري
أ. حميد العنبر الخويلدي
ــــ العراق ـــــ
وهذا نؤكد عليه أن القصة أيما قصة عبقرية أو ناجحة الاعتبار.. هي كانت بالأعم الأغلب واقعاً مرصوداً ومخطوطاً بقلم الوجود قبلَ كل شي ... تحركت عناصره ورموزه، وفق ارتباطات وتقاربات افترضتها الضرورات الكونية في أن تتصيّر وتكون...
فمنها يعبر عن عشق ومنها عن ملهاة أو مأساة.. أو عن أثر قيمي حكمي.. تعليمي.. المهم عن غاية ..
اعتمد القاص هنا الجذر الأسطوري كشيفرة ، فأسس عليه بُناه ، وهو سرٌ سحريٌّ بديع.. من خزانات ألف ليلة وليلة... ورغم أن القصة قصيرة القياس.. لكنها وسيعة المسافات في بطاناتها... تريك عوالم وعوالم.. وتأخذك بعيداً... حيث رياش شهريار. وجبروته. وهو جبروت قائد الجند بالمعادل الواقعي في راهن اللحظة القصصية.. وسحريات ومكورات شهرزاد التي حلت حلولاً صوفياً بهذي البيضاء التي وقفت واختلت مع القائد فانهار أمامها حتما كانت رمزاً غيبياً أي تلبسها وجود خاص...
نعم حكت عشقاً وسراً روحياً مربوطاً بالقدري أكثر من هذا... فلعل الذي يزحزح الواقع كمثل العسكر عن إرادتهم. في لحظتهم الفزعة المتوترة ماهو إلا معجزة سماوية...
انهار القائد الرأس أمامها كما ينهار رأس جبل ثلجي أمام شمس تموز الحادة كلمة صدق مدعومة بغيبي قدري..لابد..
وهكذا تجلت قدرات الماوراء الميتافيزيقي...والقصص الباهرة تملك من هذا الدفع التحريضي...
أطاع بالحب أكيد دخل يقينه فالحاكم الحق والذي ملكَ أدوات السلطة.. كان حتما قريبا لله...
القاص ضرب ضربة الشد والتشويق إذ أغرى متلقيه وجعل منه يتيه في براري المستتر وهذا فن هندسي بديع... قصة بدأت تدريجية رغم أنها لم تطل روايتها ولا لسان الحكواتي الشاهد ، إنما هي جملٌ بليغة تحبك الزمان والمكان.. نسميها الجمل المحشودة بالنشاط والوجودية المستبطنة غوامضها.
القاص كان عرض الغائص من قالب الثلج وترك الظاهر.. الظاهر بحساباته كدس مسطور في بطن مجهول حيوي، أعني بالغائص..هي فنية باهرة اعتمدت شفرات الأسطوري والظاهراتية التاريخية.. وسحر النسج والصياغة والحبكات أدبياً في روح المعنى.. ما كان اعتمد اللغة ابداً اعتمد في قصه رؤى خفيه قدّرَ أنها في يوم ما كانت أغرت انسانها وأشبعته...
حصر القاص نقاطه، كالجفر كمفاصل تدخل في مفاصل أي ميكانيكية سحرية كلما أخرجت مفصلاً يتراءى أمامك إخراج الثاني وهو الحاصل طوراً حتى اتمام الصورة
.............................................
امرأة (قصة قصيرة) لـ د. فرج ياسين
-----
على تخوم مدينة كبريا، استكمل الغزاة حصارهم. وجعل قائدهم يشاور أعوانه حول ساعة الصفر الوشيكة، لكنّ أحد المستطلعين أحضر امراة في الأربعين من العمر، قال انه وجدها تملأ جرتها من نبع صغير ، غير هيابة ولا وجلة.
وجدها تخوّض في ماء النبع من دون أن ترفع اذيال ثوبها السابغ المرقّش بالفرا شات والأزهار الملونة ، وضوؤها يتصادى مع ضوء الشمس المنعكس على صفحة الماء .
مأ أن أدخلوها على القائد حتى أمر بأن تقوّض الخيام وتخلع الأوتاد ويعلن النفير وتلوي الخيول أعنتها ويتهيأ الجند . ثم قرعت الطبول إيذانا ببدء الرحيل.
حتى اليوم لم يعرف الأعوان وفقهاء الدولة و المؤرخون ماالذي حصل في تلك الدقائق الحاسمة !
حرفية نقد اعتباري
أ. حميد العنبر الخويلدي
ــــ العراق ـــــ