أ. د. عادل الأسطة - ذاكرة أمس ٣٧ : سؤال "زنخ"

سألتني أمس السيدة Hanan Bakir إن كنت في حياتي العملية شخصية ميالة للضحك - وأبدت اعتذارها سلفا لسؤالها " الزنخ " - فأجبتها بأنني كذلك ، ولكن في حدود ضيقة ، وكان بعض معارفي ، حين أحول الجلسة إلى جلسة ضحك وانبساط ، يظنوني " معمرها " أو " مسلطن " وقد يظن قسم أنني أتعاطى الكوكائين ، وأنا لا أدخن السجائر . وسبب السؤال والاعتقاد هو روح كتاباتي التي تميل إلى خلط الجد بالهزل والدعابة والسخرية وربما إمعاني في كتابة أشياء تبدو غير واقعية لمن لم يعش التجربة التي عشتها وأعيشها ، وهي تجربة قاسية كافكاوية بامتياز .
في العام ١٩٧٨ تعرفت إلى الناشر يعقوب حجازي من عكا وقد سألني إن كنت " أسلطن " حين أكتب ، ولما أجبته بالنفي استغرب ، فاميل حبيبي لم يكتب روايته " المتشائل " دون " سلطنة " ، والسلطنة تعني المضغ ووضع قرص B12 الملغوم تحت اللسان ، لا سلطنة عمان .
مثلنا الشعبي يقول " شر البلية ما يضحك " وكان حبيبي يلجأ إلى السخرية لمواجهة الظالم ، فهو لا يملك سلاحا آخر ، وقد أضحكنا في نصوصه كثيرا وأراد منا أن نتغلب على الواقع بالضحك .
ماذا أحدث عن شر البلية ؟
شر البلية أن يتحول أخوك إلى جاسوس يتجسس عليك ويذهب ليصلي ثم ينكر ما يقوم به .
هل تحول إخوتي إلى جواسيس علي ؟
الإجابة في المقاطعة ولا أخجل من كتابة الحقيقة .
خيال . خيال شرقي ، والحكاية الشعبية أولها كذب وآخرها كذب وأنا لا أكذب ، فلست مضطرا إلى ذلك .
" من ليس بوليسا علينا فليشرف
من ليس جاسوسا علينا فليشرف "
كتب محمود درويش .
أمس جلست في " باب الساحة " أتأمل منارة الساعة التي بناها السلطان عبد الحميد الثاني ، وقلت :
- إن هدموا القشلة فإنهم لم يهدموا جامع النصر والمنارة ، وما ذهب إليه أحد المعقبين على ما كتبته أمس عن هدم القشلة ليس صحيحا .
عقب أحد قراء " ذاكرة أمس ٣٦ " إلى أن الإسرائيليين هدموا القشلة لأنهم لا يريدون أن يبقوا على آثار إسلامية في فلسطين .
دول سادت ثم انتهت سيطرتها وبقيت بعض ما أنجزته من معالم شاهدا عليها .
أول أمس ، وأنا في الحافلة ، تحدث أحد الركاب عن البنوك الربوية والفوائد ، وأتى على سيرة الشيخ محمد متولي الشعراوي ومدحه ومدح موقفه من البنوك ، ووقف السائق إلى جانب الراكب ، فسألته إن كان يعرف أنه أخذ أموالا من السعودية . وتذكرت قصة رواها أمير اسكندر في كتابه " صراع اليمين واليسار في الثقافة المصرية " عن شيخ أزهري هو عبد الحليم محمود ، وقد اختلط الأمر علي .
حين بحثت عن حياة الشيخ شعراوي قرأت أنه شجع شركات الصرافة الخاصة ، مثل شركة الريان ، ودعا إلى إيداع الأموال فيها ، ونهى عن التعامل مع البنوك ، وكانت النتيجة أن هذه الشركات سرقت أموال الناس .
أحيانا حقا تكون الحياة باعثة على الضحك والسخرية ، فقد يتهمك شخص بأنك جاسوس ، ولكنه لا يرفض مالا تعطيه إياه ، بل ويطلبه منك ، وحين تسأله :
- كيف تأخذ مالا من جاسوس ؟
يجيبك بأنه قال ما قال في لحظة غضب وأنه لم يقصد .
الحياة تسخر منا جميعا ، ومثلنا يقول " إذا ما بتقدر على عدوك بوس ايده وادع عليها بالكسر " .
صباح الخير
خربشات
٢٢ نيسان ٢٠٢١
3 commentaires

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى