للمدن في حياة أهلها أثر لايزول بمرور الزمن؛ ولكل منا ذكريات مع مدينته الأثيرة؛ وأنا ممن يهيمون وجدا بالقاهرة؛ مدرج الجامعة الأم؛ رفلت فيها أحلامي زهوا حين أتيتها أول مرة سبت قلبي؛ أدهشتني بمبانيها وبشوارعها وبناسها؛ بوم نزلت من محطة رمسبس الواقف في الميدان قابضا على على عصا الملك، تجري حافلات النقل العام محملة بأكداس من ناس بلادي!
تعرفت أماكنها وشخصت في ذاكرتي معالمها؛ أذكر سكناي في المدينة الجامعية مطلع التسعينيات؛ توافد طلاب مصر ينهلون من علم أساتذتها؛ كانت مصر على موعد مع علم وفن؛ شهدنا أوائله!
تنظر الجامعة وقد تلألأت قبتها نورا؛ تحوطها كليتا الآداب والحقوق؛ فكأن بانيها الأول أراد للعلم حق وللأدب عهد وأي عهد!
القائمة تطول بأفكار وأعلام فهي صورة الوطن وثقفاته وآدابه وعلومه؛ تعال إلى العتبة الخضراء ستجد سوقها وتنعطف ناحية سور الأزبكية
فتشتري الكتب وتجد الشعر دواوين ومعلقات؛ أسمار وأباطيل باعة يزينون بضاعتهم وهي إن تفحصتها مزجاة، انظر الأزهر الشريف ويمم الحسين وامش في شارع المعز حتى باب زويلة عن اليمين والشمال مساجد وقصور ذات قباب؛ إياك أن تشغلك روعة الأثر عن يد القدر؛ فسيف المعز وسوطه يحضران شاخصين وإلا تختطفتك السباع؛ عند باب زويلة دق مسمارا في بابها ذي المصراعين الكبيرين وإلا كنت رفيق طومان باي فالأتابك يقهر كل من تسول له نفسه إمارة فوق ثرى المحروسة.
للأماكن بصمة لاتزول، كثيرون كتبوا عن مدنهم وعلاقتهم بها؛ لكن تبقى القاهرة وحدها مدينة التاريخ بصراعاته والحاضر بأحلامه.
تصعد درج الغورية وتهولك مبانيها؛ أسبلة وحارات ومن قريب تعلو قلعة الجبل، تتحسس رقبتك فهنا مذبحة وفي جوارها مماليك وسلطان مغدور وملك في الرفاعي يجاوره شاة مقبور، تحرك وغادر بعدما تأتيك الدهشة من قوم بنوا للعيون مجرى والنيل خليج موضع بورسعيد؛ لم أخبرك عن أبهة الملك في عابدين ولا أوبرا عايدة والخديو يمسك بيد أوجيني والخزانة خلاء تصفر فيه الريح وتدوي!
من بعيد يزأر أسدا قصر النيل؛ ميدان وموعد وحلم يتبخر تحت عجلة الزمن، نيل يجري وإذاعة وتلفزيون في مبنى يشبه دوائر متراقصة متراصة بعضها فوق بعض؛ شبرا وما أدراك مانساء متهدلات الشعور مثيرات فتنة يخطرن في تدلل؛ نسيت أن أخبرك بقلعة الكبش والدرب الأحمر ومسجد عمرو ومصر عتيقة فيها الكنيسة معلقة وحصن بابليون؛ والمقوقس يهدي للنبي مارية!
وللأهرام هيبة وجلال، يقف الملك خاشعا عهود مضت وبقيت القاهرة معرضا في باب الخلق عن قوم جاءوا من المغرب بنوا مدينة عاصمة ذات أسوار؛ سكنها عرب وبربر وطليان وجرمان وسكسون ولاتين من كل صنف ترك وشركس وأرمن، خريطة تنبيء لكنها لاتفسر وتشي لكنها لاتغير وجهتها إلا جهة فطرتها؛ فالحجر سجل البشر تذكره الوقائع المصرية.
القاهرة ثلاث قاهرات:
إسلامية وإسماعيلية وثالثة حديثة؛ وهن متدثرات بمجد ومبديات ألقا عز في الدنيا وهجه؛ تبيت ساهرة وللأمة العروبة حارسة.
فيها للخالدين مجمع وللعقاد دارة وديوان، طه حسين وللأدب عميد؛ ماذا أقول غير إنها تحتفي بالقادمين إليها ولم تك يوما إلا مرحبة!
تعرفت أماكنها وشخصت في ذاكرتي معالمها؛ أذكر سكناي في المدينة الجامعية مطلع التسعينيات؛ توافد طلاب مصر ينهلون من علم أساتذتها؛ كانت مصر على موعد مع علم وفن؛ شهدنا أوائله!
تنظر الجامعة وقد تلألأت قبتها نورا؛ تحوطها كليتا الآداب والحقوق؛ فكأن بانيها الأول أراد للعلم حق وللأدب عهد وأي عهد!
القائمة تطول بأفكار وأعلام فهي صورة الوطن وثقفاته وآدابه وعلومه؛ تعال إلى العتبة الخضراء ستجد سوقها وتنعطف ناحية سور الأزبكية
فتشتري الكتب وتجد الشعر دواوين ومعلقات؛ أسمار وأباطيل باعة يزينون بضاعتهم وهي إن تفحصتها مزجاة، انظر الأزهر الشريف ويمم الحسين وامش في شارع المعز حتى باب زويلة عن اليمين والشمال مساجد وقصور ذات قباب؛ إياك أن تشغلك روعة الأثر عن يد القدر؛ فسيف المعز وسوطه يحضران شاخصين وإلا تختطفتك السباع؛ عند باب زويلة دق مسمارا في بابها ذي المصراعين الكبيرين وإلا كنت رفيق طومان باي فالأتابك يقهر كل من تسول له نفسه إمارة فوق ثرى المحروسة.
للأماكن بصمة لاتزول، كثيرون كتبوا عن مدنهم وعلاقتهم بها؛ لكن تبقى القاهرة وحدها مدينة التاريخ بصراعاته والحاضر بأحلامه.
تصعد درج الغورية وتهولك مبانيها؛ أسبلة وحارات ومن قريب تعلو قلعة الجبل، تتحسس رقبتك فهنا مذبحة وفي جوارها مماليك وسلطان مغدور وملك في الرفاعي يجاوره شاة مقبور، تحرك وغادر بعدما تأتيك الدهشة من قوم بنوا للعيون مجرى والنيل خليج موضع بورسعيد؛ لم أخبرك عن أبهة الملك في عابدين ولا أوبرا عايدة والخديو يمسك بيد أوجيني والخزانة خلاء تصفر فيه الريح وتدوي!
من بعيد يزأر أسدا قصر النيل؛ ميدان وموعد وحلم يتبخر تحت عجلة الزمن، نيل يجري وإذاعة وتلفزيون في مبنى يشبه دوائر متراقصة متراصة بعضها فوق بعض؛ شبرا وما أدراك مانساء متهدلات الشعور مثيرات فتنة يخطرن في تدلل؛ نسيت أن أخبرك بقلعة الكبش والدرب الأحمر ومسجد عمرو ومصر عتيقة فيها الكنيسة معلقة وحصن بابليون؛ والمقوقس يهدي للنبي مارية!
وللأهرام هيبة وجلال، يقف الملك خاشعا عهود مضت وبقيت القاهرة معرضا في باب الخلق عن قوم جاءوا من المغرب بنوا مدينة عاصمة ذات أسوار؛ سكنها عرب وبربر وطليان وجرمان وسكسون ولاتين من كل صنف ترك وشركس وأرمن، خريطة تنبيء لكنها لاتفسر وتشي لكنها لاتغير وجهتها إلا جهة فطرتها؛ فالحجر سجل البشر تذكره الوقائع المصرية.
القاهرة ثلاث قاهرات:
إسلامية وإسماعيلية وثالثة حديثة؛ وهن متدثرات بمجد ومبديات ألقا عز في الدنيا وهجه؛ تبيت ساهرة وللأمة العروبة حارسة.
فيها للخالدين مجمع وللعقاد دارة وديوان، طه حسين وللأدب عميد؛ ماذا أقول غير إنها تحتفي بالقادمين إليها ولم تك يوما إلا مرحبة!