أمس لم أتجول في المدينة لأكتب مشاهداتي ، فغالبا ما أبقى يوم الجمعة في الشقة.
ماذا أكتب وأنا رهين الشقة؟
الحمد لله أنني لست رهين محبسين ؛ العمى والمكان ، وإن كانت الكورونا جعلتنا أسرى مدننا.
كنت فكرت في الصباح أن أغادر الشقة لأتجول في البلدة القديمة ، فيوم الجمعة في رمضان ، بخاصة في النصف الثاني من الشهر ، يكون يوم بركة وحركة ونشاط ولا يختلف عن باقي أيام الأسبوع ، ولكني وجدت نفسي كسولا رهين مقال الأحد والكتب التي حصلت عليها يوم الخميس .
يوم الخميس أعطاني المحامي Hassan Abbadi
كتاب الكاتب
Mostafa Abed Elfatah
" يهودي وخمس يهوديات " الصادر قبل شهر ونصف في فلسطين المحتلة في العام ١٩٤٨ ، فانشغلت يوم الجمعة فيه .
يهودي واحد وخمس يهوديات - أي عنوان رواية واحد خصص للذكر اليهودي وخمسة عناوين للمرأة اليهودية ، وكان للمؤلف رأي طريف وهو أن تأنيث العناوين ذو دلالة " إن الرواية التي تحمل اسم يهودية في عتبة النص الأولى ، فإنها تعني الخروج من السر إلى العلن ، ومن التطبيع تحت الطاولة إلى سطحها ، وفرد جميع الأوراق دون مواربة أو خوف أو خجل ... " ( اللهم احمنا من اليهوديات وجمالهن ، وغاب عن ذهن المؤلف أن المعروف أن العربي ؛ مسلما أو مسيحيا ، يتزوج من امرأة يهودية والعكس قليل ).
وحتى أتأكد من حقيقة ما رأى ، قمت بإحصاء الروايات التي تسيدها دال يهودي أو يهودية أو يهود أو عبري/ة أو اسرائيلي/ة ، وهكذا بحثت في ثلاث دراسات ، عدا ما أعرفه وقرأته ، ووجدت قدرا من التساوي ، ما جعلني لا آخذ باجتهاد الدارس ، وإن قدرته واجتهاده .
أمس عشت في الكتب ولم أعش في الشارع . تجولت في الكتب ولم أتجول في المدينة ، وهكذا خرجت حروفي من بطون الكتب ، لا من بطن الحياة ، ما ذكرني بمقال لغسان كنفاني في كتاب " فارس .. فارس " يأتي فيه على كثير من الكتابات العربية التي لا تقرأ ، خلافا لكتابات ( شولوخوف ) وأمثاله من الكتاب التي كانت تخرج من الحياة ، فتمس شغاف القلب ، لأنها كتابة حارة ، لا كتابة باردة .
هل كتابتنا في زمن التواصل الاجتماعي عبر الفيس بوك ، وفي زمن التعليم عن بعد ، كتابة باردة لا تصل إلى القلب ؟
منذ أيام وأنا أرثي لحال طلاب الجامعات في العامين الأخيرين ، فهؤلاء المساكين حرموا من الحياة الجامعية حرمانا تاما وصاروا رهيني منازلهم وكتبهم . صاروا معريين مع فارق أنهم لن يكتبوا لنا " رسالة الغفران " أو " اللزوميات " . هل المطلوب منهم أن يكتبوا هذا ؟!
تأجلت الانتخابات الفلسطينية وانهدمت الصالة في ( ميرون ) على المحتفلين اليهود ومنع كثير من المصلين من الوصول إلى الأقصى ، ومر الشهر دون أن آكل القطايف ، ودون أن أسمع آخر أخبار الأمين العام للجبهة الديموقراطية نايف ، ولو كنت مكان الرئيس الفلسطيني أبو مازن لاشترطت على من يطالبني بالتخلي عن منصب الرئاسة أن يتخلى نايف حواتمة عن قيادة الجبهة الديموقراطية أولا .
حجز الدكتور رامي الحمدلله ، وهو رئيس وزراء ، منصب رئاسة الجامعة حوالي ست سنوات ، ليعود إليه حال أقيل من منصب رئاسة الوزارة أو حال لم يكلف بها ثالثة ورابعة وعاشرة حتى الشهادة أو استلام رئاسة الدولة .
من قال إننا استثناء ؟!
سأشرب الشاي بالنعناع والليمون وأقول لكم :
كل عام والعمال بخير ، ويا فصائل اليسار الفلسطيني اتحدوا !!
يا عمال العالم اتحدوا !!
( ٣٦ قائمة انتخابية والله عيب ) .
أمس ، على الرغم من عدم خروجي من بيتي ، كنت ، مع ذلك ، محتلا من اليهود بعامة ؛ الصهيونيين وغير الصهيونيين ، وأنا في روايتي " تداعيات ضمير المخاطب " كتبت عن نماذج يهودية عرفتها ولم أفتعل الكتابة مثل أكثر الكتاب العرب وهم يكتبون عن اليهود ، فتأتي أكثر كتابتهم باهتة باردة مفتعلة غير مقنعة لا ماء فيها .
صباح الخير
خربشات
١ آيار ٢٠٢١
ماذا أكتب وأنا رهين الشقة؟
الحمد لله أنني لست رهين محبسين ؛ العمى والمكان ، وإن كانت الكورونا جعلتنا أسرى مدننا.
كنت فكرت في الصباح أن أغادر الشقة لأتجول في البلدة القديمة ، فيوم الجمعة في رمضان ، بخاصة في النصف الثاني من الشهر ، يكون يوم بركة وحركة ونشاط ولا يختلف عن باقي أيام الأسبوع ، ولكني وجدت نفسي كسولا رهين مقال الأحد والكتب التي حصلت عليها يوم الخميس .
يوم الخميس أعطاني المحامي Hassan Abbadi
كتاب الكاتب
Mostafa Abed Elfatah
" يهودي وخمس يهوديات " الصادر قبل شهر ونصف في فلسطين المحتلة في العام ١٩٤٨ ، فانشغلت يوم الجمعة فيه .
يهودي واحد وخمس يهوديات - أي عنوان رواية واحد خصص للذكر اليهودي وخمسة عناوين للمرأة اليهودية ، وكان للمؤلف رأي طريف وهو أن تأنيث العناوين ذو دلالة " إن الرواية التي تحمل اسم يهودية في عتبة النص الأولى ، فإنها تعني الخروج من السر إلى العلن ، ومن التطبيع تحت الطاولة إلى سطحها ، وفرد جميع الأوراق دون مواربة أو خوف أو خجل ... " ( اللهم احمنا من اليهوديات وجمالهن ، وغاب عن ذهن المؤلف أن المعروف أن العربي ؛ مسلما أو مسيحيا ، يتزوج من امرأة يهودية والعكس قليل ).
وحتى أتأكد من حقيقة ما رأى ، قمت بإحصاء الروايات التي تسيدها دال يهودي أو يهودية أو يهود أو عبري/ة أو اسرائيلي/ة ، وهكذا بحثت في ثلاث دراسات ، عدا ما أعرفه وقرأته ، ووجدت قدرا من التساوي ، ما جعلني لا آخذ باجتهاد الدارس ، وإن قدرته واجتهاده .
أمس عشت في الكتب ولم أعش في الشارع . تجولت في الكتب ولم أتجول في المدينة ، وهكذا خرجت حروفي من بطون الكتب ، لا من بطن الحياة ، ما ذكرني بمقال لغسان كنفاني في كتاب " فارس .. فارس " يأتي فيه على كثير من الكتابات العربية التي لا تقرأ ، خلافا لكتابات ( شولوخوف ) وأمثاله من الكتاب التي كانت تخرج من الحياة ، فتمس شغاف القلب ، لأنها كتابة حارة ، لا كتابة باردة .
هل كتابتنا في زمن التواصل الاجتماعي عبر الفيس بوك ، وفي زمن التعليم عن بعد ، كتابة باردة لا تصل إلى القلب ؟
منذ أيام وأنا أرثي لحال طلاب الجامعات في العامين الأخيرين ، فهؤلاء المساكين حرموا من الحياة الجامعية حرمانا تاما وصاروا رهيني منازلهم وكتبهم . صاروا معريين مع فارق أنهم لن يكتبوا لنا " رسالة الغفران " أو " اللزوميات " . هل المطلوب منهم أن يكتبوا هذا ؟!
تأجلت الانتخابات الفلسطينية وانهدمت الصالة في ( ميرون ) على المحتفلين اليهود ومنع كثير من المصلين من الوصول إلى الأقصى ، ومر الشهر دون أن آكل القطايف ، ودون أن أسمع آخر أخبار الأمين العام للجبهة الديموقراطية نايف ، ولو كنت مكان الرئيس الفلسطيني أبو مازن لاشترطت على من يطالبني بالتخلي عن منصب الرئاسة أن يتخلى نايف حواتمة عن قيادة الجبهة الديموقراطية أولا .
حجز الدكتور رامي الحمدلله ، وهو رئيس وزراء ، منصب رئاسة الجامعة حوالي ست سنوات ، ليعود إليه حال أقيل من منصب رئاسة الوزارة أو حال لم يكلف بها ثالثة ورابعة وعاشرة حتى الشهادة أو استلام رئاسة الدولة .
من قال إننا استثناء ؟!
سأشرب الشاي بالنعناع والليمون وأقول لكم :
كل عام والعمال بخير ، ويا فصائل اليسار الفلسطيني اتحدوا !!
يا عمال العالم اتحدوا !!
( ٣٦ قائمة انتخابية والله عيب ) .
أمس ، على الرغم من عدم خروجي من بيتي ، كنت ، مع ذلك ، محتلا من اليهود بعامة ؛ الصهيونيين وغير الصهيونيين ، وأنا في روايتي " تداعيات ضمير المخاطب " كتبت عن نماذج يهودية عرفتها ولم أفتعل الكتابة مثل أكثر الكتاب العرب وهم يكتبون عن اليهود ، فتأتي أكثر كتابتهم باهتة باردة مفتعلة غير مقنعة لا ماء فيها .
صباح الخير
خربشات
١ آيار ٢٠٢١