أمس الجمعة كان يوم الجمعة الأخير من رمضان ، وغالبا ما يكون مقدسا يتوقع المسلمون أن تنزل فيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر ، فقد تنزل الملائكة والروح فيها ( وحين أعبث أتذكر ليلة القدر في العام ١٩٨٨ في بامبرغ ) .
في يوم الجمعة الأخير تجد الفلسطينيين يشدون الرحال إلى المسجد الأقصى ليتعبدوا ، لعل الله سبحانه وتعالى يغفر لهم ما تقدم من ذنوبهم وما تأخر ، فيدخلوا الجنة آمنين وادعين مطمئنين . " ويا عبادي لا تقنطوا من رحمتي " .
- هل سيدخلون الجنة ؟
عسى ولعل ، وعسى ولعل يتحقق لهم ما ينشدون ، حتى لو كان الواحد منهم " فعل السبعة وذمتها " ، وليس الأمر بمستبعد ! فالقصص الديني المتناقل يحفل بما يعزز ما سبق . ألم يدخل الله في القصص هذه من قتل ٩٩ شخصا الجنة ، بقتله الشخص ١٠٠ ، لأن الأخير شر وبيل .
أمس انتقل إلى رحمته تعالى صديق لي قديم عرفته منذ أيام الصفوف الإعدادية واستمرت صحبتنا عقودا ، ولكننا في السنوات العشر الأخيرة نادرا ما التقينا ، وإن التقينا مرحبنا بعضنا كأننا شخصان ما كانا يوما صديقين مقربين ، وتلك هي الدنيا .
" الأسعار بيد التجار والأعمار بيد الله " يقول الناس ، وكان الخبر الصاعق أمس هو استشهاد شابين وإصابة ثالث بجراح خطيرة على حاجز سالم قرب مدينة جنين . الشباب تتراوح أعمارهم ما بين السابعة عشرة والعشرين ، وهم من قرية شويكة قرب طولكرم ، أرادوا نصرة الأقصى ببنادق مصنوعة محليا ، وربما أرادوا تقليد الشهيد ابن قريتهم أشرف نعالوة ، فاقتنصهم رصاص الجنود الاسرائيليين وارتقوا شهداء .
عندما يسألني شخص ما :
- إلى أين نحن ذاهبون ؟
أجيبه :
- إلى جنوب أفريقيا !
وقد يرد :
- بالسلامة .
ثم يفهم قصدي .
لا أعلم بالغيب ولا أقرأ بالفنجان ولا ألعب لعبة البيضة والحجر ولا أبصر ، و " لست النبي لأدعي وحيا " ، والعبارة لمحمود درويش ، " وأعلن أن هاويتي صعود " .
نحن الآن في الهاوية . نحن في حفرة ، ومنذ كتب غسان كنفاني في ستينيات ق ٢٠ روايته " ما تبقى لكم " عن خمسينيات ذلك القرن ، وترك حامد الشاب الفلسطيني اللاجيء ابن الخامسة عشرة يواجه الجندي الإسرائيلي بسكين الأخير ، وشبابنا يواجهون الجنود الاسرائيليين بما تيسر من أسلحة جد متواضعة ، وغالبا ما يرتقون شهداء - أعني شبابنا لا الحنود .
يقول مثلنا " إذا انجن ربعك ما بنفعك عقلك " ، ويبدو أن الاسرائيليين جنوا ، بل هم كذلك منذ أسسوا أول مستعمرة لهم في هذه البلاد المجنون أهلها أيضا . وهات حلها !
أمس كان يجب أن أنسى جنون الفصائل والتنظيمات والأهل والمتذاكين ، فمساحة الدم كانت أكبر من تذاكي المتذاكين ، وتلك حكاية أخرى .
رحم الله صديقي القديم محمود مرعي وغفر له ولأهله خالص العزاء .
- إلى أين نحن ذاهبون ؟
- إلى جنوب أفريقيا .
والطريق طويل طويل ، و " نحن أدرى ، وقد سألنا بقدس :
- أطويل طريقنا أم يطول ؟! " .
وكما يقول المتنبي :
" وكثير من السؤال اشتياق
وكثير من رده تعليل ".
أمس سألني ابن أخي :
- هل ولت الكورونا ؟
وأنا أجبته :
ولت الكورونا وكورونا الاستيطان لم تول ولا لقاح لها .
صباح الخير
خربشات
٨ أيار ٢٠٢١ .
في يوم الجمعة الأخير تجد الفلسطينيين يشدون الرحال إلى المسجد الأقصى ليتعبدوا ، لعل الله سبحانه وتعالى يغفر لهم ما تقدم من ذنوبهم وما تأخر ، فيدخلوا الجنة آمنين وادعين مطمئنين . " ويا عبادي لا تقنطوا من رحمتي " .
- هل سيدخلون الجنة ؟
عسى ولعل ، وعسى ولعل يتحقق لهم ما ينشدون ، حتى لو كان الواحد منهم " فعل السبعة وذمتها " ، وليس الأمر بمستبعد ! فالقصص الديني المتناقل يحفل بما يعزز ما سبق . ألم يدخل الله في القصص هذه من قتل ٩٩ شخصا الجنة ، بقتله الشخص ١٠٠ ، لأن الأخير شر وبيل .
أمس انتقل إلى رحمته تعالى صديق لي قديم عرفته منذ أيام الصفوف الإعدادية واستمرت صحبتنا عقودا ، ولكننا في السنوات العشر الأخيرة نادرا ما التقينا ، وإن التقينا مرحبنا بعضنا كأننا شخصان ما كانا يوما صديقين مقربين ، وتلك هي الدنيا .
" الأسعار بيد التجار والأعمار بيد الله " يقول الناس ، وكان الخبر الصاعق أمس هو استشهاد شابين وإصابة ثالث بجراح خطيرة على حاجز سالم قرب مدينة جنين . الشباب تتراوح أعمارهم ما بين السابعة عشرة والعشرين ، وهم من قرية شويكة قرب طولكرم ، أرادوا نصرة الأقصى ببنادق مصنوعة محليا ، وربما أرادوا تقليد الشهيد ابن قريتهم أشرف نعالوة ، فاقتنصهم رصاص الجنود الاسرائيليين وارتقوا شهداء .
عندما يسألني شخص ما :
- إلى أين نحن ذاهبون ؟
أجيبه :
- إلى جنوب أفريقيا !
وقد يرد :
- بالسلامة .
ثم يفهم قصدي .
لا أعلم بالغيب ولا أقرأ بالفنجان ولا ألعب لعبة البيضة والحجر ولا أبصر ، و " لست النبي لأدعي وحيا " ، والعبارة لمحمود درويش ، " وأعلن أن هاويتي صعود " .
نحن الآن في الهاوية . نحن في حفرة ، ومنذ كتب غسان كنفاني في ستينيات ق ٢٠ روايته " ما تبقى لكم " عن خمسينيات ذلك القرن ، وترك حامد الشاب الفلسطيني اللاجيء ابن الخامسة عشرة يواجه الجندي الإسرائيلي بسكين الأخير ، وشبابنا يواجهون الجنود الاسرائيليين بما تيسر من أسلحة جد متواضعة ، وغالبا ما يرتقون شهداء - أعني شبابنا لا الحنود .
يقول مثلنا " إذا انجن ربعك ما بنفعك عقلك " ، ويبدو أن الاسرائيليين جنوا ، بل هم كذلك منذ أسسوا أول مستعمرة لهم في هذه البلاد المجنون أهلها أيضا . وهات حلها !
أمس كان يجب أن أنسى جنون الفصائل والتنظيمات والأهل والمتذاكين ، فمساحة الدم كانت أكبر من تذاكي المتذاكين ، وتلك حكاية أخرى .
رحم الله صديقي القديم محمود مرعي وغفر له ولأهله خالص العزاء .
- إلى أين نحن ذاهبون ؟
- إلى جنوب أفريقيا .
والطريق طويل طويل ، و " نحن أدرى ، وقد سألنا بقدس :
- أطويل طريقنا أم يطول ؟! " .
وكما يقول المتنبي :
" وكثير من السؤال اشتياق
وكثير من رده تعليل ".
أمس سألني ابن أخي :
- هل ولت الكورونا ؟
وأنا أجبته :
ولت الكورونا وكورونا الاستيطان لم تول ولا لقاح لها .
صباح الخير
خربشات
٨ أيار ٢٠٢١ .