** من محاور الصورة الوجودية
(الحلقة الأولى)
1. ظاهرية الصورة:
من خلال التتبع لعيان الصورة، أيما صورة في الواقع الحياتي من هذا الوجود الوسيع، أو في حديقة البيت أو في نفس المتلقي في داخلها. في المرئي أو في اللامرئي ينكشف لك أنّ لا فراغاً في هذا الوجود العظيم، ولو وُجِدَ ظناً، نعم لارتبك التوازن الكوني بحسب ما نحتمل، رغم أنَّ هنالك محدداتٍ ومشتركاتٍ وطبيعةَ صفاتٍ وتكوينٍ للصورة في اختلافاتها مع بعضها، أو تشابهها في جنسها وفصيلتها ونوعها وبين الفطري في صحن الطبيعة منها ، وبين المصنوع والمصاغ من الصورة عن طريق الحِرف والورش والصنائع، نتنقل هنا بدلالات بحثنا هذا لنغنم بالتي ننوي من مفاهيم علمية نحصرها للافادة باعتبارها مكتشفاً جديداً في النظرة ... نقصد بها الفكرةَ والمعنى أو الناموسَ العينيَّ ذاته، والذي نطارده إدراكاً لنسحبه من جيوب الوجود .. وكما دلت التجارب في الفكر الفلسفي عموماً والنقدي بالخصوص في استطاعة ما يتم كشفه وتحديده في أن يعمل في أصعدة المادي والحياتي الواقعي، أو في الفني عموماً وبكل جدارة ... بمعنى آخر هو ما يُسحبُ من علم من الطبيعة ونعمل به كتدابير ومعادلات في الابداع الفني والمعرفي ... وكمثل قانون الجاذبية عند العالم نيوتن، وقانون النسبية لآينشتاين وعملهما على صعيد العلم والمعرفة، وفي حياتنا المعاصرة خاصة... وكذلك قانون الديالكتيك الجدلي عند العالم هيكل، وماركس، وما تَمَّ عمله حين سحبه من الوجود، في المناحي السياسية والثقافية والفكرية والاجتماعية ودخوله في نظم الحاكميات التي قادت العالم بأسره.. وكيفية توظيف المادية التاريخية منه ... ولا ننسى اكتشافات العلماء العرب كابن خلدون في مقدمته وكيفية سحب نواميس ما كان لها من ظاهر أو معرفة تمت بالفعل وظهرت، وقواعد النحو العربي أجمعها وبكامل تفصيلاتها. نعم سُحِبت من هذا الواقع الحيوي التكويني، ومن ما حولنا... وكعلوم الكيمياء عن العالم العربي جابر ابن حيان الكوفي، والخوارزمي في علوم الحساب، ومنهم الكثير الكثير لو عددنا ... وهذا على سبيل الذكر والمُلاغَزةِ بالممكن المتيسر لدينا في واقع بحثنا وحسب الطاقة والفعل، فنقول أنَّ صورةَ الهواء شفافةٌ في مزاجها المادي التكويني المتصيّر ... إذ تسمح بالمرور بها ومن خلالها وبحرية، صعوداً ونزولاً إلى الأمام والخلف ، عرضاً وطولاً ، وكحركة الطيران للطير والطائرات والمركبات عامةً على الأرض، أو مركبات الهجرة للقمر، والنفاثات والصواريخ العابرة.. وكل الخليقة جميعاً تمس جسد الهواء وتخترقه .. ونقول أن الهواء هو الصورة الأكثر ملامسة مع الخليقة في هذا الوجود... والماء في صورته المائعة في البحار والمحيطات والأنهر والبحيرات وكافة بنات الجزء... إذ تعيش فيه خليقة وكائنات أكثر مما هي على اليابسة من عدد.. كالبواخر والسفن والغواصات وغيرها، كل خليقة الماء... وكذلك الجبل في صورته، ذلك الحجري الصلب المزاج الذي لم يخترق ولا تسمح مساميته بذلك.. ولا من مرونة عكس أن يكون المانع لسواه...أو الحاجز أمام غيره.. عكس الهواء وعكس الماء. وكل له صفاته المميزة له.. صورة الضوء هذا السريع المترامي المشتمل على غيره في العالي وفي الداني وكل الجهات الأربع، وكما هو مركز البث في الشمس المشتعلة، فتنكشف الأشكال والألوان والحجوم، صغيرها وكبيرها، وذاك نهارها وكما هو ليلها.. وكما هي الحشرات والفراشات والطير والزرع والمطر والسحب والنجوم والقمر والصحاري والغابات من صور في الطبيعة والكون ... وكل ما يخطر على البال والذاكرة وما ركزت عليه حواس الإنسان وإدراكاته الباطنية والعقلية والنفسية.... ولا ننسى الإنسان ذاته هو المحور والكائن الحر في حاصل حركية الوجود.. وما ثبت من حرفيات مادية في مجاله الحرفي الصناعي المبتدع.. وما رسم من صورٍ باذخةٍ وباهرة ملأت العالم كنتاج عيني موصوف له... ومن النقطة التي نحن فيها الان ، مؤكداً نمثل الصورة الفعلية العيانية لأنفسنا وما حولنا من مرئي .. وكصورة قلمي ومنضدتي التي أكتب عليها وما فوقها من مقتنيات عمل وأوراق وأدوات والشارع وأعمدة الكهرباء والشبابيك وصورة بيتي وسيارتي... وكل ما يرى من شيء أمامي وأمام من ينظر أي كان وفي أي مكان وزمان... فصورة تمسك صورةً ، وصورة تولد صورةً، بوجودها وأسبابها وعللها ومعلولاتها ، تجاوراً وتقابلاً قياساً وتكويناً ، طولاً وعرضاً وارتفاعاً، تتابعاً واختلافاً وتشابهاً ، إذن ..نحن والعالم نمكث ونغرق في الصورة التي لا مجال إلا بها ولها وفيها ومن خلالها وعنها وإليها وما فوقها وتحتها وكل زوايا ودرجات الاتجاه ولا درجة إلا من ضمنها نعني ضمنية الصورة... فالعالم صورة كبيرة ، والوجود اعتبار كلي لهذي الصورة المرئية المجردة واللا مرئية منه ،الصورة وجودية واقعية أوضحُها التي تجري مجرى العيان، أو حتى مجرى المستتر والسِّرّاني ، أو أشبه ما تكون بالمعنى الذي يُؤلّفُ تأليفاً ،حيث لا كتلة ولا مادة ولكنها تشغل حيّزاً في المكان وله تأثير وارد ورود القيم كالحب والشجاعة والشرف ... فهذي صور كذلك بإلماماتها وهيئاتها.. ولكي نقترب من غايتنا المرجوة في البحث، لابد من حصر وتكثيف الدواعي الدالة، في الطبيعي الواقعي وفي الصناعي الحرفي المبتدع من قبل الذات ... إذ تنكشف لنا عن حقيقة ما نأمل من بيّنةٍ واعيةٍ تخدم غرضنا المبتغى .. فمسبحتي التي بيدي تفيض بالجمال والسحر، فهل يا ترى جاء هذا الحسن من خيطها أم من خرزاتها المنتظمات انتظاماً باهراً في نسق واحد... أم هي صفة التشابه في الشكل واللون والحجم والتراتب الفني.. القطعة العسكرية من مشاة الجندية بعدد فصيل عشرات الافراد ، أو قطعة كبيرة بالآلاف في عرض عسكري عام، وتحت إيعاز واحد صادر تتحرك به يمنة ويسرة أو... أو قطعة مدرعة كبيرة كذلك وبنفس الإيعاز والعرض، فيا ترى من أيٍّ جاءت شيفرة هذا الجمال وموازنات الصورة.....؟ إذ انشدَّتِ الحواس لها وأتبعت المراقبة .. فهل من التشابه في الحجم والطول والنسق ،، ام انَّ هنالك قوةً دافعة لطاقة الجمال اذ تتلبسها.من جهة لها لا تُرى...أم من الموعز والطبل والموسيقى...
عقد اللؤلؤ المترابط في سَبكهِ المذهّب أو المفضّض ذي العُرى والحلقات والزركش... ومثْلُهُ رصفُ البلاطات في الباحات والأرصفة والقصور... وقوف طلاب المدارس ومعسكرات الفتوة بصفوف نظامية، يشد نظرنا ويثير المتعةَ والمتابعة للمشهد.. والكثير من الأمثلة تساق بهذا الاتجاه، هذا في المصطنع والمبتدع من قبل ذات الفرد اجتهاداً وخدمة لأغراضه ورُقيّه... فضلاً عن الموجود في الطبيعة عبر الذهن الخلّاق وإدراكاته، فلعل الإنسان المبدع والطبيعة بحكم نظمهما يشكلانِ حلقةَ ربطٍ حرّةٍ للجمال، تفصحُ وتوضحُ عند معادلة الذات والموضوع، وما للشكل والمضمون وما بينهما من وحدات جدل اعتباري وتناولات تصنع مستوى بلوغ الصور وتعدداتها وأجناسها كلاً بحسب صفاته... فخذ هنا... غصنا من آس غضير مورق ، وانظر كيف صنعت أو خلقت الطبيعة به من تراصفات ومن نظم هندسية متوازنة تجعلك متوخّياً أنَّ حاسوباً دقيقاً بل أدقّ من الحاسوب رسم الأشكالَ والأطوالَ والأحجامَ وما بينها من المسافات متقابلةً متناظرةً متجاورةً.. أعدادها تشكيلاتها ، التنامي والنسغيات حتى ما تحت النسيج من أضالع وطبعات للشعيرات بدقة وفنية... التوزيع على جانبي العود الوسطي.. كل ذلك يوحي أن هناك ذهن أو قل علم حساب ورياضيات في صورة الورقة والثمرة والغصن وأي مخلوق موجود حي... وهذي ظاهرةُ طباقٍ على الشجر والنبات بالخصوص... وفي سنابل القمح وكيفيات التراصف في الكتل والوزن والحجم والشكل ومنتهى الصورة وتناصها مع قريناتها في الحقل والجنس والفصيلة... الهيئات الشكلية في الأوراق والسيقان ومستوى الارتفاع والتلازم لبعضها البعض.. وانتظام سعفات النخيل ونسقية الخصلات ..في صَفّينِ منتظمين.. فلعل هنا يتراءى لك أنَّ بيتا من الشعر العمودي كان توزع على بدن جريدة النخل الطويلة.. فكل جريدة توحي لنا بقصيدة.. كأن الخصلة / صدر / وما تقابلها من خصلة تشبهها / عجز/ وهاتيك على طوال جسد السعف الطوال... هنا نشخص حاصلاً جمالياً نختزله.. وسلوكاً حركياً ،فرضته المادة والطبيعة والوجود الاعتباري لهذي الكتل التصويرية.. ما أعطتها سحرية خاصة تعشقها العين والحواس أثناء المشاهدة والشد التتابعي للظاهرة... إذ نسأل ما هي الفكرة المستنبطة للجمال الفني...؟ يفترض أن تكون هنا غاية مصطلحية يتم التعامل بها ومن خلالها في سياق الموضوعات النقدية والفنية، باعتبارها كشفاً جديداً نحققه يعرض ويفرض وجوده... ولابد من إفصاح ملائم لواقعية المصطلح وفنّيّته ،بالإضافة لمعيارية فعله في الوسط الآخر المنقول له ... وكما تُجمِعُ الظاهرة بعد أن تابعنا بصماتها وآثارها في الحيّز التي هي فيه.. استخلاصاً إمكانياً من أنَّ الطبيعة هي التي تصنع وتنتج النواميس والقوانيين، ومن خلال خواصِّها المرنة وتناص الوجودات فيها سواء على العموم أم على الخصوص، يتم سحب أو توليد الإدراكي منها وتزحيفه إلى بُعدِه الآخر المناسب له... ومنه إلى خدمة الغرض الإنساني الخَلّاق ، وكما يقول العالم العربي الجاحظ رحمه الله ، المعرفة مذخورةٌ حواليك ،او موجودة على ارصفة المكان ، بمامعناه ، هكذا يقدمها الوجود كفعل ناجز في الحياة... ولتكون لعناصرها التي اشتملت نظماً ، تكون لها آخرةً سعيدةً ترقد بها من مكث بارد إلى ديناميك ساخن ضاج بالمعطى والحركية... ونستخلص أخيراً من كل هذا الذي حصرناه في الطبيعة الوجودية واعتباراتها الترابطية الفعل.. من أغصان الآسة، ووقوف الطلاب والجند ورص البلاطات والطوب من المصطنع والمبتدع وتتالي أعمدة الكهرباء، ومما أنتجت المادة في الشجر والحجر والموج والقمر وإلى ما شئت عَددْ.. كل هذا مسحوباً إلى .. وكما أسلفنا في بدايات مادتنا البحثية وذكرنا الجاذبية والنسبية ونظرية الاجتماع والدورة الدموية الصغرى والكبرى وقوانيين النحو في اللغة.. هذا انولاد من رحم الظواهر وانكشاف للبشرية عبر الذهن الفطين.. وسحبه إلى تجليات وجوده الآخر في الدولة والعمل والفكر والحضارة... فالدولة وحاكميات البشر تجد من حاصلها الحركي في أفرادها... إذ يكتمل النصاب لتنتح لنا منظومة دؤوبة.. عضواً فعضواً فعضواً وحسب النظم المناطة بالمنهج ومثله المدرسة والجامعة وكل مؤسسة وإدارة.. عضواً فرداً وعضواً فرداً إلى نهاية الترتيب.. ومثله الجيوش.. ومثله الباعة كيف يرصفون الثمر من الخوخ والإجاص في السلال وغيره، وأصحاب المعارض تتضام الأشياء بفعلهم لديهم، شيء فشيء إلى اكتمال الصورة.. فمن حقنا وبعد أن وجدنا غايتنا، لابد من قطفها كالعنقود من صدر أمها وتسميتها اصطلاحا بــ // التَّضامُّ الوجودي //
يتبع...
------------------------------------------
أ. حميد العنبر الخويلدي
في حرفية نقد اعتباري
(متن مكاشفة) .. العراق
حميد, date d’envoi : Aujourd’hui, à 12:37
الاستاذ مهدي الغالي ،،، هذا نص ،، عنونه ، ب ( متن فكري اعتباري ) هذا ليس نقد. ولا شعر ولا مقال ،،انما متن اقرب للفلسفة المصطلحية ،، اعتبرها من قواعد فكر منهجيتي
(الحلقة الأولى)
1. ظاهرية الصورة:
من خلال التتبع لعيان الصورة، أيما صورة في الواقع الحياتي من هذا الوجود الوسيع، أو في حديقة البيت أو في نفس المتلقي في داخلها. في المرئي أو في اللامرئي ينكشف لك أنّ لا فراغاً في هذا الوجود العظيم، ولو وُجِدَ ظناً، نعم لارتبك التوازن الكوني بحسب ما نحتمل، رغم أنَّ هنالك محدداتٍ ومشتركاتٍ وطبيعةَ صفاتٍ وتكوينٍ للصورة في اختلافاتها مع بعضها، أو تشابهها في جنسها وفصيلتها ونوعها وبين الفطري في صحن الطبيعة منها ، وبين المصنوع والمصاغ من الصورة عن طريق الحِرف والورش والصنائع، نتنقل هنا بدلالات بحثنا هذا لنغنم بالتي ننوي من مفاهيم علمية نحصرها للافادة باعتبارها مكتشفاً جديداً في النظرة ... نقصد بها الفكرةَ والمعنى أو الناموسَ العينيَّ ذاته، والذي نطارده إدراكاً لنسحبه من جيوب الوجود .. وكما دلت التجارب في الفكر الفلسفي عموماً والنقدي بالخصوص في استطاعة ما يتم كشفه وتحديده في أن يعمل في أصعدة المادي والحياتي الواقعي، أو في الفني عموماً وبكل جدارة ... بمعنى آخر هو ما يُسحبُ من علم من الطبيعة ونعمل به كتدابير ومعادلات في الابداع الفني والمعرفي ... وكمثل قانون الجاذبية عند العالم نيوتن، وقانون النسبية لآينشتاين وعملهما على صعيد العلم والمعرفة، وفي حياتنا المعاصرة خاصة... وكذلك قانون الديالكتيك الجدلي عند العالم هيكل، وماركس، وما تَمَّ عمله حين سحبه من الوجود، في المناحي السياسية والثقافية والفكرية والاجتماعية ودخوله في نظم الحاكميات التي قادت العالم بأسره.. وكيفية توظيف المادية التاريخية منه ... ولا ننسى اكتشافات العلماء العرب كابن خلدون في مقدمته وكيفية سحب نواميس ما كان لها من ظاهر أو معرفة تمت بالفعل وظهرت، وقواعد النحو العربي أجمعها وبكامل تفصيلاتها. نعم سُحِبت من هذا الواقع الحيوي التكويني، ومن ما حولنا... وكعلوم الكيمياء عن العالم العربي جابر ابن حيان الكوفي، والخوارزمي في علوم الحساب، ومنهم الكثير الكثير لو عددنا ... وهذا على سبيل الذكر والمُلاغَزةِ بالممكن المتيسر لدينا في واقع بحثنا وحسب الطاقة والفعل، فنقول أنَّ صورةَ الهواء شفافةٌ في مزاجها المادي التكويني المتصيّر ... إذ تسمح بالمرور بها ومن خلالها وبحرية، صعوداً ونزولاً إلى الأمام والخلف ، عرضاً وطولاً ، وكحركة الطيران للطير والطائرات والمركبات عامةً على الأرض، أو مركبات الهجرة للقمر، والنفاثات والصواريخ العابرة.. وكل الخليقة جميعاً تمس جسد الهواء وتخترقه .. ونقول أن الهواء هو الصورة الأكثر ملامسة مع الخليقة في هذا الوجود... والماء في صورته المائعة في البحار والمحيطات والأنهر والبحيرات وكافة بنات الجزء... إذ تعيش فيه خليقة وكائنات أكثر مما هي على اليابسة من عدد.. كالبواخر والسفن والغواصات وغيرها، كل خليقة الماء... وكذلك الجبل في صورته، ذلك الحجري الصلب المزاج الذي لم يخترق ولا تسمح مساميته بذلك.. ولا من مرونة عكس أن يكون المانع لسواه...أو الحاجز أمام غيره.. عكس الهواء وعكس الماء. وكل له صفاته المميزة له.. صورة الضوء هذا السريع المترامي المشتمل على غيره في العالي وفي الداني وكل الجهات الأربع، وكما هو مركز البث في الشمس المشتعلة، فتنكشف الأشكال والألوان والحجوم، صغيرها وكبيرها، وذاك نهارها وكما هو ليلها.. وكما هي الحشرات والفراشات والطير والزرع والمطر والسحب والنجوم والقمر والصحاري والغابات من صور في الطبيعة والكون ... وكل ما يخطر على البال والذاكرة وما ركزت عليه حواس الإنسان وإدراكاته الباطنية والعقلية والنفسية.... ولا ننسى الإنسان ذاته هو المحور والكائن الحر في حاصل حركية الوجود.. وما ثبت من حرفيات مادية في مجاله الحرفي الصناعي المبتدع.. وما رسم من صورٍ باذخةٍ وباهرة ملأت العالم كنتاج عيني موصوف له... ومن النقطة التي نحن فيها الان ، مؤكداً نمثل الصورة الفعلية العيانية لأنفسنا وما حولنا من مرئي .. وكصورة قلمي ومنضدتي التي أكتب عليها وما فوقها من مقتنيات عمل وأوراق وأدوات والشارع وأعمدة الكهرباء والشبابيك وصورة بيتي وسيارتي... وكل ما يرى من شيء أمامي وأمام من ينظر أي كان وفي أي مكان وزمان... فصورة تمسك صورةً ، وصورة تولد صورةً، بوجودها وأسبابها وعللها ومعلولاتها ، تجاوراً وتقابلاً قياساً وتكويناً ، طولاً وعرضاً وارتفاعاً، تتابعاً واختلافاً وتشابهاً ، إذن ..نحن والعالم نمكث ونغرق في الصورة التي لا مجال إلا بها ولها وفيها ومن خلالها وعنها وإليها وما فوقها وتحتها وكل زوايا ودرجات الاتجاه ولا درجة إلا من ضمنها نعني ضمنية الصورة... فالعالم صورة كبيرة ، والوجود اعتبار كلي لهذي الصورة المرئية المجردة واللا مرئية منه ،الصورة وجودية واقعية أوضحُها التي تجري مجرى العيان، أو حتى مجرى المستتر والسِّرّاني ، أو أشبه ما تكون بالمعنى الذي يُؤلّفُ تأليفاً ،حيث لا كتلة ولا مادة ولكنها تشغل حيّزاً في المكان وله تأثير وارد ورود القيم كالحب والشجاعة والشرف ... فهذي صور كذلك بإلماماتها وهيئاتها.. ولكي نقترب من غايتنا المرجوة في البحث، لابد من حصر وتكثيف الدواعي الدالة، في الطبيعي الواقعي وفي الصناعي الحرفي المبتدع من قبل الذات ... إذ تنكشف لنا عن حقيقة ما نأمل من بيّنةٍ واعيةٍ تخدم غرضنا المبتغى .. فمسبحتي التي بيدي تفيض بالجمال والسحر، فهل يا ترى جاء هذا الحسن من خيطها أم من خرزاتها المنتظمات انتظاماً باهراً في نسق واحد... أم هي صفة التشابه في الشكل واللون والحجم والتراتب الفني.. القطعة العسكرية من مشاة الجندية بعدد فصيل عشرات الافراد ، أو قطعة كبيرة بالآلاف في عرض عسكري عام، وتحت إيعاز واحد صادر تتحرك به يمنة ويسرة أو... أو قطعة مدرعة كبيرة كذلك وبنفس الإيعاز والعرض، فيا ترى من أيٍّ جاءت شيفرة هذا الجمال وموازنات الصورة.....؟ إذ انشدَّتِ الحواس لها وأتبعت المراقبة .. فهل من التشابه في الحجم والطول والنسق ،، ام انَّ هنالك قوةً دافعة لطاقة الجمال اذ تتلبسها.من جهة لها لا تُرى...أم من الموعز والطبل والموسيقى...
عقد اللؤلؤ المترابط في سَبكهِ المذهّب أو المفضّض ذي العُرى والحلقات والزركش... ومثْلُهُ رصفُ البلاطات في الباحات والأرصفة والقصور... وقوف طلاب المدارس ومعسكرات الفتوة بصفوف نظامية، يشد نظرنا ويثير المتعةَ والمتابعة للمشهد.. والكثير من الأمثلة تساق بهذا الاتجاه، هذا في المصطنع والمبتدع من قبل ذات الفرد اجتهاداً وخدمة لأغراضه ورُقيّه... فضلاً عن الموجود في الطبيعة عبر الذهن الخلّاق وإدراكاته، فلعل الإنسان المبدع والطبيعة بحكم نظمهما يشكلانِ حلقةَ ربطٍ حرّةٍ للجمال، تفصحُ وتوضحُ عند معادلة الذات والموضوع، وما للشكل والمضمون وما بينهما من وحدات جدل اعتباري وتناولات تصنع مستوى بلوغ الصور وتعدداتها وأجناسها كلاً بحسب صفاته... فخذ هنا... غصنا من آس غضير مورق ، وانظر كيف صنعت أو خلقت الطبيعة به من تراصفات ومن نظم هندسية متوازنة تجعلك متوخّياً أنَّ حاسوباً دقيقاً بل أدقّ من الحاسوب رسم الأشكالَ والأطوالَ والأحجامَ وما بينها من المسافات متقابلةً متناظرةً متجاورةً.. أعدادها تشكيلاتها ، التنامي والنسغيات حتى ما تحت النسيج من أضالع وطبعات للشعيرات بدقة وفنية... التوزيع على جانبي العود الوسطي.. كل ذلك يوحي أن هناك ذهن أو قل علم حساب ورياضيات في صورة الورقة والثمرة والغصن وأي مخلوق موجود حي... وهذي ظاهرةُ طباقٍ على الشجر والنبات بالخصوص... وفي سنابل القمح وكيفيات التراصف في الكتل والوزن والحجم والشكل ومنتهى الصورة وتناصها مع قريناتها في الحقل والجنس والفصيلة... الهيئات الشكلية في الأوراق والسيقان ومستوى الارتفاع والتلازم لبعضها البعض.. وانتظام سعفات النخيل ونسقية الخصلات ..في صَفّينِ منتظمين.. فلعل هنا يتراءى لك أنَّ بيتا من الشعر العمودي كان توزع على بدن جريدة النخل الطويلة.. فكل جريدة توحي لنا بقصيدة.. كأن الخصلة / صدر / وما تقابلها من خصلة تشبهها / عجز/ وهاتيك على طوال جسد السعف الطوال... هنا نشخص حاصلاً جمالياً نختزله.. وسلوكاً حركياً ،فرضته المادة والطبيعة والوجود الاعتباري لهذي الكتل التصويرية.. ما أعطتها سحرية خاصة تعشقها العين والحواس أثناء المشاهدة والشد التتابعي للظاهرة... إذ نسأل ما هي الفكرة المستنبطة للجمال الفني...؟ يفترض أن تكون هنا غاية مصطلحية يتم التعامل بها ومن خلالها في سياق الموضوعات النقدية والفنية، باعتبارها كشفاً جديداً نحققه يعرض ويفرض وجوده... ولابد من إفصاح ملائم لواقعية المصطلح وفنّيّته ،بالإضافة لمعيارية فعله في الوسط الآخر المنقول له ... وكما تُجمِعُ الظاهرة بعد أن تابعنا بصماتها وآثارها في الحيّز التي هي فيه.. استخلاصاً إمكانياً من أنَّ الطبيعة هي التي تصنع وتنتج النواميس والقوانيين، ومن خلال خواصِّها المرنة وتناص الوجودات فيها سواء على العموم أم على الخصوص، يتم سحب أو توليد الإدراكي منها وتزحيفه إلى بُعدِه الآخر المناسب له... ومنه إلى خدمة الغرض الإنساني الخَلّاق ، وكما يقول العالم العربي الجاحظ رحمه الله ، المعرفة مذخورةٌ حواليك ،او موجودة على ارصفة المكان ، بمامعناه ، هكذا يقدمها الوجود كفعل ناجز في الحياة... ولتكون لعناصرها التي اشتملت نظماً ، تكون لها آخرةً سعيدةً ترقد بها من مكث بارد إلى ديناميك ساخن ضاج بالمعطى والحركية... ونستخلص أخيراً من كل هذا الذي حصرناه في الطبيعة الوجودية واعتباراتها الترابطية الفعل.. من أغصان الآسة، ووقوف الطلاب والجند ورص البلاطات والطوب من المصطنع والمبتدع وتتالي أعمدة الكهرباء، ومما أنتجت المادة في الشجر والحجر والموج والقمر وإلى ما شئت عَددْ.. كل هذا مسحوباً إلى .. وكما أسلفنا في بدايات مادتنا البحثية وذكرنا الجاذبية والنسبية ونظرية الاجتماع والدورة الدموية الصغرى والكبرى وقوانيين النحو في اللغة.. هذا انولاد من رحم الظواهر وانكشاف للبشرية عبر الذهن الفطين.. وسحبه إلى تجليات وجوده الآخر في الدولة والعمل والفكر والحضارة... فالدولة وحاكميات البشر تجد من حاصلها الحركي في أفرادها... إذ يكتمل النصاب لتنتح لنا منظومة دؤوبة.. عضواً فعضواً فعضواً وحسب النظم المناطة بالمنهج ومثله المدرسة والجامعة وكل مؤسسة وإدارة.. عضواً فرداً وعضواً فرداً إلى نهاية الترتيب.. ومثله الجيوش.. ومثله الباعة كيف يرصفون الثمر من الخوخ والإجاص في السلال وغيره، وأصحاب المعارض تتضام الأشياء بفعلهم لديهم، شيء فشيء إلى اكتمال الصورة.. فمن حقنا وبعد أن وجدنا غايتنا، لابد من قطفها كالعنقود من صدر أمها وتسميتها اصطلاحا بــ // التَّضامُّ الوجودي //
يتبع...
------------------------------------------
أ. حميد العنبر الخويلدي
في حرفية نقد اعتباري
(متن مكاشفة) .. العراق
حميد, date d’envoi : Aujourd’hui, à 12:37
الاستاذ مهدي الغالي ،،، هذا نص ،، عنونه ، ب ( متن فكري اعتباري ) هذا ليس نقد. ولا شعر ولا مقال ،،انما متن اقرب للفلسفة المصطلحية ،، اعتبرها من قواعد فكر منهجيتي
