عرفت فترة السبعينات من القرن الماضي في المغرب العديد من الأحداث المؤلمة، ابتداء من انقلاب الصخيرات سنة 1971، إلى محاولة الانقلاب عام 1972 حينما قامت مجموعة من سلاح الجو بمهاجمة طائرة "بوينغ" الملكية القادمة من إسبانيا، والتي كان على متنها المرحومين الملك الحسن الثاني والأمير مولاي عبد الله.
الزمن: غشت 1974
الملعب: معتقل درب مولاي الشريف
الحدث: الحملة الشرسة على أتباع جماعة إلى الأمام
المتهم الرئيسي: المعارض عبد الله زعزاع
الضحية: عبد المجيد ظلمي
هذه الأحداث الأليمة خلقت الرعب لدى المواطنين المغاربة، استغلها بعض المعارضين، بما فيهم مجموعة من الشباب الماركسيين يتزعمهم الجمهوري عبد الله زعزاع.
في خضم هذه الأحداث التي تزامنت مع فوز الرجاء الرياضي بأول لقب في تاريخه، وهو كأس العرش سنة 1974، قرر المرحوم ظلمي العودة لمنزل والديه في درب بوشنتوف بالدار البيضاء، لجمع لوازمه للالتحاق بأصدقائه كعادته كل سنة بالمخيم الصيفي بشاطئ زناتة.
قبل وصوله إلى منزله، التقته جارته وأم المعارض عبد الله زعزاع، وهي تصرخ عن غياب ابنها منذ أيام، وأنها قلقة جدا على مصيره، وتريد أن تعرف على الأقل إن كان لازال على قيد الحياة، خاصة وأن رجال الشرطة كانوا يترددون على البيت ويسألون عنه.
حزن ظلمي كثيرا لوضع هذه الأم المكلومة، خاصة وأن عبد الله زعزاع كان صديقه، يقول ظلمي: "كنت أعرف أنه كان يلجأ إلى أحد المنازل بحي بوركون بالبيضاء، فقررت رفقة ابن عمي المرحوم عبد الرحيم، أن أبحث عنه، وكم فوجئت وأنا أطرق الباب المنزل، بأن الذي فتح لي كان رجل شرطة، حيث رمى قيوده فوق يدي وأدخلني إلى داخل البيت.
فهمت أن الشرطة ألقت القبض على زعزاع ورفاقه، وكانوا في انتظار الآخرين.
لقد قيدوني وكمموني بعنف، ووضعوا عصابة على عيني حتى لا أرى شيئا، واتجهوا بي إلى مكان مجهول، وبدأت الأسئلة تتقاطر علي:
س: ما اسمك؟
ج: عبد المجيد ظلمي
س: كم سنك؟
ج: أنا من مواليد سنة 1953
س: أين تعرف عبد الله زعزاع؟
ج: إنه "ولد دربنا" وصديق الطفولة
س: وماذا تعمل أنت في الحياة؟
ج: أنا فقط "كوايري"
س: في أي فريق تلعب؟
ج: مع الرجاء البيضاوي
س: وهل الرجاء البيضاوي في القسم الأول أو الثاني؟
وقتها قلت في نفسي "لقد انتهى أمرك يا ظلمي؟"، فهذا الشرطي لا يعرف حتى إذا كان فريق الرجاء في الدرجة الأولى أو الثانية، فبالأحرى أن يعرف بأنني هو اللاعب الدولي عبد المجيد ظلمي".
ولحسن حظ ظلمي، وبعد أن انتظرت والدة عبد الله زعزاع قدومه طويلا، اتصلت بكل من اللاعب ورفيق درب ظلمي، جواد الأندلسي، ومحمد يوعري المكلف بالأمتعة في الرجاء، حيث طلبت أن يبحثا عنه وعن ابنها زعزاع.
الظلمي و جواد الاندلسي يتوسطان (الصورة).
وفعلا جاء جواد ويوعري إلى حي بوركون، ولما وصلا قرب العمارة، رأيا الشرطة السرية منتشرة في جميع أنحاء الأزقة، ليتصل جواد مباشرة بأعضاء المكتب المسير لفريق الرجاء، وعلى رأسهم المرحومين الأستاذ المعطي بوعبيد والأستاذ عبد الواحد معاش.
وتأكد بعد ذلك بأن "البوليس" السياسي قد عرف بأن لا علاقة له بالسياسة، وبأنه فقط لاعب كرة القدم، ليقرر إطلاق سراحه في اليوم نفسه، بعد أن كاد أن يبقى طويلا في معتقل درب مولاي الشريف.
ويتذكر ظلمي جيدا أن القيد أو "النيميرو 5" قد انفتح لوحده، وسقط من يديه، ولحسن نيته أو سذاجته، طلب من الشرطي الذي كان يحرسه أن يقوم بتركيبه وتثبيته من جديد.
وبعد مدة طويلة، وبعد أن طافوا به كل شوارع الدار البيضاء، والعصابة لازالت على عينيه، حتى لا يعرف المكان الذي كان معتقلا فيه، وصلت السيارة إلى شارع الجيش الملكي، فرفعوا عصابته على عينيه، ورأى النور من جديد، وخاطبه الشرطي بلهجة صارمة: "اعتبر نفسك قد ولدت من جديد، ومن الآن، لا أريد أن أراك مرة أخرى".
الزمن: غشت 1974
الملعب: معتقل درب مولاي الشريف
الحدث: الحملة الشرسة على أتباع جماعة إلى الأمام
المتهم الرئيسي: المعارض عبد الله زعزاع
الضحية: عبد المجيد ظلمي
هذه الأحداث الأليمة خلقت الرعب لدى المواطنين المغاربة، استغلها بعض المعارضين، بما فيهم مجموعة من الشباب الماركسيين يتزعمهم الجمهوري عبد الله زعزاع.
في خضم هذه الأحداث التي تزامنت مع فوز الرجاء الرياضي بأول لقب في تاريخه، وهو كأس العرش سنة 1974، قرر المرحوم ظلمي العودة لمنزل والديه في درب بوشنتوف بالدار البيضاء، لجمع لوازمه للالتحاق بأصدقائه كعادته كل سنة بالمخيم الصيفي بشاطئ زناتة.
قبل وصوله إلى منزله، التقته جارته وأم المعارض عبد الله زعزاع، وهي تصرخ عن غياب ابنها منذ أيام، وأنها قلقة جدا على مصيره، وتريد أن تعرف على الأقل إن كان لازال على قيد الحياة، خاصة وأن رجال الشرطة كانوا يترددون على البيت ويسألون عنه.
حزن ظلمي كثيرا لوضع هذه الأم المكلومة، خاصة وأن عبد الله زعزاع كان صديقه، يقول ظلمي: "كنت أعرف أنه كان يلجأ إلى أحد المنازل بحي بوركون بالبيضاء، فقررت رفقة ابن عمي المرحوم عبد الرحيم، أن أبحث عنه، وكم فوجئت وأنا أطرق الباب المنزل، بأن الذي فتح لي كان رجل شرطة، حيث رمى قيوده فوق يدي وأدخلني إلى داخل البيت.
فهمت أن الشرطة ألقت القبض على زعزاع ورفاقه، وكانوا في انتظار الآخرين.
لقد قيدوني وكمموني بعنف، ووضعوا عصابة على عيني حتى لا أرى شيئا، واتجهوا بي إلى مكان مجهول، وبدأت الأسئلة تتقاطر علي:
س: ما اسمك؟
ج: عبد المجيد ظلمي
س: كم سنك؟
ج: أنا من مواليد سنة 1953
س: أين تعرف عبد الله زعزاع؟
ج: إنه "ولد دربنا" وصديق الطفولة
س: وماذا تعمل أنت في الحياة؟
ج: أنا فقط "كوايري"
س: في أي فريق تلعب؟
ج: مع الرجاء البيضاوي
س: وهل الرجاء البيضاوي في القسم الأول أو الثاني؟
وقتها قلت في نفسي "لقد انتهى أمرك يا ظلمي؟"، فهذا الشرطي لا يعرف حتى إذا كان فريق الرجاء في الدرجة الأولى أو الثانية، فبالأحرى أن يعرف بأنني هو اللاعب الدولي عبد المجيد ظلمي".
ولحسن حظ ظلمي، وبعد أن انتظرت والدة عبد الله زعزاع قدومه طويلا، اتصلت بكل من اللاعب ورفيق درب ظلمي، جواد الأندلسي، ومحمد يوعري المكلف بالأمتعة في الرجاء، حيث طلبت أن يبحثا عنه وعن ابنها زعزاع.
الظلمي و جواد الاندلسي يتوسطان (الصورة).
وفعلا جاء جواد ويوعري إلى حي بوركون، ولما وصلا قرب العمارة، رأيا الشرطة السرية منتشرة في جميع أنحاء الأزقة، ليتصل جواد مباشرة بأعضاء المكتب المسير لفريق الرجاء، وعلى رأسهم المرحومين الأستاذ المعطي بوعبيد والأستاذ عبد الواحد معاش.
وتأكد بعد ذلك بأن "البوليس" السياسي قد عرف بأن لا علاقة له بالسياسة، وبأنه فقط لاعب كرة القدم، ليقرر إطلاق سراحه في اليوم نفسه، بعد أن كاد أن يبقى طويلا في معتقل درب مولاي الشريف.
ويتذكر ظلمي جيدا أن القيد أو "النيميرو 5" قد انفتح لوحده، وسقط من يديه، ولحسن نيته أو سذاجته، طلب من الشرطي الذي كان يحرسه أن يقوم بتركيبه وتثبيته من جديد.
وبعد مدة طويلة، وبعد أن طافوا به كل شوارع الدار البيضاء، والعصابة لازالت على عينيه، حتى لا يعرف المكان الذي كان معتقلا فيه، وصلت السيارة إلى شارع الجيش الملكي، فرفعوا عصابته على عينيه، ورأى النور من جديد، وخاطبه الشرطي بلهجة صارمة: "اعتبر نفسك قد ولدت من جديد، ومن الآن، لا أريد أن أراك مرة أخرى".