لم اكن أشعر بأية أعراض، حتى لو كانت نوبة صداع بسيطة او دوار عابر ، ولم يك ليخطر ببالي أمر اسمه ضغط الدم، بل بقيت حياتي تنقسم بين عملي، ومتابعة نتاجاتي الصحفية فحسب..
حتى قمت يوما بتنصيب برامجيات لمضمد صديق قبل سنوات خمس ، اراد مكافأتي بعد ان انتهيت من عملي، فاقترح علي أن يقيس الضغط كأتعاب لي، ووافقت دون أدنى مبالاة.
تغيرت ملامح وجه صديقي المضمد، واعاد القياس ثانية وأخذ يسالني ان كنت أشعر بأعراض ما، فنفيت الامر، لكنه سرعان ما باغتني بالقول : ان ضغطك هو ١٨ على ١٢ بالتمام والكمال !!
أطلقت ضحكة عالية وانا اسخر منه، ومن مقالبه المكشوفة التي اعتدت عليها، ثم غادرته وقد راودني شيء بسيط من قلق، فالرجل كان جادا ولم يضحك مثلما ينتهي دوما من مقلب فاشل..
لم يكن لي من بد لطرق باب صديقي الطبيب صفاء ، كي اهنئه على داره الجديد ، واطلب منه القياس مرة أخرى.
استقبلني ببسمته الوديعة الصادقة، وبعد الاحاديث المعتادة، بدأ بالقياس، واذا به يعيد علي اسئلة المضمد صاحبي، مع نفس قسمات الوجه التي تنبيء بكارثة، حين اخبرني ان ضغطي قد أصبح ١٩ على ١٣، أي أنه ينمو بكل ثقة وجمال مثل طفل بين يدي والديه !!
كتب لي صفاء علاجا، ثم دوّن قائمة ممنوعات أطول من فقرات قانون العقوبات العراقي المعدّل، تسمح لي بتناول كسرة خبز وماء وقطعة دجاج باهتة الطعم مرة في الأسبوع، وقطعة لحم مرة في العمر، وحين أخبرته أني لا أعيش في الجزيرة العربية، ولا انتمي الى المتصوفة أيام الحلاج ، وأني مثل أي انسان لدي رغبة في تناول ما أشتهي من طعام، قطب حاجبيه بحزن ثم خاطبني بالقول :
يمكنك التهام ما تشاء، لكن لا تلمني إن أصابتك الجلطة الدماغية وتكون مجرد عبء على أهلك وعلى الإنسانية قاطبة !!
اسودت الدنيا بعيني، وشعرت اني دخلت عالما جديدا تافها بلا ملامح، وبدأت اعراض الارتفاع تظهر علي، فالصداع يشعل رأسي كأن به كوة من نار، والدوار يجعلني أشعر اني مركز الكون، والنجوم تطوف من حولي وهي تعبد ربها ، مع فقدان شهية واعراض أخر تجعلك تفكر بالانتحار عبر الاستماع الى أخبار فضائياتنا عند الظهيرة.
كنت أقاوم ما تشتهي النفس، ويضيق بي الصبر والصدر فاساير ما تشتهي النفس غشا وعنادا، حتى صعقت حين وجدت شخصا يدفعه آخر على عربة المعوقين، ولم يكن المريض سوى طبيبي صفاء الذي حذرني من الجلطة فأصيب هو بها!!
علمت أن الأمر ليس بالهين، واذا كان طبيبي قد نالته الجلطة وهو المثالي في طعامه وشرابه وضغط دمه، فكيف بمن هو مثلي يسخر من كل شيء، وقد جاوز الضغط لدي كل حد مسموح.
لم يك من الممكن ان اعيش طوال حياتي على العقاقير، فهي قيود حقيرة مزمنه، ولا يمكن تعريض النفس للخطر، فقررت الالتزام التام بالطعام كي لا أكون عبئا على البشرية كما صرح طبييي، فلا اتناول سوى الباهت الخالي من كل لذة ، وكأن هنالك وحش ضار في الملح واللحوم والرز وباقي أصناف الطعام، فشفيت من المرض، وأعيش الآن حياة جميلة للغاية مثل حياة الملائكة، زادي التسبيح، وشرابي الاستغفار.
سعد محمود شبيب
حتى قمت يوما بتنصيب برامجيات لمضمد صديق قبل سنوات خمس ، اراد مكافأتي بعد ان انتهيت من عملي، فاقترح علي أن يقيس الضغط كأتعاب لي، ووافقت دون أدنى مبالاة.
تغيرت ملامح وجه صديقي المضمد، واعاد القياس ثانية وأخذ يسالني ان كنت أشعر بأعراض ما، فنفيت الامر، لكنه سرعان ما باغتني بالقول : ان ضغطك هو ١٨ على ١٢ بالتمام والكمال !!
أطلقت ضحكة عالية وانا اسخر منه، ومن مقالبه المكشوفة التي اعتدت عليها، ثم غادرته وقد راودني شيء بسيط من قلق، فالرجل كان جادا ولم يضحك مثلما ينتهي دوما من مقلب فاشل..
لم يكن لي من بد لطرق باب صديقي الطبيب صفاء ، كي اهنئه على داره الجديد ، واطلب منه القياس مرة أخرى.
استقبلني ببسمته الوديعة الصادقة، وبعد الاحاديث المعتادة، بدأ بالقياس، واذا به يعيد علي اسئلة المضمد صاحبي، مع نفس قسمات الوجه التي تنبيء بكارثة، حين اخبرني ان ضغطي قد أصبح ١٩ على ١٣، أي أنه ينمو بكل ثقة وجمال مثل طفل بين يدي والديه !!
كتب لي صفاء علاجا، ثم دوّن قائمة ممنوعات أطول من فقرات قانون العقوبات العراقي المعدّل، تسمح لي بتناول كسرة خبز وماء وقطعة دجاج باهتة الطعم مرة في الأسبوع، وقطعة لحم مرة في العمر، وحين أخبرته أني لا أعيش في الجزيرة العربية، ولا انتمي الى المتصوفة أيام الحلاج ، وأني مثل أي انسان لدي رغبة في تناول ما أشتهي من طعام، قطب حاجبيه بحزن ثم خاطبني بالقول :
يمكنك التهام ما تشاء، لكن لا تلمني إن أصابتك الجلطة الدماغية وتكون مجرد عبء على أهلك وعلى الإنسانية قاطبة !!
اسودت الدنيا بعيني، وشعرت اني دخلت عالما جديدا تافها بلا ملامح، وبدأت اعراض الارتفاع تظهر علي، فالصداع يشعل رأسي كأن به كوة من نار، والدوار يجعلني أشعر اني مركز الكون، والنجوم تطوف من حولي وهي تعبد ربها ، مع فقدان شهية واعراض أخر تجعلك تفكر بالانتحار عبر الاستماع الى أخبار فضائياتنا عند الظهيرة.
كنت أقاوم ما تشتهي النفس، ويضيق بي الصبر والصدر فاساير ما تشتهي النفس غشا وعنادا، حتى صعقت حين وجدت شخصا يدفعه آخر على عربة المعوقين، ولم يكن المريض سوى طبيبي صفاء الذي حذرني من الجلطة فأصيب هو بها!!
علمت أن الأمر ليس بالهين، واذا كان طبيبي قد نالته الجلطة وهو المثالي في طعامه وشرابه وضغط دمه، فكيف بمن هو مثلي يسخر من كل شيء، وقد جاوز الضغط لدي كل حد مسموح.
لم يك من الممكن ان اعيش طوال حياتي على العقاقير، فهي قيود حقيرة مزمنه، ولا يمكن تعريض النفس للخطر، فقررت الالتزام التام بالطعام كي لا أكون عبئا على البشرية كما صرح طبييي، فلا اتناول سوى الباهت الخالي من كل لذة ، وكأن هنالك وحش ضار في الملح واللحوم والرز وباقي أصناف الطعام، فشفيت من المرض، وأعيش الآن حياة جميلة للغاية مثل حياة الملائكة، زادي التسبيح، وشرابي الاستغفار.
سعد محمود شبيب
Войдите на Facebook
Войдите на Facebook, чтобы общаться с друзьями, родственниками и знакомыми.
www.facebook.com