أ. د. عادل الأسطة - ذاكرة أمس ٧٦ : سرقة قبة الصخرة والمسجد الأقصى

أمس صباحا أعدت قراءة قصة القاص أكرم هنية " بعد الحصار ... قبل الشمس بقليل " التي كتبها في العام ١٩٧٩ وظهرت في مجموعته الأولى " السفينة الأخيرة .. الميناء الأخير " .
سبب إعادة القراءة هو أنني سأتحدث عن العجائبي في القصة القصيرة الفلسطينية في مؤتمر سيعقد يوم الأربعاء ، في معهد القاسمي في باقة الغربية ، يركز على العجائبي في الأدب .
ويخيل إلي أن قراءة القصة في هذه الفترة تبدو ملائمة جدا ، فاقتحام الأقصى - عدا حصار حي الشيخ جراح - كان الفتيل الذي أشعل الحرب الأخيرة .
غير مرة كتبت عن هذه القصة ؛ كتبت عنها في رسالة الماجستير ( ١٩٨٢ ) وكتبت عنها وأنا أدرس مساق الأدب الفلسطيني ، وكتبت عنها وأنا أدرس مساق القدس في الأدب العربي ، وغالبا ما كنت أناقش فكرة النبوءة في الأدب من خلالها .
ما تخيله القاص في ١٩٧٩ يحدث ببطء منذ أحداث النفق في ١٩٩٦ ، فالإسرائيليون منذ عقود يحفرون تحت قبة الصخرة والمسجد الأقصى ، وقد يأتي يوم ينهاران فيه ، فيختفيان ويصحو أهل القدس فلا يجدانهما ، وقد يعيد الإسرائيليون بناء هيكلهم مكانهما .
غالبا في أثناء حديثي عن الخيالي الذي يتحول إلى واقعي ما أتوقف أمام رواية الأب المؤسس للصهيونية ( ثيودور هرتسل ) " أرض قديمة - جديدة " الصادرة في ١٩٠٢ ؛ الرواية التي جعل لها عنوانا فرعيا هو " إذا أردتم فإنها ليست خرافة " وتبنى الرواية كلها على حلم هو إقامة الدولة اليهودية خلال عشرين عاما .
عندما طبعت دار نشر إسرائيلية ، في ستينيات القرن العشرين ، رواية ( هرتسل ) ، مترجمة إلى العربية ، زينتها بصور لفلسطين تظهر من خلالها كيف كانت قبل الاستيطان اليهودي لها وكيف صارت بعد إقامة الدولة الإسرائيلية . ما كان حلما صار واقعا .
عندما انتصرت إسرائيل على ثلاث دول عربية في حزيران ١٩٦٧ صارت تكرر مقولات مثل " إسرائيل خلقت لتبقى " واعتقد كثيرون من العرب بتلك المقولات إلى أن جاء من تنبأ بزوال دولة إسرائيل في العام ٢٠٢٢ ، ولم يأخذ كثيرون بنبوءته إلا في أيام الحرب الأخيرة . صار كثيرون يكررون مقولة الشيخ حسن نصرالله " إسرائيل أوهى من بيت العنكبوت " ، واحتفل كثيرون بالانتصار ، وربما هم الآن ينتظرون بفارغ الصبر تحققها ، ولا أعرف إن كان زوال الدولة سيكون في بداية العام ٢٠٢٢ أم في نهايته ؟ وإن كان سيتحقق في ٢٠٢٢ ميلادية أم في ٢٠٢٢ هجرية ، فلطالما كرر بعض المسلمين ، قبل حلول العام ٢٠٠٠ ، مقولة " تؤلف ولا تؤلفان " ، فلما انتهى العام ٢٠٠٠ و " ألفت/ ان " - يعني انتهى ألفا عام ولم يغرب العالم ، ردد هؤلاء أن المقصود بالمقولة هو التاريخ الهجري لا الميلادي .
من يدري ما تخبئه الأيام لنا ، فكما كتب ( هرتسل ) " إذا أردتم فإنها ليست خرافة " وتحقق ما تنبأ به وعمل من أجله هو وأنصاره ، فقد يتحقق للسيد حسن نصرالله ما قاله " أوهى من بيت العنكبوت " .
وعودة إلى قصة أكرم هنية .
كان الفلسطينيون / المقدسيون يائسين من العالم العربي ، فسخروا من ردود الأفعال العربية إزاء حدث اختفاء الصخرة والأقصى ، وراهنوا على أنفسهم ، وهو ما بدا في الخاتمة ، وهو ما بدا في في الأسابيع الأخيرة ، مع فارق .
هذه المرة كان هناك من أطلق صواريخه نجدة للأقصى ، وغالبا ما يخطر ببالي أشياء غريبة أمام هذا التطور التكنولوجي الرهيب والمتسارع :
- ماذا لو امتلكت حماس أو فصيل فلسطيني آخر أسلحة كيماوية ؟ هل ستتردد في استخدامها إذا ما واصلت الطائرات الإسرائيلية تسوية غزة بالأرض ؟
من هو رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي قال :
- لو كان لدينا في الحرب العالمية الثانية قنبلة نووية لما ترددنا في استخدامها ضد النازية !!
في رواية أسعد الأسعد الأخيرة " دروب المراثي " ٢٠٢٠ يصحو مراد فلا يجد في فلسطين سكانا ؛ لا عربا ولا يهودا ويسير في شوارع القدس ويافا مع الشابة اليهودية التي رآها على شاطيء البحر .
هل سنصحو يوما ولا نجد " إرم " التي لم يخلق مثلها في البلاد ؟
بدأت أهذي . سامحوني .
صباح الخير
خربشات
٣١ / ٥ / ٢٠٢١ .


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى