أ. د. عادل الأسطة - ذاكرة أمس ٧٧ : " وأهل غزة يحبون الحياة إذا ما استطاعوا إليها سبيلا "

ربما تتذكرون قصيدة محمود درويش " ونحن نحب الحياة " ونصها هو :
" ونحن نحب الحياة إذا ما استطعنا إليها سبيلا
ونرقص بين شهيدين ، نرفع مئذنة للبنفسج بينهما أو نخيلا
نحب الحياة إذا ما استطعنا إليها سبيلا
ونسرق من دودة القز خيطا لنبني سماء لنا ونسيج هذا الرحيلا
ونفتح باب الحديقة كي يخرج الياسمين إلى الطرقات نهارا جميلا
نحب الحياة إذا ما استطعنا إليها سبيلا
ونزرع حيث أقمنا نباتا سريع النمو ، ونحصد حيث أقمنا قتيلا
وننفخ في الناي لون البعيد البعيد ، ونرسم فوق تراب الممر صهيلا
ونكتب أسماءنا حجرا حجرا ، أيها البرق أوضح لنا الليل ، أوضح قليلا
نحب الحياة إذا ما استطعنا إليها سبيلا "
أمس تذكرت شخصيا هذه القصيدة التي يكرر كثيرون منا سطرا واحدا منها تكرارا شبه يومي " ونحن نحب الحياة إذا ما استطعنا إليها سبيلا " .
سبب تذكري هو نشر أصدقاء عديدين لي ، من غزة ، صورة لأهل القطاع وقد افترشوا شاطيء البحر وسرحوا ومرحوا وسبحوا ولعبوا وفرفشوا و ... و ... وعيدوا أيضا . إذ بدأ أنهم أجلوا عيدهم ، بسبب الحرب ، ولم ينسوه ، فخرجوا إلى شاطيء البحر زرافات ووحدانا ، حتى ليخيل إليك أنه لم يبق منهم في بيوتهم أحد ، من كان له بيت ومن فقد البيت بسبب الحرب .
استوحى الشاعر فكرة قصيدته من أجواء حرب لبنان ١٩٨٢ ، ففي وقت الهدنة كان أهل بيروت يخرجون من بيوتهم ويذهبون إلى الشاطيء ليحتفلوا بالحياة ، فمن لم يتزوج تزوج ، ومن لم يلتق بالأهل والأصدقاء التقى بهم وهلم جرا . وأعتقد أن الشاعر الذي لم يكن شاهدا على أي حرب من حروب غزة الأربعة الأخيرة ، أعتقد أنه لو امتد به العمر وشاهد ما شاهدنا من صور لقرأ قصيدته المذكورة ، أو لكتب قصيدة على غرارها .
من الذين أدرجوا الصورة على صفحتهم الصديق Riyad Awad ، فقد ذهل من المشهد وطلب من متابعيه توضيحا للظاهرة وتفسيرا لها ، وكنت واحدا ممن عقبوا ذاهبا إلى أن أهل غزة يحبون الحرية والحياة ما استطاعوا إليها سبيلا .
وأمس توقف الصديق نفسه أمام بعض مطالب أهل غزة في المفاوضات التي قد تجري بين المتحاربين ، فعلقت خالطا الجد بالهزل ، حيث بدوت متطرفا وراديكاليا أكثر من حركتي حماس والجهاد ، بل ومن وديع حداد وجورج حبش في أوج قوة الثورة وذروتها يوم ناشدت بتحرير فلسطين من النهر إلى البحر وترحيل المستوطنين الغزاة إلى أوروبا . حقا لماذا لا يدفع الإسرائيليون لنا تعويضات عن خسائرنا كلها منذ ١٩٤٨ إلى الآن ، كما دفعت ألمانيا لضحايا الهولوكست من أبناء العمومة ؟
ألم أكتب إنني أكتب في ( الوساع ) .
الشيخ جراح ما زال محاصرا ، بل إن حصاره اشتد وازداد ، ولم نتابع ما جرى مع معتقلي حيفا ويافا وعكا وباقة الغربية وغيرها من المدن والبلدات الفلسطينية ، كما لم نتابع أخبار الكورونا واللقاح إلا متابعة عابرة . هل صارت الكورونا عابرة في كلام عابر ؟ وماذا إن كانت موجودة في غزة ؟ هل الكورونا موجودة هناك أم أنها أصيبت بالرعب فعادت من حيث جاءت ولم تجد صواريخ قبتها الحديدية أمام منظومة صواريخ حماس ؟
أول أمس قال لي أبو فراس إنه يفكر في تأليف كتاب عن الكورونا وتأثيرها في جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، وطلبت منه أن يضيف إليها جوانب أخرى مثل الجانب الأدبي والأخلاقي والنفسي ، فسألني :
- هل من تأثير لها على الجانب الأخلاقي ؟
ضاقت أخلاقنا في أيام الكورونا " وأخلاق الرجال تضيق " ، وكذلك أخلاق النساء ، وصرنا عصبيي المزاج متوترين حذرين بخلاء لقلة ما في اليد ... إلخ ، وما من شك أن تأثيرها على الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية يمتد بدوره ليشمل الأخلاق . أليس كذلك ؟
صباح الخير يا أبو فراس خالد نايف داود وخذ النكتة الآتية :
أراد رجل أن يتزوج من امرأة ثانية . عندما قدمت له زوجته الطعام والشراب خاطبها - لكي يبرر اقدامه على مشروعه - قائلا لها إنها ما عادت تجيد الطبيخ وصنع القهوة والشاي فلا طعم للطبيخ ولا مذاق للشاي ، واستغربت من كلامه ، ثم عرفت السبب ، فاتصلت بالاسعاف طالبة من الجهات الصحية أن تأتي إلى بيتها لأخذ زوجها المصاب بالكورونا ، إذ فقد حاستي الذوق والشم .
كان حزيران شهر الهزيمة وعد كثيرون شهر أيار شهر النصر . اللهم استر من اليوم ولمدة ثلاثين يوما .
صباح الخير
خربشات
١ حزيران ٢٠٢١



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى