محمد الفخرانى... ظاهرة سكندرية نادرة
ما بين الكتابة المتسارعة، و التأني....!!
في ظاهرة مرتبكة يواجه الوسط الثقافي معضلة غاية في التعقيد...!!
في حين يتميز بعض المبدعين بوفرة إبدعاتهم ، نجد البعض الآخر يضن بكلماته، فيمضي العمر كله بالواحد منهم ، ولا نجد رصيدا له في نهاية رحلته سوى مطبوع واحد أو مطبوعين ؟!
فيأتي كثير من النقاد ليتهموا مبدعا متميزا مثل الروائي الراحل عبد الفتاح مرسي بأنه مصاب بهوس النشر والطباعة وأنه عليه أن يتأني كثيرا قبل توالي مطبوعاته، رغم أنه قدم العديد من الأعمال العالية المستوى مثل الليل وجبروته، وطاما وعصفور النن،والبندقداري،والمجعرة،والمقطوع والموصول ،...
، وقد اتخذ بعض المبدعين من ذلك حجة ليرتكنوا إلى الكسل وتتوقف كتباتهم عند عمل واحد أو اثنين
وكأنهم سيأتون إلينا ببيضة الديك!!
علينا أن نعترف أن كثير من الكتاب، يقدمون أشياء لا قيمة لها،
ولكن ليس كل غزير في إنتاجه هو متسرع أو مهمل وإلا كان الروائي العظيم نجيب محفوظ أولهم!!
ربما إعادة الكتابة لمرات عديدة مع الضبط والتنقيح والحذف والإضافة بما يتجاوز المعقول قد يحول العمل إلى مجرد سرد كرتوني جاف لا طعم له ولا رائحة....
إذا كنت أنصح بضرورة المراجعة، والتريث وإعادة كتابة العمل مرات عديدة حتى بصل إلى الشكل الجمالي والفني المناسب للموضوع ، ولكن لكل شئ حدود،
خشية أن تتحول كتابات المبدع إلى كتابات آلية جافة، تفتقد التلقائية، والعفوية المبهرة، فيخسر العمل أهم مزاياه، ألا وهي الصدق والتفاعل الحميمي مع المتلقي...
يا سادة الاعتدال واجب،....
أنتم و طبيعة موهبتكم...
وحجم قدراتكم الابداعية على العطاء...
تكتبون العمل في ساعة مثلما كان يفعل الكاتب الكبير يوسف السباعي، او تكتبونه حتى على مدار سنوات،
في النهاية القارئ لا يعنيه سوى جودة، وصدق المنتج،
فالأموات لا يقدمون أملا ولا يصنعون حياة، فقط هم يخلفون ظلاما، وغثاء كزبد البحر.
لابد أن يكون لدي الكاتب القدرة على الخلق...
الخلق الدائم والمبتكر، والمدهش والمتوافق مع كل معطيات الحياة ...منذ بدء الخليقة وحتى يومنا هذا،
وفى إطار ايدولجي وفلسفي يحمل رؤية وعمقا يشتمل على تاريخ وحضارات الإنسانية كلها ، ومزج كل هذا في عصير فكري باحتراف فني ،.
ومن النماذج العظيمة للمبدعين في الثغر، الناقد، والفنان التشكيلي، و الروائي القدير :
محمد محمود الفخرانى
ذلك المبدع الكبير الذي حقق المعادلة الصعبة ، واحتوي عقله في اللا وعي كل تاريخ الفن البشري ، فصارت كلماته تحمل
وعي نادر وثقافة أصيلة.
الفخرانى نموذج يجب الالتفات إليه كثيرا لأنه ظاهرة نادرة الحدوث في الوسط الثقافي السكندري
ويكفيك أن تطالع روايته( بساط من قلوب وجباه) ، فستكتشف أنك أمام عمل كتب بلغة بديعة ، وحس فني صادق ، لا يخلو من حرفية عالية، ومع كل صفحة من صفحات العمل، ستشعر أنك أمام رواية فريدة تحمل في كل جملة من جملها مجموعة من القضايا والاطروحات العقلية والفنية المركبة.....
وفي مجموعته اللافتة (لمع السراب) ، ستجد العديد من الأشكال الفنية، مع طرق متنوعة للسرد ، وعمق البوح لشخصيات هي بالقطع قطعة من نفس المؤلف ،و التي تعبر عن تجربة القاص الثرية وقدراته على طرح العديد من الموضوعات الشيقة.
و بين روايات أو مجموعات قصصية،أو أبحاث نقدية قد فازت معظمها بالعديد من الجوائز القيمة ، بخلاف تجربته الفريدة في الفن التشكيلي، بين كل هذا الزخم من الإبداع الراقي ستجد نفسك في حضرة فيلسوف يمتلك مشاعر شديدة الحساسية.
، فنان متفتح على كل المدارس ومدرك لما يناسب آليات عصره، وهويته العربية التي يعتز بها ايم اعتزاز،
وكأنه جراح يمتلك مبضعا حادا ، يستطيع التعامل به ومجتمعه بمهارة شديدة، ودون أن يسقط في المباشرة الفجة،أو يتوغل في الغموض المبهم، فاستطاع أن يصنع لنفسه مدرسة خاصة ، وبات له تلاميذ كثر، يستقون منه المعرفة، في إطار من العلائق النادرة....
ولا تخلو ندوة أولقاء أدبي كبير في الثغر من حضور الفخرانى، فيتهافت عليه، معظم مبدعي الإسكندرية، ليس سردا فقط بل وتمتد تجربة الفخرانى لتشمل العديد من الدراسات، لنماذج من شعراء الفصحى ، وكأن صداقته الطويلة للراحل الشاعر أحمد مبارك قد أثرت على ملكاته الإبداعية فجعلته ناقدا موسوعيا....
الفخرانى الآن......
وبعد رحلة طويلة من العطاء الفني، يكاد لا يبرح بيته، هو أستاذ لا يتحدث كثيرا،إلا إذا أثرت حفيظته، ولا يبحث عن الأضواء، بل يتعمد الهروب منها، ليواصل عزلته في محراب الفن.....
مع فنجان قهوته المفضل، وبضعة لفائف من التبغ،وخاصة بعد رحيل صديق عمره أحمد مبارك، وما انعكس أثره النفسي عليه بصورة بالغة الأثر..
وقد كنا منذ سنوات قلائل نجتمع على مقهى بحبح في سيدي بشر، فنستمتع بدفء صحبته ، وكأنه كبير عائلة مبدعي الإسكندرية، حيث يتوافد علينا العديد من كتاب الثغر، مع ضيوفهم من مبدعي محافظات مصر ، بل والبلدان العربية الأخرى الذين يحرصون على
الالتقاء بالفخراني وشلته الأدبية
أحمد مبارك..و.عبدالفتاح مرسي، و عبدالنبي كراوية،ومحمود عبدالصمد، و حميدة عبدالله،محمد وهبة، وابونصير عثمان، ومحمد حمدي، وأشرف دسوقي، وعاطف الحداد، وضياء طمان، وكمال مهدي، وأحمد فراج، وسمير حكيم، صلاح بكر، محمد نظمي، محمد ياسين الفيل،ناجي عبداللطيف،... ولفيف يصعب ذكره من مبدعي الإسكندرية...
أما الآن وبعد مضي الزمن ، فقد انفض الجمع....
خاصة، بعد رحيل مبارك وكراوية، وعبدالفتاح وأحمد فراج،وصلاح بكر، وسافر من سافر إلى خارج البلاد، وانشغل باقي الأفراد بمستلزمات الحياة...
فصار الفخرانى كما النسر الحزين، الذي فقد أليفه..
، طائر عظيم يحلق في إباء، في كبد السماء ولكنه وحيد ، مع قلمه، وريشته، وحزنه الشفيف الرائق.
وبسبب كاريزما الفخرانى المبهرة، يخشى الكثيرون مشاركته في أي لقاء أدبي ، حيث يتلاشى كل شئ في حضوره ، وتبقى فقط كلماته....
وكأنها تراتيل سماوية مقدسة، أو نغمات عبقرية، مهيبة وساحرة ...
ما بين الكتابة المتسارعة، و التأني....!!
في ظاهرة مرتبكة يواجه الوسط الثقافي معضلة غاية في التعقيد...!!
في حين يتميز بعض المبدعين بوفرة إبدعاتهم ، نجد البعض الآخر يضن بكلماته، فيمضي العمر كله بالواحد منهم ، ولا نجد رصيدا له في نهاية رحلته سوى مطبوع واحد أو مطبوعين ؟!
فيأتي كثير من النقاد ليتهموا مبدعا متميزا مثل الروائي الراحل عبد الفتاح مرسي بأنه مصاب بهوس النشر والطباعة وأنه عليه أن يتأني كثيرا قبل توالي مطبوعاته، رغم أنه قدم العديد من الأعمال العالية المستوى مثل الليل وجبروته، وطاما وعصفور النن،والبندقداري،والمجعرة،والمقطوع والموصول ،...
، وقد اتخذ بعض المبدعين من ذلك حجة ليرتكنوا إلى الكسل وتتوقف كتباتهم عند عمل واحد أو اثنين
وكأنهم سيأتون إلينا ببيضة الديك!!
علينا أن نعترف أن كثير من الكتاب، يقدمون أشياء لا قيمة لها،
ولكن ليس كل غزير في إنتاجه هو متسرع أو مهمل وإلا كان الروائي العظيم نجيب محفوظ أولهم!!
ربما إعادة الكتابة لمرات عديدة مع الضبط والتنقيح والحذف والإضافة بما يتجاوز المعقول قد يحول العمل إلى مجرد سرد كرتوني جاف لا طعم له ولا رائحة....
إذا كنت أنصح بضرورة المراجعة، والتريث وإعادة كتابة العمل مرات عديدة حتى بصل إلى الشكل الجمالي والفني المناسب للموضوع ، ولكن لكل شئ حدود،
خشية أن تتحول كتابات المبدع إلى كتابات آلية جافة، تفتقد التلقائية، والعفوية المبهرة، فيخسر العمل أهم مزاياه، ألا وهي الصدق والتفاعل الحميمي مع المتلقي...
يا سادة الاعتدال واجب،....
أنتم و طبيعة موهبتكم...
وحجم قدراتكم الابداعية على العطاء...
تكتبون العمل في ساعة مثلما كان يفعل الكاتب الكبير يوسف السباعي، او تكتبونه حتى على مدار سنوات،
في النهاية القارئ لا يعنيه سوى جودة، وصدق المنتج،
فالأموات لا يقدمون أملا ولا يصنعون حياة، فقط هم يخلفون ظلاما، وغثاء كزبد البحر.
لابد أن يكون لدي الكاتب القدرة على الخلق...
الخلق الدائم والمبتكر، والمدهش والمتوافق مع كل معطيات الحياة ...منذ بدء الخليقة وحتى يومنا هذا،
وفى إطار ايدولجي وفلسفي يحمل رؤية وعمقا يشتمل على تاريخ وحضارات الإنسانية كلها ، ومزج كل هذا في عصير فكري باحتراف فني ،.
ومن النماذج العظيمة للمبدعين في الثغر، الناقد، والفنان التشكيلي، و الروائي القدير :
محمد محمود الفخرانى
ذلك المبدع الكبير الذي حقق المعادلة الصعبة ، واحتوي عقله في اللا وعي كل تاريخ الفن البشري ، فصارت كلماته تحمل
وعي نادر وثقافة أصيلة.
الفخرانى نموذج يجب الالتفات إليه كثيرا لأنه ظاهرة نادرة الحدوث في الوسط الثقافي السكندري
ويكفيك أن تطالع روايته( بساط من قلوب وجباه) ، فستكتشف أنك أمام عمل كتب بلغة بديعة ، وحس فني صادق ، لا يخلو من حرفية عالية، ومع كل صفحة من صفحات العمل، ستشعر أنك أمام رواية فريدة تحمل في كل جملة من جملها مجموعة من القضايا والاطروحات العقلية والفنية المركبة.....
وفي مجموعته اللافتة (لمع السراب) ، ستجد العديد من الأشكال الفنية، مع طرق متنوعة للسرد ، وعمق البوح لشخصيات هي بالقطع قطعة من نفس المؤلف ،و التي تعبر عن تجربة القاص الثرية وقدراته على طرح العديد من الموضوعات الشيقة.
و بين روايات أو مجموعات قصصية،أو أبحاث نقدية قد فازت معظمها بالعديد من الجوائز القيمة ، بخلاف تجربته الفريدة في الفن التشكيلي، بين كل هذا الزخم من الإبداع الراقي ستجد نفسك في حضرة فيلسوف يمتلك مشاعر شديدة الحساسية.
، فنان متفتح على كل المدارس ومدرك لما يناسب آليات عصره، وهويته العربية التي يعتز بها ايم اعتزاز،
وكأنه جراح يمتلك مبضعا حادا ، يستطيع التعامل به ومجتمعه بمهارة شديدة، ودون أن يسقط في المباشرة الفجة،أو يتوغل في الغموض المبهم، فاستطاع أن يصنع لنفسه مدرسة خاصة ، وبات له تلاميذ كثر، يستقون منه المعرفة، في إطار من العلائق النادرة....
ولا تخلو ندوة أولقاء أدبي كبير في الثغر من حضور الفخرانى، فيتهافت عليه، معظم مبدعي الإسكندرية، ليس سردا فقط بل وتمتد تجربة الفخرانى لتشمل العديد من الدراسات، لنماذج من شعراء الفصحى ، وكأن صداقته الطويلة للراحل الشاعر أحمد مبارك قد أثرت على ملكاته الإبداعية فجعلته ناقدا موسوعيا....
الفخرانى الآن......
وبعد رحلة طويلة من العطاء الفني، يكاد لا يبرح بيته، هو أستاذ لا يتحدث كثيرا،إلا إذا أثرت حفيظته، ولا يبحث عن الأضواء، بل يتعمد الهروب منها، ليواصل عزلته في محراب الفن.....
مع فنجان قهوته المفضل، وبضعة لفائف من التبغ،وخاصة بعد رحيل صديق عمره أحمد مبارك، وما انعكس أثره النفسي عليه بصورة بالغة الأثر..
وقد كنا منذ سنوات قلائل نجتمع على مقهى بحبح في سيدي بشر، فنستمتع بدفء صحبته ، وكأنه كبير عائلة مبدعي الإسكندرية، حيث يتوافد علينا العديد من كتاب الثغر، مع ضيوفهم من مبدعي محافظات مصر ، بل والبلدان العربية الأخرى الذين يحرصون على
الالتقاء بالفخراني وشلته الأدبية
أحمد مبارك..و.عبدالفتاح مرسي، و عبدالنبي كراوية،ومحمود عبدالصمد، و حميدة عبدالله،محمد وهبة، وابونصير عثمان، ومحمد حمدي، وأشرف دسوقي، وعاطف الحداد، وضياء طمان، وكمال مهدي، وأحمد فراج، وسمير حكيم، صلاح بكر، محمد نظمي، محمد ياسين الفيل،ناجي عبداللطيف،... ولفيف يصعب ذكره من مبدعي الإسكندرية...
أما الآن وبعد مضي الزمن ، فقد انفض الجمع....
خاصة، بعد رحيل مبارك وكراوية، وعبدالفتاح وأحمد فراج،وصلاح بكر، وسافر من سافر إلى خارج البلاد، وانشغل باقي الأفراد بمستلزمات الحياة...
فصار الفخرانى كما النسر الحزين، الذي فقد أليفه..
، طائر عظيم يحلق في إباء، في كبد السماء ولكنه وحيد ، مع قلمه، وريشته، وحزنه الشفيف الرائق.
وبسبب كاريزما الفخرانى المبهرة، يخشى الكثيرون مشاركته في أي لقاء أدبي ، حيث يتلاشى كل شئ في حضوره ، وتبقى فقط كلماته....
وكأنها تراتيل سماوية مقدسة، أو نغمات عبقرية، مهيبة وساحرة ...