أ. د. عادل الأسطة - ذاكرة أمس ٨٤ : "واوي بلع منجل " وحصان طروادة الفلسطيني

ربما احتاجت إسرائيل إلى ما يقارب الأربعين عاما حتى تدرك معنى قول الشاعر الفلسطيني توفيق زياد " واوي بلع منجل " الذي ورد في مقطوعاته التي كتبها إثر هزيمة حزيران ١٩٦٧ .
كان زياد في حينه كتب المقطع الآتي :
" أمثال "
- ١ -
عن جدنا الأول ،
قد جاء في الأمثال :
واوي ..
بلع ..
منجل .. !!
كل ما تجلبه الريح
ستذروه العواصف
والذي يغتصب الغير
يعيش ..
العمر
خائف .. !! " .
وورد قوله في ديوانه " كلمات مقاتلة " .
أول منجل بلعته إسرائيل تجسد في الفلسطينيين الباقين على أرضهم في العام ١٩٤٨ ، وثاني منجل تمثل في العام ١٩٦٧ حيث احتلت المزيد من الأراضي ولم تتمكن من طرد سكانها ، على الرغم من التضييق عليهم ، ومع بداية القرن الحادي والعشرين أدركت أن منجل غزة قد يخنقها ، فعملت على لفظه حتى لا يقتلها ، وهكذا خرجت من غزة .
مع الأيام بدأت الدولة تدرك أنها بلعت مناجل أخرى ، فماذا تفعل ؟ ماذا تفعل بسكان القدس الباقين ؟ وماذا ستفعل بسكان الضفة الغربية أيضا ؟
نحن الآن في حزيران ، وقد مر على حزيران ١٩٦٧ أربع وخمسون عاما لم تتمكن إسرائيل الدولة البلاعة خلالها من هضم ما ابتلعت .
في حزيران ٢٠٢١ نستحضر مقطوعات الشاعر توفيق زياد ، فنعرف بعد النظر الذي امتاز به .
كنت من قبل ضمنت في إحدى اليوميات قوله :
" إن من يسلب حقا بالقتال
كيف يحمي حقه يوما
إذا
الميزان
مال "
وأمس ، بل ومنذ بداية حزيران وأنا أكرر قوله :
" والذي يغتصب الغير
يعيش العمر خائف " .
هل شعرت إسرائيل منذ تأسيسها يوما بالأمان ؟
انظروا إلى حدودها الشرقية والجنوبية والشمالية و .... واقرأوا أدبيات أدبائها لتلحظوا عقدة الخوف فيها .
إن لم تخني الذاكرة فقد كتب أحد روائييها ، وهو ( عاموس كينان ) ، رواية عنوانها " الطريق إلى عين حارود " ، وقد نقلت إلى العربية ونشرت في مجلة " الكرمل " في ثمانينيات ق ٢٠ وكتب لها مقدمة الشاعر سميح القاسم ، وفيها يعاني بطلها من الخوف القادم من الشمال .
منذ العام ١٩٧٨ وما بعده حتى ٢٠٠٧ كان الخوف الدائم يأتي إسرائيل من الشمال ، وها هو منذ العام ٢٠٠٧ يأتي من الجنوب ، فكيف إذا تساقطت الصواريخ في لحظة واحدة من الشمال والجنوب ؟
هل ستشكل معا كماشة تخنق روح الدولة ؟
ربما احتاجت إسرائيل الآن إلى بعض حكمائها مثل الفيلسوف ( يشعياهو لايبوفيتش ) الذي تنبأ في العام ١٩٦٨ بأن استمرار الاحتلال سيقود إلى دمار المجتمع الإسرائيلي .
في حزيران ٢٠٢١ نتذكر حزيران ١٩٦٧ وكنا في حزيران ١٩٨٢ أعدنا حزيران ١٩٦٧ وفي حزيران ٢٠١٧ كتبت كتابي " حزيران الذي لا ينتهي " ، وما زال خالد الفدائي الأول في رواية غسان كنفاني " ما تبقى لكم " يسير .
صباح الخير
خربشات
٨ حزيران ٢٠٢١


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى