اندفعت السيدة الكبيرة داخل عربة القطار ، وقد تبعها زوجها ذلك الرجل الهزيل والذي كان وجهه شاحبًا بلون الموت وعيناه الصغيرتين تلمعان ، وقد بدا مضطربًا ، حين اتخذ مقعدًا داخل العربة شكر المسافرين لإفساحهم المجال لزوجته ، بعد أن اضطرا لقضاء الليل بصالة أحد المحطات الصغيرة في فابريانو ، وكانوا قد وصلوا إليها بقطار روما السريع والآن عليهم استكمال الرحلة بعربة من الدرجة الثانية في القطار القديم كثيف الدخان .
خفض الرجل ياقة معطف زوجته وهو يسألها إذا كانت بخير ، ولكنها لم تجب وقامت برفع الياقة مجددًا لتداري وجهها ، شعر الزوج أن عليه أن يشرح للركاب سر الحالة التي عليها ، وربما كان يريد أن يفصح عن شعوره ليخفف من قلقله .
فإبنهما الوحيد ذو العُشرون عامًا ذاهب للحرب ، وقد انا وافقًا على انضمامه للحرب لكنه تعهد لهم بعدم الذهاب للجبهة قبل ستة أشهر ، أما الآن فقد أرسل إليهما برقية يخبرهم أنه راحل بعد ثلاثة أيام وعليهم الحضور فورًا لوداعه .
كانت السيدة تعلم أنه لا داعي لشرح معاناتها بينما الجميع يانون حالة مشابهة ، قال أحد المسافرين : يجب أن تحمد الله أن ابنك ذاهب اليوم فقط ، لقد أرسلوا ابني إلى الجبهة من أول يوم وعاد مرتين جريحًا ثم أعيد إلى الجبهة .
ورد مسافر أخر ماذا عني أنا لدي ابنا وثلاثة من الأخوة في الحرب ، فقال الزوج : لكنه ابننا الوحيد ، رد عليه الرجل وهل تعتقد أنني حين أنجب ولدًا أخر أعطيه جزء من حبي لأخيه ، إن حب الأب لأبنائه ليس مثل رغيف الخبز يمكن تقسيمه على كل الأبناء بالتساوي ، إنني وأنا أب لأثنين فإن عذابي يكون مضاعف .
فرد الزوج ولكن لنفترض – ولا نأمل في حدوث ذلك – ولكن في حالة أن فقدت واحد منهما ، فإن الآخر سيبقى معك ليواسيك ، رد عليه الرجل إنه في حالة موت ولدك الوحيد يمكنك أن تموت بعده لتضع حدًه لعذابك ، ولكن بقاء ابن أخر على قيد الحياة فتضطر أن تبقى على قيد الحياة لتتعذب .
رد مسافر أخر وهو رجل بدين أحمر الوجه عينيه بلون الدم وهو يلهث : نحن لم ننجب أبناءنا من أجل مصلحتنا الخاصة ، نظر إليه باقي المسافرون في أسى ، تنهد الرجل الآخر الذي سافر ابنه للجبهة من أول يوم وقال إنك على حق ، إن ابناءنا ينتمون للوطن .
أجاب الرجل البدين وكأنما يحدث نفسه : هل نفكر في الوطن حين ننجب أبناءنا ؟ يولد الأبناء لأنهم .. لأنهم يجب أن يولدوا ، وحين يصلوا لسن العشرين فإنهم يشبهوننا في شبابنا ولكنهم لا ينتمون لنا ، إنهم امتداد لحياتنا ، ولو أن آبائنا ونحن في نفس عمرهم رفضوا ذهابنا للحرب لرفضنا .
إن حب الوطن في هذا السن يكون أقوى من حبنا لأبنائنا ، كما أن المرء إذا مات شابا دون التعرض لآلام الحياة ألا يكون ذلك أفضل ، والآن أنا سعيد لأن ابني أرسل إلى رسائل قبل أن يموت يقول فيها أنه يموت راضيًا لأنه مات بالطريقة التي يتمناها ، ولهذا السبب كما ترون أنا سعيد ولا أرتدي ملابس الحداد .
كانت الزوجة تتابع الحوار لعله تجد فيه تخفيف من حزنها على ابنها الذاهب للجبهة ولكن دون أن تشارك فيه ، ولكنها فجأة التفت ناحية الرجل البدين وقالت له : إذن فقد مات ابنك حقًا ؟ ، حدق إليها الجميع ، والتفت إليها الرجل البدين وبدا كما لو كان أدرك فجأة أن ابنه قد مات حقًا ، ثم انتزع منديله وبدأ في النحيب بينما الآخرون ينظرون في ذهول .
خفض الرجل ياقة معطف زوجته وهو يسألها إذا كانت بخير ، ولكنها لم تجب وقامت برفع الياقة مجددًا لتداري وجهها ، شعر الزوج أن عليه أن يشرح للركاب سر الحالة التي عليها ، وربما كان يريد أن يفصح عن شعوره ليخفف من قلقله .
فإبنهما الوحيد ذو العُشرون عامًا ذاهب للحرب ، وقد انا وافقًا على انضمامه للحرب لكنه تعهد لهم بعدم الذهاب للجبهة قبل ستة أشهر ، أما الآن فقد أرسل إليهما برقية يخبرهم أنه راحل بعد ثلاثة أيام وعليهم الحضور فورًا لوداعه .
كانت السيدة تعلم أنه لا داعي لشرح معاناتها بينما الجميع يانون حالة مشابهة ، قال أحد المسافرين : يجب أن تحمد الله أن ابنك ذاهب اليوم فقط ، لقد أرسلوا ابني إلى الجبهة من أول يوم وعاد مرتين جريحًا ثم أعيد إلى الجبهة .
ورد مسافر أخر ماذا عني أنا لدي ابنا وثلاثة من الأخوة في الحرب ، فقال الزوج : لكنه ابننا الوحيد ، رد عليه الرجل وهل تعتقد أنني حين أنجب ولدًا أخر أعطيه جزء من حبي لأخيه ، إن حب الأب لأبنائه ليس مثل رغيف الخبز يمكن تقسيمه على كل الأبناء بالتساوي ، إنني وأنا أب لأثنين فإن عذابي يكون مضاعف .
فرد الزوج ولكن لنفترض – ولا نأمل في حدوث ذلك – ولكن في حالة أن فقدت واحد منهما ، فإن الآخر سيبقى معك ليواسيك ، رد عليه الرجل إنه في حالة موت ولدك الوحيد يمكنك أن تموت بعده لتضع حدًه لعذابك ، ولكن بقاء ابن أخر على قيد الحياة فتضطر أن تبقى على قيد الحياة لتتعذب .
رد مسافر أخر وهو رجل بدين أحمر الوجه عينيه بلون الدم وهو يلهث : نحن لم ننجب أبناءنا من أجل مصلحتنا الخاصة ، نظر إليه باقي المسافرون في أسى ، تنهد الرجل الآخر الذي سافر ابنه للجبهة من أول يوم وقال إنك على حق ، إن ابناءنا ينتمون للوطن .
أجاب الرجل البدين وكأنما يحدث نفسه : هل نفكر في الوطن حين ننجب أبناءنا ؟ يولد الأبناء لأنهم .. لأنهم يجب أن يولدوا ، وحين يصلوا لسن العشرين فإنهم يشبهوننا في شبابنا ولكنهم لا ينتمون لنا ، إنهم امتداد لحياتنا ، ولو أن آبائنا ونحن في نفس عمرهم رفضوا ذهابنا للحرب لرفضنا .
إن حب الوطن في هذا السن يكون أقوى من حبنا لأبنائنا ، كما أن المرء إذا مات شابا دون التعرض لآلام الحياة ألا يكون ذلك أفضل ، والآن أنا سعيد لأن ابني أرسل إلى رسائل قبل أن يموت يقول فيها أنه يموت راضيًا لأنه مات بالطريقة التي يتمناها ، ولهذا السبب كما ترون أنا سعيد ولا أرتدي ملابس الحداد .
كانت الزوجة تتابع الحوار لعله تجد فيه تخفيف من حزنها على ابنها الذاهب للجبهة ولكن دون أن تشارك فيه ، ولكنها فجأة التفت ناحية الرجل البدين وقالت له : إذن فقد مات ابنك حقًا ؟ ، حدق إليها الجميع ، والتفت إليها الرجل البدين وبدا كما لو كان أدرك فجأة أن ابنه قد مات حقًا ، ثم انتزع منديله وبدأ في النحيب بينما الآخرون ينظرون في ذهول .