صدرت للشاعر المغربي بوعلام دخيسي مجموعته الشعرية الخامسة "وحدَه قلبكِ في المرآة" عن مطبعة "الجسور ـ وجدة" 2021.
مزدانة بلوحة الفنان حسن سعيدي
ومتوجة بشهادات نيرة لكبار الشعراء:
- أمينة المريني
- وسامح درويش
- ومالكة العاصميi
ومن تصميم القاص رشيد أمديون.
***
شهادات الشعراء الأجلاء: أمينة المريني وسامح درويش ومالكة العاصمي الواردة في مجموعتي الشعرية الأخيرة: "وحده قبلكِ في المرآة"، كاملة.
بسم الله الرحمن الرحيم
ديوان"وحده قلبك في المرآة" من أعمق دواوين الشعر الوجداني... تتربع في مرآته المرأة المثال التي يشهد لها الله أنْ لا أحد مثلها والتي هي عين الشغاف عند الشاعر بل هي التي حل اسمها في جميعه، لأجل ذلك نسج لها الشاعر ديوانا من سبائك الشعر المتوهجة بلغة أقرب إلى لغة المتصوفة والمتكلمين.. وفي إيقاع ترقرق في عذوبة بين نصوص تفعيلية وأخرى عمودية اختار الشاعر لهذه الأخيرة أن يوزعها على أسطر في انسياب فبرهن على أن الشعر عنده نظام متجانس مع حركة الكون المنتظمة الباهرة.. وعلى أن الشاعر صناع في امتلاك زمام هذا الإيقاع، يتصرف به في اقتدار كأنه موسيقار مجنح يراقص نوارس الفضاء ونسائم الفجاج ومياه الجداول، ويصعد به عاليا عاليا حتى يصل إلى قمة جبله الذي هو الشعر(جبلي الشعر.. ص109).. ولا غرو في ذلك فبين جنبيه بحر يفيض... وقلبها وحده في مرآته.. لذلك لابد من ثبوت الانعكاس على صفحة هذه المرآة باللحن المنطلق واللغة المنهمرة من فيوض الجمال والمجاز الآسر القريب إلى الروح... والرؤيا العميقة الصافية وكلها أدوات تؤكد معرفة الشاعر الرصينة بأدوات العمل الشعري وخبرته بجُدد الشعر وطرائقه... وقد أثبت لي هذا الديوان فكرة ظلت تخامرني لردح من الزمن، مفادها أن المدرسة الشعرية بمشرق الوطن.. من أهم المدارس الشعرية ـ إن جاز هذا التصنيف ـ وأجدرها باحتلال الصدارة والريادة..
أمينة المريني
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حين منحني الشاعر بوعلام دخيسي امتياز قراءة مسودة عمله الشعري الخامس هذا قبل النشر، لمعت في ذهني- وأنا أتخطى عتبة الديوان الذي اختار له الشاعر عنوان " وحده قلبك في المرآة" ـ أهم الملامح والاختيارات الجمالية التي تميّز هذه التجربة الشعرية التي أستطيع أن أقول إنني أعرف نبضها الفني عن قرب منذ "هديل السحر" باكورة الشاعر، مرورا ب"الحرف الثامن" و"كي أشبه ظلي" و"عطفا على خصر الكمان" ، وصولا إلى "وحده قلبك في المرآة"، حيث استطاع بوعلام دخيسي خلال هذه الإقامة الشعرية أن يتأنق في نمنمة بيته الشعري ونقش صوته المميز وسط غابة من الأصوات عبر الاشتغال الهادئ على تشذيب التجربة والارتقاء بالأداء الفني وتجويد الممكنات الشعرية من عمل لآخر، بل أحيانا من نص لآخر. فها هو الشاعر -هنا- يسابق نفسه نحو تطريب الكون في مجرة شعرية آهلة بالارتطامات الجمالية التي تقود المجاز إلى التجلي كما لو كان المجاز هو الحقيقة الوحيدة.. ها هو يفشي انزياحاته وكأنها أسرار تبوح بها الكلمات وهي تهجر معانيها نحو معاني جديدة ليتشكل ذلك القاموس الذي يصهر في مُفاعل القصيدة بين الشاعر العاشق والشاعر المتصوف، فنتورط - نحن القراء- مع الشاعر في تلك الحيرة اللذيذة التي تتولد من تماهي المرأة والمرآة والقصيدة حتى تكاد لحظة العشق/ الشعر أن تعلو عن المعنى الواحد حين يتعدد، وتصبح المعشوقة حقيقة لا يُطاق لها مجاز، ليدرك الشاعر لحظة التجلي في تلك المساحة الساحرة بين الصاد والسين فتنزل الصورة بمزاج سورة ويتكثّف الكون في مفردة واحدة: أحبّك !.
سامح درويش
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
روحانية الشكل والصورة في ديوان
"وحده قلبكِ في المرآة"
يضعنا الشاعر بوعلام دخيسي أمام شكل خاص أو ربما استثنائي في الشعر المغربي، شعر التبتل والعشق الصوفي، لغير الذات الإلهية التي اعتاد الصوفية أو القطنية التبتل فيها.
ليس شعرا.
بل صلاة في محراب حورية من جنان الخلد، اجتاحت صورتها الشاعر فأحدثت زلازل في كيانه الداخلي العميق حين نزلت عليه من السماء بتلك الفتنة الطاغية فأصابه منها ما يصيب الأنبياء من فورة وارتباك، حالة الدهشة المطلقة والشرود، انخرط في تجربة انخطاف لاستعراض شكلها المثير، بات يتأمل تفاصيلها ويتتبع أجزاءها، ويصدر التراتيل للمعبود وللخلق والمخلوق. متهجدا أمام تلك الصورة المنزلة عليه من السماء بأهوالها. توله بها كما هي مرسومة رسما غير الرسم. يتقصى التفاصيل الشكلية بخشوع وفناء في الفاتنة المعشوقة. واقعا في حالة العجز المطلق أمام ما يتراكم فيها من معان ومشاهد وحالات، تنثال عليه منها أحاسيس ومشاعر غريبة حادة متنافرة.
رغم تمركز الشاعر على صورة واحدة يظل قادرا على الإبداع والإضافة وهو يقلبها ويستنطقها وينقلها من المتناهي إلى اللامتناهي صوفيا سابحا في ملكوت صورة الفاتنة. عشق الشاعر شكلي بصري يتوخى الوصف والتصوير، منزاحا عن العشق الروحي والوله العاطفي الرومانسي الذي عرفه العذريون أو الذي عرفه العصر الرومانسي. تجربة مميزة في قصيدة بوعلام، تجربة الصورة ومرآتها.
يملك الشاعر ناصية اللغة وناصية الإدهاش، ساحرا يعبث بجمهوره ويخرق كل توقعات المشاهد المتابع الحصيف والقارئ المستمتع، فيقلب اللغة والمشاهد ويخلق الإثارة والدهشة والمتعة.
بمثل هذا الشعر نعيد علاقتنا الجميلة مع القصيدة العمودية القديمة حين تتحول تحت أصابعه واحدة من صيحات الموضة الشعرية، وفصل في الشعرية القديمة بكل أناقتها المعاصرة وحداثتها وفنيتها، فبخفة الساحر ورشاقته قدم القصيدة العمودية رشيقة أنيقة في عرض مدهش.
يقدم ديوان الشاعر المغربي الأستاذ بوعلام دخيسي "وحده قلبكِ في المرآة" تجربة تستحق القراءة والتأمل كعمل فني جميل، ينخرط في تجربة الصديق الشاعر المصري الكبير محمد أبو دومة مبدع هذه المدرسة العشقية الصوفية المميزة.
مالكة العاصمي
الإثنين 10 ماي 2021
مزدانة بلوحة الفنان حسن سعيدي
ومتوجة بشهادات نيرة لكبار الشعراء:
- أمينة المريني
- وسامح درويش
- ومالكة العاصميi
ومن تصميم القاص رشيد أمديون.
***
شهادات الشعراء الأجلاء: أمينة المريني وسامح درويش ومالكة العاصمي الواردة في مجموعتي الشعرية الأخيرة: "وحده قبلكِ في المرآة"، كاملة.
بسم الله الرحمن الرحيم
ديوان"وحده قلبك في المرآة" من أعمق دواوين الشعر الوجداني... تتربع في مرآته المرأة المثال التي يشهد لها الله أنْ لا أحد مثلها والتي هي عين الشغاف عند الشاعر بل هي التي حل اسمها في جميعه، لأجل ذلك نسج لها الشاعر ديوانا من سبائك الشعر المتوهجة بلغة أقرب إلى لغة المتصوفة والمتكلمين.. وفي إيقاع ترقرق في عذوبة بين نصوص تفعيلية وأخرى عمودية اختار الشاعر لهذه الأخيرة أن يوزعها على أسطر في انسياب فبرهن على أن الشعر عنده نظام متجانس مع حركة الكون المنتظمة الباهرة.. وعلى أن الشاعر صناع في امتلاك زمام هذا الإيقاع، يتصرف به في اقتدار كأنه موسيقار مجنح يراقص نوارس الفضاء ونسائم الفجاج ومياه الجداول، ويصعد به عاليا عاليا حتى يصل إلى قمة جبله الذي هو الشعر(جبلي الشعر.. ص109).. ولا غرو في ذلك فبين جنبيه بحر يفيض... وقلبها وحده في مرآته.. لذلك لابد من ثبوت الانعكاس على صفحة هذه المرآة باللحن المنطلق واللغة المنهمرة من فيوض الجمال والمجاز الآسر القريب إلى الروح... والرؤيا العميقة الصافية وكلها أدوات تؤكد معرفة الشاعر الرصينة بأدوات العمل الشعري وخبرته بجُدد الشعر وطرائقه... وقد أثبت لي هذا الديوان فكرة ظلت تخامرني لردح من الزمن، مفادها أن المدرسة الشعرية بمشرق الوطن.. من أهم المدارس الشعرية ـ إن جاز هذا التصنيف ـ وأجدرها باحتلال الصدارة والريادة..
أمينة المريني
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حين منحني الشاعر بوعلام دخيسي امتياز قراءة مسودة عمله الشعري الخامس هذا قبل النشر، لمعت في ذهني- وأنا أتخطى عتبة الديوان الذي اختار له الشاعر عنوان " وحده قلبك في المرآة" ـ أهم الملامح والاختيارات الجمالية التي تميّز هذه التجربة الشعرية التي أستطيع أن أقول إنني أعرف نبضها الفني عن قرب منذ "هديل السحر" باكورة الشاعر، مرورا ب"الحرف الثامن" و"كي أشبه ظلي" و"عطفا على خصر الكمان" ، وصولا إلى "وحده قلبك في المرآة"، حيث استطاع بوعلام دخيسي خلال هذه الإقامة الشعرية أن يتأنق في نمنمة بيته الشعري ونقش صوته المميز وسط غابة من الأصوات عبر الاشتغال الهادئ على تشذيب التجربة والارتقاء بالأداء الفني وتجويد الممكنات الشعرية من عمل لآخر، بل أحيانا من نص لآخر. فها هو الشاعر -هنا- يسابق نفسه نحو تطريب الكون في مجرة شعرية آهلة بالارتطامات الجمالية التي تقود المجاز إلى التجلي كما لو كان المجاز هو الحقيقة الوحيدة.. ها هو يفشي انزياحاته وكأنها أسرار تبوح بها الكلمات وهي تهجر معانيها نحو معاني جديدة ليتشكل ذلك القاموس الذي يصهر في مُفاعل القصيدة بين الشاعر العاشق والشاعر المتصوف، فنتورط - نحن القراء- مع الشاعر في تلك الحيرة اللذيذة التي تتولد من تماهي المرأة والمرآة والقصيدة حتى تكاد لحظة العشق/ الشعر أن تعلو عن المعنى الواحد حين يتعدد، وتصبح المعشوقة حقيقة لا يُطاق لها مجاز، ليدرك الشاعر لحظة التجلي في تلك المساحة الساحرة بين الصاد والسين فتنزل الصورة بمزاج سورة ويتكثّف الكون في مفردة واحدة: أحبّك !.
سامح درويش
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
روحانية الشكل والصورة في ديوان
"وحده قلبكِ في المرآة"
يضعنا الشاعر بوعلام دخيسي أمام شكل خاص أو ربما استثنائي في الشعر المغربي، شعر التبتل والعشق الصوفي، لغير الذات الإلهية التي اعتاد الصوفية أو القطنية التبتل فيها.
ليس شعرا.
بل صلاة في محراب حورية من جنان الخلد، اجتاحت صورتها الشاعر فأحدثت زلازل في كيانه الداخلي العميق حين نزلت عليه من السماء بتلك الفتنة الطاغية فأصابه منها ما يصيب الأنبياء من فورة وارتباك، حالة الدهشة المطلقة والشرود، انخرط في تجربة انخطاف لاستعراض شكلها المثير، بات يتأمل تفاصيلها ويتتبع أجزاءها، ويصدر التراتيل للمعبود وللخلق والمخلوق. متهجدا أمام تلك الصورة المنزلة عليه من السماء بأهوالها. توله بها كما هي مرسومة رسما غير الرسم. يتقصى التفاصيل الشكلية بخشوع وفناء في الفاتنة المعشوقة. واقعا في حالة العجز المطلق أمام ما يتراكم فيها من معان ومشاهد وحالات، تنثال عليه منها أحاسيس ومشاعر غريبة حادة متنافرة.
رغم تمركز الشاعر على صورة واحدة يظل قادرا على الإبداع والإضافة وهو يقلبها ويستنطقها وينقلها من المتناهي إلى اللامتناهي صوفيا سابحا في ملكوت صورة الفاتنة. عشق الشاعر شكلي بصري يتوخى الوصف والتصوير، منزاحا عن العشق الروحي والوله العاطفي الرومانسي الذي عرفه العذريون أو الذي عرفه العصر الرومانسي. تجربة مميزة في قصيدة بوعلام، تجربة الصورة ومرآتها.
يملك الشاعر ناصية اللغة وناصية الإدهاش، ساحرا يعبث بجمهوره ويخرق كل توقعات المشاهد المتابع الحصيف والقارئ المستمتع، فيقلب اللغة والمشاهد ويخلق الإثارة والدهشة والمتعة.
بمثل هذا الشعر نعيد علاقتنا الجميلة مع القصيدة العمودية القديمة حين تتحول تحت أصابعه واحدة من صيحات الموضة الشعرية، وفصل في الشعرية القديمة بكل أناقتها المعاصرة وحداثتها وفنيتها، فبخفة الساحر ورشاقته قدم القصيدة العمودية رشيقة أنيقة في عرض مدهش.
يقدم ديوان الشاعر المغربي الأستاذ بوعلام دخيسي "وحده قلبكِ في المرآة" تجربة تستحق القراءة والتأمل كعمل فني جميل، ينخرط في تجربة الصديق الشاعر المصري الكبير محمد أبو دومة مبدع هذه المدرسة العشقية الصوفية المميزة.
مالكة العاصمي
الإثنين 10 ماي 2021