أ. د. عادل الأسطة - ذاكرة أمس ٩٢ : يا قدس ... عيوننا إليك تنظر كل يوم

كانت نشرات الأخبار أمس تركز على ما يجري في القدس . مسيرة تسبق مسيرة ولكل مسيرة أعلامها ، ومن حجارة البلدة القديمة وبسببها تندلع الحروب . هل ستتواصل الحرب التي لم تجف بعد دماء من أصيبوا فيها ولم ترمم أي من المباني التي دمرت خلالها ؟
في الأخبار أتابع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وفي الروايات التي أقرأ أتابع أيضا صورة اليهود فيها .
منذ ١٨٨٢ صار اليهود قدر الفلسطينيين الذين لا فكاك لهم منه . هل كان اليهود قبل العام المذكور قدر الشعوب الأوروبية ؟
أمس انتابني حنين إلى الفترة العثمانية ، فالعلاقات بين اليهود والمسلمين والمسيحيين في فلسطين لم تكن دموية .
في يوميات ( ماري اليزا روجرز ) التي ترجمها الروائي جمال أبوغيدا " الحياة في بيوت فلسطين بين ١٨٥٥ و ١٨٥٩ " إتيان على اليهود في القدس ؛ السفارديم والاشكناز . كان اليهود طائفة لها مدارسها وحياتها وكانوا منعزلين ، فلم يختلط أبناؤهم بأبناء الطوائف الأخرى ، بل إن أبناء الاشكناز لم يختلطوا بأبناء السفارديم " يا جاري أنت بحالك وأنا بحالي " .
ما الذي فعله مشروع الوطن القومي اليهودي ووعد بلفور بسكان البلاد ؟
في الأسبوع الأخير تصفحت رواية الكاتب الجزائري الحبيب السايح ، فلم أقرأها بالشغف نفسه الذي قرأت فيه روايته " أنا وحاييم " . أيعود الأمر إلى اختلاف أسلوب الروايتين ولغتهما ؟ ( لا أعرف سبب تأخر الكاتب في نشرها ١٦ عاما تقريبا ) .
سوف أقتبس من الرواية الفقرتين الآتيتين اللتين تصفان الأوضاع في زمن الدولة العثمانية :
" وكتب ( ارنود ) بعد قيلولته :" اليوم كسر اليهود قيد الذمة فنزعوا عنهم الأسود والأزرق الغامقين ، وسفرت نساؤهم ، وارتدى فتيانهم القبعات. ثم ركبوا البغال وخرجوا مالئين الشوارع ، فهللوا فرحين بي وبجنودي ، وصاحوا بالعشرات :" أيها المنقذون لكم حياتنا. " ثم احتشدوا ورفعوا أصواتهم بالنكاية :" يهودي مسرح من قيد مسلم مقبح !" " .
وقال لها :" عزيزتي ، كنت أرى هؤلاء اليهود يركعون ليلثموا أقدام جنودي وايديهم . ثم يروحون منهالين بالضرب على من صادفوه من الأتراك . وكان الأهالي يسخرون منهم فيصفقون لهم باستهزاء " ( ١٨٧و١٨٨ ) .
و
" حتى إذا لم يبق من الملتزمين غير العراة من انتسابهم هش الvوال بعصاه فانضرب بينه وبينهم حجاب من القصب الأخضر . وهمس لمن كان لا يرى بجانبه : " أبناء زنى وزناة بالمحارم ونخاسون وقتلة ومخنثون وأحفاد شلومو النجس . وجب سترهم جميعا ، فإن مشهر الفضيحة ملعون "( ٣٠٣ ) .
هل بقيت بعد قراءتهما أحن إلى القدس في زمن العثمانيين ؟
ماذا سيحدث في القدس غدا وبعد غد ؟
هل ستندلع الحرب ؟
تهرب من الواقع إلى الكتب لعلك تنسى الحرب فتطالعك الحرب .
في المباراة التي جرت ببن فرنسا وألمانيا كان الفريقان يضمان لاعبين من أصول وأعراق مختلفة ، فلماذا يصر الصهيونيون على دولة يهودية ؟
فرنسا ربحت وألمانيا خسرت ، وهكذا هي الحياة: ربح وخسارة .
هل سمعتم بالمثل " يهودي مسرح من يد مسلم مقبح " ؟
Al Habib Sayah
صباح الخير
خربشات
١٦ حزيران ٢٠٢١ .



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى