تحدث الردّة عن الدين،عن المبدأ،عن كلّ مسارات الحياة،إلا الحب، ذلك النوع من الحب،الذي يولد كاملاً، كنفحة من روح الله أو هبّة من جنته، وحينئذٍ فيمكنك أن تقايض العالم بلحظةٍ في فيئه، فالتة من عدّاد الزّمن،ألم يُعر أنطونيو أمجاد روما لبلاط كليوباترا، وقدّم عنترة مآثر فروسيته قرباناً لعيون عبلة، وانتهك قيس محرمات القبيلة ليتغنى بضفائر ليلى، وألقى إدوارد الثامن بتاج الملك بين قدمي أليس!
لم يغيّر العشق دينه ولكنّه بدّل أدواته وأثوابه، وهكذا فأنا أتتبّع تفاصيل حياتك من بعيد،بمساعدة الرفيق جوجل وشركائه، ويتساءل صديقي مستهجناً: ألا تزال متعلّقاً بها؟ وأجيبه منازعاً خجلاً مزمناً هو رفيق عشقي القديم:لو كانت حبل مشنقة لتعلّقت بها، تخيّل أن يلتفّ حبلها حول عنقي بكل هذا اللطف والرّقة،كأنه ملامس أصابعها،أو أن يهبط بي مترفّقاً ليوقفني آمناً على حافة المنصّة فرحاً بالنّجاة من هوّة توشك أن تبتلعني،هكذا هو الحُب يا صديقي ،مغامرة آمنة، يقينٌ مطلق،لا يخضع للمساومة.
يستبدّ الفضول بصديقي ليسألني مستطلعاً من جديد:كيف هي..كيف يبدو شكلها..ثم يتجاوز عن السؤال مستدركاً: أعرف ماذا ستقول: حورية لا تضاهيها حوريات جنّة الخلد التي وعد الله بها المتقين لا العاشقين، فهنا يا صديقي تتغيّر المعايير،تهدم عَمَدْ وتُنصبُ أخرى،فلا داعي يا صديقي ،ولكن قل لي ما أخبارك عندها:هل تفكّر هي فيك كما تفكّر فيها،هل تهرّب إليك أخبارها. وهي في سجنها الذي وصفته لي بأنه سجن الحياة العادية،ما أبلغ هذا الوصف يا صديقي:لا أسوار ولا حصون! الحياة العادية هي السجن الكبير،وحكمه أقسى الأحكام!
وأهز رأسي مؤمّناً:ألم اقل لك؟!
ولكن كيف بدأت قصّة الحُبّ هذه ومن أين؟
الحُب يا صديقي يبدأ من أي محطة على رصيف قطار الحياة،وأنت تتهيّأ للصعود منتظراً التئام عقارب الساعة لتشير إلى الوقت المحدّد للمغادرة،فيخطفك من حصار الوقت ويفتح لك نفق الزّمن لتعبر فيه بلا قطار ولا قدمين ولا أجنحة،عبورٌ أثيري إلى زمن آخر وكون آخر وفلك آخر وحسابات أُخر،يعيد إليك الدهشة وتسترد الأشياء أناقتها الأولى ولحظة بدءها الأولى وكأنها لحظة ميلاد،وشيئاً فشيئاً يبدأ حوضك بالامتلاء بما يرشحه فيه جدول الحب المُتحدّر من جنّة الخلد فيما وراء الزّمن،وتبدأ بالرشف والإرتواء وكأنك أوفيت على واحة بعد رحلة عطشٍ طويل في صحراء لا متناهية!
كل شيءٍ حولك يتصاغر..يبهت ويجف،وتبقى زهرة العشق الأوّل في يناعها مدّثرة بالندى والقمر،ويبقى الشجر مكللاً بخضرته يُحيّيك في الغدو والرواح،ويلقي عليك ظلاله في المساء والصباح،وأنت تتلمّس وجودها بين الأمكنة، تاركاً أثرك على الأرصفة أو عاقداً على الغصون مناديل أو راسماً على الحيطان علامات ،حتى لا تضلّ طريقك بين العناوين!
أخيراً يسألني صديقي ما اسمها !ربما ليضع عنواناً ثابتاً لهذه الحكاية الضائعة!
وببساطة أجيبه:ليلى ..بثينة عزّة..جولييت..أوفيليا.. كليوبترا..بلقيس.. بنّورة ربما!
إسأل التاريخ يا صديقي!
نزار حسين راشد
لم يغيّر العشق دينه ولكنّه بدّل أدواته وأثوابه، وهكذا فأنا أتتبّع تفاصيل حياتك من بعيد،بمساعدة الرفيق جوجل وشركائه، ويتساءل صديقي مستهجناً: ألا تزال متعلّقاً بها؟ وأجيبه منازعاً خجلاً مزمناً هو رفيق عشقي القديم:لو كانت حبل مشنقة لتعلّقت بها، تخيّل أن يلتفّ حبلها حول عنقي بكل هذا اللطف والرّقة،كأنه ملامس أصابعها،أو أن يهبط بي مترفّقاً ليوقفني آمناً على حافة المنصّة فرحاً بالنّجاة من هوّة توشك أن تبتلعني،هكذا هو الحُب يا صديقي ،مغامرة آمنة، يقينٌ مطلق،لا يخضع للمساومة.
يستبدّ الفضول بصديقي ليسألني مستطلعاً من جديد:كيف هي..كيف يبدو شكلها..ثم يتجاوز عن السؤال مستدركاً: أعرف ماذا ستقول: حورية لا تضاهيها حوريات جنّة الخلد التي وعد الله بها المتقين لا العاشقين، فهنا يا صديقي تتغيّر المعايير،تهدم عَمَدْ وتُنصبُ أخرى،فلا داعي يا صديقي ،ولكن قل لي ما أخبارك عندها:هل تفكّر هي فيك كما تفكّر فيها،هل تهرّب إليك أخبارها. وهي في سجنها الذي وصفته لي بأنه سجن الحياة العادية،ما أبلغ هذا الوصف يا صديقي:لا أسوار ولا حصون! الحياة العادية هي السجن الكبير،وحكمه أقسى الأحكام!
وأهز رأسي مؤمّناً:ألم اقل لك؟!
ولكن كيف بدأت قصّة الحُبّ هذه ومن أين؟
الحُب يا صديقي يبدأ من أي محطة على رصيف قطار الحياة،وأنت تتهيّأ للصعود منتظراً التئام عقارب الساعة لتشير إلى الوقت المحدّد للمغادرة،فيخطفك من حصار الوقت ويفتح لك نفق الزّمن لتعبر فيه بلا قطار ولا قدمين ولا أجنحة،عبورٌ أثيري إلى زمن آخر وكون آخر وفلك آخر وحسابات أُخر،يعيد إليك الدهشة وتسترد الأشياء أناقتها الأولى ولحظة بدءها الأولى وكأنها لحظة ميلاد،وشيئاً فشيئاً يبدأ حوضك بالامتلاء بما يرشحه فيه جدول الحب المُتحدّر من جنّة الخلد فيما وراء الزّمن،وتبدأ بالرشف والإرتواء وكأنك أوفيت على واحة بعد رحلة عطشٍ طويل في صحراء لا متناهية!
كل شيءٍ حولك يتصاغر..يبهت ويجف،وتبقى زهرة العشق الأوّل في يناعها مدّثرة بالندى والقمر،ويبقى الشجر مكللاً بخضرته يُحيّيك في الغدو والرواح،ويلقي عليك ظلاله في المساء والصباح،وأنت تتلمّس وجودها بين الأمكنة، تاركاً أثرك على الأرصفة أو عاقداً على الغصون مناديل أو راسماً على الحيطان علامات ،حتى لا تضلّ طريقك بين العناوين!
أخيراً يسألني صديقي ما اسمها !ربما ليضع عنواناً ثابتاً لهذه الحكاية الضائعة!
وببساطة أجيبه:ليلى ..بثينة عزّة..جولييت..أوفيليا.. كليوبترا..بلقيس.. بنّورة ربما!
إسأل التاريخ يا صديقي!
نزار حسين راشد