أ. د. عادل الأسطة - "المتحان صعب كتير جابوا آيات من برا القرآن"

الامتحان صعب جدا ، فقد أتى واضعو الأسئلة بآيات قرآنية من خارج القرآن . هذه هي الصياغة العربية لما أرادت إحدى الطالبات قوله عن صعوبة امتحان التربية الإسلامية في التوجيهي .
جملة الطالبه تم تداولها ، عبر الماسنجر والواتساب ، للتدليل على المستوى العلمي لطلاب الثانوية العامة .
أمس مساء حول إلي صديق شريط فيديو لمتحدث ينتمي إلى فصيل فلسطيني يقول :
" وكما قال الشاعر ( كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ) " .
هل اختلطت مرجعية القول على المتحدث أم أنه كان مسلطنا ؟ ويحدث هذا .
صرنا نتقن على ما يبدو فنونا وأساليب يجب ألا نلجأ إليها أو نمارسها ، وما عدنا نتقن ما يجب أن نتقنه .
وكنت في الجامعة ألاحظ زملاء يبرعون في اللفلفة والفهلوة والاحتيال ، ولكنهم لا يتقنون كتابة بحث ولا يخلصون في الإشراف على رسالة ماجستير ، وكنت ألاحظ أنهم يجعلون من الطلاب جواسيس على زملائهم ويرفعون الحواجز معهم - أي مع الطلاب ، لدرجة أن قسما من هؤلاء صاروا بمرتبة عضو هيئة تدريس معتبر واثق من نفسه وثوقا كبيرا .
وبخصوص الجوسسة فإنها صارت أبرز ملمح من ملامح حياتنا ، وساعدت التكنولوجيا المتطورة على شيوعها واتقانها ، فما عليك إلا أن تفتح هاتفك ، وأنت تتحدث مع شخص ، وتسجل الحوار بينكما ثم تعممه ، لتسيء لمن تحاوره ، وكان أحد رؤساء الجامعات ، كما روي ، حين يريد الإيقاع بين زميلين يتحدث مع أحدهما هاتفيا ، بحضور الآخر في جلسته ، ويرفع صوت السماعة ليصغي الحاضر إلى زميله مبديا رأيه فيه أو في موضوع ما أو في رئيس الجامعة .
مثل الأمر السابق صار يكثر بين العائلات نفسها حيث يرسل الأب ابنه إلى أخيه ليحدثه في موضوع ما ، ثم يقوم بتسجيل الحوار ، ليجعل منه وثيقة إدانة تسيء إلى الأخ أمام الآخرين الذين لا يعرفون الحكاية كلها من " ساسها لراسها " .
الكل صار يتجسس على الكل ويحصي عليه أقواله وآراءه ، وكان قسم من طلابي ، مثل يهودا الاسخريوطي ، يسجلون محاضراتي سرا ليسلموها إلى جهات معينة قصد تسجيل مواقف علي أو الإساءة إلي .
صار الواحد منا حذرا من أقرب الناس إليه ، ممن لا تنساق إلى رغباتهم ، أو ممن لا تعطيهم ما يريدون .
صار الإخوة جواسيس على الإخوة
وصار الأبناء جواسيس على الأقارب
وصار الكل جاسوسا على الكل ، ولهذا كتبت الطالبة مبدية رأيها في الامتحان :
" المتحان صعب كتير ، جابوا آيات من برا القرآن " و " كما قال الشاعر ( كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ) .
هل السلطة الفلسطينية مسؤولة عن ذلك ؟ هل للمؤسسة الجامعية دور في ذلك ؟ لماذا يدخل الأخ بيت أخيه في غيابه ويسمح لابنه أن يفعل ذلك أيضا ؟ أليست هذه هي النذالة بعينها ؟
عالم مخابراتي بامتياز نتقن فيه القتل والجوسسة ولا نتقن فيه أي شيء آخر كما نتقنهما !!
كانت مباراة فرنسا وسويسرا الليلة مباراة مجنونة ، وثمة شوطان إضافيان ، وربحت سويسرا بضربات الترجيح وأهدر ( مبابيه ) الضربة الأخيرة .
صباح الخير
خربشات
٢٩ حزيران ٢٠٢١

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى