دائماً مايكون عقل اللا وعي العربي ضامراً أو منصهراً في مضمون عدم القدرة على اﻹنتاج الفاعل، وبهذا تكون دائرته التفاعلية في الوعي العربي والمسلم مرمزة ومحسوبة لصالح الماضي بكل رموزه وأطيافه وشخوصه التي كان لها أثر في رسم خريطة التاريخ والجغرافيا.... إن رموز هذا اللاوعي المرسومه عندنا أصبحت على مر الزمن مقدسة قداسة لا تقبل الإنتقاص أو النقد بحيث أصبح كل قول أو فعل من هذا الرمز مقدساً في فكر اللاوعي وفي العقل الجمعي العربي والمسلم بشكل كلي.... إلا أن تاريخ الصراع العقدي والفكري في بداية القرن الهجري اﻷول وما جرى فيه من أحداث كان أوضحُ ما فيه الصراع بين السياسة والدين وبين الدين البحت والدين المسيس،على أن هذا الصراع بدأ يتشكل بوضوح بعد تسلم عثمان بن عفان الخلافه ،حيث بدأت المعارضة له تأخذ طابعا ليس إستنكارياً إنما طابعا تعبوياً حاداً،حيث كان على رأس المعارضين السيده عائشه بنت أبي بكر رضي الله عنهما زوجة رسول الله صل الله عليه وآله وسلم وذلك حينما حملت قميص رسول الله{ص}وراحت تطوف به أنحاء المدينة المنوره داعيةً للثورة ضد عثمان بقولها المشهور (اقتلوا نعثل فإنه أبلى سنة رسول الله قبل أن تبلى ثيابه) وقد ذكر ذلك الطبري في تاريخه وماجرى في سنة 35 وما بعدها وكذلك إبن كثير في البداية والنهايه ، وقد اعتبر الفقهاء رأي السيدة عائشة رضي الله عنها فتوى لامناص من تنفيذها مستندين على حديث رسول الله{ خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء} على أن كثيرا من المحققين يضعفه كالحافظ بن حجر وابن كثير والذهبي في سير أعلام النبلاء،وعلى العموم فإن ما يؤكده التاريخ أن الصحابه هم الذين قتلوا عثمان حيث كان على رأسهم محمد بن أبي بكر...... من هذا المفهوم للتاريخ ورموزه الذي لم يستطع العقل العربي واﻹسلامي أن ينفك منه حتى وقتنا الحاضر، بحيث أننا مازلنا بوعي الماضي،بقضه وقضيضه مما أدخلنا في متاهات الصراعات والفتن التي نحن فيها، وما أنهار الدماء المراقه والتدمير والجهل والنكوص والتردي إلا نتيجة اللاوعي الذي نحن فيه...... ليس لهذه اﻷمه من فكاك مما هي فيه ما لم تعيد رسم خارطة العقل العربي المسلم حتى تنتج جديدا من التفكير بطرح ينسجم مع الراهن المعاش وما فيه من تطور فكري عقلاني يتسم باﻹبداع المنتج.
عبدالله محمد بوخمسين.
عبدالله محمد بوخمسين.