د. سليم جوهر - ذاكرة الخوف والدورة الزمنية للخوف

الخوف هو اكثر اشكال التعلم قدرة على استدعاء الذاكرة قصيرة الامد، واكثر اشكال التعلم فشلا في بناء ذاكرة طويلة الامد.
وهذه الذاكرة القصيرة متعلقة بالبقاء على قيد الحياة (التغذية والتوالد والدفاع عن النفس، والرغبة في النجاة من الاخطار). وهي ذاكرة متعلقة بالحدث وسياقه.
ولا تتعلق في بناء حضارة او توليد ثقافة وتشكيل هوية انسانية. التي هي من مهام الذاكرة طويلة الامد. وهي تحدث تغييرات بنيوية وغير متعلقة بالحدث وسياقه.
فالسياق كما اثبتت تجربة سجن "ستافورد" له دور فاعل في بناء ذاكرة البقاء والخوف من الاخر، وذلكعندما وضع عالم النفس "فيليب زمباردوا" طلاب كحراس للسجن، ووضع زملائهم كسجناء، فكانت النتيجة انحطاطا اخلاقيا سريعا وشديدا في سلوك الطلبة، حتى انهم قد تسببوا بأذى جسيم لزملائهم، لأنهم لعبوا دور حراس، وعندما زرعوا ذاكرة الخوف، بضرور استخدام القوة بدون شعور بمسئولية قانونية، لذا فعندما منحوا الحق في استخدام القوة ضد السجناء من (الطلبة)، استخدموها عندما احسوا بخطرهم().
ففي ذاكرة الخوف استدعاء شعوري،. يصاحبه اجراء لا شعوري. الاستدعاء الشعوري يتمثل في ان كل محفز لذاكرة الخوف يثير الشعور بالخوف على (الوجود) من هذا المحفز، لذا فالاجراء اللا شعوري (رد فعل) يتمثل في تدمير او القضاء على مصدر الخوف، فالقرار هنا يتخذ على اساس انفعالي لا شعوري)، فتحدث تغييرات فسيولوجيةمثل زيادة نبضات القلب، التعرق، الارتعاش، وتحدث اللذة عندما تنخفض هذه التغييرات الفيزيولوجية، بسلوك عنيف في معظم الاحيان تجاه مصدر الخطر (محفز ذاكرة الخوف).
ان سياقات تعلم الخوف (بناء ذاكرة الحوف لدينا)، متجذرة في كل نواحي الحياة، الخوف من الوالدين والكبر عمرا (الخوف الاجتماعي)، الخوف من الله (الخوف الديني)، الخوف من المعلم (الخوف التربوي)، الخوف من الرسوب فط الامتحان (الخوف المعرفي)، الخوف من الادراة العليا (الخوف الوظيفي)، والخوف الامني والسياسي قد فاق كل انواع الخوف على طول التاريخ، والخوف من المنافسين (الخوف المهني)، كل انواع الخوف التي نعيشها جعلت من الاخر مهما كان شكله ونوعه مصدرا لتحفيز ذلكرة الخوف لدينا، فقراراتنا في معظمها انفعالية الا ما ندر.
كل ذلك جعل الانسان قادرا على اجترار الشرور، وابتكار المصائب يفوق ما تسببه الطبيعة من كوارث وامراض.
فمن الذي يقرر ضرورة تنشيط الذاكرة الصريحة بمسؤوليتها عن ارتكاب الاخطاء، انه الشعور بالمسئولية انسانيا (ذاكرة طويلة الامد)، وتفعيل دور المجتمع اجرائيا، اي ضرور مراقبة المجتمع لكل فعل او سلوك فيه انتهاك صريح لحقوق الناس.
اي بناء ذاكرة طويلة الامد قائمة على الشعور(بالسئوولية الاخلاقية)، وذاكرة قصيرة قائمة على تحمل عواقب السلوك السيء (القضاء على الشعور بالللذة).






تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى