مؤمن سمير - زمن الشعر أم زمن الرواية..

هل من المنطق أن يؤدي ازدهار شكل أدبي ما، في لحظة حضارية ما، إلى القضاء على شكل أدبي آخر؟ و كأننا هكذا نكون نتعامل مع رفوف محل تجاري، فنزيح بضاعة من الرف الأول ونضع نوعاً آخر في بداية الموسم ثم نعكس الموضوع في بداية الموسم التالي؟ كل الأشكال الأدبية تظل دائماً ومهما جرى، متجاورة لأن المتلقي ليس كياناً متعيناً ثابت الرغبات، إنه تعبير عن الاختلاف الطبيعي في كل شيء.. وهكذا يظل لكل شكل مريديه وطلابه الذين تتوافق ذائقتهم مع بنيته وجمالياته.. فقد بشَّر المفكرون الغربيون بعصر الصورة وكذلك عصر التليفزيون ثم عصر اليوتيوب تمييزاً منهم بين التوجهات والسمات التي تسم مرحلة حضارية ما عن الأخرى ولكنهم يدركون ويؤمنون بمبدأ أن تسليط الضوء على شكل أو فن ما، لا يعني مطلقاً إزاحة الأشكال الأخرى وقتلها.. لكن عندنا الأمر متخلف وهستيري للأسف، فعندما تُطلق صيحة تبشر بزمن الرواية، ترى التنظيرات المتحمسة التي تسارع لبناء نتائج من قبيل موت الشعر وما إلى ذلك من أوهام ثم تدخل المؤسسات على الخط فتكرس جوائز ضخمة للرواية و يساهم الناشرون كذلك ويروجون لمقولة "الشعر لا يبيع" لكن رغم كل هذا يمارس الشعر دوره وتطوره واتساعه ببساطة فنكتشف يومياً تجارب شعرية لافتة ويظل الحراك الشعري والتوهج والتنوع سمة لم تتوقف على الإطلاق بل ساهمت وسائل الاتصال في تسهيل التعاطي والاكتشاف والتفاعل واكتشاف زيف العبارات التي ربما لم يُقصد بها إلا إلقاء حجر في بحيرة الحياة الثقافية.. أقول هذا كي لا أقول إن الهدف كان هو الفرقعة الإعلامية..

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى