سألني صديق عن هذا البيت وعن شاعره:
وعين الرضا عن كل عيب كليلة
ولكن عين السخط تبدي المساوئا
بادئ ذي بدء فإن البيت هو على رويّ الياء، وليس الهمزة.
نُسب البيت إلى الإمام الشافعي (ت. 819م)، ومقطوعته مؤلفة من أربعة أبيات وردت في ديوانه (رويّ الياء- ص 91)، وهي:
وعين الرضا عن كل عيب كليلة
ولكن عينَ السخط تبدي المساويا
وَلَسْتُ بَهَيَّابٍ لمنْ لا يَهابُنِي
ولستُ أرى للمرءِ ما لا يرى ليا
فإن تدنُ مني، تدنُ منكَ مودتي
وإن تنأَ عني، تلقني عنكَ نائيا
كِلاَنا غَنِيٌّ عَنْ أخِيه حَيَاتَه
وَنَحْنُ إذَا مِتْنَا أشَدُّ تَغَانِيَا
ومعنى البيت: عندما تكون راضيًا من شخص ما فإنك ترى إيجابياته، وتتغافل عن سلبياته والمآخذ عليه، بل تجد لها الأعذار حتى لو كانت، فعينك كليلة أي مُغضية- تغض النظرعنها.
وبالعكس فإنك إذا استأت من شخص، فلا ترى فيه بابًا "يفتح على الخير"، بل هو الشيطان بعينه.
فأين الموضوعية؟
إنها هنا في خبر كان.
لكن هذا البيت وأبيات أخرى على القافية نفسها وردت على أنها لعبد الله بن معاوية بن جعفر الطالبي (ت. 746م)، واعتمِدت في جميع كتب التراث (عدا ديوان الشافعي).
ورد في (الأغاني- دار الفكر) لأبي الفرج الأصفهاني (ج 12، ص 272):
"قاله عبد الله بن معاوية للحسين بن عبد الله بن عُبيد الله بن العباس بن عبد المطلب، وكان الحسين أيضًا سيئ المذهب مطعونًا في دينه.
أخبرني أحمد بن عبد العزيز الجوهري، قال: حدثني علي بن محمد بن سليمان النوفلي قال:
حدثني إبراهيم بن يزيد الخشاب، قال: كان ابن معاوية صديقًا للحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب، وكان حسين هذا وعبد الله بن معاوية يُرمَيان بالزندقة. فقال الناس إنما تصافيا على ذلك، ثم دخل بينهما شيء من الأشياء، فتهاجرا من أجله.
فقال عبد الله بن معاوية:
وإنّ حسينًا كان شيئا ملفَّفا
فمحّصه التكشيفُ حتى بدا لِيا
وعين الرضا عن كلّ عيب كليلةٌ
ولكن عين السخط تبدي المساويا
وأنت أخي ما لم تكن لي حاجة
فإن عرضتْ أيقنتُ أن لا أخا ليا"
قوله "ملففًا" = مغطًى، والتمحيص هو الاختبار.
وقد ورد الشعر على أنه لعبد الله بن معاوية كذلك في عيون الأخبار لابن قتيبة- (ج3، ص 16)، والكامل للمُبرِّد (ج1، ص 180)، والتذكرة الحمْدونية لابن حَمْدون، والعِقد الفريد لابن عبد ربِّه (ج3، ص 348)، والحيوان للجاحظ (ج3، ص 488).
ومن الأبيات التي أضيفت في بعض هذه المصادر:
فلست براءٍ عيبَ ذي الودّ كلِّه
ولا بغضَ ما فيه إذا كنت راضيا
فلا زاد بيني وبينك بعدما
بلوتُك في الحاجات إلا تماديا
ذكر المعنى أنو شروان، وبصورة مختلفة:
قيل إذا كان في الإنسان خير واحد ولم يكن ذلك الخير المحبة إلى الناس فلا خير فيه،
وإذا كان فيه عيب واحد ولم يكن ذلك العيب البغض في الناس فلا عيب فيه."
ذكرت بعض المصادر أن المسيَّب بن عََلَس (ت. 575 م)، وهو شاعر جاهلي سبق في هذا المعنى:
وعين السخط تبصر كل عيب
وعين أخي الرضا عن ذاك تعمى
(عيون الأخبار. م.س)
(من جهة أخرى ورد البيت الأخير على أنه لرَوح أبو همّام في كتاب الجاحظ- (الحيوان، ج3، ص 488، بينما يجعل الجاحظ للمسيَّب بن عََلس بيتًا آخر هو:
تامت فؤادك إذ عرضتَ لها *** حسنٌ برأي العين ما تـمِقُ
تامت فؤادك= استعبدته، تمق= تحب.
كما ذكر التوحيدي في كتابه (الصداقة والصديق، ص 188) أن الشعر لرَوح أبو همّام:
وعين السخط تبصر كل عيب
وعين أخي الرضا عن ذاك تعمى
ولو يُمنى يدي تكرّهتني
إذًا لحسمتها بالنار حسما
ورد في حديث شريف:
حبّك الشيءَ يُعمي ويُصمّ
(سنن أبي داود، رقم 5130)
وفي شعر عمر بن أبي ر بيعة لقطة جزئية من الصورة:
فتضاحكن وقد قلن لها
حسن في كل عين من تودّ
فعين المحب ترى كل شيء حسنًأ.
مما ورد في شعر العرب بهذا المعنى، وخاصة في الغزل:
وعين البغض تبرز كل عيب
وعين الحب لا تجد العيوبا
وعين السخط تبصر كل عيب
وعين أخي الرضا عن ذاك عَميا
ويَقبُح مِن سواك الفعلُ عندي
وتفعلُه فيحْسنُ منك ذاكا
فعين الرضا يقابلها عين السخط، وأبو العتاهية يميز بينهما:
أرى العين عينَ السخط عينًا سخينةً
ويا عينُ عينَ الرضا ما أقرّها
(عين سخينة= باكية، نقيض عين قريرة وهي التي بردت سرورًا، أو جف دمعها)
أما ابن المعتز فينسب البيت إلى ابن ميّادة، ولم أجد أحدًا غيره ينسب ذلك إليه.
(ابن المعتز: طبقات الشعراء، ص 432.
* منقول عن فيسبوك
وعين الرضا عن كل عيب كليلة
ولكن عين السخط تبدي المساوئا
بادئ ذي بدء فإن البيت هو على رويّ الياء، وليس الهمزة.
نُسب البيت إلى الإمام الشافعي (ت. 819م)، ومقطوعته مؤلفة من أربعة أبيات وردت في ديوانه (رويّ الياء- ص 91)، وهي:
وعين الرضا عن كل عيب كليلة
ولكن عينَ السخط تبدي المساويا
وَلَسْتُ بَهَيَّابٍ لمنْ لا يَهابُنِي
ولستُ أرى للمرءِ ما لا يرى ليا
فإن تدنُ مني، تدنُ منكَ مودتي
وإن تنأَ عني، تلقني عنكَ نائيا
كِلاَنا غَنِيٌّ عَنْ أخِيه حَيَاتَه
وَنَحْنُ إذَا مِتْنَا أشَدُّ تَغَانِيَا
ومعنى البيت: عندما تكون راضيًا من شخص ما فإنك ترى إيجابياته، وتتغافل عن سلبياته والمآخذ عليه، بل تجد لها الأعذار حتى لو كانت، فعينك كليلة أي مُغضية- تغض النظرعنها.
وبالعكس فإنك إذا استأت من شخص، فلا ترى فيه بابًا "يفتح على الخير"، بل هو الشيطان بعينه.
فأين الموضوعية؟
إنها هنا في خبر كان.
لكن هذا البيت وأبيات أخرى على القافية نفسها وردت على أنها لعبد الله بن معاوية بن جعفر الطالبي (ت. 746م)، واعتمِدت في جميع كتب التراث (عدا ديوان الشافعي).
ورد في (الأغاني- دار الفكر) لأبي الفرج الأصفهاني (ج 12، ص 272):
"قاله عبد الله بن معاوية للحسين بن عبد الله بن عُبيد الله بن العباس بن عبد المطلب، وكان الحسين أيضًا سيئ المذهب مطعونًا في دينه.
أخبرني أحمد بن عبد العزيز الجوهري، قال: حدثني علي بن محمد بن سليمان النوفلي قال:
حدثني إبراهيم بن يزيد الخشاب، قال: كان ابن معاوية صديقًا للحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب، وكان حسين هذا وعبد الله بن معاوية يُرمَيان بالزندقة. فقال الناس إنما تصافيا على ذلك، ثم دخل بينهما شيء من الأشياء، فتهاجرا من أجله.
فقال عبد الله بن معاوية:
وإنّ حسينًا كان شيئا ملفَّفا
فمحّصه التكشيفُ حتى بدا لِيا
وعين الرضا عن كلّ عيب كليلةٌ
ولكن عين السخط تبدي المساويا
وأنت أخي ما لم تكن لي حاجة
فإن عرضتْ أيقنتُ أن لا أخا ليا"
قوله "ملففًا" = مغطًى، والتمحيص هو الاختبار.
وقد ورد الشعر على أنه لعبد الله بن معاوية كذلك في عيون الأخبار لابن قتيبة- (ج3، ص 16)، والكامل للمُبرِّد (ج1، ص 180)، والتذكرة الحمْدونية لابن حَمْدون، والعِقد الفريد لابن عبد ربِّه (ج3، ص 348)، والحيوان للجاحظ (ج3، ص 488).
ومن الأبيات التي أضيفت في بعض هذه المصادر:
فلست براءٍ عيبَ ذي الودّ كلِّه
ولا بغضَ ما فيه إذا كنت راضيا
فلا زاد بيني وبينك بعدما
بلوتُك في الحاجات إلا تماديا
ذكر المعنى أنو شروان، وبصورة مختلفة:
قيل إذا كان في الإنسان خير واحد ولم يكن ذلك الخير المحبة إلى الناس فلا خير فيه،
وإذا كان فيه عيب واحد ولم يكن ذلك العيب البغض في الناس فلا عيب فيه."
ذكرت بعض المصادر أن المسيَّب بن عََلَس (ت. 575 م)، وهو شاعر جاهلي سبق في هذا المعنى:
وعين السخط تبصر كل عيب
وعين أخي الرضا عن ذاك تعمى
(عيون الأخبار. م.س)
(من جهة أخرى ورد البيت الأخير على أنه لرَوح أبو همّام في كتاب الجاحظ- (الحيوان، ج3، ص 488، بينما يجعل الجاحظ للمسيَّب بن عََلس بيتًا آخر هو:
تامت فؤادك إذ عرضتَ لها *** حسنٌ برأي العين ما تـمِقُ
تامت فؤادك= استعبدته، تمق= تحب.
كما ذكر التوحيدي في كتابه (الصداقة والصديق، ص 188) أن الشعر لرَوح أبو همّام:
وعين السخط تبصر كل عيب
وعين أخي الرضا عن ذاك تعمى
ولو يُمنى يدي تكرّهتني
إذًا لحسمتها بالنار حسما
ورد في حديث شريف:
حبّك الشيءَ يُعمي ويُصمّ
(سنن أبي داود، رقم 5130)
وفي شعر عمر بن أبي ر بيعة لقطة جزئية من الصورة:
فتضاحكن وقد قلن لها
حسن في كل عين من تودّ
فعين المحب ترى كل شيء حسنًأ.
مما ورد في شعر العرب بهذا المعنى، وخاصة في الغزل:
وعين البغض تبرز كل عيب
وعين الحب لا تجد العيوبا
وعين السخط تبصر كل عيب
وعين أخي الرضا عن ذاك عَميا
ويَقبُح مِن سواك الفعلُ عندي
وتفعلُه فيحْسنُ منك ذاكا
فعين الرضا يقابلها عين السخط، وأبو العتاهية يميز بينهما:
أرى العين عينَ السخط عينًا سخينةً
ويا عينُ عينَ الرضا ما أقرّها
(عين سخينة= باكية، نقيض عين قريرة وهي التي بردت سرورًا، أو جف دمعها)
أما ابن المعتز فينسب البيت إلى ابن ميّادة، ولم أجد أحدًا غيره ينسب ذلك إليه.
(ابن المعتز: طبقات الشعراء، ص 432.
* منقول عن فيسبوك