ذات يوم.. 8 سبتمبر 1931
الزعيم الهندى غاندى يؤكد فى بورسعيد: «أصوم كل يوم اثنين عن الكلام تكفيرا عن ذنوب بعض أتباعى.. ونضرب المثل بالاتحاد بين المسلمين والأقباط فى مصر»
كيف نظر الزعيم الهندى غاندى إلى نضال المصريين ضد الاحتلال البريطانى، وكانت بلاده تذوق ويلاته أيضا؟.. وماذا عن علاقة الهندوس بالمسلمين فى الهند؟ وقضايا أخرى أثارها معه الكاتب والسياسى محمد لطفى جمعة يوم 7 سبتمبر 1931، أثناء توقفه فى بورسعيد وهو فى طريقه إلى لندن لحضور مؤتمر المائدة المستديرة، وذكر «جمعة» وقائع هذه المقابلة فى مذكراته «شاهد على العصر».. «راجع، ذات يوم 7 سبتمبر 2021».
يذكر «جمعة»، أن سبب تفرد «غاندى» فى التاريخ أنه جعل من التصوف الهندى حياة عملية فعالة فى المدنية الحديثة، وقد تشبع بفلسفة روحانية جعلته لا يريد شيئا من العالم، ويؤكد أنه تحدث معه عن اتصال المصريين بالطلبة الهنود فى لندن، ودعوتهم إلى المؤتمرات المصرية الوطنية التى عقدها الحزب الوطنى أيام رئاسة محمد فريد للحزب فى جنيف سنة 1909 وباريس سنة 1910 وبروكسل سنة 1911.. كان «جمعة» واحدا ممن قاموا بهذه الاتصالات.. يقول: «حدثته عن علاقتى ببعض الزعماء الهنود أثناء وجودى فى فرنسا ومشاركتى فى هذه المؤتمرات أمثال «كريشنا فارما» صاحب جريدة «الهندى الاجتماعى» الذى كان معجبا بالزعيم مصطفى كامل، ونشر خطبته فى جريدته عن كارثة دنشواى، وقلت له إن الدكتور منصور رفعت قد شارك فى تحرير هذه الجريدة، وأنك كنت على علم بذلك بدليل أنك كنت تذكر مصر دائما وترحب بكل مصرى تلقاه، أو يتصل بك وأن بعض الزعماء من مصر سافروا إلى الهند واجتمعوا بك.
رد غاندى: «إنكم فى مصر تشبهون الهند فى جهادكم ضد مبادئ الإمبراطورية البريطانية، وإن كانت أقدام الإنجليز فى بلادنا أرسخ وتاريخهم أطول وصفحتهم أكثر سوادا، ولذلك يجب عليكم فى مصر أن تستهدوا بحركتنا كما أننا فى الهند نستنير بحركتكم، فإن زعماءنا كثيرا ما ضربوا المثل بالاتحاد بين المسلمين والأقباط عندكم فى مصر، ودعوا أمتنا من «هنادك» ومسلمين إلى مثل هذا الاتحاد فى الهند»، وقال عن علاقة «الهنادك» بالمسلمين فى الهند: «المسلمون إخواننا وأصلنا وأصلهم واحد ولا يوجد غزاة منهم الآن، وزعماؤهم العاملون فى مجال السياسة أصدقائى وشركائى فى الجهاد مثل، محمد على وأخيه شوكت على، وعشرات غيرهما، وكلنا نفهم خطر الانقسام بيننا، فإنه لا يستفيد به إلا خصومنا وأعداؤنا».
يضيف «جمعة»، أن غاندى حدثه عن المسائل التى يعانيها عقله وهى مسألة الملح وسياحته التى قام بها، وقبضت عليه الحكومة بسببها فى مايو العام الماضى، كما تحدث عن رأيه فى العنف والجرائم السياسية، فاستنكرها وقال: «ليس معى سلاح ولا قوة إلا العصيان المدنى وعدم التعاون ومقابلة الشر بالخير وإنكار العنف حالة من الجبن، وسلاحى الثانى هو الصوم عن الكلام يوما فى الأسبوع هو يوم الاثنين والصوم تكفير عن ذنوب بعض أتباعى، والصوم إذا حصل خلاف بينى وبين السلطة.. لقد شعرت على الدوام وصرحت بناء على هذا الشعور بأن عطية الحرية العظيمة لن تنالها أمة بالإحسان والتصديق، إذ أن علينا أن نكتسبها قبل أن نقتنيها، وستأتى للهند فرصة اكتسابها عندما نثبت لذلك الشعب الذى يحكمها يحق الفتح، إن أخلاقنا أسمى من أخلاقه وعندنا من الرجولة ما يجعلنا نكف عن معاملة المحتلين حتى يرحلوا عن بلادنا، فإذا ما أغرونا بأقمشتهم الجميلة صمدنا للإغراء دون أن نخضع، بل نعود إلى أقمشتنا التى نسجتها الأيدى الهندية فنلبسها ولا نبالى هزؤ المستهزئين، أدعو هذه الدعوة وهى أنه عندما أضاعت الهند مغزلها أضاعت إحدى رئتيها، فالمغزل هو الشىء الذى يجب علينا جميعا أن نلجأ إليه فى الهند، لقد كان غرامنا بالأقمشة الأجنبية هو الذى كسر المغزل، ولذلك فإننى أرى أنه ذنب كبير نرتكبه إذا نحن لبسنا الملابس الأجنبية
إننى لا أرسم خطا فاصلا بين الأخلاق والاقتصاد، فإن الاقتصاد الذى يؤذى أخلاق الشخص أو الأمة، يجب أن نعده من الذنوب الدينية، فمن الذنوب التى يجب ألا نقترفها أن نأكل القمح الأمريكى بينما نترك التاجر الذى يتاجر بالقمح الهندى يموت من الكساد، ومن الذنوب التى أكف عن نفسى اقترافها أن أشترى الأقمشة الإنجليزية الجميلة، وشعورى بهذا الذنب يجعلنى أحمل ما أملكه من الأقمشة الأجنبية وألقى بها فى النار، وأطهر بذلك نفسى وأرضى بهذا القماش الجافى الذى غزله ونسجه أبناء بلدى، إنكم هنا فى مصر لا تستطيعون أن تستعملوا المغزل، ولكن يمكنكم أن تستعملوا النول وتعمموه فى القرى والمدن وفى البيوت المصرية، إن القماش المصرى يجب أن تجعلوه أساسا للأخلاق الفاضلة فى مصر، فتطالبوا زعماءكم وطلابكم وكل رجالكم ونسائكم أن يلبسوا الملابس المصرية التى هى فى النهاية عنوان الكرامة والاستقلال الاقتصادى وحب أبناء الشعب بعضهم لبعض."
......................................................
سعيد الشحات-اليوم السابع
الزعيم الهندى غاندى يؤكد فى بورسعيد: «أصوم كل يوم اثنين عن الكلام تكفيرا عن ذنوب بعض أتباعى.. ونضرب المثل بالاتحاد بين المسلمين والأقباط فى مصر»
كيف نظر الزعيم الهندى غاندى إلى نضال المصريين ضد الاحتلال البريطانى، وكانت بلاده تذوق ويلاته أيضا؟.. وماذا عن علاقة الهندوس بالمسلمين فى الهند؟ وقضايا أخرى أثارها معه الكاتب والسياسى محمد لطفى جمعة يوم 7 سبتمبر 1931، أثناء توقفه فى بورسعيد وهو فى طريقه إلى لندن لحضور مؤتمر المائدة المستديرة، وذكر «جمعة» وقائع هذه المقابلة فى مذكراته «شاهد على العصر».. «راجع، ذات يوم 7 سبتمبر 2021».
يذكر «جمعة»، أن سبب تفرد «غاندى» فى التاريخ أنه جعل من التصوف الهندى حياة عملية فعالة فى المدنية الحديثة، وقد تشبع بفلسفة روحانية جعلته لا يريد شيئا من العالم، ويؤكد أنه تحدث معه عن اتصال المصريين بالطلبة الهنود فى لندن، ودعوتهم إلى المؤتمرات المصرية الوطنية التى عقدها الحزب الوطنى أيام رئاسة محمد فريد للحزب فى جنيف سنة 1909 وباريس سنة 1910 وبروكسل سنة 1911.. كان «جمعة» واحدا ممن قاموا بهذه الاتصالات.. يقول: «حدثته عن علاقتى ببعض الزعماء الهنود أثناء وجودى فى فرنسا ومشاركتى فى هذه المؤتمرات أمثال «كريشنا فارما» صاحب جريدة «الهندى الاجتماعى» الذى كان معجبا بالزعيم مصطفى كامل، ونشر خطبته فى جريدته عن كارثة دنشواى، وقلت له إن الدكتور منصور رفعت قد شارك فى تحرير هذه الجريدة، وأنك كنت على علم بذلك بدليل أنك كنت تذكر مصر دائما وترحب بكل مصرى تلقاه، أو يتصل بك وأن بعض الزعماء من مصر سافروا إلى الهند واجتمعوا بك.
رد غاندى: «إنكم فى مصر تشبهون الهند فى جهادكم ضد مبادئ الإمبراطورية البريطانية، وإن كانت أقدام الإنجليز فى بلادنا أرسخ وتاريخهم أطول وصفحتهم أكثر سوادا، ولذلك يجب عليكم فى مصر أن تستهدوا بحركتنا كما أننا فى الهند نستنير بحركتكم، فإن زعماءنا كثيرا ما ضربوا المثل بالاتحاد بين المسلمين والأقباط عندكم فى مصر، ودعوا أمتنا من «هنادك» ومسلمين إلى مثل هذا الاتحاد فى الهند»، وقال عن علاقة «الهنادك» بالمسلمين فى الهند: «المسلمون إخواننا وأصلنا وأصلهم واحد ولا يوجد غزاة منهم الآن، وزعماؤهم العاملون فى مجال السياسة أصدقائى وشركائى فى الجهاد مثل، محمد على وأخيه شوكت على، وعشرات غيرهما، وكلنا نفهم خطر الانقسام بيننا، فإنه لا يستفيد به إلا خصومنا وأعداؤنا».
يضيف «جمعة»، أن غاندى حدثه عن المسائل التى يعانيها عقله وهى مسألة الملح وسياحته التى قام بها، وقبضت عليه الحكومة بسببها فى مايو العام الماضى، كما تحدث عن رأيه فى العنف والجرائم السياسية، فاستنكرها وقال: «ليس معى سلاح ولا قوة إلا العصيان المدنى وعدم التعاون ومقابلة الشر بالخير وإنكار العنف حالة من الجبن، وسلاحى الثانى هو الصوم عن الكلام يوما فى الأسبوع هو يوم الاثنين والصوم تكفير عن ذنوب بعض أتباعى، والصوم إذا حصل خلاف بينى وبين السلطة.. لقد شعرت على الدوام وصرحت بناء على هذا الشعور بأن عطية الحرية العظيمة لن تنالها أمة بالإحسان والتصديق، إذ أن علينا أن نكتسبها قبل أن نقتنيها، وستأتى للهند فرصة اكتسابها عندما نثبت لذلك الشعب الذى يحكمها يحق الفتح، إن أخلاقنا أسمى من أخلاقه وعندنا من الرجولة ما يجعلنا نكف عن معاملة المحتلين حتى يرحلوا عن بلادنا، فإذا ما أغرونا بأقمشتهم الجميلة صمدنا للإغراء دون أن نخضع، بل نعود إلى أقمشتنا التى نسجتها الأيدى الهندية فنلبسها ولا نبالى هزؤ المستهزئين، أدعو هذه الدعوة وهى أنه عندما أضاعت الهند مغزلها أضاعت إحدى رئتيها، فالمغزل هو الشىء الذى يجب علينا جميعا أن نلجأ إليه فى الهند، لقد كان غرامنا بالأقمشة الأجنبية هو الذى كسر المغزل، ولذلك فإننى أرى أنه ذنب كبير نرتكبه إذا نحن لبسنا الملابس الأجنبية
إننى لا أرسم خطا فاصلا بين الأخلاق والاقتصاد، فإن الاقتصاد الذى يؤذى أخلاق الشخص أو الأمة، يجب أن نعده من الذنوب الدينية، فمن الذنوب التى يجب ألا نقترفها أن نأكل القمح الأمريكى بينما نترك التاجر الذى يتاجر بالقمح الهندى يموت من الكساد، ومن الذنوب التى أكف عن نفسى اقترافها أن أشترى الأقمشة الإنجليزية الجميلة، وشعورى بهذا الذنب يجعلنى أحمل ما أملكه من الأقمشة الأجنبية وألقى بها فى النار، وأطهر بذلك نفسى وأرضى بهذا القماش الجافى الذى غزله ونسجه أبناء بلدى، إنكم هنا فى مصر لا تستطيعون أن تستعملوا المغزل، ولكن يمكنكم أن تستعملوا النول وتعمموه فى القرى والمدن وفى البيوت المصرية، إن القماش المصرى يجب أن تجعلوه أساسا للأخلاق الفاضلة فى مصر، فتطالبوا زعماءكم وطلابكم وكل رجالكم ونسائكم أن يلبسوا الملابس المصرية التى هى فى النهاية عنوان الكرامة والاستقلال الاقتصادى وحب أبناء الشعب بعضهم لبعض."
......................................................
سعيد الشحات-اليوم السابع
ذات يوم
ذات يوم. 10,410 likes · 6,325 talking about this. إبحار في يوميات التاريخ بسهولة السرد، وتكثيف في العرض
www.facebook.com