يمتلك أ. محمود سلطان قلما سرديا يناوش به ويشاغب في غير تأن ولاتهيب، ولا يعني هذا اقتحامه مجال الإبداع دون أداة السارد ولا مرآة الناقد. كيف لا وقد دخل عالم الأدب مسلحا بعقلية علمية تقدر للأشياء ميزانها، من عالم الصحافة ودهاليز الأخبار وأقلام المحررين يدخل بك إلى الأدب وفتنة السرد، لما ألتقه كفاحا لكنني على بعد تواصلت معه فكان محاورا مشاغبا يرفض المقولات المسنلبة ويبتعد عن المخاصمة واللدد شأن المجيدين لفنهم والمعبرين عما يترآى لهم من رأي. تريده عقاديا فيكون شاكريا، هذه فتنة بل غواية السرد تتقلب به في مناحي القول وتصاريفه، أخلص من مقولة الناقد إلى رحابة السارد فأجده يمتلك قلما معبرا في بساطة اللغة دون عجمتها أو ترهلها. آخرون قعدت بهم مطامعهم عند مقاعد أورثوها في الصحف القومية، فما تجدهم إلا بروابط العنق المدلاة والعطور النافذة والحسان بالباب يسبين العيون في تدله، ثم ماذا؟ مقالات معادة مكررة وصحف راقدة كأنما هي تنتظر بعد خروج كائن أسطوري بأربعة أجنحة، غير أن صاحبنا لايني يبحث وينقب فيأتي بالطارف الذي يدهش وبالسرد الذي يرسم صورا تترآى في مرآة السرد العجائبي، قلم قد يغضب الرقيب بما يقدم من رأي يخالف الوهن والغوغاء تثيرها عناكب الصحافة. يحمد له ابتعاده عن الجوقة وتفرده في مضمار الصحافي إذ جمع بين الخبر والسرد في بلاط صاحبة الجلالة، تحسبه فتحي رضوان أو لعله العقاد يغالب طه حسين، كتبت ما اقتنعت به غير مدفوع إلا بالرأي يغلفه نقد شفيف!