محمد الأسعد - كلُّ الساعاتِ تدقُّ في ليلِ القصيدةْ

يجيئنا الليل ُ بالحكمةْ
*
أحياناً
تحلّق ُ طيورنا
بلا ليلٍ
باحثة ً عن خيط ِ مغيبٍ
ولا تهتدي
أحياناً
تتمايل ُ أشجارنا باتجاه ِ الريحِ
ولا تصلْ
*
تنصفنا قصيدة ٌ لم تكتمل
شظيّة ٌ أو شظايا
في فضاء ٍهائلْ
*
أفسّر ُ الليل َ بالقصيدة
والقراءة َ بالغيابْ
والجمال َ بالمحو
*
استحضر ُ الغابات ِ خاليةً
من الطرقاتْ
وحرّة ً من الذكرى
*
السماء ُ خفيضةً
فوق المسارب ِ الموصوفة
*
بالبكاء ِ أفسّر ُ الحرّية
العمر ُ أضيقُ من معناه
*
تبهجني القصيدة ُ بالأصداء
بهجة ُ القول ِ اعتياد
وبهجة ُالشعر
ما نصير إليه
*
نحن مجهولون بلا تأويل
حافة ُ وجدٍ
هوّة ٌ ترف ُّ فوقها الكلمات
وحين نقول
نفقد ليلنا
وكل ليلْ
*
يشغلنا الحجر ُ والماءْ
تمحونا الفوارق ُ والحدود
نكتبُ
نغنّي
نحتفلُ
كما لو إننا نستحم ّ بموسيقى قديمة
قدم العالمْ
*
نحيا ما لا يقال
وأحيانا ً يقولنا الكلام
أو تحرّرنا الأصداء
*
أفسّر ُ بهجتي بالقصيدة
بما ينشأ ويصير ُ علاماتْ
قبلها النسيانُ
وكل نسيانْ
*
لا الحديقة موجودة
ولا المرأة ُ
لا الليلُ
ولا كآبة المساءْ
نحن علامات تتبادل الومضاتْ
نتّسق ُحين تتسقً
مثقلين بالكامن والمحتمل
*
الكون ُ ليلٌ
والرحلة ُ روح
*
نتغير
مثلما تتغير الكلماتْ
لا شيء في الخارج
لا شيء في الداخل
ينصفنا فضاءُ القصيدة
حين يهس ُّ فيه النصلُ
ويمضي
تنصفنا شفافية ُالعدم
ذاكرة ُ الليل
والتفاتة النهرِ
ومسارُ الأجماتْ
*
تبعث ُ فينا الكلماتُ أحلامها
عادلة ً عدالة َ الغيرة
قاسية ً قسوة َ الهاوية
تشم ُ أجسادنا بأبدية ٍ مؤجّلة
نحن موشومون بوخز الكلماتْ
*
دمنا لذيذٌ
بياضنا مرهقٌ
شظايانا تضحك
تبكي
أنحن هذا الكلُّ
أم اتساق ٌ ورجرجةٌ
بدء ٌ ونهاية
تمايل ُ البوكنفيليا
ووحدة ُ أشجار ِ الرمّان
والنهر ُ المستيقظ
في صحراء ْ؟
*
لنا أحلامنا أيضا
مثل كل ّ المدائن الخفيّة
مؤجلون
مثل كل الصباحات المفقودة
*
نحن أبواب ٌ في صحراء
موشومون وأحرار
ذرّات ٌ وموجات
ليل ٌ بلا غفران
*
تأخذنا غابة ُ الكلماتِ
تشتتنا الممرّاتُ
تتقاطعُ
تمتدُّ
والندى ذاكرة
والضباب ُ خفيفٌ
والمأوى أصفى من ينبوع
*
تبعث السطور ُ ليلها
فتنة َ الغامض
وعذوبة َ الواضح
وما بينهما اشتهاءْ
في أي منعطف ٍ نسينا أن نمضي؟
في أي وعر ٍ تركتنا الحكاية؟
في أي شجرة
تستيقظ روح ُ الليل
وتهمس فجأة ً من أعماقها المنسية ْ؟
*
ها نحن ندخل الحكاية
كلُّ الساعات ِ تدق ّ في ليل ِ القصيدةْ
في كل منعطفٍ يُسمع الرنينْ
يتساقط ُ الثلج
ويتناثرُ زهرُ الرمانْ
وتضل ّ الكلمات ُ طريقها
في غابةْ.
أعلى