أ. د. عادل الأسطة - بحث عنهم حين يموتون: رحيل الشاعرة سلافة حجاوي

من أيام اتصل بي صحافي من غزة يطلب مني ، باعتباري متابعا للحركة الأدبية ، أن أشارك في تقرير صحفي يعده عن الشاعرة سلافة حجاوي بمناسبة رحيلها .
والصحيح أنني اعتذرت ، فأنا لم أدرس أشعارها لأبدي رأيا فيها ، وعندما سألني عمن يمكن أن يتكلم عنها ، اقترحت عليه ثلاثة أسماء هم غسان زقطان وزكريا محمد وخالد جمعة ، فالأولان عاشا في المنفى والثالث أقام في غزة ، وإن لم تخني الذاكرة فإن سلافة عاشت في بغداد وشاركت في في حياتها الأدبية وفي مهرجاناتها الشعرية ، ومنها مهرجان المربد ، وعندما عادت مع العائدين استقرت لفترة في غزة ، قبل أن تستقر في رام الله .
ثمة سبب ثان لاقتراحي الأسماء الثلاثة هو أن الشعراء يقرأون نتاج بعضهم ولهم عين ناقدة ، ولطالما كرر الشاعر المرحوم عز الدين المناصرة الرأي المتمثل في أن أفضل ناقد للشعر هو الشاعر نفسه ، وهذا عموما ما جسده الشاعر المرحوم أحمد دحبور في مقالاته الأسبوعية في جريدة " الحياة الجديدة " حيث واظب على نقد مجموعات شعرية كثيرة وتابع نتاج شعراء وكتاب كثر متابعة حثيثة أغبطه عليها .
مرة واحدة أو مرتين التقيت فيها بالشاعرة سلافة حجاوي وتحدثنا فيها عن تجربتها في الكتابة حديثا عابرا ، ولكنني منذ زمن ما عدت أتابع الشعر متابعة أحمد دحبور له ، وحين اقترحت الأسماء الثلاثة رأيت أنهم أقدر مني في الحديث عن سلافة وأخذت بالمثل " أعط الخبز لخبازه " .
الشعراء كثير عديدهم في زمن قل فيه الاهتمام بالشعر ، وقبل فترة كتب الشاعر عبد الناصر صالح أن عدد الشعراء في سبعينيات القرن العشرين كان حوالي ٢٠٠ شاعر وأما الآن فصار يقارب بضعة آلاف .
سلافة حجاوي من نابلس ودرست في العراق ولا أظن أنها أحيت أمسية واحدة في مدينتها ، مع أنني في نابلس التقيت بها ، وأظن أن ذلك كان في المنتدى الثقافي الفلسطيني الذي نشط فترة ثم انطفأ .
هناك عبارة تصف الماء بأنه أعز مفقود وأرخص موجود ، ويبدو أن سوق الشعر كسد لكثرة عدد الشعراء وكثرة ما يكتبون ، وقد تكون سلافة حجاوي شاعرة ذات صوت شعري ، ولكنه صوت ضاع في مهرجان الشعر . من من كتابنا وقرائنا يدعي أنه " أبو العريف " - أي يعرف كل شيء ويلم بكل شيء ؟
أحيانا أجدني أكرر ما قاله أبو نواس في السخرية من النظام لأسخر من نفسي :
فقل لمن يدعي في العلم فلسفة
حفظت شيئا وغابت عنك أشياء
وأنا عرفت شيئا وجهلت أشياء .
الرحمة للشاعرة الراحلة في أسبوع الفقدان سلافة حجاوي .
صباح الخير
خربشات
٢٣ أيلول ٢٠٢١

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى