تمهيد: هناك العديد من المواقف من دور الجيش فى الحياة السياسية.
موقف الاطلاق: مضمون هذا الموقف اطلاق دور الجيش فى الحياة السياسية، وهو ما يؤدى- فعليا وبصرف النظر عن الشعارات التى ترفعها الأنظمة السياسية "العسكرية" التى تتبنى هذا الموقف - الى إلغاء الديمقراطية. وهو يستند معرفيا الى موقف القبول المطلق لهذا الدور.
نقد:
· من البدهي ان هذا الموقف يتعارض مع الديموقراطية.
· وهو موقف يستند الى موقف خاطئ مضمونه أن مشكلة التطور الاجتماعي هي مشكلة تتعلق بالتخلف الاقتصادي فقط ، وبالتالي فان حلها يكون بالتنمية الاقتصادية فقط ، فى حين ان الحل الصحيح لهذه المشكلة يقوم على اعتبار أن مشكلة التطور الاجتماعي لا تتعلق بالتخلف الاقتصادي فقط ، بل بالتخلف السياسي “الديموقراطى” أيضا، وبالتالي فان حلها يكون بتحرير الإنسان من القهر الاقتصادي والسياسي ، بالتنمية الاقتصادية والديمقراطية السياسية معا.
· كما ان تبنى اى نظام سياسى لهذا الموقف يؤدى الى الى تضخم فئه – شريحة- اجتماعية ضارة ،يمكن ان نطلق عليها اسم فئه - شريحة - دعاه دوله داخل- او تحت- الدوله ، وتضم بعض قيادات بعض المؤسسات الحكومية "خاصة المؤسسات الاستخباراتية والعسكرية والشرطية ..." ، الذين تم تعيينهم او ترقيتهم طبقا لمعيار الولاء وليس الكفاءة، والذين يوهمون بعض أركان النظام السياسى، إن الحفاظ عليه و استمراره ، مرهون بتحويل مؤسساتهم الى دوله داخل - او فوق – الدوله - فى حين ان ممارساتهم السالبة هى فى الواقع احد الاسباب التى ستعجل بنهاية هذا النظام - وهم بذلك يهدفون الى الحصول على امتيازات ضخمه، لا يحصل عليها باقي المنتسبين الى هذه المؤسسات – خاصة من هم فى المراتب الدنيا من هيكلها الوظيفى- لذا يجب تطهير- وليس حل- هذه المؤسسات من هذه الشريحة الضارة بهذه المؤسسات ذاتها وبمجتمعها، وإرجاع هذه المؤسسات الى طبيعتها كجزء فاعل من الدوله ، مع غيره من اجزائها.
· كما ان موقف القبول المطلق – الذى يستند اليه هذا الموقف معرفيا- هو من خصائص التفكير الاسطورى.
موقف الإلغاء: مضمون هذا الموقف إلغاء دور الجيش فى الحياة السياسيه، ويستند الى الصيغه الليبرالية للديموقراطيه، طبقا لمستواها النظرى، اتساقا مع سلبية الدولة بالنسبة للممارسة الديمقراطية في هذه الصيغة.
نقد:
· الصيغة الليبرالية للديموقراطيه ليست الصيغة الوحيدة لها.
· والتجارب الديمقراطية فى المجتمعات الغربية الليبرالية ذاتها تجاوزت هذه الصيغه، الى صيغة اخرى هى الديموقراطية التوافقية ،وهى صيغة تسمح للأقليات الثابتة " كالاقليات الدينيه والعرقيه والنساء ..." بدور سياسى فاعل – لم يكن ممكن الوجود فى ظل هذه الصيغة-
· كما ان الانظمة السياسية الديمقراطية فى هذه المجتمعات الغربية الليبرالية تسمح - على المستوى العملى- بدور فاعل للمؤسسات العسكرية كالجيش والمخابرات ،سواء دور معلن كما فى حال سياستها الخارجية تجاه الدول النامية" كالقواعد العسكرية الخارجيه، والتدخلات العسكرية والعمليات الاستخباراتية – العلنية او السرية – ضد بعض الدول . او دور سرى – فى حال سياساتها الداخلية " كتدخل اجهزة المخابرات فى الشئون الداخليه ".
· كما هذه الانظمة السياسية الديمقراطية الغربية ذاتها دعمت – ولا تزال تدعم - انظمة سياسية عسكرية استبدادية فى الدول الناميه، وقفت – ولا تزال تقف- ضد الاراده الشعبيه لشعوب هذه الدول ، وسعيها لتحقيق الديموقراطيه، حفاظا على مصالحها.
· كما ان أنصار هذا الموقف لا يترددون فى الالتجاء الى الجيش او التحالف مع الأنظمة السياسيه العسكرية فى مواجهة خصومهم الايديولوجيين او السياسيين.
· وكثير من انصار هذا الموقف يتبى دعوات مشبوهة لحل- وليس اصلاح - المؤسسات الامنيه، تتجاهل حقيقة ان وجودها ضروري لحماية المجتمعات من العدوان الخارجى والداخلى، ولا يخلو اى مجتمع منها - بما في ذلك أرقى المجتمعات الديموقراطية .
· كما ان هذا الموقف يتجاهل اختلاف واقع المجتمعات النامية عن المجتمعات الغربية. حيث تعاني هذه المجتمعات من مشكلة التخلف السياسي” الديمقراطي” التى مضمونها انعدام أو ضعف التقاليد الديمقراطية، نتيجه لاسباب متعدده . فضلا عن معوقات اخرى للديمقراطية منها شيوع الأمية ،والمربع المخرب (الفقر والجهل والمرض والبطالة)...
· كما يتجاهل حقيقة ان الصيغه الليبرالية للديموقراطيه إذ تحرر الشعب من استبداد الحاكمين-على المستوى النظرى - لا تضمن- فعليا- عدم استبداد الرأسماليين فيه، لان النظام الرأسمالي هو النظام الليبرالى فى الاقتصاد ( د.عصمت سيف الدوله، النظرية ، ج2، ص197-198 ).
· وهذا الموقف قد يؤدى الى الفوضى نتيجه لأسباب عديدة منها ضعف مؤسسات الدوله،وشيوع القبلية والطائفيه، تدنى الوعى السياسى وضعف مؤسسات المجتمع المدنى...
· كما ان موقف الرفض المطلق– الذى يستند اليه هذا الموقف معرفيا - هو أيضا من خصائص التفكير الاسطورى- رغم ادعاء أنصار هذا الموقف العقلانية والاستنارة -
موقف التوافق ( الديموقراطية التوافقية):
· هذا الموقف يرفض موقفى الاطلاق والإلغاء ، والأساس المعرفي الذي يستندان إليه "القبول او الرفض المطلقين"، ويرى الى ضرورة تجاوزهما الى موقف التوافق ، وهو موقف يستند سياسيا الى صيغة واقعية عملية للديمقراطية هى "الديموقراطية التوافقية" –والتى أقرتها ارقى المجتمعات الديموقراطية كما اشرنا اعلاه - كما يستند معرفيا الى الموقف التقويمي" النقدى" ، الذى مضمونه القبول او الرفض المقيدين"المشروطين" – وهو الموقف المعرفى الذى يتسق مع التفكير العقلانى-
· فهذا الموقف يرى ان المشكلة لا تتصل بوجود هذا الدور بل بحدوده .
· فدور الجيش فى الحياة السياسية قد يتعارض أو يتوافق مع الديمقراطية.
· ويشترط لنجاح الديمقراطية التوافقية ان تعبر عن الاراده الشعبيه بدون تزييف ، وان يتم اختبار هذه المكونات بصورة ديمقراطية.
د.صبرى محمد خليل/ أستاذ فلسفه القيم الاسلاميه فى جامعه الخرطوم
الموقع الرسمي للدكتور/ صبري محمد خليل خيري | دراسات ومقالات: الموقع الرسمي للدكتور صبري محمد خليل خيري
موقف الاطلاق: مضمون هذا الموقف اطلاق دور الجيش فى الحياة السياسية، وهو ما يؤدى- فعليا وبصرف النظر عن الشعارات التى ترفعها الأنظمة السياسية "العسكرية" التى تتبنى هذا الموقف - الى إلغاء الديمقراطية. وهو يستند معرفيا الى موقف القبول المطلق لهذا الدور.
نقد:
· من البدهي ان هذا الموقف يتعارض مع الديموقراطية.
· وهو موقف يستند الى موقف خاطئ مضمونه أن مشكلة التطور الاجتماعي هي مشكلة تتعلق بالتخلف الاقتصادي فقط ، وبالتالي فان حلها يكون بالتنمية الاقتصادية فقط ، فى حين ان الحل الصحيح لهذه المشكلة يقوم على اعتبار أن مشكلة التطور الاجتماعي لا تتعلق بالتخلف الاقتصادي فقط ، بل بالتخلف السياسي “الديموقراطى” أيضا، وبالتالي فان حلها يكون بتحرير الإنسان من القهر الاقتصادي والسياسي ، بالتنمية الاقتصادية والديمقراطية السياسية معا.
· كما ان تبنى اى نظام سياسى لهذا الموقف يؤدى الى الى تضخم فئه – شريحة- اجتماعية ضارة ،يمكن ان نطلق عليها اسم فئه - شريحة - دعاه دوله داخل- او تحت- الدوله ، وتضم بعض قيادات بعض المؤسسات الحكومية "خاصة المؤسسات الاستخباراتية والعسكرية والشرطية ..." ، الذين تم تعيينهم او ترقيتهم طبقا لمعيار الولاء وليس الكفاءة، والذين يوهمون بعض أركان النظام السياسى، إن الحفاظ عليه و استمراره ، مرهون بتحويل مؤسساتهم الى دوله داخل - او فوق – الدوله - فى حين ان ممارساتهم السالبة هى فى الواقع احد الاسباب التى ستعجل بنهاية هذا النظام - وهم بذلك يهدفون الى الحصول على امتيازات ضخمه، لا يحصل عليها باقي المنتسبين الى هذه المؤسسات – خاصة من هم فى المراتب الدنيا من هيكلها الوظيفى- لذا يجب تطهير- وليس حل- هذه المؤسسات من هذه الشريحة الضارة بهذه المؤسسات ذاتها وبمجتمعها، وإرجاع هذه المؤسسات الى طبيعتها كجزء فاعل من الدوله ، مع غيره من اجزائها.
· كما ان موقف القبول المطلق – الذى يستند اليه هذا الموقف معرفيا- هو من خصائص التفكير الاسطورى.
موقف الإلغاء: مضمون هذا الموقف إلغاء دور الجيش فى الحياة السياسيه، ويستند الى الصيغه الليبرالية للديموقراطيه، طبقا لمستواها النظرى، اتساقا مع سلبية الدولة بالنسبة للممارسة الديمقراطية في هذه الصيغة.
نقد:
· الصيغة الليبرالية للديموقراطيه ليست الصيغة الوحيدة لها.
· والتجارب الديمقراطية فى المجتمعات الغربية الليبرالية ذاتها تجاوزت هذه الصيغه، الى صيغة اخرى هى الديموقراطية التوافقية ،وهى صيغة تسمح للأقليات الثابتة " كالاقليات الدينيه والعرقيه والنساء ..." بدور سياسى فاعل – لم يكن ممكن الوجود فى ظل هذه الصيغة-
· كما ان الانظمة السياسية الديمقراطية فى هذه المجتمعات الغربية الليبرالية تسمح - على المستوى العملى- بدور فاعل للمؤسسات العسكرية كالجيش والمخابرات ،سواء دور معلن كما فى حال سياستها الخارجية تجاه الدول النامية" كالقواعد العسكرية الخارجيه، والتدخلات العسكرية والعمليات الاستخباراتية – العلنية او السرية – ضد بعض الدول . او دور سرى – فى حال سياساتها الداخلية " كتدخل اجهزة المخابرات فى الشئون الداخليه ".
· كما هذه الانظمة السياسية الديمقراطية الغربية ذاتها دعمت – ولا تزال تدعم - انظمة سياسية عسكرية استبدادية فى الدول الناميه، وقفت – ولا تزال تقف- ضد الاراده الشعبيه لشعوب هذه الدول ، وسعيها لتحقيق الديموقراطيه، حفاظا على مصالحها.
· كما ان أنصار هذا الموقف لا يترددون فى الالتجاء الى الجيش او التحالف مع الأنظمة السياسيه العسكرية فى مواجهة خصومهم الايديولوجيين او السياسيين.
· وكثير من انصار هذا الموقف يتبى دعوات مشبوهة لحل- وليس اصلاح - المؤسسات الامنيه، تتجاهل حقيقة ان وجودها ضروري لحماية المجتمعات من العدوان الخارجى والداخلى، ولا يخلو اى مجتمع منها - بما في ذلك أرقى المجتمعات الديموقراطية .
· كما ان هذا الموقف يتجاهل اختلاف واقع المجتمعات النامية عن المجتمعات الغربية. حيث تعاني هذه المجتمعات من مشكلة التخلف السياسي” الديمقراطي” التى مضمونها انعدام أو ضعف التقاليد الديمقراطية، نتيجه لاسباب متعدده . فضلا عن معوقات اخرى للديمقراطية منها شيوع الأمية ،والمربع المخرب (الفقر والجهل والمرض والبطالة)...
· كما يتجاهل حقيقة ان الصيغه الليبرالية للديموقراطيه إذ تحرر الشعب من استبداد الحاكمين-على المستوى النظرى - لا تضمن- فعليا- عدم استبداد الرأسماليين فيه، لان النظام الرأسمالي هو النظام الليبرالى فى الاقتصاد ( د.عصمت سيف الدوله، النظرية ، ج2، ص197-198 ).
· وهذا الموقف قد يؤدى الى الفوضى نتيجه لأسباب عديدة منها ضعف مؤسسات الدوله،وشيوع القبلية والطائفيه، تدنى الوعى السياسى وضعف مؤسسات المجتمع المدنى...
· كما ان موقف الرفض المطلق– الذى يستند اليه هذا الموقف معرفيا - هو أيضا من خصائص التفكير الاسطورى- رغم ادعاء أنصار هذا الموقف العقلانية والاستنارة -
موقف التوافق ( الديموقراطية التوافقية):
· هذا الموقف يرفض موقفى الاطلاق والإلغاء ، والأساس المعرفي الذي يستندان إليه "القبول او الرفض المطلقين"، ويرى الى ضرورة تجاوزهما الى موقف التوافق ، وهو موقف يستند سياسيا الى صيغة واقعية عملية للديمقراطية هى "الديموقراطية التوافقية" –والتى أقرتها ارقى المجتمعات الديموقراطية كما اشرنا اعلاه - كما يستند معرفيا الى الموقف التقويمي" النقدى" ، الذى مضمونه القبول او الرفض المقيدين"المشروطين" – وهو الموقف المعرفى الذى يتسق مع التفكير العقلانى-
· فهذا الموقف يرى ان المشكلة لا تتصل بوجود هذا الدور بل بحدوده .
· فدور الجيش فى الحياة السياسية قد يتعارض أو يتوافق مع الديمقراطية.
- فهذا الدور قد يتعارض مع الديمقراطية في حالة إلغائه للديمقراطية - كما فى موقف الإطلاق-
· ويشترط لنجاح الديمقراطية التوافقية ان تعبر عن الاراده الشعبيه بدون تزييف ، وان يتم اختبار هذه المكونات بصورة ديمقراطية.
د.صبرى محمد خليل/ أستاذ فلسفه القيم الاسلاميه فى جامعه الخرطوم
الموقع الرسمي للدكتور/ صبري محمد خليل خيري | دراسات ومقالات: الموقع الرسمي للدكتور صبري محمد خليل خيري