الحارث بن عباد - حي المنازل أقفرت بسهام

حَيِّ المَنازِل أَقفَرَت بِسِهامِ
وَعَفَت مَعالِمُها بِجَنبِ بِرامِ
جَرَّت عَلَيها الرامِساتُ ذُيولَها
وَسِجالَ كُلِّ مُخَلخَلٍ سجّامِ
أَقوَت وَقَد كانَت تَحُلُّ بِجوِّها
حورُ المَدامِعِ مِن ظِباءِ الشامِ
تَرَكَتكَ يَومَ تَعَرَّضَت لَكَ بِاللِوا
دَنَفاً تُعالِجُ لَوعَةَ الأَسقامِ
إِنَّ الأَراقِمَ أَصبَحَت مَسؤولَةً
بِقَرارَةٍ لِمَواطِئِ الأَقدامِ
تَرَكَت ظُباة سُيوفِنا ساداتِهِم
ما بَينَ مَصروعٍ وَآخَرَ دامي
لا تَحسَبَنَّ إِذا هَمَمتَ بِحَربِنا
أَنّا لَدا الهَيجاءِ غَيرُ كِرامِ
وَلَقَد عَلَمتَ وَأَنتَ فينا شاهِدٌ
وَسُيوفُنا تَفري فُروعَ الهامِ
أنّا لَنَمنَعُ بِالطِعانِ دِيارَنا
وَالضَربُ تَحسَبُهُ شِهابَ ضِرامِ
فَوقَ الجِيادِ شَواخِصاً أَبصارُها
تَعدو بِكُلِّ مُهَنَّدٍ صَمصامِ
ضَمِنَت لَها أَرماحُنا وَسُيوفُنا
بِهَلاكِ تَغلِبَ آخِرَ الأَيّامِ
وَإِذا الكِرامُ تَذاكَرَت أَيّامَها
كُنتُم عَلى الأَيّامِ غَيرَ كِرامِ
فَاِسأَل لِكِندَةَ حينَ أَقبَلَ جَمعُها
حَولَ اِبنِ كَبشَةَ وَاِبنِ أُمِّ قَطامِ
مَلِكانِ قَد قادا الجُيوشَ وَأَثخَنا
بِالقَتلِ كُلَّ مُتَوَّجٍ قَمقامِ
رَجَعا وَقَد نَسِيا الَّذي قَصَدا لَهُ
وَالخَيلُ تُقرَعُ مِثلَ سَيلِ عُرامِ
وَجَرى النَعامُ عَلى الفَلاةِ جَوافِلاً
تَبغي الرِجالُ بَوادِرَ الأَعظامِ
وَوَجَدتَّ ثَمَّ حُلومَنا عادِيَّةً
وَكَأَنَّ أَعدانا بِلا أَحلامِ
أَفَبَعدَ مَقتَلِكُم بُجَيراً عَنوَةً
تَرجونَ وِدّاً آخِرَ الأَيامِ
كَلّا وَرَبِّ الراقِصاتِ إِلى مِنّي
كَلّا وَرَبِّ الحِلِّ وَالإِحرامِ
حَتّى تُقيدونا النُفوسَ بِقَتلِهِ
وَتَروموا في الشَحناءِ كُلَّ مَرامِ
وَتَجولَ رَبّاتُ الخُدورِ حَواسِراً
يَبكينَ كُلَّ مُغاوِرٍ ضَرغامِ
أعلى