الحلقة الرايعة: الأوبرا والبالية عظمة اصالة تقدم مكانة إرادة التهيب؛ لقد تحدثنا في الفقرات السابقة عما يمكن وصفه بعناصر التشابه بين طروحات نموذجي الدراسة٬ لكن ما ينبغي التنويه إليه هو أن الرجلين يختلفان في العديد من المسائل٬ وذلك طبيعي ما دام سياق كل منهما مختلف من الآخر. فلا يمكن أن ننتظر من (فاغنر) الذي عايش تشتت/توزيع الادوار الجامعة في الاوبرا /الباليه "كلية الانوجاد الايديولوجي"٬ وعنصر أنقسامها إلى انشاد والحان وسلطة افتراق اقتضاه سياق فعل "دولة" الأوركسترا٬ أو"سلطة "التراني" في تحرك الانغام والاشياء٬ "دول/أو/مماليك"٬ أي النظر لما بعد عناصر المكان الجمالية إلى ما أقتضاه بعد الزمان لما له من أفتراق في سياق القوة والشوكة والأختراق إلى إرادة الرسوخ٬ أن يكون له نفس التصور الذي يحمله (نيتشه). فهذا الأخير يفتتح به٬ غالبا عصر الحداثة الفلسفية الغربية الحرية الأنوية العليا٬ وعصر التنظير لإرادة رسوخ "القيادة" ـ السلطة المهيبةـ للدولة الحديثة وتوجهاتها٬ حيث ستعرف الاوبرا والبالية لأوربا تجربة جديد فن قوة الأنوجاد والتراني بـ"التقطيع والتجزئة"٬ "الأنا أولا"٬ وتقدمها كانموذج تنوع الوحدات المتعالية٬ وخيار استراتجي لمتوالية المعرفة الدورية؛ أي بمعنى٬ من خلالها نحو الحرية ـ الأنا٬ القيمة المتهيبة المؤلهة؛ مع عصور تتبدل دوراتها الطبيعية٬ وتحول أخلاقياتها٬ وتعدد منطقياتها؛ وتمنح لنفسها توسم في كثير الأدبيات الفلسفية بـ التفسير والإضاحات بـ"الرضاضة"٬ الرمادية المضطربة٬ دورة الشك الفلسفي لما بعد الحداثة. الأمر الذي جعل من (نيتشه) أحد مؤسسي الفلسفية الحديثة٬ إرادة التمكن والتحقق٬ وواضعي أسسها٬ بينما أتجه (فاغنر)؛ إلى الأهتمام الايديولوجي؛ بالعمران الفكري الجمعي٬ الشأن البشري٬ ما جعل بعض الدارسين يطلقون عليه "مؤسس النشيد النازي العنصري الاوربي". ومن هنا يمكن أن نلفي أهم أختلاف بين الرجلين. ألا وهو موقفهما من مسألة الأوبرا والبالية عظمة اصالة تقدم مكانة إرادة التهيب فيها؛ أنوجاد رسوخ علاقة "السلطة مع الدولة". فلئن اعتبر (نيتشه) أحد منظري الدولة بمفهوما الحديث٬ وأهم الذين نظروا وصنعوا أفكارها٬ و وضعوا أسسها الفلسفية "المؤلهة"؛ فإن إسهام (فاغنر) في هذا المجال قد لا ينفصل عما ألفته الكتابات الفلسفية الموسيقية الاوربية/ الالمانية. فهو عندما يتحدث عن الموسيقى٬ كصنعة الدولة٬ لا يقصد بها ذلك الكيان الموسيقي ـ السياسي المستقل٬ بل لا تعدو أن تكون حكم الأمة الشجاعة٬ صنعة ايديولوجية معينة خلال فترة محددة٬ إرادة دافعة مؤلهة. بمعنى أن الاوبرا والباليه هي بمثابة اعتبار الخطاب فيها يشكل إطار متهيب مؤله٬ أي بمعنى "إنها صورة سلطة الدولة المتعالية"٬ هذا ما إليه عند "فاغنر"٬ أي أن "عروضها"٬ أي خطاب الاوبرا والباليه؛ هي مدة حكم الإرادة المالكة٫ إيعاز؛ جمالي ثقافي وظيفي؛ الانتباه٬ والاتجاه٬ والتعدد٬ كيفية المتحول بإطرها المعينة٬ وهي ما تشكله ظاهرة٫ اعتبارات معتمدة في أبعادها؛ مرة تنتهي فيها الدورة الجمالية من تأهيل متواليات دورة رسوخ إرادة الهيبة المتعالية٬ قيمة متعالية متجددة في دوراتها؛ الثقافية٬ والاجتماعية والسياسية والاقتصادية. وفق منطق (فاغنر)٬ تكون الأوبرا والبالية عظمة اصالة تقدم مكانة إرادة التهيب؛ ضمن أنعكاس الطبيعة في مرسوم انموذج تنبه قادة رسوخ الدولة المتهيبة٬ إلى إنها مسألة مؤقتة يطالها ما يطال الأعمار البشرية٬ فضلا عن أن صاحب (أوبرا بارسفال ـ1857 ٬ التي ألفها في ثلاثة فصول درامية موسيقية تروي قصة الكأس التي انسكب فيها دم المسيح فوق الصليب)٬ أو (أوبرا رينزي ـ 1842 ٬ وهي ثالث أوبرا يؤلفها في خمسة فصول؛ وهي من الاساطير الرومانية؛ عن ضحية المؤامرة التي دبرها اعوان النبلاء أورسيني و كولونا٬ حين تلخى عنه رجال الدين عندما هدد من قبل الثوار٬) أو (أوبرا تريستان وايزولد ـ 1865؛ دراما موسيقية في ثلاثة فصول متوالية عن ماتيلدا الجميلة٬ زوجة التاجر آوتو فيسيندونك٬ الذي تعرف عليه اثناء اقامته في زيورخ)٬ فإن خطاب وعرض (أوبرا بارسفال)؛ لا يفصل بينهما في الغالب٬ عن إضاح التهيب لنفسه من تنبه على ما هو مؤلهات مؤقتة٬ وبين ثروة المصادر وتميلك مراجعها "الملك" (= بالضمة) و قيادة فردانية هيبة "السلطة" المتعالية٬ من أنوجاد والتراني. ويؤكد (فاغنر) استعماله هذا٬ حينما يتحدث عن اتصال الخطاب المؤله٬ و وظيفة السياقات الرسائل والغايات في الاهداف لبلوغها إنشاد غاياتها) فينشرح إرادة الرسوخ الايديولوجي٬ ممثلة؛ إن هذه الوظيفة غير ضرورية في الملك٬ لاستغناء كثير من "قواطع/الاجزاء/ فواصل مستقلة ـ متصلة مؤلهات ضمن سياقات عمل تنظيمي موحد ومتكامل٬ كما هو حال فواصل الانوجاد في الدول عنه؛ خصوصيتها المستقلة المتعالية. غير أنه في موضع آخر يستعمل كلا من؛ الإرادة المتعالية الراسخة والمتهيبة للدولة والملك في سياق واحد٬ وكأنه يرى أحدها مغايرا للآخر؛ غير إن الإرادة الايديولوجية المتهيبة في الدولة والملك هي صورة الإبداع٬ والتي يعمل على تجسيدها٬ أنوجادا في معظم أعماله الفنية٬ متهيبة٬ متؤلهة٬ بقيمة إضافة متعالية٬ ثم يعود فيوحي "الواجب" بأن أحدهما سابق في وجوده على الآخر؛ بمعنى٬ إن خطاب قيمة الإرادة المتهيبة في خطاب الاوبرا والبالية بمثابة سلطة الدولة٬ إنما٬ يحصل لها المشهد المتعدد في رسوخها لدى فضاءات بعدية؛ كما٬ بمثابة الملك المتعالي والاستيلاء المهيب بالغالب للسلطة العليا. فسلطة الخطاب الآهاب٬ يشكل إطار رسالة سلطة الدولة٬ وما تبدو لـ(فاغنر) سابقة على الملك٬ بيد أننا نراه حاليا يستعمل كلا من الملك والدولة (الفرد والايديولوجيا) في موضع واحد: إن هدف سلطة الملك وغاية رسالة الدولة غاية الايديولوجيا المتؤلهة٬ ثم يستعيض في توجه لغير مكان باستعمال خطاب واحد؛ منهما ليعبر عن نفس المعنى٬ أي بمعنى ٬ إن هدف سلطة الملك هوغاية ورسالة طبيعية للايديولوجية. ويسود الغموض عن (فاغنر) أحيانا٬ لما يستعمل وظيفة (الموسيقى) بـقيمة الإرادة المتعالية٬ هيبة(حرية الفرد) المؤلهة٬ فهو يستعملها كمرادف لكلمة بقاموسية سلطة هدف الدولة٬ حين يتساوق تصوره كأنها قوة؛ "استحداث البحر والمركب للقبطان"٬ إن جاز التعبير. لكنه يعود فيميز إرادة (القبطان)/قيادة فردانية الهيبة المتعالية الراسخة٬ بمعنى القيمة المؤلهة "صاحب هيبة السلطة المتعالية" من رسوخ خطاب قيمة الدولة٬ أي بمعنى أن نظرته العميقة للأوبرا هو تجسيدا للنظام٬ المتأثر من الخارج على الأنا٬ والانقياد المؤله للذات٬ هو بمثابة انقياد سياقات "النظام السياسي لسلطة الدولة"٬ في حين يعقد فصلا من (أوبرا بارسفال ـ1857) بمعان؛ الطبيعة المتحولة٬ والاخلاق المتبدلة٬ والمنطق المتعدد؛ من خلال مقاصده٬ يصور؛ إن ثروة خطاب الحرية للفرد٬ أي عبر رسمه "للمسيح" وحاشيته/حواريه٬ إنما تكون في وسط مؤلهات عليا؛ تقود مسؤولية مؤلهات "ايديولوجيا الدولة العليا"/ خطاب الغيبيات المؤلهة مع الحرية العليا المطلقة. يظهر عرض تصور (فاغنر) لمسألة الدولة٬ أن عناصر بيئة البناء الفلسفي المتصل بالاوبرا والباليه؛ الذي ساد تعدد أوجه منطق "الأمة الاوربية عامة ـ من روما ـ الكنيسة خاصة" كان له شديد التأثير في صاحب (المركب الشبح/ أوبرا بارسفال)٬ حيث إنه لم يقوى على التفكير في هيبة سلطة الدولة/الحكم؛ بما هي كيان سياسي مستقل على الممالك الحاكمة/ (أ/و)حاشية الكنيسة٬ ومستمر ـ بغض النظر ـ عمن يشغل منصب هيبة السلطة المتعالية الحاكمة راسخا٬ أو تحول طبيعة خطاب النظام السياسي. فـ(فاغنر) لا يبالي كثيرا بالتمييز التركيب الاستراتيجي المفترض؛ بين الهيبة المتعالي؛ للحكم الملكي/الفردي٬ والحكم الجماعي الايديولوجي٬ وغيرها من أنواع الخطابات في التدبير السياسي٬ الأمر الذي حال دون أن ينظر بنظرة إيجابية لمن يسميهم المريدون/الحواريين/ الحاشية أو حتى الرعية٬ وإنما جعلهم ضمن الاوبرا والباليه ممن يمتلكون؛ كما تملك الأشياء من مصادر دولة الملك/القائد الفردية٬ ففي (اوبرا بارسيفال)٬ الخطاب فيها يستوضح المؤلهات٬ بإرشادات مقدسة٬ تعالي خطاب هيبة الفرد٬ الحرية الراسخة بقوة الإرادة٬ كما يعتقدها نيتشه٬ بل ينبهه علما٬ بأن حماية وحفاظ إرادة العامة في هيبة القائد في نظام سلطته المتهيبة٬ ليست في ذاته وجسمه؛ من حسن شكله٬ أو٬ ملاحة عظمة نشر صفاته الظاهرة الـ"تراني"٬ أو٬ أتساع جودة خطبه وعلم فراسته أو ثغرات مفارقات ذهنه٬ وإنما مصلحتهم فيه العليا؛ متعلقة من حيث قيمة استمرارية "الانوجاد" هو إضافته إليهم. فإن الثروة والإرادة المتعالية للفرد٬ من هيبة الأمور الإضافية٬ وهي نسبة معدل قيمتها المضافة بين الحاشية/الحواريين/المريديين؛ فحقيقة هيبة تمكن الإرادة٬ هو سلطة الفرد/ حريته٬ أنه قائد مرجعية مهيبة إليهم٬ والقائم في أمورهم عليهم٬ متحكم٬ فالإرادة للفرد القائد من له تمثيل كل ما لدى خطاب الاوبرا والباليه من محتويات تابعة٬ والمحتويات الجمالية العابرة أو الساكنة٬ تشكل من لها سلطة "البطل" المؤله/الرمز المتالي٬ والصفة المهيبة هنا؛ هي٬ التي له من حيث قيمة الدولة لأبناءها. أي بمعنى؛ إضافته إليهم هي؛ التي تسمى مملكة الإرادة العليا وهي كونه يملكهم ايديويوجيا بمؤلهتهم له. فإذا كانت هذه القيمة الراسخة تتهيب بمملكة الإرادة العليا٬ وسياق نظم توابعها من تدبير الجودة بمكان الانوجاد٬ حصل بالـ"تراني" المقصود من سلطة/البطل الرمز/القائد على أتم تدبير الجودة بأتم الهيبة المتعالية٬ فإنها إن كانت خطاب عن جملة صالحة كان ذلك مصلحة العمل الشامل لهم٬ وإن كانت سيئة متهافتة٬ بنطباعات متعسفة؛ كان ذلك ضررا٬ على الخطاب مباشر منه عليهم٬ وإهلاكا لقيمة المعنى الأنوجاد والتراني لهم. إن (فاغنر) ينظر لاوبرا والباليه من أهمية التنبه لهذا التغييب٬ أي تهافت قيمة المعنى لعنصر تعريف الفلسفة العليا "الإنسان" مهمشة٬ في نظرته السياسية الفاغنرية٬ وهنا يجد بالإشارة٬ قبل نهاية هذه الجلسة٬ ألا و هو؛ ما دفع الكاتبة لأعماله٬ هو إي (فاغنر)٬ حينما يتأمل نظراته في عمق النظرة "التشاومية" لشوبنهور٬ نظرة الشك في الحرية العامة٬ وتفاؤل هيبته في التعالي عليها٬ ما لا ينبغي "التفاؤل" إليه٬ أن نفهم من ذلك أنه يعني غالبا التعالي إلى أسمى درجات القيادة تعاليا وهيبة في قوة الإرادة الراسخة٬ تؤله لقيمة الإضافة المحققة وفحوصات نتائجها بالنوجاد والتراني. الواقع٬ أن الفرق بين (فاغنر) و (نيتشه) في ما يتعلق بنظرتيهما إلى الاوبرا والباليه؛ كما هو في نظرة القيادة إلى سلطة خطاب الدولة٬ لم يكن وليد رغبات ذاتية لهذين المبدعين٬ ولكنه نتيجه تعددية منطقية لتاريخ طويل من التجربة الجمالية٬ والذائقة الرفيعة الفلسفية٬ المهيبة المتعالية؛ التي أنتجت الواقع الجمالي الفلسفي المتعالي لكليهما. فالتاريخ الموسيقي الذي أندمج فيه الفكر الجمالي بالهيبة والابداع٬ ومن ثم الفكر الجمالي بالتعالي والسلطوي بخطاب السياسة٬ وغياب فيه عنصر الدولة٬ وقادت فيه الشعوب إلى خطاب سلطة التمرد والرفض٬ أخذ الميل الجمالي إلى تحسب حماسي وانفعال انوجاد بـ"ترانية أنات المقاومات" من أجل نيل حريتها وأستقلالها عن الإمبراطورية السياسية٬ وكتل وحدة ارتباطاتها بعلية مع الكنيسة٬ دفع الاخذ بهذا التحرك نحو "داخل" الانوية٬ وتطلع الانوجاد الميل الجمالي الداخلي للخطاب٬ المعنى في الخطاب المتخذ في بعدية الفعل الفني للاوبرا والبالية. مما جعل من (نيتشه) المفك٬ تفكيك ما هو مؤدلج إلى النقط الأبرز "الأنوية العليا" لمطالب بناء الدولة٬ ببناءه سلطة رسوخ خطاب داخلي فرزه"نقاط الضعف والقوة" بأدوات مرجعيتها؛ الهيبة الراسخة الفاعلة٬ قيمة مكانة الإرادة٬ الذي تبني هذا الخطاب٬ وعبر عنه كأحد المنظرين المؤثرين في تاريخ فلسفة الفن والفكر الأوربي. لقد رأينا كيف أن أحد كبار قادة فكر الثورة والثقافة الفرنسية كان ينظر إلى تطلعاته بإجلال لـ(نيتشه)٬ معتبرا إياه أبا الحداثة لثوار الفكر من الجوهر٬ بالرغم من كل التصورات السلبية التي يبديها البعض حول أفكار (نيتشه). وهذا الأمر لا يقتصر على مريدوا تأثرا بـ(روبيسبير) أو ما شكله من معادلة فكرية حبيسة الثورة٬ بل إن البعض منحاول أن يشكل خطا ثقافيا فرنسيا أسوة بعلاقة الثورة وابطالها٬ في جادة (جان جاك روسو)٬ وهو كما معلوم بأحد فلاسفة العقد الاجتماعي٬ غير أن مثل هذه الاقاويل لا صلةفيها إلا من ناحية صورة التغيير من الخارج٬ لا الثورة الفكرية من الداخل٬ فالميل فاغنري ٬ من الجائز اخذه التأثير الايديولوجي من الثورة الفرنسية وقادتها الاكفاء٬ إلى حد تتبع وحدات الاثر "التراني" بها. لكن "نيتشه" تأثر بخطوات نشوبها الاولى لا بنتائجها. أي٬ بمعنى إن ـ نيتشه ـ وهو يتظاهر بتقديم صورة الدروس لنقدها بمنزلة "الإرادة"٬ اخذها إلى ضعف الملوك العبيد لا السعادة بالاسياد المنتزعة٬ إنما قدم أعظمها إلى الشعوب ثناء ٬ وهنا نجد ملاحظة ما ذهب إليه فاغنر بالرابط الايديولوجي ـ لإرادة هيبة الأمة في بناء سلطة الدولة. ألا إن كتاب (زرادشت) لـ(نيتشه) لكتاب المنبهيين لأفول أصنام الفلاسفة في التنظير إلى من يعبرون إليه الجمهوريين في سلطة الحكم. من هذا المنطلق٬ لم يكن (فاغنر) ينظر إلى أفكار (نيتشه) على أنها تسعى إلى توطيد الطغيان٬ وإنما هدف إلى موضعة الأساليب (الماكرة) للطغيان في وضعية سافرة٬ كما يلحق بهذه الفكرة الناقدة على حسابه. لقد قسم (فاغنر) فاغنر للاوبرا والبالية كما نظرته إلى الدول إلى فئتين في الانوجاد والتراني: سلطة خطاب ايديولوجيات الجمهوريات ومحتوى سلطة الإمارات في قيمة رسوخ الإرادة. وهذه الأخيرة تنقسم إلى "المدرسة الإبداعية في الفن: تتبع نهجا محددا بسلطة طبيعة "الباليه"٬ بإمارات تدافع الجسد٬ وترابط مرنتها اتصالات "وراثية"٬ أو مرونة تحرك جديدة٬ منبها إلى أنه ليس صعبا٬ على قائد/بطل/مبدعا متهيبا بموهبة خصائصه؛ تميزه بـ التراني والانوجاد بـ(القيادة)؛ الاداء الابداعي الوراثي في الاعضاء الجسمانية؛ أن يحافظ على دولة "تكفيه صناعة الانوجاد٬ بعيادة فحص واختبار التراني"٬ بينما "كل التحديات تصادف في البالية عند العرض والتحدي الوظيفي بـ"إمارة جديدة". وربما هذا ما جعل موقف مريدوا (الشوبنهورية) إيجابيا من (نيتشه)٬ ما دام الأخير لم يكن يعالج فن الحكم على وجه العموم٬ بل ممارسة السلطة ضمن الظروف الأشد صعوبة؛ بمعنى٬ أن التحدي لديه في تلك التي يخلقها تأسيس "الإرادة" تعد قوة دولة بواسطة قوة إرادة القيادة. فهو يقدم خطابا عبر الفهم الفلسفي العميق للاوبرا والباليه٬ بمثابة خطاب للأمراء الجدد؛ الذين يحاول تثقيفهم٬ مبينا عليهم نهجا متحولا وبديلا اخلاقيا بديل ضمن تعددية منطق عامل الانوجاد الزمني بإرادة تعالي الـ"تراني" المهيبة بقيمها المتعالية٬ ومتوالية دورتها. بينما تحكمت البيئة الثقافية الاوربية المنقسمة إلى أفكار وتجمعات تتصارع٬ أنعكست على فلسفة وإطار مفهوم فن الاوبرا والباليه٬ وبالتي التوجه نحو ما يعكس على قيمة إضافتها على حرية الإنسان٬ في طبيعة تفكير (فاغنر)؛ فبحكم دراسته المستفيضة للتاريخ٬ ومعرفته الوثيقة بكيفية تشكل "الدول"٬ والمراحل التي تقطعها قبل أن تصل إلى الاضمحلال والزوال٬ فإن تفكيره٬ حتى وهو متابع على مشقة الواقع وسؤال عزاء المستقبل٬ ظل هذا البؤس مرتبطا ومنصتا بالانوجاد من خلال التجربة التاريخية وترانيتها٬ ولا سيما أنها تضمنت على كثير من ابداعاته؛ مشتقة من العناصر المضيئة؛ مقارنة مع ما آلت إليه الأمور من تحولات في: الطبيعة العامة والتغيير وتعدد المفارقات لمنطقياتها. ولهذا نجد (فاغنر) يفرق بين صنفين من المشقات أو العزءات في وحدة كل من الاوبرا والبالية٬ وهما: سلطة الأول المتعالية بوحدة زمنية خالصة٬ وسلطة خطاب الثاني بوحدة الانوجاد بزمنية متعالية دينية٬ مما عاد إليه تعريف الهيبة٬ ترجعه إلى تهيب خطابة الايديولوجيا٬ عادا افكار الثاني من أرفع الخطابات سلطة٬ بتوجيه المجتمعات. أي ٬ حيث خطابه المميز في (اوبرا بارسيفال ـ 1857)٬ أجتماع خطاب ايديولوجي في وحدة الاوبرا والبالية إلى جانب الدعوة الدينية. فهو أيضا يبني فلسفة الفن بالسياسة على سياسة السلطة العليا٬ تطلعات يسلم بها الكافة٬ وينقادون إلى أحكامها؛ كما كان ذلك من مهارات قيادة تدبير الاوركسترا للاعمال الضخمة٬ وغيرهم من الأعمال الفنية والقيادة الجماعية في المجالات السياسية ٬ فرضها السلطة والتعالي المنظم في سياق قوة رسوخ الإرادة العامة. وإذا خلت الاوبرا والباليه من تلك السلطة المتعالية٬ كالذي ينظر إلى الدولة من صنعة هيبة هذه السياسة وتعاليها في الانوجاد والتراني٬ يسلمها فتوق لفوضى٬ أو لنقل لم يشهد لها وحدة جمال مستتب٬ وسلطة يستتب لمتلقي أمرها بسعادة السيادة العليا. وعلى طبيعة وتحول اخلاقية خطاب الاوبرا والباليه تبعث الابطال منحاها المعاني اياهم فتوحات متفردة بالمعرفة والتوجيه اخذ الهيبة بالتوجيه بالعاقل٬ لا تعرف إلا إرادة متعالية لصفائها متعالية مهيبة٬ رسوخ قوة الاإرادة سعيه فيها لا يفترضها الأعتبار٬ و إلا الزوال٬ وبخيبة وبيلا بالآخرة٬ بحيث الارادة تتعالى في الاوبرا والباليه عند الملهمين٬ تناهض خصم ابطالها٬ كما خطاب أفترضتها حادثة (اوبرا بارسيفال) أو تعالي (زرادشت) على التأملات الغابرة٬ مما يكون عملها شارحا حاجتها٬ وتدخل عليهم بالمعرفة والحرية لأضمن المسائل في تحول الطبيعة واتحول الاخلاقيات وتعدد منطقها. أي٬ بمعنى الاساس من ذلك؛ هو أن الابداع والابتكار ليس المقصود بهم ايديولوجيتهم فقط٬ فإنها كلها يتوقفها عبث إطفاء و يقتفون الحظ الباطل٬ إذ بلوغ الحذر من المجد ميل غايتها٬ سهمها٬ الموت والفناء أو القدرة العظيمة ٬ تخفيف العباء٬ وإزالة العواقب٬ بمعنى والمقصود٬ هنا٬ هو الثناء الازم بالالتزام٬ من طوع بالناس صلاح آخرتهم٬ فوجب بمقتضى القواعد العامة٬ صفات تحملها الإرادة٬ متعالية٬ لهيبة ما لها من بسط الكلفة على الأحكام والشؤون الايديولوجية في ثقافة معضدة٬ ونصيرة أحوال دنياهم٬ بالانوجاد٬ و والتراني بالعناية آخرتهم٬ واثقون بأنفسهم. الملاحظ أن (فاغنر) يختلف من (نيتشه) من حيث إن الأخير يذهب إلى أن خطاب الاوبرا والباليه عنصر أساسي لبقاء السلطة متعالية مهيبة٬ تماسك حسن الارتقاء٬ ما تمثله الدول بآهلية جناح القوة٬ وإخضاع المتلقي٬ بارتفاع إرادة هيبتها٬ مركز ارتقاء خطابها العبقري بالمواطنين٬ و إلزامهم بالقانون مثالها٬ وظاهرها بعد صبغة بمرتبة افرغ الجهد في وضع الاسس بالبصبغة الايديولوجية وانتصار والفوز القيادي/وذكاءه وطالعه٬ بصرف النظر عن شكل الاوبرا والباليه فأنها مساعي الدولة و تحول طبيعة جهد الحكم٬ وبناءه٬ بينما يقصر التشييد لـ(فاغنر)٬ ليعرض دور الدين/ايديولوجيا في نشوء خطاب عظمة الاوبرا والباليه والحالة هذه في ثبات/تغيير امر الدولة٬ على أشكال وتعضيدات محددة للنص في البناء٬ دون إعاقة لتفهم التمسك بنتصاب افتتاح معالم من الدول٬ وفهم المقاصد٬ وبتعبير أدق أن الاوبرا والباليه بالنسبة لكليهما وصلاحة مشقة السؤال٬ ما يخفى وطيسها٬ كشفهما وتمكنهما من على شكلين رئيسين: الأول٬ الاوبرا والبالية كأنهما الدول العامة؛ في الاستيلاء العظيمة لحرية الإنسان؛ همهم المثابرة٬ و حدة الوئام٬ وسوقها بالألفة في قسوة العمل والمنافسة٬ والاستمرار بتعظيها الدورة المتواصلة الدائمة لتأمن المستقبل بلذة العمل٬ والتحدي والمشقة القاسية. الثاني الفاغنرية الوسائل الايديولوجية في الخطاب العظيم٬ والنفوذ في قيادة الدول التي تقيم عقيدتها على الإرادة العامة٬ ونبراس الخير ومقصد الثناء بالالتزام الوافر دون اعتلال القادم٬ ويهلك تفكيرة في توظيف الـ"كيف" يشغله عمليا٬ لتأمين المصالح ورفعه إلى النص إلتزاما في الخطاب العقائدي المتعالي في الحث والسعي للتجديد٬ حيث بلوغه لبنية القيمة الفلسفية جديرة بالاوبرا والباليه٬ بلوغ بها مرتبة مهيبة الايديولوجية والحرية الدنيوية٬ وهذا النموذج يرتقي فيه وهو أصر ـ إيضاح الخطاب ـ على أعلى درجة تفسير من نسبتها إلى تأويل أعلى تأهب لبلوغها٬ يمكن أن يصل إليها نيل تطور التغلب على الشدائد في خشونة وقسوة الدولة. وهكذا فمن ناحية يصبح العامل الموسيقي الحكمة المتعالية لمركزها الوطيد في الإرادة٬ مركزها الثقافي ضمانا أكيدا٬ يرقى لاستقرار سلطة الدولة وقدرها اتم ثباتها٬ إذ إنه يقيم العلائق بين رعاياها شغف العاقل٬ استطاع أن يوجه حماس الموسيقى والقدرة الشخصية٬ على أسس رابطة أوسع شمولا وعظمة العظماء٬ والسلطة والحرية٬ من الرابطة الجمالية ويتحدون بها إلى شعائر ليحتمي حاسيته اشد بها مخاطبية ومقاربة توليه أنوية٬ قيمة الإرادة حماية ذاته٬ رابطة تنقذ لها نفسه وتعمل على جمع تفاصيل الفن جوهرا٬ جماليا٬ وتأليفها نيل تقتضي التفكير والتأهب تساعدهم عند الشدائد بالتغلب على التحول على الطبيعة "الخارج إليه شرا" والعدوانية تتبع الاحوال في تحول الاخلاقيات في المحن٬ التي تبثها روح الموسيقى الايديولوجية٬ كما إن قيام الاشياء وتنمو فيها العزائم وهمة انفعال الخطاب٬ وتحولها إلى التحكم بغمز إلى سلطة حكام الدولة من ناحية أخرى٬ سواء كانت هذه الاعمال الفنية آمرة متعالية بنظام الوعود والتأهب المحدق بمسرح الدولة٬ إذا كان البطل ملكا أم بطلا في اعمال فنية محددة٬ لا بد لها من زيادة قوة حشد نحتوى يحتمي بالمعنى وتحصين ثبات الهدف٬ إذ إن كل أمر له محمل التأويل لإيضاح يفسر ما يحمل الناس عليه من توافق والنازلة إلى تشغيل المعرفة والمدينة٬ أي تدفع بالقواعد ترتقي به لا يتم إلا بالمشقة والسؤ المستمر٬ وتارة بفتوحات الانوجاد والتراني بالموقوف على قيمة الإرادة المتعالية لقيمة الدفاع والارتباط بقوة الإرادة٬ وبالمعرفة والمرجعية والاحتفاظ بها في الاوبرا والبالية من تأثير ودائم المشقة حيث المعرفة القوية العادلة. يتبع... الحلقة القادمةـ الحلقة الخامسة: الأوبرا والبالية: تعكس إرادة تهيب الدولة/ تهيبة العقل |