"تكريم المرأة أخلاقياً ليس بطمس وجهها على لائحة انتخابات في مجتمع غارق بالفساد المتستر بالدين السياسي."
ما نشهده ونشاهده هو إساءة للمرأة، لكرامتها ولإنسانيتها. ماذا يا ترى ستقول جميلة بوحيرد التي حررت البلاد تراباً وماءً وسماءً، وحررت العباد أطفالاً ورجالاً ونساءً، وهي تنظر إلى صور إعلان قائمة الانتخابات لحزب إسلامي جزائري، حيث جرى طمس وجوه النساء المترشحات، وهن دون شك مهندسات أو طبيبات أو معلمات.
ماذا ستقول زهرة بيطاط وهي المحامية المناضلة التي واجهت الاستعمار، وواجهت بقاياه بعد الاستقلال، وهي تتأمل هذه القوائم المعلقة في الشوارع بوجوه مطموسة للمترشحات من النساء اللواتي دافعت عن حقهن في الكرامة والحرية. وجوه تشبه الأشباح الغريبة.
ماذا ستقول الأديبة الروائية زهور ونيسي خريجة معهد ابن باديس، وهي في كل أناقتها الراقية، وقد أشرفت على العقد الثامن من عمرها، وهي تتأمل مثل هذه الفضيحة التي تسيء للمرأة تحت "نفاق" الأخلاق، وباسم تسييس الإسلام، لوائح انتخابية بأشباح مخيفة في المربعات الخاصة بنساء عفيفات جميلات ذكيات قادرات سويات وعظيمات.
ماذا ستقول الروائية الكبيرة آسيا جبار في قبرها بشرشال، أول كاتبة عربية وشمال أفريقية عضو الأكاديمية الفرنسية، وهي الصوت الأكبر في الدفاع عن حقوق المرأة وعن المساواة سينمائياً وروائياً وشعرياً، وهي ترى من تحت التراب هذه الصور الشنيعة التي تجعل من المرأة "شيطاناً" مخيفاً، "شيئاً" للغريزة والإثارة.
ماذا ستقول الفنانة التشكيلية باية، التي اعترف لها بيكاسو بالتفرد والذكاء، وقدمها للمجتمع التشكيلي العالمي، واحتفل بها في أشهر أروقة الفن الباريسية وغيرها؟ ماذا ستقول وهي ترى هذا "التحقير" لأجمل المخلوقات الذكيات.
كلما كثر التدين قل الدين. كلما كثر التدين كثر النفاق معه. لقد كان جيل النساء الجزائريات المناضلات ضد الاستعمار الفرنسي الوحشي جيلاً محافظاً في السلوك، متجذراً في الحشمة والاحترام مرتبطاً عضوياً بالثقافة الوطنية الجزائرية الأصيلة، لكنه كان في المقابل متحرراً في اللباس، واثقاً في المظهر دون عقدة الأنثى، كان جيلاً من المناضلات المنسجمات مع محيطهن وواعيات لتفاصيله دون نفاق اجتماعي، كانت الشفافية سر هذا الجيل.
أما اليوم فاللباس تقليدي وغالبيته مستورد من الشرق، منفصل عن القيم الجمالية التاريخية الوطنية، وهو يعطي صورة عن الحشمة المصطنعة الخارجية، لكن الممارسات والسلوك تحت هذا اللباس، كثيراً ما يكون فيها كثير من الخلل، وهو في غالب الأحيان مظهر مفروض أملاه واقع مدخول بنفاق سياسي متلبس بهالة من التدين الخارجي، لقد اختفت الثقافة الاجتماعية الأصيلة عن هذا المجتمع الغارق في "الفساد" "المتستر بالدين" السياسي، وهي الحال التي تروج وتفرض مثل هذه المسرحيات التي تسيء إلى المرأة الجزائرية المناضلة والفخورة بثقافتها المتعددة الأمازيغية والأفريقية والعربية والمتوسطية.
المرأة ليست عورة، المرأة ثورة. تكريم المرأة أخلاقياً ليس طمس وجهها على لائحة انتخابات بلدية أو ولائية، إنما تكريمها هو الدفاع عن مشروع سياسي واجتماعي لمحاربة ثقافة التوحش الذكورية التي جرى غرسها في مجتمعنا بتأويلات خاطئة للدين وفهم جنسوي للأخلاق، حتى أصبح لا يُرى فيها سوى أنها "قطعة لحم" للنهش.
إذا كانت المرأة التي تتقدم للترشيحات لا تستطيع أن تضع صورتها على إعلان للانتخابات، في مجتمع لا يقبل برؤية وجهها على صورة معلقة على سبورة الإعلانات، فكيف لها أن تواجه هذا المجتمع غداً بذكوره وذكوريته، وهي تتولى مهمة رئيسة بلدية أو رئيسة مجلس شعبي ولائي؟
لكن المسؤولية أيضاً على عاتق النساء المترشحات، فيكف لهن القبول بمثل هذا التعامل الذي يحط من قيمتهن ويرى فيهن ضمنياً صورة الإغراء والخطيئة؟
إن طريق معركة تحرير المرأة لا يزال طويلاً وشاقاً، وإن التعليم بالطريقة التي هو عليها، ومهما كانت نسبة تمدرس البنات التي تفوق نسبة تمدرس الذكور في الجزائر وفي كثير من الدول العربية والمغاربية، فإن أيديولوجيا الذكورة هي المهيمنة دائماً.
يبدو أنه كلما شعر حماة أيديولوجيا الذكورة المريضة بزحف المرأة على فضاءات عمومية في التعليم والصناعة والصحة، تتكرس وحشيتهم أكثر في السياسة، وفي الدين السياسي لقمعها والدعوة والعمل على توسيع دائرة جدران السجون لتصل إلى الساحات العامة والجامعات والمستشفيات والإدارات والخدمات. فكلما خرجت المرأة إلى المجتمع تبعها جدار السجن الاجتماعي ليحاصرها أينما كانت.
لمثل هذه الإهانات للمرأة المترشحة في موعد سياسي كالانتخابات البلدية أو الولائية، التي تختفي خلف "ستار" أخلاقي أو ديني سياسي، دلالاتها كبيرة، وهي السعي إلى توسيع جدار سجن الذكورة ليصل إلى المناصب السياسية.
وأرى شخصياً أنه على اللجنة الوطنية المستقلة المشرفة على الانتخابات أن تتخذ موقفاً واضحاً حيال هذا التصرف، الذي لا يحترم الرجل، فهو يصوره وحشاً ولا يحترم المجتمع فهو يصوره مهووساً، ولا يحترم كرامة المرأة، فهو يصورها إثارة ومصدر الخطيئة، وذلك بإدانة هذا التعامل والمطالبة برفع مثل هذه اللافتات، ووضع قانون لأخلاقيات تصميم الأفيشات الخاصة بالانتخابات، لأنها تحمل موقفاً سياسياً واجتماعياً وسيكولوجياً مسبقاً حيال هذه القائمة أو تلك، حيال هذا المترشح أو تلك المترشحة.
إن حفيدات جميلة بوحيرد وجميلة بوباشا وحسيبة بن بوعلي ومليكة قايد ومليحة حميدو وزهرة بيطاط وغيرهن كثيرات من الشهيدات والمجاهدات، عليهن أن يقرأن بعمق وجرأة تاريخ نضال تلك الجدات والأمهات، يقرأنه قراءة عميقة بعيداً عن التزييف والتغليط، كي يواصلن بناء الجزائر التي كانت حلمهن في العدالة والحرية والمساواة.
ما نشهده ونشاهده هو إساءة للمرأة، لكرامتها ولإنسانيتها. ماذا يا ترى ستقول جميلة بوحيرد التي حررت البلاد تراباً وماءً وسماءً، وحررت العباد أطفالاً ورجالاً ونساءً، وهي تنظر إلى صور إعلان قائمة الانتخابات لحزب إسلامي جزائري، حيث جرى طمس وجوه النساء المترشحات، وهن دون شك مهندسات أو طبيبات أو معلمات.
ماذا ستقول زهرة بيطاط وهي المحامية المناضلة التي واجهت الاستعمار، وواجهت بقاياه بعد الاستقلال، وهي تتأمل هذه القوائم المعلقة في الشوارع بوجوه مطموسة للمترشحات من النساء اللواتي دافعت عن حقهن في الكرامة والحرية. وجوه تشبه الأشباح الغريبة.
ماذا ستقول الأديبة الروائية زهور ونيسي خريجة معهد ابن باديس، وهي في كل أناقتها الراقية، وقد أشرفت على العقد الثامن من عمرها، وهي تتأمل مثل هذه الفضيحة التي تسيء للمرأة تحت "نفاق" الأخلاق، وباسم تسييس الإسلام، لوائح انتخابية بأشباح مخيفة في المربعات الخاصة بنساء عفيفات جميلات ذكيات قادرات سويات وعظيمات.
ماذا ستقول الروائية الكبيرة آسيا جبار في قبرها بشرشال، أول كاتبة عربية وشمال أفريقية عضو الأكاديمية الفرنسية، وهي الصوت الأكبر في الدفاع عن حقوق المرأة وعن المساواة سينمائياً وروائياً وشعرياً، وهي ترى من تحت التراب هذه الصور الشنيعة التي تجعل من المرأة "شيطاناً" مخيفاً، "شيئاً" للغريزة والإثارة.
ماذا ستقول الفنانة التشكيلية باية، التي اعترف لها بيكاسو بالتفرد والذكاء، وقدمها للمجتمع التشكيلي العالمي، واحتفل بها في أشهر أروقة الفن الباريسية وغيرها؟ ماذا ستقول وهي ترى هذا "التحقير" لأجمل المخلوقات الذكيات.
كلما كثر التدين قل الدين. كلما كثر التدين كثر النفاق معه. لقد كان جيل النساء الجزائريات المناضلات ضد الاستعمار الفرنسي الوحشي جيلاً محافظاً في السلوك، متجذراً في الحشمة والاحترام مرتبطاً عضوياً بالثقافة الوطنية الجزائرية الأصيلة، لكنه كان في المقابل متحرراً في اللباس، واثقاً في المظهر دون عقدة الأنثى، كان جيلاً من المناضلات المنسجمات مع محيطهن وواعيات لتفاصيله دون نفاق اجتماعي، كانت الشفافية سر هذا الجيل.
أما اليوم فاللباس تقليدي وغالبيته مستورد من الشرق، منفصل عن القيم الجمالية التاريخية الوطنية، وهو يعطي صورة عن الحشمة المصطنعة الخارجية، لكن الممارسات والسلوك تحت هذا اللباس، كثيراً ما يكون فيها كثير من الخلل، وهو في غالب الأحيان مظهر مفروض أملاه واقع مدخول بنفاق سياسي متلبس بهالة من التدين الخارجي، لقد اختفت الثقافة الاجتماعية الأصيلة عن هذا المجتمع الغارق في "الفساد" "المتستر بالدين" السياسي، وهي الحال التي تروج وتفرض مثل هذه المسرحيات التي تسيء إلى المرأة الجزائرية المناضلة والفخورة بثقافتها المتعددة الأمازيغية والأفريقية والعربية والمتوسطية.
المرأة ليست عورة، المرأة ثورة. تكريم المرأة أخلاقياً ليس طمس وجهها على لائحة انتخابات بلدية أو ولائية، إنما تكريمها هو الدفاع عن مشروع سياسي واجتماعي لمحاربة ثقافة التوحش الذكورية التي جرى غرسها في مجتمعنا بتأويلات خاطئة للدين وفهم جنسوي للأخلاق، حتى أصبح لا يُرى فيها سوى أنها "قطعة لحم" للنهش.
إذا كانت المرأة التي تتقدم للترشيحات لا تستطيع أن تضع صورتها على إعلان للانتخابات، في مجتمع لا يقبل برؤية وجهها على صورة معلقة على سبورة الإعلانات، فكيف لها أن تواجه هذا المجتمع غداً بذكوره وذكوريته، وهي تتولى مهمة رئيسة بلدية أو رئيسة مجلس شعبي ولائي؟
لكن المسؤولية أيضاً على عاتق النساء المترشحات، فيكف لهن القبول بمثل هذا التعامل الذي يحط من قيمتهن ويرى فيهن ضمنياً صورة الإغراء والخطيئة؟
إن طريق معركة تحرير المرأة لا يزال طويلاً وشاقاً، وإن التعليم بالطريقة التي هو عليها، ومهما كانت نسبة تمدرس البنات التي تفوق نسبة تمدرس الذكور في الجزائر وفي كثير من الدول العربية والمغاربية، فإن أيديولوجيا الذكورة هي المهيمنة دائماً.
يبدو أنه كلما شعر حماة أيديولوجيا الذكورة المريضة بزحف المرأة على فضاءات عمومية في التعليم والصناعة والصحة، تتكرس وحشيتهم أكثر في السياسة، وفي الدين السياسي لقمعها والدعوة والعمل على توسيع دائرة جدران السجون لتصل إلى الساحات العامة والجامعات والمستشفيات والإدارات والخدمات. فكلما خرجت المرأة إلى المجتمع تبعها جدار السجن الاجتماعي ليحاصرها أينما كانت.
لمثل هذه الإهانات للمرأة المترشحة في موعد سياسي كالانتخابات البلدية أو الولائية، التي تختفي خلف "ستار" أخلاقي أو ديني سياسي، دلالاتها كبيرة، وهي السعي إلى توسيع جدار سجن الذكورة ليصل إلى المناصب السياسية.
وأرى شخصياً أنه على اللجنة الوطنية المستقلة المشرفة على الانتخابات أن تتخذ موقفاً واضحاً حيال هذا التصرف، الذي لا يحترم الرجل، فهو يصوره وحشاً ولا يحترم المجتمع فهو يصوره مهووساً، ولا يحترم كرامة المرأة، فهو يصورها إثارة ومصدر الخطيئة، وذلك بإدانة هذا التعامل والمطالبة برفع مثل هذه اللافتات، ووضع قانون لأخلاقيات تصميم الأفيشات الخاصة بالانتخابات، لأنها تحمل موقفاً سياسياً واجتماعياً وسيكولوجياً مسبقاً حيال هذه القائمة أو تلك، حيال هذا المترشح أو تلك المترشحة.
إن حفيدات جميلة بوحيرد وجميلة بوباشا وحسيبة بن بوعلي ومليكة قايد ومليحة حميدو وزهرة بيطاط وغيرهن كثيرات من الشهيدات والمجاهدات، عليهن أن يقرأن بعمق وجرأة تاريخ نضال تلك الجدات والأمهات، يقرأنه قراءة عميقة بعيداً عن التزييف والتغليط، كي يواصلن بناء الجزائر التي كانت حلمهن في العدالة والحرية والمساواة.
Войдите на Facebook
Войдите на Facebook, чтобы общаться с друзьями, родственниками и знакомыми.
www.facebook.com