لطيفة الزيات - الممر الضيق

وقفت الأم في النافذة بعد الظهر تستعجل عودة ابنتها من المدرسة. وانحنت بجذعها خارج النافذة لعلها من بعيد. وتلبث أن اعتدلت … القبطان. بيت رمادي قديم على متن عدة بيتين يسد. ولن تظهر سهام ومني في مرأي البصر إلا بعد اجتياز الممر الضيق، سهام تلقي برأسها إلى الخلف وشفتاها مطبقتان في إصرار ، ومني تلهث خلف سهام ، تركض لتلحق بخطوتها الأوسع والأكثر عنادًا ، تركض تتشبثث بذراع سهامما تخشي أن تفلت منها فتضيع.

وتراجعت الأم إلى الخلف تمسح بظهر يدها حبات عرق تساقطت من جبينها إلى عينيها. سهام في السنة الأخيرة. في المرحلة التالية ، تتخطى المعركة مع كل خطوة في ساحة المعركة …

درجات الحكم في الليل ، وأقيمت الليل في الليل ، وأقيمت كامل في الليل. قطة تشارك أولاد أم محمد فيما يبدو في عملية فرز النفايات. تخرج القطة من كوم قمامة ، تتمطي في ظل بيت ، تتمدد تمسح ظهرها بلسانها ومستكينة.

صوت صفارة القطار يدوي من جديد يقطع سكون الظهيرة في الشارع والقطة تزحف على بطنها مذعورة. البيت المقابل من كالعادة يمتطي قطاره الموهوم. يطلق صفارة ويشهق هذا العنوان ، وهو يطلق النار ، وهو صاروخ. تتزايد سرعة ويتريجيّا ثم ينتهي بالاندفاعة المجنونة. لاسقاط هناك يوقف الاندفاعة. هرب المجنون من الواقع إلى الوهم. لا ممر ضيق في دنيا المجنون ولا مستحيل. كل شيء ممكن في دنيا المجنون ولا شيء. يرتطم المجنون بالسور ويطلق صفارة البدء من حيث يبدأ ، ودمه يسيل.

دم المجنون يتراكم على السور يومًا بعد يوم ولا يكف عن أن ينطح السور. واصبح من البداية إلى باكستان ، ولا قوة إلا بالله. ومن مسجل الولد سيد الميكانيكي ، الذي استحال إلى صاحب كشك للسجائر والحلويات ولعب الأطفال والحبوب المخدرة والأعراض ، يرتفع صوت سعاد تغني أغنيتها الجديدة للمرة الألف …

الولد سيد القواد يسترق النظر إلى بيت مقابل وبصحبته اثنين من الأغراب عن الحيّ. يلبث الغريبان في يختفي عبر الممر الضيق في فتح باب من هذه الأبواب التي كانت مستورة في يوم ويسفر عن امرأة. من عسي أن تكون المرأة هذه المرة؟ أو بنت من؟

أصبح الطريق الصعب، تعرف أن التيار جارف ولا شيء عاد يعز على الأمل. هذه الفتاة التي حملتها طفلة ، وسعاد ، هذه الفتاة التي حملتها ، تكف ، تردد: “يا تجيب يا بلاش يا ولد” ، والذباب يغطي صدر أم محمد العاري وهي ترضع وليدها وبقية أطفالها من الصبية والبنات ، وبقايا طعام قد يسد الرمق ، أرض الخلاء ، المفروزة أولاً بأول ، الخرق والزجاج وعلب الصفيح. ودم المجنون لا يكف عن أن يتراكم على السور. والعجيب حقّا ألا يجن العاقل.

في المطبخ تقشر الأم الباذنجان الرومي لتقلي شرائحه والأرز لم ينضج بعد ، أخرت المواصلات عودتها اليوم من المدرسة إلى البيت، وسيرتفع عويل مني لحظة تكتشف طعام الغداء لم ينته بعد. وسهام … حكاية سهام طويلة. بنت الحادية عشرة كبرت قبل الأوان.

لقد كانت قطة ، وتنام تحلم ، ترتديه ترتديه في الغد. لم تكن مدارس المدارس الأخرى في المدرسة والقماش ، المدرسة والمدرسة على السواء. كان فستان العيد جديدًا وكان يكفي ليجعله جميلاً في عينيها وفي عيون الأطفال. يوم مرضت في عيد من الأعياد ، نائم ، بالنهار ، بالنجم ، بالنسبه ، بالنسبه ، بالألعاب الوهمية يتأملها فيها. طفل في المرحلة الأولى من المرحلة النموذجية ، بما في ذلك من العسكر أو الحرامية ، أو الدراسة في المرحلة السابقة من المسحور ، بلغته باصطلاحاته ، من معاييره وقيمه ، والتي تساوي بين الكل ولا تميز طفلاً عن طفل.

وخدش حد السكين أصبع الأمركت فجأة أن مواجهة ابنتها سهام أصبحت تخيفها أحيانًا. وغسلت أصبعها وراقبت الماء يتلون بالأحمر ثم يصفو وأكملت ما بدأت. وجرح وهي تغمس شرائح الباذنجان في الماء والملح وقررت وقررت أن الدنيا تغير في طفولة ولا أطفال والغني والفقر والأسود والأسود والأبيض يتلازمان حتى في مدارس الأطفال ، حتى في الحواري …

سقط الفاصل بين الكبار والصغار ، وقدرة قادر تحيل الأبيض أسود وقسوة المعيشة ، تضفيان على الأسود وهج الذهب الوحشي الفتاك ، والسطوة. والكل يرى ويعرف، ويشيخ بما يعرف.

ووضعت الأم المقلاة بالزيت على النار وحمدت الله لأن سهام لا تميل إلى الاختلاط وتعتذر عن يجب أن يكون ودعوات أعياد الميلاد. وتساءلت وهي تنتظر تحول طائرة المتصاعد من الزيت إلى اللون الرمادي الغامق، أم تكره تظهر أمامها زميلها في المدرسة بأثواب ترثها “مني” حين لا يبقي في ثنية الذيل مزيد للاستطالة؟

أمس الأول سألتها سهام سؤالاً لا ، يصيبها بالذهول ، تساءلت البنت عن ثمن السيارة الرولزرويس إن ثمن السيارة المرسيدس ثمانين ألف جنيه. ولم تصدق أذنيها لأكثر من سبب ، فطلبت إعادة السؤال وأعادته البنت وأجابت وأجابت في حالة إجابت في سهام في كل هذا!

وهي الآن احتدت عامدة لتكسب وقتًا لتفهم فيه فحوي السؤال ، ولتفهم فيه ثانيًا مغزي توجيه البنت لمثل هذا السؤال الغريب. وخمنت أن الرولزرويس سيارة أغلى من المرسيدس وهي تستطيع تفرق بين السيارتين حتى الآن. وثالنت: حقيقة أن في دنيا سيارة بثمانين ألف جنيه وهو الاحتمال الذي تستبعده حتى الآن ، وأن في مدرسة بنتين: قادرين على شراء هذه السيارات. إطار عمل أسرتها وبيئتها. ولم يزدها فهم فحوي السؤال إلا حدة ، فطالبت البنت بالتزام حدودها والالتفات إلى دروسها.

يمكن أن تشتري حين تكبر سيارة، ولو تفوقت على طول الخط وادخرت كل قرش ممكن من مصروفها وعملها حين تتخرج؟ وأربكها سؤال سهام واحتمت وهي تجيب بالمثل الذي يقول: لكل مجتهد نصيب. ولم يعد يصح. وَتَوَقَّعُ الْمُبَادِسُ.

وتراجعت الأم إلى الخلف والباذنجان يستقر في المقلاة حتى لا يصيبها رشاش الزيت المغلي. وطالعتها نظرة سهام تتفحص ملابسها وهي في الطريق إلى العمل: هذه التفصيلة قديمة لم تعد أحد يلبسها ، تقول سهام. ربما لو قصر ذيل هذا الفستان يكون أفضل ، وهي تتفحصها بنظرة غريبة ، وأسفلها من تلميذة وليست بابنتها. كم هي موجعة هذه النظرة لسهام ثابت هي. كم هو مؤلم أن نري أحيانًا بعيون الغرباء وأن يرانا أحباؤنا بعيون الغرباء. نتعري لحظتها ونصاب ويصابون بالاغتراب.

وقلبت الأم شرائح الباذنجان في الزيت المغلي وعاودها الشعور بالذنب اقترفت جرمًا. وباعتبارها في حالة نفسية جيدة ستسجل هذا الغياب:

– هل أكلت القطة اللحمة يا ماما؟

سهام في سخريتها أو تكتفي بالابتسام ، وجو السخرية الخالي من المرارة والمليء بالإفضاءات الصغيرة ، يحمل الأسرة راضية إلى نهاية الوجبة. السخرية لا تهم ولا التهريج. كل شيء يهون أمام صمت سهام وامتناعها عن التعليق … لم تعد تعرف كيف تعامل البنت وهذا يجعل مهمتها كأم أصعب.

“وطش” الباذنجان المغلي وهو يستقر في طبق زجاجي به خل وثوم، وتساءلت الأم كم مرة أوشكت أن تصارح سهام بحقيقة الوضع المالي للأسرة؟ راتب الأب من وظيفته الأصلية والإقامة إلى جانب راتبها من العمل كمدرسة ودخلها من الدروس الخصوصية ، يغطي بالكاد مصاريف مدرسة البنتين والكسوة ولقمة العيش في ظل الارتفاع الجنوني للأسعار. كل ضروريات الحياة تستحيل بالتدريج إلى كماليات. أدرجت اللحمة من سنين في بند الكماليات عدا يوم أو يومين في الأسبوع وبعد اللحمة الفاكهة ، الآن الدور على الخضار. لم تعد قادرة على تقديم طبق سلطة أخضر يومي على المائدة رغم الفيتامينات للبنتين. ولولا أن إيجار الشقة قديمة لاستحالت حتى لقمة العيش.

كم مرة أرادت أن تشرك سهام كبالغة في تحمل المسؤولية وأشفقت. كم مرة استفزها الوجه العارف الغاضب وشرعت تكمل المعرفة لتذهب الغضب؟

كم مرة تراجعت ، وطعنة لا تكف عن أن تفاجئها ، وهي تدرك من جديد كل مرة ، أن الوجه العارف صغير ، وجه طفلة أنضجها قبل الأوان عوز لم يكن على بال أحد ، لأبوين متعلمين تعليمًا عاليًا ، يعمل مما على الاثنتي عشرة سنة في وظائف الحكومية في منتهى الاحترام ، وعمارة يمتلكها يمتلكها الولد سيد القواد ومحل بقالة تحول إلى بوتيك ، يمتلك يمتلكها موظف من المفروض أن يتماثل دخله.

والزمن حربًا على سهام. يكفي ما تعلمت قبل الأوان، ولعلّ الأيام تعلمها ما فيه تبدأ.

***

ظهرت في مرمي البصر ، في العادة دون سهام ، كالكرة ، والحيّاء ، والمجنون ما زال ينطح الصخر. وتوقفت مني تحت النافذة تشير بذراعيها إشارات مبهمة لمهمة منها أمها شيئًا. ووضعت حقيبة المدرسة على أرض الشارع تقفز في الهواء قفزة أعلى من قفزة.

وكادت الأم تصرخ هلعًا، ودراجة في الطريق يقودها صبي تتفادي (منى) بالكاد، ولم تصرخ. التقطت سهام حقيبة الكتب من الأرض وسحبت (منى) مرغمة إلى البيت.

وتركت الأم باب الشقة مفتوحًا للبنتين، وتساءلت عما جعل جعل (منى) تسلك هذا السلوك الغريب وهي تتجه إلى المطبخ تسخن حلة خضار تبقت من طعام الأسبوع. تجمد خطوات (منى) تجمد في الصالة.

وكادت الأم تنقلب فوق النار والحلة، و (منى) تطوق ساقيها من الخلف في اندفاعة مجنونة. وربتت كتف (منى) لتفلت ساقيها واستدارت تواجهها. ورفعت إليها (منى) عينين تضويان بألف ضي وضي. ونأت الأم بنفسها و (بمني) عن النار وهي تسحبها إلى وسط المطبخ تسأل:

– فيه إيه يا (منى)؟ فيه إيه يا حبيبتي؟

وأجابت (سهام) في تقف على باب المطبخ مربعة الذراعين:

– حاتتجنن يا ستي. تمثل في حفلة المدرسة.

(منى) في اعتراض جديد عليها:

– دور تاجر الحرير في رواية هارون الرشيد.

بدأت تظهر في دائرة البيئة ، وأبدأت تبدأ في البيئة المحيطة ، والدتك تتسع تكاد …

– النار يا (منى) .. النار.

وتوقفت (منى) لحظة واجمة تواجه النار والباذنجان المقلي ، واستدارت ، وقد أظلم وجهها ، ثم التقطت أذنها يطلقها يطلقها المجنون وضحكت ضحكتها تشبه الديكة ، واندفعت إلى الصالة تشهق وتزفر: قطارا عجلاته ساقاها وذراعاها.

والتقت عينا الأم بعيني سهام وهي تتناول الخبز لتضعه على المائدة ، وعاودها هذا الشعور بالارتباك ، كلما حاولت الوصول إلى قلب ابنتها الكبرى. تضيف الكلمات إلى الجملة ، وحين خرجت نغمتها نغمتها بين النغمة التي نخاط بها الصغار وتلك التي نخاطب بها الكبار:

– وإنت يا حبيبتي دورك إيه في الرواية … الملكة؟

ويوقفت يد سهام لحظة في منتصف الطريق إلى طبق الخبز ، واقع أن ترخي جفنيها رصدت الأم النظرة النظرة التي تقول: أتضحكين عليَّ يا أمي ، أم على نفسك؟ أنا عرفت وضعي في الحياة وما من وهم يا أمي ينسيني وضعي.

ومدت الأم يدًا مرتجفة تحتضن اليد الطفلة التي استقرت على طبق الخبز واحمرّ وجه سهام وسحبت يدها بالطبق في حركة عنيفة كادت تخل بتوازن الخبز. ربما في انتظار الفرصة ، ربما في فرصة تواصل شعورية:

– أنا جنة يا ماما … عايزة آكل.

والتقطت الأم الخيط من ابنتها ، وقالت متخففة بدورها من اللحظة الشعورية المكثفة:

– حاضر يا حبيبتي. بس لهّي مني شوية أحسن تفتح جعورتها.

ولكن مني لم تعد بحاجة إلى يلهيها. خضعت لاستغناء الكل ، واستقلالها ، واستقلالها ، تتبعها مني كظلها. لم يكن موجوداً حتى موجوداً ليشهد التطور الجديد في العلاقة بين الغرفتين ، ولو كان موجوداً حتى برج التطور ، برج الأمان السكني ، خارج البيت وداخله.

لم تكد مني تمس الطعام ، وتصل تضرب الصحن بالشوكة والملعقة ويدها تنتقل من جانب الصحن إلى الآخر في روية ورشاقة ، وأذنها تنصت إلى الإيقاع المتصاعد من الصحن تصوّبه كلما مال إلى النشاز. وحاولت سهام أكثر من مرة إلزام مني بالهدوء واحتجت مني مرة واحدة منطقة تعزف الأكسلوفون، لم تعد تسمع نواهي سهام. يبدأ يطلق يطلق يطلقها المجنون وهو يبدأ.

حاول أن تعيد الأوضاع إلى ما كانت عليه وبين أختها. تتجه إلى غرفة البنتين المشتركة ، دون أن تساعد في كالعادة في جمع وغسلها ، وتعمدت أن تحدث تحدث ضجة بمقعدها وهي تغادر المائدة ، وأن تبطئ من خطوتها لتهب مني مهرولة تلحق بها كظلها. ولم تغادر مني المائدة ، بل لم تلحظ حتى أن سهام قد غادرتها. وطرقت سهام باب الغرفة خلفها ، تلفظ انتباهنا. وصوّبت النغمات تتصاعد من صحنها وهي تعزف الأكسلوفون.

***

حفل تدريبات المدرسة المتوسطة والجامعة تخرج صباحًا من البيت مع سهام وتعود المدرسة في الخامسة بعد الظهر حفل. قاطعت سهام الحفل على أساس تمثيل في تمثيل وقلة عقل أطفال. ورفضت في إصرار ، رغم إلحاح أمها الدائب، انتظار انتهاء أختها من التدريبات لتعود بها.

وقالت إنها قادرة على إعادة الصورة ، وذكائها ، وذكاءها. وبعد هذا الحديث الطويل سكتت مني وانزوت في محاولة دائبة ومتصلة للانضمام إلى أفراد بنفسها. وتنبأت سهام بقرب مني بالجنون كلما مرت بها متكورة في هذا الركن. وعلق البيت يرتج بصيحات الديكة تطلقها من التعليقات.

وأربعاء ، أمس ، أمس الأول من حفل التدريبات. تظهر الأحداث الظاهرة على المنحة ، وعرضها على مني بتصحيح الكراسات وأعمال المنزل. خرجت من دائرة نفوذها بشدة. رصدت بدقة يومًا بعد يوم ، وامتنعت عن التعليق حتى استفحل الأمر. قبل حفل المدرسة بأيام انشغلت الأم بخياطة جديدة لسهام اختارت بنفسها وجاءت بباترون للموديل من إحدى زميلاتها في المدرسة. ووجدت أنها انتهت ثم خرجت سهام من حجرة البنتين المشتركة على أطرافها لها أن تتبعها.

وفي حجرة البنتين ، انظر رؤية بارعة الجمال ، وفي حجرة البنتين. وقالت سهام:

– حاتتجنن، قلت لك حاتتجنن.

وأفاقت مني من حلم وتطلعت إلى سهام ثم إلى أمها ، ومسحت حبات من العرق على جبينها وهي تتعرف عليه وأطرقت لحظة. وطافت نظرتها بالحجرة وتوقفت عند العاري ، وأريكة تدلت أحشاؤها ، وشق في المعاملة يتحول يومًا بعد يوم. وبدت نظرتها كنظرة فأر وقع في المصيدة.

وأشاحت مني بيدها تطلب إلى أمها وأختها الخروج من الحجرة واستلقت على سريرها متظاهرة بالرغبة في النوم.

وجرجت الأم وهي ثقة بأنّها تجسّد جسدياً ، تدل على استمرار الحرارة. تم وضع علامة التبويب منذ وضع الميزان ، والعلامات التجارية ، والتركيز ، والتركيز ، جيداً ، وأنا لا تأكل على الإطلاق. كم مرة انتوت أن تعيد ترتيب الأشياء والتقاط الأنفاس ، وسهام تعود منتصرة:

– بصّي .. حتى السندويشات نسيت تديها للعيال زي ما بتعمل كل يوم.

وهي جسدية تدل على ميزان الحرارة ، وتؤكد أن الرسالة التي تدلق بالنوم ، تقضي الليل ، مفتوحة العينين مستلقية على ظهرها ، ولكنها لئيمة ، ما تكاد تلمح النور حتى تغلق عينيها بالنوم. تم قياس الحرارة أخيرًا. تقول في لوم لسهام:

– مني عيانة يا سهام.

وتدس الحرارة في فم مني وتعود تدسه ، والميزان لا يصل حتى درجة 73 ومني تحتج أردفت:

مني تعري مني، تقلبها، تتحسس جسدها بعد جزء، متشبثة بفكرة وجود خلل ما جسدي يبرر السلوك الغريب، وجسد مني يتصلب تحت يدي الأم، يذكرها بعبث محاولتها، يرفضها، ينئيها، ينفيها.

وأطفأت الأم النور مخذولة ومني تسدل الغطاء على جسدها حتى قمة رأسها.

***

أضي الأنوار في الصالة، وانفتح الستار ليحيي جمهور الأهالي أولادهم وانسدل. والستار مفتوح ، الأطفال على خشبة المسرح ، والأهالي في الصالة والبناوير والألواج ، البسمات والتحيات ، تجهيزات ترتج بكلمة تتردد ما بين الحين والحين على نغمة التصفيق المتقطع ، بعد أن تعب الأهالي من التصفيق الممتد.

وحاولت هي أن تسترعي نظر مني المرة بعد المرة وفشلت وقفت مني على خشبة المسرح موجودة وغائبة. بمدى ما بدت تعيسة انتهت طوال حياتهم. طوال العرض بدت مني سعيدة مندمجة في دورها ، وفي هذا العالم الوهمي الجميل الذي بدت عشيرة لا فانا منها ، وهي تتحرك واثقة الخطي ، تتكلم بطلاقة ، وبانطلاقة لا حدود لها. خلصت مني لعالم الغناء والرقص والطرب والألوان الحريرية بارزة الماسية مشاهدةجان الذهبية، وخلص لها. لم تخرج عن عالمها الوهمي ولو للحظة، ولم تشعر بشيء عداه. وقد انتهى الأمر بالنجاح ، وقد كان قد استعدوا ذلك! وفيم نظرة الفأر وقد وقع في مجموعة صور تقف بين أطفال يتألقون وهم يتلقون التحية؟

وطال انتظار الأم لمني في ردهة المسرح الخارجي. ولو لم تسمح لسهام بالعودة إلى البيت مع أولادها لأرسلتها لاستعجال منى. وراقبت الأم الأهالي ينفضون بأولادهم فوج بعد فوج. السيارات ، ومن يملك سيارة يقودها سائق سيارات الملاكي ، مثل السيارات ، ومن يملك سيارة.

الأحرف الأولى من السيارة التي يقودها الأب أو الأخ ، يبرز الواحد منهم السيارة دون حاجة ، وفي افتعال ملحوظ ، لأن منظر السيارات الفارهة تمرق لامعة ، وتتوقف تسدد باب المسرح ، تداهمه مثلما تداهمها … ، وأصحابها يتلكأون أمام سياراتهم يتبادلون الحديث ، وسائق بزيه رسمي يفتح أبواب السيارة بابا بعد باب ، وتدلف النساء يجررن ذيولهن إلى السيارة أولاً ، بأثواب السهرة المطرزة بالترتر والخرز ، أو محجبات. ولكن أي حجاب إله السموات؟ وكم من اللولي تعقد الحر الغطاء على الرأس كالتاج، وتلتف على العنق اللين المرتاح كالسوار ؟!

والتقت عين الأم بعين أم أخرى تنتظر ابنتها أو ابنها، وابتسمتا ابتسامة كسرت الشعور بالغربة في هذا الجو المعادي والمستفز. تعرفت ، وهكذا ، طوال الليل ، والمدرسة ، والمدرسة ، والمدرسة ، والمأدبة ، والمأدبة ، والمأدبة ، والمأدبة ، والمأدبة ، والأزياء ، والمأدبة ، والمأدبة ، وأحيانًا ، بأخرى جديدة ، وربما بوردة صناعية. وداهم الأم القلق وزميلتها الموظفة تودعها ملوحة وتغيب في الظلمة.

الفوج الأخير من الأهالي ينصرف ومني لا تخرج. المكان الآن شبه خال وأنوار المسرح تنطفئ بالتدريج وهي لا تعرف تأخير مني في الخروج هذا التأخير الطويل. وولجت الأم صالة ، وجلجت ، و صالة و صالة ، و وولجت ، و مبنى ، وجلت ، وجلت ، وجلت ، وجلت ، وجلت ، وجلت ، وجلت ، وجلت ، وجلت ، وجلت ، وجلت ، وأجلت ، وأجلت ، وأجلت ، ورسمت وأجلت. ودفعت الباب ودخلت ووجدت نفسها في حجرة معتمة الضوء مستطيلة كالممر تتراكم فيها في فوضي ملابس التمثيل ، خلعها الأطفال في عجل. وعاودت النداء دون جدوي. وفي نهاية الحجرة وجدت مني بملابس التمثيل مكومة في ركن من الأركان وهزتها:

– جرى إيه يا منى … مش حنروح بقي يا حبيبتي.

وخفضت مني رأسها وضغطت بأسنانها على شفتيها واستسلمت مظلم لأمها وهي تخلع عنها ثياب التمثيل. وشاءت مني أن تستقل بارتداء ملابسها الخاصة. وتبعت أمها مستكينة. وعند باب حجرة الملابس توقفت مني تلقي نظرة أخيرة على المكان ورائحة كريهة تنبعث من ملابس حريرية عطنة وبقايا طعام، وعلب مياه غازية وزجاجات تسيل بقاياها. تيجان ذهبية وفضية من ورق ملقاة على الأرض في إهمال، وزهور صناعية داستها في الطريق إلى الخروج، وقلادة هارون الرشيد الذهبية سلسلة من الصفيح، تلتف حول عنق فانوس ورق بلا نور. واستدفاعها من فمها ، طشك على البكاء ، وأقفلت الباب في بطء خلفها.

***

سالت دموع مني بلا صوت وهي تجتاز الممر الضيق في طريق العودة. يجتمع كعادتهم كل ليلة لمطاردة المجنون. وقطعت مني المسافة من الممر إلى البيت تجري تحتمي من الحصى ويتساقط من السماء. وارتفع عويل مني في السلم والأطفال يتفرقون ، يشيعهم المجنون باللعنات ،

الألف تعقد صفقة ، ثمنها الشيكولاته ، لا البطاطا.

***

فتحت سهام باب الشقة، وتوقفت لحظة ترقب الدموع في عيني أختها الصغرى ثم تراجعت تفسح الطريق. ووقفت مني في وسط الصالة تمسح دموعها بظهر كفها. وطوقتها الأم من الخلف، تربت كتفيها وتقبل شعرها. وأفلتت مني من ضمة الأم، وتجاهلت يد سهام الممدودة إليها ، وسارت إلى غرفة البنتين المشتركة بخطى ثقيلة ، ملقاة الرأس إلى الخلف مطبقة الشفتين.

وأدركت الأم أن مني قد كبرت بدورها. وأصابها الدوار وهي تشعر بسرعة إيقاع الحياة.

كبرت بعد العاشرة ومني ولم تبلغ التاسعة من عمرها.

وطفرت الدموع إلى عيني وهي تعتدل واقفة .. وتذكرت أن أباها أدركت سن البلوغ وهي في الثانية عشرة. كانت الجمعية في حالة الاستثناء ، على كل المستويات. واستشعرت فداحة مسؤوليتها الجديدة كأم. وترحمت على أيام زمان.

وتمنت الأم على الله ، وهي تخلع ثوبه بمناسبة الذكرى ، أن يعين البنتين على اجتياز الممر الضيق بسلام.







أعلى