تميزت نصوص الأديبة القاصّة أ. إيمان السيد.. بطابعها البلاغي وانزياحاتها الرمزية أو الخيالية الحادة، وغالباً ما تثير ذهن المتلقي أو القارئ- النصوص- فكثيراً ما تستخدم المفردات غير المستهلكة وتقوم بخلق صور إبداعية تعبيرية لمشهدية فكرة النص أو حدثيته أو قد تخلق حدث ما من آفاق مخيالها لتطرح فكرتها بقالب قصصي ق ج، فتقوم بغزلها أيما غزل ومن ثم تقوم بشد الخيوط وتعقدها بقفلة تجعل القارئ في حيرة إن وقف أمام النص
سُرادِق
يقطعُ حبلَهُ السِّريَّ مِنْ جذعِ
الخواء، يمتشقُ ظلَّ البندقيَّة، يهرعُ نحوَ السَّراب
يكسرُ غصنَ الزَّيتونِ فوقَ صخرةِ الوجع، ويرفع الأذانَ فوقَ جُثثِ السَّنابل.
القراءة
مقدمة: بدايةً إن أول ما أود أن أعرج عليه، هو لفت الانتباه لأمر قد يحسب على القارىء وقد يحسب على الكاتب أو الأديب، وهو تساؤل:
_عندما لا يتواصل القارئ مع نتاج الكاتب أو المبدع، فعلى عاتق من يقع هذا الانقطاع؟!
هل السبب هو تقصير من القارئ في التلقي وتطوير أدواته في الاستنباط والتواصل؟! أم هو تطرف إبداعي من الكاتب-غير متعمد- يخلق حاجز يلغي التواصل بينهما
القراءة: لن أتطرق هذه المرة للعودة كثيراً للمعاجم في تحليل النص، ولكن سأبدأ بتحليل مختلف نوعاً من زاوية رؤيتي للنص، بعد أن أقوم بتقديم أكثر ما أكد عليه أغلب النقاد والكتاب لهذا الفن الأدبي (ق ق ج) وكما ورد سابقاً في مقال أدبي للناقدة الذرائعية الدكتورة: عبير خالد يحيى، بمسمى القصة القصيرة جداً(المكثفة) ومن أهم طوابعها الذي يخرجها من دائرة السرد التقليدي كما في القصة القصيرة والرواية أو الأجناس الأدبية الحداثوية المستوردة الأخرى الّتي قد تضم أغلب عناصر هذا الفن، ووصفته بالانزياح الرمزي أو الخيالي، وبحيث يكون عنصر التكثيف حاضر بقوة مما لا شك فيه.. وباعتقادي إن للانزياح دور هام في إشغال ذهن القارئ وإثارة فضوله للبحث والتقصي عن مكنون النص وجوهره
_للمفردات دائماً دلالات مبطنة أحياناً معناها يحمله وأحياناً أخرى تكون واضحة.
الأبيض: يدل على النقاء والصفاء والطهارة
الأسود: يدل على الحزن والظلم والكآبة والأسى والجهل والضياع
السماء: تدل على الغيث والغيم والحرية السمو والرفعة وهكذا على سبيل المثال وهذا ما قد نلاحظه في هذا النص، ارتكزت بنيته اللغوية على الانزياح الرمزي أو الخيالي بلاغياً وتبطيناً بصور بديعة، مؤطرة بحدثية قصصية اتسمت بِ (سُرادِق) وبما أن له أكثر من عدة معانٍ فلن نتنبأ أو نتكهن بالمعنى المراد قبل تحليل النص!
*الاِستهلال:(يقطعُ حبلَهُ السِّريَّ مِنْ جذعِ الخواء)
يقطعُ: يدل على الإرادة جبرياً أو غائياً وقد بَطُنَ السبب لهذا الفعل(مؤقتاً).
حبلَهُ السّريّ: دلالة على الاِنتماء الجزئي (أُسري أو اِجتماعي أو عرقي أو طائفي أو جنسي(عاقل أو غير عاقل)
مِنْ جذعِ الخواء: وهنا الجذع يدل على أصل الفروع أو الارتباط بالجذور، والجذع هنا يدل على القوة أو الصلابة ما تقدر وفقاً لكينونته أو ماهيته، أما الخواءُ فهو لا يدل على الفراغ البتّة أو السكون أو العدم، وإنما قد يدل على الافتقار لحاجةٍ ما تنقصه لتنفي شيء آخر موجود فيه، فخواء القلب من الحب هو حاجته وبالمقابل يكون البغض أو الضنك ساكنه أو حاضره، وخواء العقل من العلم كذلك هو حاجته وبالمقابل يكون الجهل أو الغباء قاطنه
ثم ومن بعد هذا التحليل نعود للتركيب كما جاء في النص(جذع الخواء وهنا الدلالة فيه تتابعاً كما بدأنا بتحليل للمفردات(الإرادة، الاِنتماء، ومن ثم يكون هنا الاِستنكار من خلال هذا التركيب البليغ، وهنا يتبين لنا السبب المبطن للفعل(يقطعُ) الّتي كانت غائية وربما جبرية للمراد أو الحاجة الّتي دفعت البطل للقيام بهذا الفعل.
* ثم لنلاحظ فعلية الحدث المضارعة وتتابعها(يقطعُ،يمتشقُ، يهرعُ،يكسرُ، ويرفعُ) ..
١_( يمتشقُ ظلَّ البندقيَّة): فهنا نجد الدلالات من المفردات، وهنا يعلن بطلنا حربه من بعد أن استنكر الخواء الذي في ذاك الجذع(الجماعة أو القوم أو لمن ينتمي لهم في الأصل، ثم يحاججهم أو يحاربهم في ظلّ اعتدائهم أو تجنيهم أو اِقترافهم لشيء وأيضاً هو مرتبط بالسبب الذي جعلهُ يقوم بفعل القطع مستنكراً خواءهم، وهنا في هذا التركيب
(ظل البندقية) فالبندقية لا حاجة منها أو فائدة منها إلا بالقتال هجوماً تعدي كان أو دفاعاً تصدي، فكانت المواجهة بشكلٍ غير مباشرٍ بالترابط مع فعلية الحدث المتتابعة
٢_ (يهرعُ نحوَ السَّراب) وهنا الدلالة على التخوف والاِضطراب نتيجة لمعرفته بهم كيف لا وهو المستنكر!
فيمضي نحو الأمل أو المجهول ولكن القاصّة تباغتنا بفعلية الحدث،
٣_(يكسرُ غصنَ الزَّيتونِ فوقَ صخرةِ الوجع)فيقوم بكسر غصن الزيتون دلالة على أنه أمسكه بيده وهنا الدلالة على إرادته بالسلام ولم يكن يحمل سلاحاً مثلهم في اِعتدائهم وخواء قلوبهم وعقولهم من الإنسانية والرحمة والإيمان فتحضر تلك القفلة الموجعة والمؤثرة.
٤_(ويرفع الأذانَ فوقَ جُثثِ السَّنابل) وهنا تتجلى الصورة تماماً في نهاية القصة عن مشهدية في مأتم يستنكر بطلنا ردود أفعالهم وتقبلهم لما يجري والذي عبّرت عنه القاصّة بالخواء(وهنا الرمزية تعني العرب برمتهم) والبطل هنا قد يرمز لفلسطين الّتي تقاوم منذ أمد بالحجارة وترفع غصن الزيتون تعيش الاضطراب والخوف وتمضي نحو الأمل والحلم للتحرر(السّراب) وهنا في النهاية كانت القفلة دلالة على الضعف رغم الاستنكار ورفع الأمر لله الذي بيده كل شيء وهو القادر على كل شيء وأكبر من كل كل شيء.
- سرادق: بيت من شعر يمد فوق ساحة الدار
- سرادق : خيمة
- سرادق: منصة مسقوفة تنصب في الساحة العامة يكون فيها رجال الحكم وغيرهم يشهدون عرضا عسكريًا أو احتفالًا
4- سرادق: غبار ساطع منتشر
5- سرادق: دخان مرتفع كثيف
السُّرادِقُ : كل ما أحاطَ بشيء من حائط أو مِضْرَب. السُّرادِقُ الفسطاط يجتمع فيه الناس لعرس أو مأْتم وغيرهما.
فأتساءل هنا بعد هذا التحليل ألم تتمكن القاصّة من فتح أبواب التأويل؟! وما كانت قراءتي هذه إلا من زاوية قصيرة الرؤية
سُرادِق
يقطعُ حبلَهُ السِّريَّ مِنْ جذعِ
الخواء، يمتشقُ ظلَّ البندقيَّة، يهرعُ نحوَ السَّراب
يكسرُ غصنَ الزَّيتونِ فوقَ صخرةِ الوجع، ويرفع الأذانَ فوقَ جُثثِ السَّنابل.
القراءة
مقدمة: بدايةً إن أول ما أود أن أعرج عليه، هو لفت الانتباه لأمر قد يحسب على القارىء وقد يحسب على الكاتب أو الأديب، وهو تساؤل:
_عندما لا يتواصل القارئ مع نتاج الكاتب أو المبدع، فعلى عاتق من يقع هذا الانقطاع؟!
هل السبب هو تقصير من القارئ في التلقي وتطوير أدواته في الاستنباط والتواصل؟! أم هو تطرف إبداعي من الكاتب-غير متعمد- يخلق حاجز يلغي التواصل بينهما
القراءة: لن أتطرق هذه المرة للعودة كثيراً للمعاجم في تحليل النص، ولكن سأبدأ بتحليل مختلف نوعاً من زاوية رؤيتي للنص، بعد أن أقوم بتقديم أكثر ما أكد عليه أغلب النقاد والكتاب لهذا الفن الأدبي (ق ق ج) وكما ورد سابقاً في مقال أدبي للناقدة الذرائعية الدكتورة: عبير خالد يحيى، بمسمى القصة القصيرة جداً(المكثفة) ومن أهم طوابعها الذي يخرجها من دائرة السرد التقليدي كما في القصة القصيرة والرواية أو الأجناس الأدبية الحداثوية المستوردة الأخرى الّتي قد تضم أغلب عناصر هذا الفن، ووصفته بالانزياح الرمزي أو الخيالي، وبحيث يكون عنصر التكثيف حاضر بقوة مما لا شك فيه.. وباعتقادي إن للانزياح دور هام في إشغال ذهن القارئ وإثارة فضوله للبحث والتقصي عن مكنون النص وجوهره
_للمفردات دائماً دلالات مبطنة أحياناً معناها يحمله وأحياناً أخرى تكون واضحة.
الأبيض: يدل على النقاء والصفاء والطهارة
الأسود: يدل على الحزن والظلم والكآبة والأسى والجهل والضياع
السماء: تدل على الغيث والغيم والحرية السمو والرفعة وهكذا على سبيل المثال وهذا ما قد نلاحظه في هذا النص، ارتكزت بنيته اللغوية على الانزياح الرمزي أو الخيالي بلاغياً وتبطيناً بصور بديعة، مؤطرة بحدثية قصصية اتسمت بِ (سُرادِق) وبما أن له أكثر من عدة معانٍ فلن نتنبأ أو نتكهن بالمعنى المراد قبل تحليل النص!
*الاِستهلال:(يقطعُ حبلَهُ السِّريَّ مِنْ جذعِ الخواء)
يقطعُ: يدل على الإرادة جبرياً أو غائياً وقد بَطُنَ السبب لهذا الفعل(مؤقتاً).
حبلَهُ السّريّ: دلالة على الاِنتماء الجزئي (أُسري أو اِجتماعي أو عرقي أو طائفي أو جنسي(عاقل أو غير عاقل)
مِنْ جذعِ الخواء: وهنا الجذع يدل على أصل الفروع أو الارتباط بالجذور، والجذع هنا يدل على القوة أو الصلابة ما تقدر وفقاً لكينونته أو ماهيته، أما الخواءُ فهو لا يدل على الفراغ البتّة أو السكون أو العدم، وإنما قد يدل على الافتقار لحاجةٍ ما تنقصه لتنفي شيء آخر موجود فيه، فخواء القلب من الحب هو حاجته وبالمقابل يكون البغض أو الضنك ساكنه أو حاضره، وخواء العقل من العلم كذلك هو حاجته وبالمقابل يكون الجهل أو الغباء قاطنه
ثم ومن بعد هذا التحليل نعود للتركيب كما جاء في النص(جذع الخواء وهنا الدلالة فيه تتابعاً كما بدأنا بتحليل للمفردات(الإرادة، الاِنتماء، ومن ثم يكون هنا الاِستنكار من خلال هذا التركيب البليغ، وهنا يتبين لنا السبب المبطن للفعل(يقطعُ) الّتي كانت غائية وربما جبرية للمراد أو الحاجة الّتي دفعت البطل للقيام بهذا الفعل.
* ثم لنلاحظ فعلية الحدث المضارعة وتتابعها(يقطعُ،يمتشقُ، يهرعُ،يكسرُ، ويرفعُ) ..
١_( يمتشقُ ظلَّ البندقيَّة): فهنا نجد الدلالات من المفردات، وهنا يعلن بطلنا حربه من بعد أن استنكر الخواء الذي في ذاك الجذع(الجماعة أو القوم أو لمن ينتمي لهم في الأصل، ثم يحاججهم أو يحاربهم في ظلّ اعتدائهم أو تجنيهم أو اِقترافهم لشيء وأيضاً هو مرتبط بالسبب الذي جعلهُ يقوم بفعل القطع مستنكراً خواءهم، وهنا في هذا التركيب
(ظل البندقية) فالبندقية لا حاجة منها أو فائدة منها إلا بالقتال هجوماً تعدي كان أو دفاعاً تصدي، فكانت المواجهة بشكلٍ غير مباشرٍ بالترابط مع فعلية الحدث المتتابعة
٢_ (يهرعُ نحوَ السَّراب) وهنا الدلالة على التخوف والاِضطراب نتيجة لمعرفته بهم كيف لا وهو المستنكر!
فيمضي نحو الأمل أو المجهول ولكن القاصّة تباغتنا بفعلية الحدث،
٣_(يكسرُ غصنَ الزَّيتونِ فوقَ صخرةِ الوجع)فيقوم بكسر غصن الزيتون دلالة على أنه أمسكه بيده وهنا الدلالة على إرادته بالسلام ولم يكن يحمل سلاحاً مثلهم في اِعتدائهم وخواء قلوبهم وعقولهم من الإنسانية والرحمة والإيمان فتحضر تلك القفلة الموجعة والمؤثرة.
٤_(ويرفع الأذانَ فوقَ جُثثِ السَّنابل) وهنا تتجلى الصورة تماماً في نهاية القصة عن مشهدية في مأتم يستنكر بطلنا ردود أفعالهم وتقبلهم لما يجري والذي عبّرت عنه القاصّة بالخواء(وهنا الرمزية تعني العرب برمتهم) والبطل هنا قد يرمز لفلسطين الّتي تقاوم منذ أمد بالحجارة وترفع غصن الزيتون تعيش الاضطراب والخوف وتمضي نحو الأمل والحلم للتحرر(السّراب) وهنا في النهاية كانت القفلة دلالة على الضعف رغم الاستنكار ورفع الأمر لله الذي بيده كل شيء وهو القادر على كل شيء وأكبر من كل كل شيء.
- سرادق: بيت من شعر يمد فوق ساحة الدار
- سرادق : خيمة
- سرادق: منصة مسقوفة تنصب في الساحة العامة يكون فيها رجال الحكم وغيرهم يشهدون عرضا عسكريًا أو احتفالًا
4- سرادق: غبار ساطع منتشر
5- سرادق: دخان مرتفع كثيف
السُّرادِقُ : كل ما أحاطَ بشيء من حائط أو مِضْرَب. السُّرادِقُ الفسطاط يجتمع فيه الناس لعرس أو مأْتم وغيرهما.
فأتساءل هنا بعد هذا التحليل ألم تتمكن القاصّة من فتح أبواب التأويل؟! وما كانت قراءتي هذه إلا من زاوية قصيرة الرؤية